أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد عبد الكريم يوسف - أرخبيل المشاعر















المزيد.....

أرخبيل المشاعر


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 7304 - 2022 / 7 / 9 - 16:14
المحور: المجتمع المدني
    



ساذج من يخلط بين زقزقة العصفور ودلالاتها ، وساذج بين من يخلط بين العواطف والمشاعر ، وساذج من يخلط بين العيد ودلالاته وبين الحرية وتطبيقها ومعانيها وبين ما هو مؤقت وما هو دائم . المشاعر ليست العواطف وتختلف عنها اختلاف الليل والنهار واختلاف المكنون عن المنطوق .
الزهور تختلف شكلا ولونا لكنها لا تختلف في الهوية ، هي زهور متعددة الروائح والأشكال والعطور روحها واحدة لا تنفصل عراها ، وتنطبق العواطف والمشاعر في التطابق والاختلاف اختلاف الزهور وأشكالها وعطورها .
عندما نتحدث عن أرخبيل المشاعر فإننا نتحدث عن الجغرافيا البشرية لا الجغرافيا السياسية رغم أن المشاعر لها دنياها من الانتقام والمحبة والمغفرة والتعليم والتلقين.
وفي هذا السياق سنتحدث هنا عن المشاعر السلبية والايجابية التي تظهر في تصرفاتنا وتظهر مكنوناتنا وتفضح ما نخفيه في علمي النفس والسياسة .
المشاعر هي كل ما يكمن خلف الوجوه ويظهر بين الحين والآخر على شكل ابتسامة صفراء أو تصرف شائن في لحظة هاربة من الزمن .
في عام 2015 ، يذكر الكاتب الروماني بيار هاسنير في كتابة " انتقام المشاعر" الذي نشر في فرنسا ، تحولات الأشخاص وتحولهم وأزماتهم وخاصة في عالم السياسة ، عبر "تنقية الذاكرة " من العواطف لتظهر المشاعر في المواقف والحالات المصيرية ، وفي هذا السياق نجد تفسيرا لسلوك السلطة التي تركز على السلطة والعفوية وغياب التفكير وقمع العواطف . المشاعر لا تموت ولا تندثر ، وتشرئب برأسها بين الحين والآخر رغم القمع أو التدريب والتهذيب ، تماما كما تجري الطبيعة البشرية في مسار مناقض للطبيعة الإنسانية . ومهما نامت المشاعر ستستفيق يوما لتنتقم من مهذبيها ومقولبيها . وهذا يفسر سقوط جدار برلين ، وانهيار الإتحاد السوفياتي ، وسقوط الاحتلال المؤكد ، وسقوط شاوسيسكو ، وسقوط القذافي ، وسقوط حسني مبارك والكثير من الأنظمة التاريخية المبنية على العواطف.
وفي ذات السياق جاءت معالجة الكاتبين شارلوت كاسيراغي وروبير ماجيوري في كتابهما الرائع "أرخبيل المشاعر" الذي نشر في فرنسا عام 2018 لتؤكد أن المشاعر تنتقم في الحب والسياسة والانتقام ليس غريزيا وإنما مبنيا على حالات من القمع والتهذيب الإجباري والطغيان لتحدث هزة سياسية أو عاطفية لا يقوى الآخر على تحملها أو ردها . المشاعر هي وجوه خلف الوجوه وحقائق لا يمكن طمسها بالقوة أو التدريب أو التهذيب لأنها متى غابت المراقبة ستعود كما كانت ، وقد يفسر ذلك الاضطرابات التي عانت منها بلادنا العربية والإسلامية .
لقد عمرت الإمبراطوريات في الشرق والغرب من حيث لا تدري قصورا من المشاعر الغاضبة تراكمت على مدى عصور وانفجرت في وجه الطغاة في لحظة غير متوقعة ، وأثبتت للقاصي والداني أن العواطف لا يمكنها أن تسيطر على المشاعر أو تدجنها أو تدخلها المختبر .

قانون نيوتن في السقوط السياسي:

قد تقود العواطف إلى السقوط من أعلى إلى أسفل بحكم الطبيعة وفق نظرية نيوتن في السقوط، وما قصة التفاحة إلا مثال حي على السقوط، فالعواطف أسقطت الإنسان من الجنة إلى الأرض ، والمشاعر بقيت مرتبطة هناك في الأعالي ، فنبت الحنين والترويج لطرق مثالية تعيد الإنسان لمشاعره المفقودة . المشاعر وحدها ترتبط بحقيقة الإنسان المكنونة أما العواطف ترتبط بما يظهره للعلن . العواطف هي الملمس الناعم الذي يخفي المشاعر المميتة .
وقد تلعب العواطف دورا هاما في السقوط ، وتتفنن في الإسقاط من عل أو بطرق شتى مختلفة ، ويسمى هذا السقوط بالسقوط الحر . يمكن تعريف السقوط الحر بأنه سقوط الجسم تحت تأثير الجاذبية فقط، الذي يتسارع عادة عند السقوط نحو سطح الأرض بمعدل ثابت هو 9.8 م/ث2 نحو الأسفل، ومن الأمثلة على الأجسام الساقطة بسقوط حر هو سقوط حجر في البئر نحو الأسفل، وإلقاء قطعة من الورق نحو الأسفل أو قذفها في الهواء عمودياً نحو الأعلى.
يستخدم لوصف السقوط الحر في الفيزياء عادة مجموعة من المعادلات، وهي:
مربع السرعة النهائية = مربع السرعة الابتدائية + 2×الإزاحة×التسارع، وبالرموز: V=V0𕒶.g.(y−y0).
السرعة النهائية = السرعة الابتدائية + الزمن×التسارع، وبالرموز: V=V0−g.t.
(الموقع النهائي للجسم - الموقع الابتدائي للجسم) أو الإزاحة = السرعة الابتدائية×الزمن + 1/2×التسارع×مربع الزمن، وبالرموز: y−y0 = V0.t𕒵/2.g.t.t.
حيث:
y−y0 : (الموقع النهائي للجسم - الموقع الابتدائي للجسم) أو الإزاحة.
V: السرعة النهائية للجسم.
V0: السرعة الابتدائية للجسم وتساوي صفر عادة إذا بدأ الجسم حركته من وضعية الراحة.
g: تسارع الجاذبية الأرضية ويساوي 9.8- م/ث2، لأن حركة الجسم تكون نحو الأسفل.
t: الزمن.
وهذه المعادلات تنطبق على قوانين الجاذبية في السقوط وصدى السقوط ، وكلما كان وزن الجسم الساقط كبيرا كان سقوطه مدويا .

نيوتن والسقوط نحو الأعلى:
صحيح أن نظرية نيوتن تقول أن السقوط يتم من أعلى إلى أسفل وفق قوانين الجاذبية و لكن ، في السياسة المشاعر تفعل فعلها في السقوط ، كأن تسقط شخصا ما نحو الأعلى ، وتضعه في مكان أو منصب رفيع المستوى بعيدا عن موقعه أو أماكن تأثيره ، بحيث يقل تأثيره في خطوة تصدق فيها المشاعر وتتلون العواطف .
بدأت فكرة السقوط نحو الأعلى في القرن التاسع عشر مع انطلاقة الثورة الصناعية والبنوك وانتشار الفكر السياسي . لقد غيّرت الثورة الصناعية الكبرى وإنجازاتها التكنولوجية الضخمة، منذ القرن الثامن عشر، الكثير في حياة البشر. وفتحت آفاقاً جديدة نحو اكتشاف عوالم جديدة، بفضل اختراعات، ليس أقلّها السيارة والقطار ودخول الآلة في حياة الإنسان. ومنذ نهايات ذلك القرن ـ الثامن عشر، اجتاحت "المناطيد" سماء أميركا وبلدان القارة الأوروبية. تلك الظاهرة ترتب عليها ما يصفه الكاتب البريطاني، ريشارد هولمز، "السقوط نحو الأعلى"، كما جاء في عنوان كتابه الأخير الذي نشر في لندن عام 2013 ، مخالفا قوانين الجاذبية الأرضية .
يؤكد المؤلف في كتابه ، أن هؤلاء ساهموا بالكشف عن بعض أسرار المناطق الأرضية، وامتزجت لديهم، في دوافع خوض مثل تلك المغامرة، عوامل تداخل فيها التاريخ والفن والعلم ورغبة تجاوز المألوف. ويصف هولمز، ذلك المشهد في قرية غونيس، على بعد 16 كيلومتراً من باريس. نحو الساعة السادسة، من مساء يوم 27 أغسطس من عام 1783، عندما رأى السكان جسماً يهبط من السماء، و"ظنّه بعضهم القمر"، وحين اقتربت الجموع المندهشة منه، رأت "كيساً ضخماً باللونين الأحمر والأبيض". ويبين المؤلف أن ردود أفعال الفلاحين تراوحت بين الهرب والإقدام.
يعتبر المؤلف أن الأخوين الفرنسيين مونغولفييه، كانا أوّل من لاحظ، عام 1782، أن الهواء الساخن له أثر في المساعدة على صعود الأجساد الخفيفة. وبدؤوا تجريب ذلك على "كرة خفيفة"، حجمها ثلاثة أمتار مكعّبة ثمّ طوّروا التجربة على كرة أكبر قطرها 12 متراً، مصنوعة من القطن والورق. إذ "صعدت" إلى علو قارب الـ400 متر. ثم عرضوا اختراعهم على ملك فرنسا في فرساي، عام 1873هكذا أصبح اسمهما يعني "المنطاد" باللغة الفرنسية. لقد قاد المنطاد العقل البشرى نحو الأعلى لاحقا فبدأت رحلات الفضاء وصارت أكثر تنوعا واتساعا.
وبعد ما يزيد قليلاً على العشر سنوات من اختراع الأخوين "مونغولفييه"، صعد بشر في المناطيد وحلّقوا في سماء العديد من المدن الأوروبية. ولم تكن مجرّد وسيلة لعمليات "طيران للمتعة". بل كانت لها استخدامات متنوّعة، أوّلها أنها استخدمت لنقل الرسائل في زمن الحروب. كما حصل أثناء حصار باريس من قبل البروسيين خلال عامي 1870 ــ 1871.
وكأداة إعلانية للترويج لمختلف المنتجات الاقتصادية، وحتى الثقافية. وفي دراسة أحوال الطقس. كما لكن كان للمناطيد أيضاً "دور سياسي"، ذلك طبقاً لما دلت عليه إحدى المغامرات قريبة العهد التي يذكرها المؤلف.
وهي قصّة هرب "كان فيها قدر كبير من المخاطرة"، بطلها أحد الألمان الشرقيين. إذ أراد الانتقال عبر منطاد فوق سور برلين قبل سقوطه، من برلين الشرقية إلى القسم الغربي من المدينة. لم تكن قصّة عادية، بل مثالاً على دور المناطيد في خدمة أهداف ذات طبيعة سياسية.
للسقوط نحو الأعلى قصص وروايات في السياسة . فقد استخدمت المخابرات الأمريكية المناطيد لإسقاط الروايات والكتب والمجلات المحظورة في الإتحاد السوفياتي أيام الحرب الباردة . وكان الشرق يسقط الشخصيات القيادية بترقيتها إلى مناصب أعلى مستفيدا من نظريات السقوط نحو الأعلى والمناطيد . يحدث ذلك عندما يكون لديك قائد محبوب ومقبول من القاعدة الشعبية ، فتقوم السلطات بفصله عن قاعدته الشعبية مؤقتا مستفيد من ذاكرة القاعدة السريعة النسيان وترقيته إلى موقع أعلى لا علاقة له بأحد في خطوة نحو إعفائه إعفاءا نهائيا ليذوي بصمت دون إحداث أي ضرر يذكر. العواطف مناوراتها قصيرة الأجل أما المشاعر فمناوراتها طويلة الأجل .
يحتوي أرخبيل المشاعر ألوانا شتى من المشاعر تماما كما تتلون الحديقة بألوانها فمنها ما يدل على الاهتمام : كالمودة والتعاطف والحب والتودد.
ومنها ما يدل على الإيجابية الهادئة: كالهدوء والاسترخاء والراحة والقناعة والصفاء.
ومنها ما يدل على المشاعر السلبية القوية: كالغضب والانزعاج والاشمئزاز والثوران والاحتقار.
ومنها ما يدل على المشاعر التفاعلية: كاللطف والأدب والدهشة والتشويق.
ومنها ما يدل على الايجابية النشطة : كالإثارة والسعادة والسرور والمرح والبهجة والابتهاج والتسلية .
ومنها ما يدل على المشاعر السلبية الاستسلامية: كالملل واليأس والإحباط والجروح والحزن.
ومنها ما يدل على الهياج : كالضغط والصدمات والشد العصبي.
ومنها ما يدل على الأفكار السلبية : كالفخر والشك والحقد والشعور بالذنب والعار والإحباط.
ومنها ما يدل على الأفكار الإيجابية : كالتواضع والثقة والشجاعة والإشباع والاقتناع والأمل والشجاعة .
ومنها طارئة لا يمكن التحكم بها : كالتوتر والخوف والبأس والعجز والفلق والارتباك.
العواطف هي "أَن نكون اثنَين جسَدًا" والمشاعر هي أن نكونَ "وَاحِدَيْن في حلُولية العشق التامة".
كلما وازن المرء بين عواطفه ومشاعره ، توازنت الحياة وصارت أجمل.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسكي مير
- الببلومانيا و التوسوندوكو و الببيلوفيليا
- لم نبدأ بعد
- رسالة الرئيس بوتين للغرب
- إسكروا
- مفهوم مدريد الاستراتيجي ومستقبل الناتو
- أكثر من مجرد أصدقاء
- حدود دور الصين في سوريا
- الطاقة المتجددة ومستقبل الشرق الأوسط
- جرائم المستقبل
- تذكرة إلى الجنة
- ظهور الفساد الاستراتيجي
- شهوة
- يمكنك بناء حلمك من جديد
- هل يحدث الانهيار الكامل لكل شيء
- المظهر والجوهر
- سمات المرأة النبيلة
- التنبؤ بالعلاقة الناجحة
- ما هو الحب ؟
- رحلة السويد وفنلندا من الوضع المحايد إلى الناتو


المزيد.....




- بيان مشترك بين الإمارات ودول أخرى حول خطر المجاعة في السودان ...
- اعتقال رئيس الاتحاد الكولومبي لكرة القدم وابنه بعد نهائي كوب ...
- شهادات مروعة عن تعذيب أسرى غزة في سجون إسرائيل
- صحيفة: العنصرية في تركيا لا تقل خطورة عن محاولة الانقلاب
- منتدى حقوقي بالدوحة يبحث أوضاع المهاجرين في دول مجلس التعاون ...
- استمرار توافد النازحين إلى القضارف جراء الحرب بالسودان
- الثاني بتاريخ الفورمولا 1.. رالف شوماخر يعلن هويته المثلية
- مفوض أممي: تحول مقر الأونروا الرئيسي في غزة لساحة حرب أمر مر ...
- ألمانيا - اعتقال شخص يشتبه بانتمائه لحزب الله وعمله على شراء ...
- جدل بعد إيقاف الكويت جوازات سفر البدون


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد عبد الكريم يوسف - أرخبيل المشاعر