أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بهيج وردة - حمص خارج الزمن بتوقيت - كرجية الحداد -














المزيد.....

حمص خارج الزمن بتوقيت - كرجية الحداد -


بهيج وردة

الحوار المتمدن-العدد: 1680 - 2006 / 9 / 21 - 09:43
المحور: المجتمع المدني
    


" لقد كسروها و باعوها خردة " يقول سائق التاكسي لـ ( شعلان ) .آخر يقول هازئاً: "تخيل لقد باعوا الساعة ،و سيأتي يوم لن تجد هذا البناء حتى " مشيرا ً بيده إلى البناء الحجري الأبيض الموشى بالأسود ،الذي يحمل ساعة كرجية حداد ,المتعارف عليها في حمص بـ ( الساعة الجديدة ).( شعلان ) ضاق ذرعا ً بالشائعات ،التي يتفنن سائقو التاكسي في تداولها مع ركابهم ،ترك أسرته لتذهب إلى البحر يوم الجمعة الماضي ، و مضى ليركّب مينا الساعة و عقاربها التي يحبّ، موقفاً عقربيها على الـ ( 12) تماما ً ،فهو الخبير الجديد الذي تعاقدت معه بلدية حمص لصيانة الساعة ،بعد وفاة والده (عبد الله كيشي ) الخبير السابق، المجدّد و المطوّر لها .

الساعة المتوضعة أمام دار الحكومة، تحمل اسم المغتربة ( كرجية حداد )،التي زارت سوريا عام 1951 برفقة وزير سوريا المفوض في البرازيل الشاعر ( عمر أبو ريشة ) , و تبرعت بكامل تكاليفها التي وصلت إلى 100 ألف ليرة ، لبناء ساعة تضبط إيقاع مدينتها ، فتم تدشينها في 14 آب 1964 ، كما هو منقوش في اللوحة الحجرية التي تحمل اسمها و صورتها الموجودة على إحدى وجوه الساعة مربعة الشكل ، التي وضع تصميمها المهندس (عمر مالك )،حيث بلغ ارتفاعها 16.56 مترا ً ، أما المواصفات الفنية الأخرى، فيقول شعلان عنها : " طول عقرب الدقائق 90 سم ،و عقرب الساعات حوالي 70 سم ، أما قطر مينا الساعة فبلغ 2.4 مترا ً " .

الساعة الجديدة كانت ضحية لشغب الملاعب - برغم بعدها عن ملعب المدينة - إلا أن بعض الغوغائيين قام بكسر بابها ، و قطع أسلاك التغذية عنها، فزادوا على هرمها الذي فرضت السنين ثقله على أدائها ، مما استدعى إسعافها إلى طبيبها الذي يعالجها حاليا ً ،و يقوم بترميم ماكيناتها المرهقة من أثر الأعوام الطويلة التي مرت عليها و الذي يقول : " ماكينات الساعة لازالت نفسها منذ افتتاحها عام 64 ،حيث نقوم بصيانتها و إصلاحها يدويا ً "إضافة إلى هذا، فقد قام مع والده بتطوير الساعة عما كانت عليه ، حيث تم تحويلها من ميكانيكية إلى نصف الكترونية ، من خلال استخدام النبضات الكهربائية بدلا ً من استخدم البندول في ضبط توقيتها , و قام بوصل بطارية قابلة للشحن تستمر في عملها لمدة ثلاثة أيام ، في حال انقطاع التيار الكهربائي ، حيث يضيف: "أيضا ًقمنا بإضاءة الساعة من الداخل , دون أن يؤثر هذا على شكلها الخارجي، و أضفنا لها جرسا ً ليدق كل ربع ساعة , بنغمة ساعة بيغ بين الشهيرة " ، أما المشقة الكبيرة التي يتكبدها في تصنيع قطع غيار للساعة , فيراها شعلان متعة لا يضاهيها متعة فلا أجمل من إعادة الحياة إلى الأشياء المعطلة, ويرى أن استبدال الماكينات القديمة بأخرى حديثة " يفقد الساعة قيمتها المادية و التاريخية الجميلة " .

(مات الخبير .. فتوقف التوقيت ) هكذا عنون أحد الصحفيين بجريدة ( العروبة ) الحمصية زاويته ، في عددها الصادر يوم وفاة عبد الله كيشي ، متسائلا ً عن مصير الوقت في حمص , التي بقي وقتها غير دقيق , حتى تمّ توقيع عقد الصيانة مع ( شعلان كيشي )، الذي يقول: " أحب هذه الساعة و أحترمها ،لي ذكريات جميلة معها , أتفقدها كل يوم ، كحبيبتي و أطمئن عليها " . شعلان مع إخوته و أبناء عمومته هم الجيل الرابع في العائلة التي تصلح الساعات , حيث بدأت هذه المهنة مع والد جده الذي كان يصلح ساعات الجيب في العام 1890 ،و توارث الأبناء المهنة و قاموا بتطويرها ، فالجيل الرابع قام بإدخال الإلكترونيات على (كار) الساعات المتوارث ، و وسع أعماله إلى مدريد و واشنطن , إضافة إلى بعض الدول العربية ، حيث يختص ّ ( شعلان ) و أخواه ( سمير و أمير ) بالساعات البرجيّة , فلم تجد البلدية من يصلح ساعة كرجية، التي توقفت سنوات عشر ، سوى (عبد الله كيشي ) في منتصف الثمانينيات ,خبير عدادات النفط في شركة ال (IBC) ،الذي تفرغ لهوايته ( الساعات ) بعد تقاعده .

دقت الساعة الواحدة بعد الظهر في منزل شعلان بينما أشارت ساعة يده إلى الواحدة إلا دقيقتين ! باب النجار مخلوع ! ينتفض شعلان : " لا ، التوقيت الصحيح هو كما في ساعة يدي ، فأنا أحب الدقة جدا ً " ،يضحك و يعرّف الساعاتي بــــــــأنه : "رجل يضيّع وقته في ضبط أوقات الآخرين " إلا أنه يعد الحماصنة أن تعمل الساعة على خير ما يرام، و أن يعودوا إلى ضبط ساعاتهم على إيقاعها ، قبل نهاية الأسبوع الحالي .



#بهيج_وردة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجهزتنا الأمنية: الروك مشبوه حتى يثبت العكس
- هل تنافس الصحافة المكتوبة عصر الانترنت؟
- خالد جرماني : مايسمى الموسيقى العربية الأصيلة جاءت من قصور ا ...
- الفقر المعلوماتي ... فقر من نوع آخر
- الطلاب يمارسون الحوار و التعلم في الانترنت لأنهم يفتقدونه دا ...
- الاسكندر بين التباسات الشغف الذكوري و الشرق الأمي
- سعيد غاتا ليلة واحدة كافية لتنكيد حياتي
- عولمة, خواء, ثورة
- من الذي جعل القاتل ضحيّته؟
- ما قبل الزواج المدني


المزيد.....




- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...
- ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها ...
- العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بهيج وردة - حمص خارج الزمن بتوقيت - كرجية الحداد -