عبدالكريم ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 7309 - 2022 / 7 / 14 - 01:04
المحور:
المجتمع المدني
الاقمشة تفقد بريقها وزبائنها
طالما ابدعت ايدي الخياطين(اطوال) القماش، وتحولها الى لوحات فنية يتباهى بها اصحاب الذوق الرفيع وطلاب الاناقة ،ولكن اليوم بعد فترة الازدهار هذه لم تعد مكائن الخياطة تدور كما في السابق ،ولم يعد يسمع العابرون (طقطقات) المقص وهي تخترق الأقمشة شرقا وغربا.
شهد عالم الأقمشة روجا منذ القدم حتى اخذ الباعة هذا النوع من السلع يجهدون انفسهم في (تدليل) اقمشتهم ومجاملتها بأطلاق عليها اسماء الاحداث ونجوم الفن من اجل زيادة الربح وكسب اكبر قدر ممكن من الزبائن .على سيبل المثال استثمر باعة الأقمشة مسلسل (ساري) البدوي ونهايته الحزينة والدموع التي ذرفها على فراق احبته ،فشاع في ذلك الوقت قماش حمل اسم (دمعة ساري) ،واخذ النسوة يتسابقن على اقتنائه لزيادة اناقتهن برغم من اسمه الحزين . ولعل استثمار اشكال الخطوط المرسومة على هذا القماش على هيئة دموع هو الذي اوحى للباعة لأجل المقاربة بين دموع البطل وهذه الخطوط. وبعد هذه المرحلة برز الفنان اللبناني راغب علامة ووسامته التي جذبت اليه بنات الجنس الطيف مما حدى بالباعة الى اقتناص هذا الاندفاع لترويج لقماشهم الجديد الذي اطلق عليه (راغب علامة ) . والمعروف عن (كشمير) منطقة نزاع بين الجارتين الهند وباكستان ،ولكن استغل هذا الاسم في اطلاقه على نوع من القماش القطني الذي هو اقرب الى قماش (الكودري) المعروف في السابق ولكنه يمتاز بألوانه الزاهية والجذابة عكس ابن جلدته (الكودري) الذي يغلب عليه الالوان السادة.
بعد ان تجاوز العراقيون مرحلة (الجلسة) و( كريشه ) و(جورجيت ) يطل عليهم وافد جديد من ابداعات الفن ومؤثراته انه ( حريم السلطان) حيث تزين جلابيات النساء صورة السلطانة(هايم ).
واستطاعت الصين بحرفتها وعقلها التجاري قراءة ميول العراقيين ،فراحت تدغدغ مشاعرهم من خلال اطلاق سلع تحمل ابعادا ذات مدلولات قريبة من نفستهم وامزجتهم ،وما على التجار سوى اخذ نموذج والصين تتكفل بالبقية .
يبدو ان عصر الأقمشة واسمائها اللامعة بدأ يفقد بريقه بفضل البضاعة الجاهرة الرخيصة التي جعلت الخاطين يتحسرون على ايامٍ كانت مكائنهم لا تتوقف عن الدوران لدرجة انهم كانوا يتفننون في المراوغة بمواعيد التسليم .
#عبدالكريم_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟