أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد الرحيم طالبي - فلسفة التسامح عند جون لوك














المزيد.....

فلسفة التسامح عند جون لوك


محمد عبد الرحيم طالبي
كاتب

(Mohammed Talbi)


الحوار المتمدن-العدد: 7309 - 2022 / 7 / 14 - 19:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حاولنا في دراستنا لفلسفة التسامح عند جون لوك أن نبين أنها رسمت خطا فاصلا بينها وبين المقاربات الثيولوجية، حيث أبانت هذه الأخيرة عن عجز كبير في إيجاد حل نهائي ودائم لمعضلة الحروب الطائفية المصحوبة بالتعصب والعنف، ويعود سبب فشلها في تحقيق سلام دائم إلى كونها كانت تجمع بين السلطتين الدينية والمدنية في شخص الملك ويرجع سبب فشلها أيضا إلى أنها كانت تعتمد على القوة العددية الأفراد الطوائف الدينية، ولذلك اختار الفيلسوف الإنجليزي طريق التأسيس السياسي للتسامح، وخير دليل على أن لوك حقق منعطفا حاسما في مقاربة مسألة التسامح هو تمكنه من حماية الهراطقة والوثنيين، بحجاج متميز من عنف الكنيسة الكاثوليكية، بعدما ظلت الكنيسة إلى حدود القرن السادس عشر تعتبر ذلك العنف حقا مشروعا.
اعتبر لوك أن سبيل تلمس السلام الدائم كامن في جعل الدولة والكنيسة يشتغلان بطريقة سليمة، أي وفق الغايات والوظائف التي وضعا ﻷجلها. فقد تم إنشاء الدولة بغاية ضمان السلم الاجتماعي، وإذا ما مس حق المواطن في السلامة الجسدية أو في التمتع بالملكية فإن الدولة قادرة على تعويض الضرر والخسائر ﻷنها صاحبة السلطة في العالم الدنيوي، لكنها لا تستطيع تعويض الشخص إذا ما أخطأ الطريق نحو الخلاص، ﻷن سلطتها محدودة في العالم الدنيوي، ولا سلطة لها في عالم ما بعد الموت، لذلك وجب عليها أن تترك للأشخاص حرية اختيار الطرق المؤدية إلى الخلاص، كما أن طبيعة أدوات الدولة المستعملة في إكراه المواطنين على اتباع عقائد معينة تتناقض تماما مع الإيمان الديني. وبناء على هذا، بين لوك أن هذه الأدوات ملائمة أكثر مع غاية احترام القوانين المنظمة للحياة المدنية. فما تحتاجه الدولة هو الامتثال الظاهري، وهذا النمط من الامتثال غير كاف في القضايا الإيمانية والعقدية.
أما وظيفة الكنيسة فتقتصر على مساعدة الناس للتوصل إلى خلاص أرواحهم، وما دامت وظيفة الكنيسة هي مساعدة الناس لتحقيق خلاص أرواحهم؛ فإنه يلزم عن ذلك أنه لا يجوز لها أن تعاقب أي عضو من أعضائها بأية عقوبة دنيوية، وأقصى اجراء يمكن أن تتخذه تجاه أعضائها الذين لا يلتزمون بقوانينها هو عزلهم واستبعادهم عن المجتمع الكنسي، كما لا يجب عليها أن تنشغل بامتلاك الخيرات المدنية. وسلطة رجل الكنيسة محددة داخل حدود الكنيسة؛ ﻷن الكنيسة منفصلة تماما عن الدولة بحدود ثابتة لا تتغير.
ورغم الطابع المشرق والمتسامح لفلسفة التسامح عند جون لوك، إلا أنه يظل تسامحا ناقصا وضيق النطاق، ﻷنه لا يشمل الإنسان غير المتدين أي الملحد، مما يعني أن التسامح عند لوك هو تسامح لا يشمل إلا التعددية الدينية رغم أنه ادعى أن تسامحه قائم على أساس سياسي، ويرجع السبب الذي جعل تسامحه ضيق النطاق إلى كون تفكيره كان محكوم بنظرة ضيقة للمجتمع المسيحي الذي كان يعاني من معضلة التعصب الديني، لذلك نحن نعتقد أن رسالته في التسامح ليست صالحة لكل زمان ومكان، بل هي تعبر فقط عن الظروف التاريخية التي عاش فيها، ونقصد بذلك الظروف التاريخية للمجتمع الإنجليزي الذي مزقه الصراع الديني بين الكاثوليك والبروتستانت.





ا



#محمد_عبد_الرحيم_طالبي (هاشتاغ)       Mohammed_Talbi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وظيفة العلم والفلسفة في عصرنا الراهن
- خرافة العذاب الأخروي


المزيد.....




- جدل حول اعتقال تونسي يهودي في جربة: هل شارك في حرب غزة؟
- عيد الفطر في مدن عربية وإسلامية
- العاهل المغربي يصدر عفوا عن عبد القادر بلعيرج المدان بتهمة ق ...
- المرصد السوري يطالب بفتوى شرعية عاجلة لوقف جرائم الإبادة
- عبود حول تشكيلة الحكومة السورية الجديدة: غلبت التوقعات وكنت ...
- بقائي: يوم الجمهورية الإسلامية رمز لإرادة الإيرانيين التاريخ ...
- الخارجية الايرانية: يوم الجمهورية الإسلامية تجسيد لعزيمة الش ...
- الملك المغربي يعفو عن عبد القادر بلعيرج المدان بتهمة قيادة ش ...
- بكين: إعادة التوحيد مع تايوان أمر لا يمكن إيقافه
- العالم الاسلامي.. تقاليد وعادات متوارثة في عيد الفطر المبارك ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد الرحيم طالبي - فلسفة التسامح عند جون لوك