|
حول الإعلان عن قبري الشهيدين محمد بنونة وسليمان العلوي
جريدة المناضل-ة
الحوار المتمدن-العدد: 1681 - 2006 / 9 / 22 - 10:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الذاكرة جبهة من جبهات النضال
«لجنة المتابعة تحدد مكان دفن رفات كل من المرحومين محمد بنونة ومولاي سليمان العلوي في إطار تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، تمكنت لجنة المتابعة المنبثقة عن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان من تحديد مكان دفن رفات كل من المرحومين محمد بنونة ومولاي سليمان العلوي، وذلك بمقبرة "لحدب" بالرشيدية.
وقد توصلت لجنة المتابعة لهذه النتيجة بعد شهور من التحريات في موضوع مصير رفاتهما، حيث سبق لها، في سياق تحرياتها، أن انتقلت إلى قرية "أملاكو" وعاينت مكان الوفاة، كما زارت مستشفى الراشدية الذي نقلت إليه جثتا المرحومين، واطلعت على المعطيات والوثائق المتوفرة لدى السلطات، واستمعت للشهادات التي تقدم بها أمامها موظفون بالمستشفى عايشوا الأحداث.
ومعلوم أن المرحومين كانا قد توفيا بقرية "أملاكو" متأثرين بجراحهما إثر إصابتهما بالرصاص في سياق الأحداث الأليمة لمارس 1973. وقد تم نقلهما إثر ذلك بالطائرة إلى المستشفى بمدينة قصر السوق آنذاك - الرشيدية حاليا - ليتم دفنهما بمقبرة المدينة.
ومن جهة أخرى فقد اتصلت لجنة المتابعة بالعائلات المعنية من أجل إخبارها بنتائج تحرياتها وبإمكانية زيارة المدافن في أي وقت تختاره.
حرر يوم 14/09/2006 »
**********************
هذا هو الإعلان المنشور بالموقع الالكتروني لما يسمى زورا "هيئة الإنصاف والمصالحة"، ونقلته كما هو صحف النظام اليمينية منها و"اليسارية"، بل نشرته جريدة البيان كخبر كشف مصير مختطفين. مطلع الخبر أن "المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان" يواصل عمل تلك الهيئة. وهذا صحيح. فبقدر ما كانت الهيئة مناورة للتضليل وطمس الحقائق وامتصاص النقمة، يواصل المجلس الاستشاري نفس المهمة. فليس من جديد في كل ما جرى إعلانه. إذ من المعروف أن جثماني شهيدي الحركة الثورية المغربية، محمد بنونة وسليمان العلوي، مدفونان في مقبرة الراشيدية. وكذلك باقي المعلومات الواردة في الخبر معروفة. راجع أسفله مقتطفا من كتاب "أبطال بلا مجد" حول ظروف دفني الشهيدين. والكتاب يحكي مسار تجربتهما كاملة.
لم يكشف هذا الإعلان أي جديد، بل واصل التضليل. ليست أحداث 3 مارس "أحداثا أليمة"، فالقضاء على الانوية الثورية لتنظيم محمد بنونة كان خبرا سارا في مسامع كل أنصار نظام الاستبداد والاستغلال الذين قام التنظيم لمكافحته، وليس من رأسماليي المغرب، من يتألم للنهاية الفاشلة لتجربة 3 مارس 1973 بل يحمدون ربهم على ذلك.
إن ثوريي اليوم، الماركسيين، إذ ينظرون بعين ناقدة إلى تجربة الشهيد بنونة ورفاقه، التي تؤكد أن لا شيء مطلقا يقوم، في مسعى التغيير الجذري، مقام الفعل الواعي والجماعي للجماهير الكادحة، وبمقدمتها الشغيلة، يرفضون هذا التلاعب بالإرث النضالي للشعب المغربي، ويعتبرون من مهامهم التعريف ببطولة المناضلين من اجل ديمقراطية واشتراكية حقيقيتين.
إن محمد بنونة وسليمان العلوي، وغيرهم كثير منذ الاستقلال الشكلي حتى سقوط مصطفى الأعرج بشوارع العاصمة في مطلع الصيف الماضي، ليسوا ضحايا "إحداث أليمة"، بل شهداء الكفاح الشعبي من اجل حرية الشعب و حقه في الحياة. إنهم منتصبو القامة على مرقى المجد النضالي إلى جانب الزرقطوني وعبد الكريم الخطابي.
إن وصف قضاء الدولة المستبدة على قسم من ثوري سنوات 60-70 بـ"الإحداث الأليمة"، ينم على سعي إلى خلط الأوراق، وتوحيد الجلاد والضحية في ذاكرة واحدة. وهذا إحدى جوانب عملية التضليل المنفذة بأدوات من عناصر اليسار المستسلمة. ومهمة ثوريي اليوم التصدي لهذا الهجوم والدفاع عن ذاكرة كفاح الشعب بوجه ذاكرة جلاديه. وهذا ما يستوجب إبراز الغايات التي من اجلها ضحى مناضلو العقود السابقة، والارتكاز إلى رصيدهم النضالي لتنوير الجيل الصاعد لبناء مقاومة عمالية وشعبية للسياسة الاستعمارية الجديدة التي تنفذ بتعاون مع الاتحاد الأوربي (ما يسمى الشراكة والتبادل الحر) والبنك العالمي وصندوق النقد الدولي.
إن حفظ ذاكرة النضال العمالي والشعبي تستدعي نشر الحقيقة، وإبطال مساعي العدو الطبقي لطمسها وتزييفها. وان في ما صدر عن "هيئة الإنصاف والمصالحة" بصدد "حفظ الذاكرة وجبر الضرر الجماعي" يندرج في هذه المساعي، ويتطلب منا صده بالذود عن الحقيقة. وهذا يبدأ بنشر الكتابات عن تاريخ نضال طبقتنا وعموم الكادحين.
جريدة المناضل-ة
16-9-2006
***************
يوم الثلاثاء 6 مارس 1973 في مكان ما من الأطلس الكبير بالمغرب
يهوي التراب الرملي والرطب في صمت. وحدها ضربات مجرفة حفار القبور تنظم إيقاع سكون الفجر. رائحة التراب الرطب تفوح في الهواء . اللحاد يحفر قبرا وعلى جانبه جثمانان يغطيهما كفن مدعوك. وعلى مقربة يقف رجلان من السهل معرفة أنهما من رجال الشرطة. العميد السيد م وبجانبه المفتش السيد أ. يضرب احدهما الأرض برجله، من الواضح انه يريد من الحفار أن يسرع وأن ينهي عمله. وأما الآخر فقد بدا أكثر هدوءً، ويتظاهر بعدم الاكتراث أو الرغبة في أن ينتهي الأمر سريعا. عندما اكتملت الحفرة ، ساعد الرجلان في وضع الجثمانين داخلها. ثم تناولا المحملين الفارغين وابتعدا في صمت. لقد كانا مترديين بين جلال اللحظة والارتياح من عمل شاق قد انتهى.
وها هو عمر جبيهة، الذي كان في ذلك الوقت الطبيب الرئيس بمستشفى مدينة قصر السوق (التي أصبحت الراشيدية فيما بعد)، ها هو يتذكر بأن " العميد م حضر من اجل تسلم الجثمانين غداة وصولهما، فقد حطت ثلاث طائرات مروحية تابعة للجيش في منتصف عشية اليوم السابق، وهي عملية كان بالإمكان ألا ينتبه إليها أحد في هذه المدينة التي توجد بها ثكنة والتي اعتادت على فرق الجيش. ولكن سرعان ما حوصر المستشفى حصارا تاما وأغلقت كل المنافذ المؤدية إليه. مُنع أخذ أي صورة . كان الضابط الذي يقود العملية فرنسيا. وكذا ربابنة الطائرات. سلمني جثتين لا حياة فيهما لأتعرف على هويتهما، وسلمني كذلك رجلا ثالثا مجروحا في ساقه ينزف نزيفا. فهمت في الحين. منذ أزيد من أسبوع والمذياع يتحدث عن مطاردة مجموعات مسلحة في الجبال. كان أمامي قائدهم إذن، وقد غطت ثقوب الرصاص صدره، بل إن رصاصة أصابت رأسه كذلك. وحسب ما يُحكى فانه كان مهندسا تكون في ألمانيا، والى جانبه كان يرقد جثمان أحد رجاله المقربين. ناولني العميد م صورا فوتوغرافية لاستعمالها في التعرف على الجثمانين، إلا أن لحيتهما الكثتين جعلتا من عملية التعرف أمرا مستحيلا, ولهذا لجأت إلى البصمات.
وحسب الإشاعات فإن الخسائر في صفوف القوات المساعدة كانت فادحة. ولكنهم ذهبوا بموتاهم وجرحاهم إلى مستشفى عسكري. ويعد أربع وعشرين ساعة، رجع العميد م. ليأخذ الجثتين ويدفنهما. " (1)
كان من المفروض أن يكون يوم الثلاثاء 6 مارس يوما عاديا. لكن بدا ينتشر خبر سقوط قائد الثوار، محمد بنونة، المعروف بمحمود، خلال اشتباك قرب كلميمة. ولربما أصيب كذلك رجلان من رجاله المقربين. وتوفي على الأقل أحدهما.
وقد بات الأطلس المتوسط يفور ويثور منذ أولى عمليات تبادل إطلاق النار بمولاي بوعزة، قرب مدينة خنيفرة.
ولهذا، وبحماس واضح صريح أو يكاد، أكدت وزارة الداخلية موت " قائد الإرهابيين" في بلاغ كله افتخار واعتزاز. ولكن بقي على السلطة أن تحارب ما تخشاه كما تخشى السلاح: إنها الذاكرة التي تحفظ الذكريات. والعميد م. الذي يغادر مقبرة قصر السوق تحت شمس لم تشتد بعد، يعرف هو كذلك هذا الأمر. لهذا فانه اختار حفار قبور من رجاله، وهذا هو السبيل الوحيد لكثمان السر. إن تعليمات رؤسائه كانت واضحة: يجب أن يبقى مكان دفن قائد المتمردين مجهولا وذلك حتى يمحو موته كل أثر له في الذاكرة.
وعند ظهيرة ذلك اليوم نفسه، عاد دوي البنادق من جديد قرب أسول، ثم تنغير في اليوم الموالي.
#جريدة_المناضل-ة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جوابا على مطالب كادحي إيفني آيت باعمران، العرضة للتجاهل منذ
...
المزيد.....
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
-
نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا
...
-
-لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف
...
-
كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|