معلومة شائعة ، هذه التي تقول إن الاستئصال هو " العلاج " الوحيد للأورام غير الحميدة . أما العلاج الكيميائي والدوائي فليس إلا مطا للوقت . و حتى الاستئصال ، لن يكون ناجعا إذا تم تأجيله كثيرا . فالأورام السرطانية تستشري بالإهمال عادة حتى تضحى غولا من المستحيل القضاء عليه . و إذن ، فالوقت عامل هام في هذا المورد . فإذا تم التشخيص ، صارت المبادرة إلى الاستئصال مثل القصاص ، لكم فيها حياة .
إذا انتقلت من الطب الذي لا أفقه فيه شيئا إلى السياسة ، تبادرت إلى ذهني حالة حزب البعث العراقي السابق المحظور ، وتذكرت ، أن الشعب العراقي انتظر قوات التحالف التي تسيطر على البلاد طويلا ، أنتظر فعلها بعد قولها . هي شخصت السرطان المستشري ، بل إن الحاكم المدني الجديد بول بريمر حظره بوضوح ودقة ، لكن قوات الاحتلال مازالت تتعامل مع البعثيين ، حصرا ، شأنها في ذلك شأن جاسم العزاوي في قناة " أبو ظبي " الفضائية ، على أنهم القادرون الوحيدون على إعادة هيبة الحكومة إلى سابق عهدها ، بما يمتلكونه من تجارب وخبرة . هل كنا نلعب إذن !
العراقيون أمام وضع صعب الآن ، ويبدو أن عليهم أن يفكروا بجدية أكبر ، ويقرروا ، ويبادروا . عمليات التخريب التي يسميها بعض العاطفيين مقاومة تطول محطات توليد الكهرباء ، وتنال من أعراض الناس بهدف إثارة الاستياء العام إزاء الفوضى ، ما يدفع إلى مواجهات متسرعة يروح ضحيتها أبرياء . يقول أقاربي في داخل العراق ، إنه ربما لم يعتد على الأعراض أو يختطف الفتيات محكومون سابقون أطلق صدام سراحهم عوضا عن المعتقلين السياسيين الذين ملأ بهم المقابر الجماعية . يضيفون بأن التجربة أثبتت أن كل هم هؤلاء المحكومين هو السرقة والسلب والنهب ، فضلا عن أن المعروف عن لصوص العراق و حراميته ، وهم ريفيون غالبا ، عدم خلوهم من شيم وقيم ولو بسطحية أو ضحالة ، لا تسمح لهم بممارسة انفلات أخلاقي تنفر منه نفوسهم كمتخلقين بأخلاق القرية ، حسب تعبير أنور السادات أما الجرائم اللاأخلاقية الحالية في العراق فتبدو منظمة ، انتقامية و ثأرية ، لا ينهض بها إلا عقل تنظيمي ذو تجربة معمقة في الاعتداء على الحرمات الشخصية والاجتماعية ، و من سوى حزب البعث المعروف بميوله الفاشية " يستحق " مثل هذا " الوسام " !
القضية ، دخلت الآن حدود المحظور . ومن المستحيل على شريف كالعراقي ، أن يرى أخته يعتدى عليها أو تختطف ، ثم يربت على كتف المعتدي .
هل سيتاح للعراقيين أن يمارسوا حقهم في مكافحة السرطان ، الذي لا يعالج بالدعاء دائما ؟
سؤال لا أعلم على من ينبغي أن يطرح ، بعد أن تقطعت بالعراقيين السبل الإعلامية . فلا راديو به خير ولا تلفزيون ولا تلفون ..