أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مهند عبد الحميد - تحولات رجعية















المزيد.....

تحولات رجعية


مهند عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 7314 - 2022 / 7 / 19 - 10:55
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الإعتداء على مسرح عشتار ورموزه الفنية وضيوفه خلال فعاليتهم قبل أيام، ومنع الفنان بشار مراد من إقامة حفل فني في مساحة ثقافية حرة - المستودع -.واذا ما أضيف للحادثتين المؤسفتين أحداث جامعة النجاح، واعلان الحرب من بعض مجموعات وقوى سياسية ضد اتفاقية سيداو ورموز نسوية فلسطينية، كل هذا وغيره أثار الحزن والقلق والخوف وجعلنا في حالة متردية. الاختلاف والتعدد في القضايا السياسية والثقافية والاجتماعية أمر طبيعي او كما قال الشاعر "الضد يُظهر حسنه الضد".
لا يجوز إخضاع طرف لآخر او إقصاء المختلف الذي له رأي آخر، بدعوى تهديد منظومة القيم وأخلاقيات المجتمع. فالقيم والمبادىء والاخلاق لا تهتز ولا يصاب أصحابها بالذعر لمجرد وجود مختلفين وآراء أخرى. وغالبا ما تتفوق قيم الحرية والعدالة على الاستعمار والمستعمرين، وتتفوق حقوق الانسان على العنصرية والاستبداد، ودائما تتفوق العلوم على الجهل والارتجال.يستحضرني تجربة المعتزلة في ممارسة الاختلاف كما ورد في كتاب "الحق في الاختلاف" للكاتب المغربي "علي أومليل". حين سمحت المدرسة الفكرية للمعتزلة في زمن الخليفة المأمون بنشر الرأي الآخر المختلف أولا، وبعد ذلك يتم نشر الرد عليه ويكون المستمع أمام رأيين، ليس هذا وحسب بل كان مفكرو المعتزلة يحظرون الإستقواء بنصوص من القرآن والحديث بشكل مباشر في سجالاتهم ، كي لا يكون النص المقدس بديلا عن إسهامات جديدة وعن دور الافراد في فهم الظواهر وفي تطوير الفكر، فقط يستطيعون الإفادة من النصوص بشكل غير مباشر. ما حدث ويحدث في فلسطين في هذه الآونة نموذج مختلف عن هذا التراث الجميل.
التعامل السلبي مع قضايا الخلاف والمختلفين والتي تصل أحيانا الى حد إقصاء المختلف، تقود الى نتائج سلبية، وخطيرة أحيانا. كالارتجال في وضع المعايير وأدوات القياس، وتغليب الايديولوجيا على العقل، وعدم الاكتراث بالعلم والعلوم الانسانية والمكتشفات والنظريات الحديثة بل ومناصبتها العداء ورفضها كونها متناقضة مع تفسيرات بشر سابقين للنصوص الدينية. على سبيل المثال، معظم بنود سيداو غير متناقضة مع العدالة ومكارم الاخلاق التي دعت لها النصوص، الاستثناءات القليلة متعارضة مع تقسيم العمل المجتمعي الماضوي بين الجنسين، والذي تجاوزه الواقع بانتهاء عهد العبودية والإماء. جوهر اتفاقية سيداو يعبر عن حاجة نصف المجتمع الفلسطيني لازألة كل أصناف التمييز ضد النساء، وهذا يعبر عن مصلحة فلسطينية خالصة.الاستعاضة عن المحاججة بمواقف رافضة او مواقف مؤيدة، هو عكس ما نحتاج اليه من سجال بهدف إزالة التمييز والظلم المجتمعي لتقوية الشعب في معركته ضد الاستعمار والابارتهايد.
المسألة الإشكالية الاخرى التي تدخل حيز التنازع في المفاهيم هي "المثلية"، حيث يقدم البعض مفهوما غريبا ومخالفا للتعريف الذي قدمته منظمة الصحة العالمية للمثلية والذي أدى الى حذف المثلية الجنسية من قائمة الأمراض النفسية، استنادا للتوصيف الطبي العلمي الذي أعاد المثلية الى عوامل بيولوجية مستقلة عن رغبة او عدم رغبة البشر. هذه الظاهرة عابرة لكل البلدان دون استثناء، وتبلغ نسبة المثليين في العالم بين 4-5% من المجموع العام للسكان. وهذه الفئة من البشر كانت نتاجا لعوامل بيولوجية لا تزيد بالترويج الدعاوي. ولأن الرؤية لهذه الظاهرة جديدة ومحط خلاف وجدل، فقد بلغ عدد الدول التي رفضت هذا التفسير 69 دولة وتتبع إجراءات قانونية ضد المثليين والمثليات فضلا عن وجود 11 بلدا يتعرض فيها المثليون للحكم بالاعدام. منظمة الصحة الدولية دعت الى عدم التعرض للمثليين بعقوبات ونبذ وكراهية، والتعامل معهم كبشر لا تنتزع حقوقهم في المواطنة كونهم مثليين. أما الحديث عن تحويل المجتمعات قاطبة الى المثلية، وتفكيك الاسر ، واستخدام المثلية كأداة سيطرة وهيمنة ثقافية على المجتمعات، كل هذه الاعتقادات هي تقديرات غير صحيحية، وتهويل غير مسنود بأدلة. ما نعوزه هو نقاش التوصيف العلمي الطبي البيولوجي للمثلية، والوصول الى نتيجة إما متوافقة مع المرجعية العلمية العالمية وهذا لا يعني تحول المجتمع الى المثلية والانصياع لإرادة الغرب الاستعماري، فقط المطلوب عدم ايذاء المثليين وعدم نزع حقهم في العيش داخل مجتمعهم. أو التوصل الى نتيجة مخالفة لتوصيف منظمة الصحة العالمية وفي هذه الحالة فإن الامر يحتاج الى محاججة علمية وليس لأيديولوجيا وارتجال . الجواب في الحالين برسم وزارة الصحة والأكاديميين في مجال الطب والبيولوجيا. للاسف كان أضعف انواع الاراء هو الاعتقاد بوجود مؤامرة وخطر يهدد تماسك المجتمع وقيمه ومصالحه.
وجود معايير وقانون وحاجة المجتمع لحماية وسيادة القانون، يطرح دور السلطة التي يقول نظامها الأساسي أنها تملك القوانين وتملك تفويضا للدفاع عنها وعن النظام. يتوفر لدى السلطة النظام الأساسي وعشرات المعاهدات والإتفاقات الدولية التي اعتمدتها بعد موافقتها على بنودها ومبادئها. هذا يفترض توفر الشرط الأول، لكن الشرط الثاني المتمثل بحماية القانون وضمان الالتزام به وتطبيقه، هذا الشرط غير متوفر. ومن مظاهر ذلك افتقاد الشرطة والأمن واجب المعرفة بالقوانين وثقافة القانون كحقوق الانسان وحقوق النساء والأطفال وحرية التعبير والاحتجاج وأهمية الرأي العام. لقد أدى فقر المعرفة إلى ممارسة انتهاكات عديدة بعضها وحشي، وهذا يعكس انتماء الشرطة والامن الفلسطيني لنظام غير ديمقراطي. وفي الوقت الذي يُخصص فيه الجزء الأكبر من موازنة السلطة على أجهزة الأمن، لا يجد المواطن الأمن والأمان لقاء الضرائب التي يدفعها. مظاهر أخرى للاختلال تبرز في التعايش مع الانتهاكات ذات الطابع العشائري، حيث تتولى عائلات نافذة إقامة القانون باليد ومن طرف واحد، وكأن السلطة غير موجودة، وفي معظم المرات يكون الحضور العشائري على حساب السلطة وقوانينها والغريب ان ذلك يتم بموافقتها. كما نرى فإن الفراغ الناجم عن عجز السلطة اجتماعيا تملأه العشائر والعائلات، والفراغ الناجم عن عجز السلطة في توفير أمان المواطن ضد الاستباحة الإسرائيلية يملأه المسلحون وبخاصة في مخيمات جنين ونابلس وبعض البلدات والقرى.
ويترتب على فقدان السلطة لمسؤوليتها ظهور أدوار مجموعات ومراكز قوى، كما حدث في فض فعاليات واحتفالات واحتجاجات عشتار والمستودع وجامعة النجاح والمنارة . كانت الجهة المسؤولة عن المنع او الموافقة على الفعاليات- السلطة- متفرجة عاجزة وشاهد زور، وكان العنف اللفظي والجسدي والاهانات والاتهامات الممارسة تعبرعن الدرك الأسفل الذي وصلنا اليه. هذا الوضع يطرح سؤالا كبيرا هل بدأت السلطة تدمج قامعين من خارجها بقامعيها ناسخة تجربة الأنظمة القمعية التي تستعين بشبيحة وبلطجية لتعويم مسؤولية القمع. ضاربة عرض الحائط القانون الذي يقيد الأمن بزي محدد وبأوامر تدخل والسيطرة على الوضع بالقانون.
أخطر ما في الأمر، ان الانتهاكات تجر انتهاكات تلو أخرى ولا يصار الى الاعتراف بالاخطاء والمحاسبة عليها ما يفتح الشهية على المزيد. وعندما يٌسقط الراي العام من حسابات الحكومة بوصفها المسؤول الأول عن المواطن، نكون في طريقنا الى الهاوية.



#مهند_عبد_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العم العربي المضاد
- التضامن مع الشعب الأوكراني واجب إنساني
- سنة جديدة ..مهام جديدة
- فيلم «أميرة» بين سرديتين
- هل سيكون القرار الفلسطيني مستقلا؟
- فكر نوال السعداوي التحرري لا ينطفىء
- المسكوت عنه في تقارير الشفافية الدولية والمحلية
- بندر يعلن الحرب على فلسطين
- ماذا يعني تفوق البنات الدراسي ؟
- مسلسلات في خدمة صفقة القرن
- العمالة الفلسطينية بين مطرقة الاحتلال وسندان القطاع الخاص
- النظام العالمي في زمن الكورونا
- لماذا ترجح كفة كبح التحرر على كفة دعمه؟
- الحلقة المفقودة في الموقف من التطبيع
- مغزى الحرب على «سيداو»
- فلسطين والبحث عن حليف
- لحظة احتدام اقليمي بدون حرب
- مديح لنساء العائلة/ قراءة سوسيولوجية للرواية
- الثالوث غير المقدس يعيد بناء جدار الخوف
- كانت تسمى رام الله ..صارت تسمى رام الله


المزيد.....




- سارة نتنياهو تتهم الجيش بمحاولة تنظيم انقلاب عسكري ضد زوجها ...
- كوريا الجنوبية.. ارتفاع عدد القتلى إلى 23 شخصا في أحد أسوأ ح ...
- .بالفيديو.. مراسم تسليم مفتاح الكعبة المشرفة للشيخ عبدالوهاب ...
- نجم عالمي شهير يصفع يد معجب يحاول لمس ذراعه (فيديو)
- غالانت لأوستين: إيران أكبر خطر على العالم مستقبلا
- الأسباب المحتملة للشعور بالتعب معظم الوقت
- روسيا تحوّل صاروخ -توبول – إم- الاستراتيجي إلى صاروخ فضائي م ...
- سياسي بريطاني يحمّل رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون مسؤولية ...
- جوليان أسانج يقر بذنبه والمحكمة تأمره بتدمير المعلومات على م ...
- أسانج يقر بالذنب أمام محكمة أميركية تمهيدا لإطلاق سراحه


المزيد.....

- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مهند عبد الحميد - تحولات رجعية