|
مطلوب وقفة من القانونيين والمجتمع المدني العربي
إكرام يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1680 - 2006 / 9 / 21 - 11:11
المحور:
المجتمع المدني
قبل أن تخمد نيران العدوان.. لبنان يعد لمعركة التعويضات قبل أن تجف دماء الشهداء في لبنان شمر اللبنانيون سواعدهم لإعادة إعمار البلد الذي يثبت كل مرة أنه فعلا مثل طائر الفينيق الذي يبعث من رماد الحريق. وكنت قد أشرت في مقال سابق إلى قضية فاتورة إعادة التعمير ومن الذي سيدفعها. وقلت أن إسرائيل لم يعرف عنها قط منذ قيامها أنها قامت بدفع تعويضات عن أي جرائم ارتكبتها؛ وكيف يستطيع أحد أن يحاسبها، وهي تحذو حذو الولايات المتحدة التي اعتادت على أن تكون فواتير حروبها في المنطقة ـ سواء التي تخوضها بجنودها أو تندلع لصالحها بالوكالةـ على حساب الدول العربية الغنية؛ بدعوى أن قواعدها في المنطقة تحمي أمن هذه الدول.ولا يغيب عن البال إحجام أمريكا عن دفع أي تعويضات عن انتهاكاتها في فيتنام أو العراق أو أفغانستان؛ على سبيل المثال. كما رفضت تسديد التعويضات التي طالبتها محكمة العدل الدولية بدفعها عقابا على الحرب التي شنتها عبر تنظيم "الكونترا" ضد نيكاراجوا الساندينية مطلع الثمانينات. وكان فؤاد السنيورة رئيس الوزراء اللبناني أكد أمام مؤتمر روما أن بلاده تدرس قانونياً طلب تعويضات عن الخسائر جراء الحرب. وفي لقاء مع قناة الجزيرة قال فوزي صلوخ وزير الخارجية اللبناني "في القرار الذي اتخذناه في الجامعة العربية وضعنا هذا البند وكذلك سنتقدم بشكوى لمجلس الأمن ونطالب بالتعويض على كل الخسائر لأنها خسائر فادحة لم يبق شيء في لبنان من البنى التحتية للمرافق المطارات". وهذه التعويضات ربما تشمل أيضا حسب قول مسئولين لبنانيين؛ اجتياح بيروت عام اثنين وثمانين واحتلال جنوب لبنان الذي دام اثنتين وعشرين سنة. فضلا عن الجرحى والأعطال الدائمة والأضرار الفادحة في البنية التحتية والأراضي الزراعية وغيرها. كما نقلت وكالات الأنباء عن الدكتور خالد قبانى وزير التربية والتعليم اللبنانى إن بلاده تعد ملفا قضائيا لملاحقة "إسرائيل" على أعمالها الإجرامية فى لبنان 0 وأوضح قبانى فى تصريح لراديو سوا قبل أيام أن هذه الجرائم ضد كل القوانين والشرائع والاتفاقات الدولية وخاصة اتفاقية جنيف لسنة 1949التي تتعلق بحماية المدنيين وحماية الآمنين والتي عدلت فى سنة 1977 وقال الوزير اللبنانى إن هناك جرائم ترتكب ضد الإنسان وضد الحياة وهى مدانة ومستنكرة من كل المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي .
سوابق قريبة العهد ولاشك أننا نذكر أن التاريخ القريب يسجل عدة مناسبات رفعت فيها دعاوى التعويض؛ لعل من أكثرها وضوحا في الأذهان مطالبات اليهود بالتعويضات ضد ما يسمونه محارق النازية "الهولوكست" رغم تشكيك الكثيرون في صحة استهداف هذه المحارق لليهود بالذات أو صحة أعداد الضحايا من اليهود. وقد وقعت ألمانيا مؤخرا اتفاقاً يلزمها بدفع 10بليون مارك (ما يزيد على 5 بليون دولار) تعويضات إضافية لضحايا النازية، الذين حصلوا حتى الآن على أكثر من 100بليون مارك، ذهب جلها إلى إسرائيل واليهود. ومن الأمثلة الواضحة أيضا؛ إرغام العراق على دفع جميع تعويضات الحرب التي شنها على الكويت بين 1990 و1991 .ولا يمكن أن ننسى أيضا الاتفاق/الصفقة الذي وقعته ليبيا لدفع التعويضات لأسر ضحايا حادث لوكربي بالكامل مقابل رفع العقوبات التي كانت مفروضة على ليبيا وقتها. بل أن العقيد القذافي كان أول رئيس عربي يعلن أنه قد يدفع تعويضات لليهود الذين أجبروا على ترك منازلهم في ليبيا بعد 1948. وتقدر جماعات من اليهود الليبيين قيمة الممتلكات الخاصة التي فقدت بنحو 500 مليون دولار بالاضافة الى مئة مليون دولار اخرى للمنشات العامة اليهودية كالمعابد والمقابر. إلا أن سيف الإسلام نجل القذافي الذي يقود حملة التغيير السياسي في ليبيا في الآونة الأخيرة؛ أكد على أن اليهود الليبيين الذين انتقلوا للعيش في اسرائيل سيتعين عليهم اثبات انهم لم يأخذوا أي ممتلكات للفلسطينيين إذا ما كان يتعين عليهم الحصول على تعويضات. وقال "يتعين عليهم إعادة الديار والممتلكات التي صودرت من الفلسطينيين قبل المفاوضات لاستعادة ما لهم من أصول وممتلكات في ليبيا. وبمناسبة ذكر ليبيا وسيف الإسلام، فقد دعت مؤخرا جمعية خيرية يديرها نجل الزعيم الليبي معمر القذافي المحكمة الجنائية الدولية يوم إلى محاكمة زعماء إسرائيل بسبب الهجوم الدموي على مبنى سكني في قرية قانا بجنوب لبنان وهو الهجوم الذي أثار غضبا في شتى أنحاء العالم وكان عدد كبير من ضحاياه من الأطفال. غير أن المحكمة الجنائية الدولية رأت أنها لا يمكنها اتخاذ إجراء لأن إسرائيل ولبنان لم يوقعا على معاهدة تشكيل المحكمة التي تأسست عام 2002 في لاهاي كأول محكمة عالمية دائمة تهدف لمحاكمة أشخاص عن جرائم إبادة جماعية أو جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات الكبرى لحقوق الإنسان.ورغم أنه يجوز لمجلس الأمن أن يحيل قضايا مرتبطة بدول غير أعضاء كما فعل لأول مرة العام الماضي في قضية الجرائم التي يشتبه في أنها ارتكبت في إقليم دارفور بغرب السودان غير أن المحللين يرجحون أن تستخدم الولايات المتحدة حق الفيتو ـ كما هي العادة ـ ضد أي محاولة لإحالة إسرائيل إلى المحكمة. ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن جان ووترز استاذ القانون الدولي بالجامعة الكاثوليكية في لويفين ببلجيكا ؛ قوله: "الصورة قاتمة على المستوى الدولي حيث لا يوجد اختصاص للمحكمة الجنائية الدولية في هذه القضية" وأوضح ووترز "النوع الأول من المحاكمة سيكون أمام محكمة الرأي العام لكن المشكلة هي أن الرأي العام لا يمتلك الأدوات والمعلومات اللازمة للحكم بشكل حقيقي بشأن ما إذا كانت هناك جرائم حرب ارتكبت بالفعل". وأشارريتشارد جولدستون كبير المدعين السابق بمحكمة جرائم الحرب التابعة للأمم المتحدة التي شكلت للنظر في قضايا جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة إلى أن المحاكم الوطنية نادرا ما تقدم أشخاصا من بلادها يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب إلى المحاكمة وقال "هذه ستكون الميزة الكبرى لمحكمة جنائية دولية حقيقية تكون قادرة بعد انتهاء الحدث على التحقيق بشكل محترف في الوقائع، وعندما يحدث ذلك فهو يصبح رادعا ويقدم معلومات بشأن أي التحركات المستقبلية التي يمكن اتخاذها فانه يمكن للبنان أن يرفع دعوى تعويض ضد اسرائيل أمام محكمة العدل الدولية ومقرها لاهاي أيضا. والمعروف أن محكمة العدل الدولية أنشئت عقب الحرب العالمية الثانية للبت في النزاعات بين الدول أعضاء الأمم المتحدة البالغ عددها ـ الآن ـ191 ومن بينها إسرائيل ولبنان. ويرى مراقبون أنه من المحتمل أن تواجه أي دعوى قضائية يرفعها لبنان نفس المصير خاصة بعدما أثارت محكمة العدل الدولية غضب إسرائيل عام 2004 عندم قضت بأن الجدار العازل المثير للجدل الذي تبنيه الدولة اليهودية في عمق أراضي الضفة الغربية المحتلة ينتهك القانون الدولي. ومن الطريف أن إسرائيل نفسها ألمحت إلى احتمال أن تطالب بتعويضات عن الخسائر التي تعرضت لها مقابل عدوانها ا لأخير على لبنان؛ فقد صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية أن إسرائيل تستحق الحصول على تعويضات عن الأضرار التي نتجت عن سقوط صواريخ حزب الله على شمال إسرائيل؛ الذي هو بالأساس مناطق فلسطينية محتلة. ويقول خبراء في القانون إنه حتى إذا وصلت الدعوى إلى المحكمة فالقانون الدولي الحالي الذي يسعى لحماية المدنيين خلال الحروب بين الدول غير مناسب للاستخدام في الحكم بشأن صراعات تشمل أطرافا لا تمثل دولا مثل مقاتلي حزب الله.
مطلوب نصرة شعبية ونظرا للصعوبات السابقة التي قد تواجه اللبنانيين عند رفع الدعوى أمام أيا من المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية. فقد أشار قانونيون منهم أستاذ قانون الأعمال اللبناني الدكتور بول مرقص إلى ضرورة انشاء هيئة وطنية لتقدير التعويضات وتوثيقها والمطالبة بها على غرار "الهيئة العامة لتقدير التعويضات الناتجة عن احتلال العراق للكويت". ودعا مرقص إلى تحفيز اللبنانيين الموجودين في الخارج وأصدقائهم للضغط من أجل دعم خيار الدولة اللبنانية، للسعي إلى إنشاء محكمة دولية خاصة للنظر بالاعتداءات الإسرائيلية. وتشجيع القانونيين منهم لدراسة الأنظمة القانونية بحيث يقطنون بغية تقديم دعاوى لتجريد المسؤولين الإسرائيليين من جنسياتهم الأصلية على غرار ما يحصل راهنا حيال وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي المغربي الأصل، وإمكان تقديم دعاوى ضد المسؤولين الإسرائيليين على غرار ما حصل في بلجيكا ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون. فهل تجد هذه الدعوة صدى لدى القانونيين ومنظمات المجتمع المدني والهيئات الشعبية العربية؟ هل نقف إلى جوار اللبنانيين في هذه المعركة القانونية من قبيل أضعف الإيمان، بعدما وقفوا وحدهم في مواجهة العدوان؟
#إكرام_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البابا.. وسيناريو الإلهاء المتعمد
-
كوراث القطارات المصرية عمدا مع سبق الإصرار والترصد
-
الصومال.. ونظرية الدولة الفاشلة 2-2
-
الصومال.. ونظرية الدولة الفاشلة 1-2
-
حزب الله.. والتكفيريون
-
السلطان عريان
-
تيمور الشرقية .. على سطح صفيح ساخن 2-2
-
تيمور الشرقية .. على سطح صفيح ساخن (1-2)
-
الطلاب.. رافد يدعم التغيير ولا يقوده
-
حنانيك يا موت..غاب نهار آخر..
-
الصهيونية: عنصرية مع سبق الإصرار والترصد والممارسة 2-2
-
(لصهيونية: عنصرية مع سبق الإصرار والترصد والممارسة (1-2
-
..ورحل أجمل أزهار البساتين
-
كيف كان لطفي السيد ملحدا
-
هند الحناوي.. ومجتمع يفيق من إغفاءة
-
اتفاقيات التجارة الحرة مع أمريكا داء أم دواء؟ 2-2
-
اتفاقيات التجارة الحرة مع أمريكا داء أم دواء؟ 1 2
-
الشهيد المسيحي الذي قتلناه
-
الملف النووي ..اختبار جديد للقطبية الأحادية
-
نهب الماضي والحاضر واغتيال المستقبل (2-2) العراق مجرد بداية
المزيد.....
-
الجزائر تستعجل المجموعة الدولية لتنفيذ قرار اعتقال نتنياهو و
...
-
فتح تثمن قرار المحكمة الجنائية الدولية: خطوة نحو تصويب مسار
...
-
نتنياهو: قرار المحكمة الجنائية الدولية إفلاس أخلاقي.. ويوم أ
...
-
السلطة الفلسطينية تُرحب بإصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغا
...
-
رويترز عن وزير الدفاع البريطاني: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو
...
-
رويترز عن وزير الدفاع الايطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو
...
-
الجزائر ترحب بقرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتق
...
-
البيت الأبيض: مذكرات الاعتقال بحق المسؤولين الإسرائيليين مرف
...
-
نتنياهو ردا على قرار المحكمة الجنائية الدولية: لن نستسلم للض
...
-
قادة ورؤساء صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من الجنائية الدولية
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|