راني ناصر
الحوار المتمدن-العدد: 7304 - 2022 / 7 / 9 - 11:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من تقرير صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بتاريخ 8/ 7 / 2022 بشأن العثور على مقبرة جماعية قرب القدس تضم رفاة 80 جنديا مصريا استشهدوا في عدوان ال 67 بفلسطين، وقيام إسرائيل ببناء منطقة سياحية فوقها للحيلولة دون الكشف عن هذه المقبرة، ودون ارجاع رفاة هؤلاء الابطال ليدفنوا في وطنهم؛ يتجلى لنا جميعا التناقض بين التضحيات العظيمة التي قدمتها مصر لقضايا الامة في حقبة الرئيس جمال عبد الناصر، وحالة الذل والهوان والضعف التي وصلت اليها بلاد مصر العروبة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
كانت مصر في عهد الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر حاضنة للقومية والثقافة العربية، وكان لها ثقل عربي وإقليمي ودولي كبير لأنها كانت من مؤسسي حركة عدم الانحياز، ولأنها وقفت إلى جانب حركات التحرر من الاستعمار في أفريقيا والوطن العربي ودعمتها بالمال والسلاح، وخاضت اربع حروب ضد الكيان الصهيوني وقدمت عشرات الالاف من الشهداء ثمنا من أجل تحرير القدس منهم ما يقارب ال11 الف شهيد في حرب ال67 وحدها، ودعمت ثورة اليمن ضد النظام الملكي، وحاولت توحيد العرب بتوحيد مصر وسوريا تحت مسمى الجمهورية العربية المتحدة في 1958، وطورت جيشها وصناعاتها، وقامت بتأميم قناة السويس، وأنشأت ما يزيد عن الف مصنع حديث، وبنت السد العالي الذي ساهم بتوفير الكهرباء وحماية مصر من الفيضانات، والذي يعتبر بشهادة المجتمع الدولي احد اعظم المشاريع الاقتصادية والتنموية في القرن العشرين.
اما مصر اليوم بعد ان سار رئيسها عبد الفتاح السيسي على خطى اسلافه أنور السادات وحسني مبارك، وقام بتقزيم الدور الإقليمي والدولي لمصر من خلال تسليم دفة قيادة الامة العربية بالكامل للمحميات النفطية الخليجية وإسرائيل ومن لف لفيفهم من العابثين بخيرات ومقدرات الامة، ويطلب الاذن من إسرائيل لتعزيز تواجد الجيش المصري على أراضيه في سيناء، ووقف مع الأنظمة المعادية لتطلعات الشعوب العربية بدعمه للعسكر في السودان، وخليفة حفتر في ليبيا، وحرب اليمن الحالية، وفشل فشلا ذريعا في التعامل مع بناء سد النهضة الأثيوبي وحماية امن مصر المائي واقتصادها من التداعيات السلبية المتوقعة نتيجة لذلك، وتبخرت في عهده أحلام المصريين ببناء مشاريع اقتصادية عملاقة، وأصبحت مصر أكثر فقرا وعجزا على صياغة القرارات الإقليمية او الدولية او التأثير عليها وتسخيرها لخدمت صالحها.
من هذه المقبرة الجماعية لشهداء الجيش المصري الابرار يتجلى دور مصر الحقيقي والقيادي للأمة العربية، وحجم التضحيات الجليلة التي قدمتها تجاه قضاياها؛ فهؤلاء الجنود هم روح أمتنا ومصدر فخرها وعزها، واكتشاف مقبرتهم الجماعية يعبر عن حالة الخزي والعار الذي وصل اليها النظام المصري الحالي الذي يغرق البلد في الظلام، ويشجع استسلام "تطبيع" المزيد من الدول العربية لإسرائيل.
#راني_ناصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟