|
أزمة الإنسان العربى
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
الحوار المتمدن-العدد: 7312 - 2022 / 7 / 17 - 22:26
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أقصد الإنسان العربى منذ ولادة هذه الصفة على سكان البلاد التى غزاها العرب ولم يخرجوا منها حتى اليوم، من حيث أصبح هذا الإنسان محاصراً من عدة أفكار فرضها الأستعمار الجديد يكون الموت أسوأ من التفكير فى الخروج عليها، من هنا لا يوجد فى داخله أية مساحة حرة يمكنه التفكير من خلالها فى أفكار جديدة ليفك عن نفسه الحصار البشرى الغيبى، فالإنسان العربى لا يعرف الفروق بين الأزمنة والسكان والبيئات والتغييرات التى تحدث فيها وما يخرج من رحمها من مواليد فكرية إنسانية جديدة تصطبغ بها الحقبة الزمنية التى نعيش فيها، والسبب فى ذلك ثبات الأفكار التى تحاصره واليقين الذى يجعله يقدس إجترار الماضى إيماناً منه بأنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان!!
مع مرور الأيام والأزمنة لا يمكن أستخدام نفس الأفكار التى سبقها الزمن وتطبيقها على إنسان لا يملك عقلية زمان تلك الأفكار، فالإطار الأسطورى الثابت لتلك الأفكار من الطبيعى إدراك نهايتها وتحجيمها حتى لا تطغى على أفكارنا الإنسانية المعاصرة، لكن الذى يحدث أن الإنسان العربى كالطفل الصغير لا يريد الإنفصال عن صدر أمه ويتمرد على الواقع بل يفتخر بأن له تراث خاص به ثابت لا يمكنه التنازل عنه حتى ظل مرتبطاً بمرحلة الطفولة، أعجبته القصص التى تحكيها له أمه ومجتمعه عن تمجيد البطولات وأبطال العصور القديمة والمكافئات الجزيلة التى يجنيها من يفعل مثلهم، وحكايات ألف ليلة وليلة التى تسيطر على آحلامه اليومية ويتخيل نفسه وسط الحوريات والفاتنات يعبث معهم ولا يريد أن يرتد إلى وعيه ويستيقظ عقله ويسترد نضوجه الإنسانى.
مشكلة الإنسان العربى أنه ليس الوحيد الذى يفكر خارج الزمان والمكان بل هو عقد إجتماعى تتوارثه الأجيال ولم يسأل أحداً منهم سؤال المنطق والعقل: لماذا الكل يسير إلى الأمام أما نحن العرب غالبيتنا تسير إلى الخلف؟؟
الإنسان العربى وسط أزماته يعرف جيداً أن أفكاره وليدة الزمن الغيبى وليس له الحق فى التفكير بما ليس له به علم، إنها ثوابت مقدسة لا يمكنه التمرد أو الثورة عليها لأن طبقة العلماء أوهموه وخدعوه بأنه لو فعل ذلك فإنه يثور على الله، بل يضللون العربى بأنه ترك طريق الله من طقوس وعبادات ومشى فى طريق الكفار وأستخدم علومهم وفنونهم وثقافاتهم، التى أفسدت سلوكيات الشباب والرجال والنساء حتى أصبحت إعتقاداتهم عقيمة لا تقبل إلا إنهم متفوقون وصناع حضارة بإذن الله.
النهضة والتقدم تحتاج إلى التفكير والأفكار العلمية التى تستطيع تقديم الحلول المناسبة لكل بيئة متخلفة عن عصرها، بالشكل الذى يتناسب مع خصوصيات كل مجتمع من حيث مستوى الثقافة ونوعية التعليم وجوانب الضعف والقوة، إضافة إلى تغيير لغة التفكير السائدة والموروثة التى تعتمد على التخلف وعصور الجهل بل وتنشغل فئة من أفراد المجتمع بإثبات أمجاد العرب الماضية، وينسوا أنه الآن وقت العمل والتفكير فى وضع أيدينا على وسائل التغيير الصحيحة التى تضعنا فى طريق التقدم والحداثة الذى يتناسب مع مجتمعاتنا، وبهذا نصحح من إعوجاج وإختلال تفكيرنا الذى أبتعد عن الواقع والتقدم إلى الأمام حيث يفكرون فى ماضى لا علاقة له بحاضر البشر.
إن التدهور الثقافى فى مجتمع ما راجع إلى عدم أرتباطه وإتحاده بالعلم مما يؤدى إلى إنفصال المجتمع عن واقعه ليعيش فى زمن غير زمنه، مما يؤدى بأفراد المجتمع إلى إبتعادهم عن التفكير العقلى الوحيد الذى فى قدرته رسم خريطة التحديث وتحجيم خطر التخلف، إن الإرتقاء العقلى هو أساس النهوض والصحوة من مرحلة التخلف يرتقى فيها من مرحلة إلى أخرى بناء على تكوينه المعرفى، من حيث مدى إرتباطه وإيمانه بقدرته على تغيير بيئته بدءاً من وعيه بتغيير نفسه أولاً بتعليم وتثقيف ذاته بالعلوم الحديثة والإستفادة من علوم الآخرين بما يتفق وخصوصياته المجتمعية.
تتوالى السنين والتخلف مستمر والغيب مجهول لهم لكنه الحل الوحيد الذى يرون أنه وسيلة نجاحهم وقضائهم على التخلف، وعلمائهم أقنعوهم بأنهم أبتعدوا كثيراً عن طريق الله فالتخلف جزائهم وعقابهم وعليهم التوبة والرجوع إلى الصراط المستقيم، حتى يرضى عنهم الله ويمنحهم القدرة على قيادة الأمم من جديد ولا يشكوا فى أنهم الوحيدين الذين يملكون الحقيقة وبقية البشر على باطل!! إلى متى يستمر العربى فى التنازل عن أستخدام عقله ويريد فى نفس الوقت النجاح؟؟ ألا تكفى مئات السنوات التى أستهلكوها من أعمارهم وأعمار أبنائهم حتى يستوعبوا أخطائهم؟ أبتعدوا فوراً عن حضارة الغرب الفاسدة وإظهروا للعالم من هو الذى يعيش فى أزمة الإنسانى العربى أم الغربى!!!
#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)
Michael_Nagib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بسنت حميدة ضد وحوش الدين
-
شهود يهوه وتهمة الصهيونية
-
نهاية العالم لماذا؟
-
معتقدات الله بشرية بجدارة
-
الإنسان هو الحل الوحيد
-
الإنسان والشيطان أمام الله
-
الله ليس هو الحل
-
التنوير وإزدراء الأديان هو الحل
-
بؤساء الحداثة والتراث
-
وين الملايين يا لبنان
-
الكتابة على أمواج الإسلام الملتهبة
-
سقطت السياسة وعاشت كورونا
-
عالمنا واحد قبل وبعد كورونا
-
السماء التى لا وجود لها
-
الله أم صورة الله البشرية؟
-
الله يكذب قصصه السحرية
-
تعرية الله من الألوهية
-
معجزة الله السحر مثل البشر المشعوذين
-
ذنوب الله وإنكارها
-
الله لا ينسى لكنها أخطاء
المزيد.....
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
ليبيا.. سيف الإسلام القذافي يعلن تحقيق أنصاره فوزا ساحقا في
...
-
الجنائية الدولية تحكم بالسجن 10 سنوات على جهادي مالي كان رئي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|