ماجد لفته العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 1679 - 2006 / 9 / 20 - 09:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أعلن يوم أمس في العاصمة السويدية عن النتائج شبه النهائية للانتخابات العامة التي أداة إلى فوز اتحاد قوى اليمين السويدي بنسبة 48,1% من الأصوات على قوى اليسار السويدية التي حصلت على 46,2% من أصوات الناخبين , فيما حصلت الأحزاب الصغيرة الاخرى 5,7% من الأصوات التي تم فرزها في( 5772) مركز انتخابي من أصل (5783 )مركز انتخابي في جميع أنحاء مملكة السويد , وكان إقبال الناخبين بنسبة 79,1% من مجموع المواطنين السويديين الذين لهم حق الانتخاب والتصويت وفق القوانين المرعية في مملكة السويد .
وفي أعقاب ذلك وبكلمة ارتجالية أعلن سكرتير حزب المحافظين عن انتصار حزبه التاريخي بحصوله للأول مرة على 26,1% من الأصوات, حيث تعتبر هذه النسبة هي أعلى نسبة منذ عام 1928 , وكان حزب المحافظين قد حصل في الانتخابات السابقة على 15,9% من الأصوات في عام 2002, وعلى 23,4% في انتخابات عام 1982 بقيادة زعيم المحافظين الأسبق ( أولف أدلسوهان ) .
وقال زعيم حزب المحافظين ( فريدريك رينفيلدت) , أن انتصار حزبه جاء بفضل المحافظين الجدد الذين صوتوا لحزبه وبفضل تحالف قوى اليمين وقياداتهم الذين يشكرهم على تعاضدهم وتعاونهم , وزعيم حزب المحافظين الجديد قد انتخب إلى زعامة الحزب عام 2003 وكان رئيس لمنظمة شباب المحافظين في عام 1995 ويعتبر من المحافظين الجدد الذين يتميزون بالذكاء والحنكة السياسية .
وصرح أيضا زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي يوران بيرشون بعد فرز النتائج شبه النهائية مؤكدا هزيمة الحزب الاشتراكي الديمقراطي واليسار السويدي في هذه الانتخابات التي سوف تتحدث عنها الأجيال المقبلة باعتبارها المرة الأولى التي يحصل فيها الحزب الاشتراكي على هذه النسبة المتدنية من الأصوات 35,2% , وقد حصل الحزب الاشتراكي الديمقراطي على 39,85% من الأصوات في عام 2002 . وقال السيد يوران بيرشون في معرض حديثه ذلك ( بأنهم خسروا الانتخابات ولكن حزبهم لم يتعرض إلى ضربة ) , وأشار إلى ان السياسية التي ينوي تطبيقها اليمين سوف تلاقي صعوبات و تحديات كبيرة في البرلمان بسب الفارق البسيط بين أصوات اليمين واليسار وعبر عن شكره للانصاره, وأشار انه سوف يتخلى عن زعامة الحزب في آذار 207, حيث يتم عقد الكونفرس العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي لينتخب زعيم جديد يقودهم نحو انتخابات 2010 .
وقال يوران بيرشون إن حزبه سوف ينتقل إلى المعارضة لتصدي لسياسية المحافظين الجدد التي طرحها برنامجهم الانتخابي ويسعون عبرها إلى تخفيض تعويضات صناديق الضمان الاجتماعي للعاطلين عن العمل , وتخفيض الضرائب العامة التي تقدر بمبلغ 37,8 مليار كرونة , ورفع الدعم عن عقود العمل الجماعية المبنية على دعم الدولة للتخفيف من حدة البطالة التي يقدر عددها بحوالي نصف مليون وتشكل نسبة 20% من مجموع القوى العاملة , وزيادة رواتب النساء عبر ترشيد رواتب الرجال ,وتشغيل الشباب الذين تبلغ نسبة البطالة بينهم حوالي 15% , والحد من معدل الجريمة بين أوساط الشباب الذين ارتفعت بين صفوفهم حالات الاغتصاب والاعتداءات والقتل والتخريب المتعمد والمخدرات إلى نسبة 24 % وخاصة بين الفتيان والفتيات غير البالغين سن الرشد خلال العشرين سنة الماضية , إضافة إلى حزمة من الإصلاحات الأخرى التي ينوي اليمين القيام بها لتطوير التعليم والخدمات والرعاية الاجتماعية والصحية حسبما جاء في برامج أحزابه الأربعة [ حزب المحافظين , حزب الشعب , الحزب الديمقراطي المسيحي , وحزب الوسط ] .
إن الحلول التي يضعها اليمين للخروج من ألازمة الاقتصادية الاجتماعية , سبق وان جربها الحزب الاشتراكي الديمقراطي للخروج من ألازمة بواسطة ( اقتصاد الصدمة) ولم يستطيع العبور إلى بر الأمان , مما جعل الكثير من القطاعات تعارض هذه السياسية وفي مقدمتها النقابات وأوساط كثيرة من الحزب الاشتراكي واليسار بشكل عام , ولقيت هذه السياسية معارضة كبيرة من قبل الشباب وخصوصا الطلاب الذين حملتهم حكومة الاشتراكي الديمقراطي تكاليف مادية باهضة إضافة إلى تدهور مستوى التعليم في ظلها , مما دفع الكثير منهم إلى التصويت لبرنامج اليمين الذي وعدهم بالكثير في المستقبل في حالة فوزه في الانتخابات العامة .
إن هزيمة الحزب الاشتراكي كانت معروفة سلفا بفعل تدني شعبية رئيس الوزراء الاشتراكي الديمقراطي الذي حكم لمدة عشرة سنوات ولم يحقق الكثير من الوعود التي وعد بها ناخبيه في حل المعضلات الاقتصادية والاجتماعية والحفاظ على الرفاه الاجتماعي للشعب السويدي, مما أسهم ذلك في إضعاف الحزب الاشتراكي الديمقراطي وظهور العديد من الأحزاب المحلية التي خرجت من رحم الاشتراكي مثل ( حزب كيرونة , وحزب الرعاية الصحية والاجتماعية , وحزب كالكس, ومنظمة التروتسكين , وحزب العدالة الاشتراكية ..... الخ ) وهذه الأحزاب محدودة حجم وتعمل في البلديات والأقاليم .
وساهمت أيضا في تصاعد المد اليميني المتطرف وتعاظم نشاط هذه الأحزاب التي أعتمدت على فشل الحكومة في نشاطها وتحركانها و يعد حزب الديمقراطية السويدي من أكبر هذه الأحزاب .
و قد حصلت هذه الأحزاب الصغيرة المنتمية من اقصى اليسار إلى أقصى اليمين , على نسبة 5,7 من مجموع الأصوات في عموم السويد واستطاع البعض منها إيصال مندوبية إلى مجالس البلدية ( الحكومات المحلية ) في البلديات ( الكومونات) ويعتبر حزب الديمقراطية السويدي الذي يعادي الأجانب وينتمي لليمين المتطرف من أكثر الأحزاب الصغيرة حظ في الحصول على أصوات الناقمين على سياسية الاشتراكين والعاطلين عن العمل والمواطنين الذين يحملون المهاجرين سبب تدهور مستوى حياتهم الاقتصادي والاجتماعي .
فقد حصل حزب الديمقراطية السويدي على 4,1 % في مدن (يفله Gävle ) و (3,4 في اسكلستونه Eskilstuna) , و زعامات هذا الحزب تنتمي في غالبها إلى حزب الدميقراطية الجديدة السابق المتهم في التعاون مع العنصرين وقد جرى حله في سنة 2000ليتشرذم ويصبح ثلاثة أحزاب ضعيفة محلية ذات طابع عنصري معادي للأجانب (وأكبرها حزب الديمقراطية السويدي ) ويقول احد زعاماته من مدينة اسكلستونه بأنهم حصلوا في الانتخابات على 1,5 % من الأصوات وأوصلوا 50 مندوب إلى 30 بلدية في الانتخابات الحالية لعام 2006 , وان صحة هذه الأرقام فأنها تدل على تعاضم نفوذ اليمين المتطرف في الساحة السياسية السويدية وخصوصا في جنوب ووسط السويد .
إن فشل اليسار في الانتخابات يتحمله الحزب الاشتراكي الديمقراطي وزعيمه يوران بيرشون الذي رفض تحالف مع اليسار على طول الخط بحجة كونهم ( الشيوعيين ) , ويعني بذلك زعامة حزب اليسار بقيادة عامل القطارات ( لأرش أوهالو _ Lars Ohly ) , وراهنه السيد برشون كثيرا على التحالف مع يمين الوسط المتمثل بحزب الشعب الذي منيه بهذه الانتخابات بهزيمة كبيرة أفقدته أكثر من 6% من الأصوات وفقدان 20 مقعد من مقاعده السابقة التي حصل عليها في الانتخابات السابقة لعام 2002.
إن هذه السياسية ساهمت في تحجيم اليسار وشله وأفقدته التنسيق بين إطرافه حتى في أروقة البرلمان , واجري السيد يوران بيرشون حتى الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية مفاوضات مع حزب الشعب السويدي لبناء جبهة انتخابية معه وإخراجه من جبهة اتحاد القوي اليمينية (Alliansen) في الوقت الذي لم ينسق مع حلفائه اليساريين لخوض الانتخابات بشكل مشترك ,
وبالرغم الخسارة التي منيت بها قوى اليسار فهي لازالت تسيطر على الأغلبية في معظم مجالس حكومات الأقاليم والبلديات وخصوصا في المدن الكبرى وأغلبية مدن شمال السويد التي ارتفعت فيها أرصدت الحزب الاشتراكي وظلت أصوات اليمين منخفضة جدا ولحقت ببعض إطرافه خسائر كبيرة , ومن هنا لا يزال الاشتراكي يراهن ومعه قوى اليسار في التصدي لليمين وعرقلة سياساته عبر هذه القوى المحلية والفارق البسيط بالأصوات في مقاعد البرلمان السويدي , فمن 349 مقعد برلماني حصل اليسار على 171 مقعد وحصل اليمين على مقعد 178 , ومن هنا سوف تكون المعارضة للحكومة قوية وقادرة على خلق توازنات في أروقة البرلمان السويدي عبر تفكيك التحالف اليميني الهش والمزعم طرح حكومته لنيل الثقة في 15 أكتوبر المقبل والمرجح إن تضم في صفوفها حسب المصادر السويدية كل من [ فريدريك رينفيلدت رئيس للوزراء , كونيلا كارلسون من المحافظين لوزارة الخارجية , ويان بيرولند من حزب الشعب إلى وزارة التعليم , وماتس أودل من الحزب الديمقراطي المسيحي إلى وزارة الدفاع , وماريا لارشون من الديمقراطي المسيحي إلى وزارة المجتمع , وزعيم الحزب الديمقراطي المسيحي ( يورن هاكلوند) للوزارة المالية , وبيتر ألتهاين وزيرا للعدل , ومايود أولفسون زعيمة حزب الوسط وزيرة للطاقة , وسيسيليا ويكستروم عن حزب الشعب وزيرة للثقافة , وصوفيا لاشين من حزب الوسط وزيرة للبيئة , وهناك أسماء أخرى رديفة موضوعة كمرشحين بدائل لهذه الوزارة ما عدى رئاسة الوزارة فهي مضمونة لزعيم المحافظين .
يبقى تسائل الناخب السويدي مقبول حول إمكانيات تحقيق برنامج اليمين الجديد , وإمكانية صمود تحالفهم الهش في الحكم خلال أربعة سنوات القادمة, بعدما عجز الحزب الاشتراكي الديمقراطي عن تحقيق برنامجا مشابها له !!
#ماجد_لفته_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟