أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد المصباحي - الموت والفقه الإسلامي














المزيد.....


الموت والفقه الإسلامي


حميد المصباحي

الحوار المتمدن-العدد: 7296 - 2022 / 7 / 1 - 22:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


141 الموت في فقه الإيمان
كيفيات تقبل الموت، ثقافة لها مصادر شتى، لكن أكثرها حضورا، هي صيغ الديانات وانتظاراتها من المحتضر وقد أعدته لنهاية يدرك الإنسان أنها قادمة لا محالة، ولا مهرب لأحد منها، وهي كمذاهب دائمة التذكير بالموت، ليس فقط من أجل تقبلها، وهذا هو الأهم، ولكن في غالبها تدفعه لاعتبارها عتبة، ما أن يتجاوزها حتى يجد حياة أخرى، أقوم وأدوم وألذ وأحلى، ورغم ذلك، لا أحد من المؤمنين يستسلم كليا لهذا المصير، بل يظل يوهم نفسه أنه مجرد مرض ألم به، وسوف يتخطاه ليعود لحياته الطبيعية، وفي اللحظات الأخيرة، يستسلم منهكا لآلام متفاوتة في قوتها وقبول المحتضر بها، وهي حالات تختلف، ليس باختلاف الثقافات فقط، بل حتى باختلاف عمق القيم ومدى تجذرها في قلوب الأموات أو من هم على عتبته، فكيف يعد الفقه الإسلامي أتباعه ومؤمنيه لهذه الرحلة النهاية وكيف يصورها لهم؟؟
1- ألم التخويف:
يستحضر الفقه الإسلامي موت الرسول (ص) ويصور معاناته وتخبطه، مستدركا أنه دعا مع أمته للتخفيف عنها من ألم الاحتضار، وحبا فيها، تحمل نيابة عنها، لكن آلام أخرى سوف يتحملها المسلمون وعليهم أن يستعدوا لها، لتكون لهم غفرانا ورحمة بعد الموت، يبالغ الفقهاء في تصويرها بلغة تزيدها خشونة وتعمق الخوف منها لدرجة أن المسلم، يشفق على نفسه منها ويستحضرها بهلع، هو حتما مؤثر في سلوكه أثناء احتضاره وربما قبله، فتجد الرجل اضطرب وانهار من أثر تصوره للآلام التي تنتظره لحظة الرحيل، والناس حوله يذكرونه بعدم نسيان الشهادة وحفظ دروس استقبال عزرائيل وهو يسأله عن دينه واسمه وذنوبه، إنها تراجيديا الوداع وهو يتحول لمعاناة يريد لها فقهاء الموت، أن تكون محدثة لهلع كأنه القيامة، أو بدايتها قبل الأوان، وهو ما يؤثر في نفسية المحتضر لدرجة كبيرة، تضاعف شعوره بالوحدة والخوف من النهاية، فلا يستطيع فكاكا من تلك الصور التي قدموها له عن الموت، وهي بدرجة تخويفها له، تدفعه إما للزوم الصمت والتحديق في من حوله، أو التظاهر بالقوة دفعا لفكرة الموت، وباختصار وصراحة، إن شكل الموت، مرتبط بحالة المحتضر، فكلما كان إيمانه أعمق ومعرفته أوثق، كانت هجرته بهدوء وفي غفلة من الجميع، فلا هو غاضب من رحلته ولا هو خائف منها، بل منهم من بحكمته، يبتسم ويحاور متناسيا كل ما يشوش وضوحه ويؤثر على لغته.
2- حرقة التهويل:
يجد الفقه في رسم حالة أخرى بعد الموت، أو هي ما بين الموت والدفن، وهي أدبيات عذاب القبر، التي يجمعون لها أحاديث غريبة ومثيرة، فيها الثعبان الأقرع العاض للميت، ومخلوقات أخرى، ينضاف إلى ذلك، ضيق القبر الذي يكتم أنفاس الدفين إلى أن يخرج من أنفه الحليب الذي رضعه منها وهو صبي، إن هذه المجازات الممعنة في تعذيب المحتضر، سواء قيلت له قبل الاحتضار أو أثناءه، لهي المعاناة التي تضاعف الألم وتزيده عمقا، وهي قيم سوداوية في تصويرها للموت ولما بعد الموت، قبرا وحتى حسابا، فإن كانت عيادة المرضى بمثل هاته الأحاديث والحكايات، فهي زيارة لا ترجى بسبب افتقارها للآداب العامة وخشونتها الغارقة في البداوة بتهويلها وإرهابها للمريض أو المحتضر، وهي دليل نقصان في الآداب والاحترام للمرضى وحتى للموتى، مما يحتم ضرورة تنقية الفقه من مثل هذه الخشونة، التي لم يعد العصر يسمح بها أو يقبل بها وكأنها طقوس الغم والهم الذي لا ينفك عن المسلمين حتى وهم يودعون هذه الدنيا، التي يراد لهم تركها بالدموع كما أتوا إليها بالبكاء.
3- مأساة الحساب:
تأتي المرحلة الأخرى بصورها وأهوالها لتقيم الدنيا دون أن تقعدها بمعارف تتطاول على الغيب، وتقترف فظاعات في حقه، باستحضارها لعوالم لا أحد يعلمها إلا الله، وقد تم استحضارها بمشاهدات المعراج التي شاهد فيها الرسول المعذبين والمنعمين، رغم أنه اعترف بعدم إحاطته بالغيب كبشر مبشر ومنذر، لكن الفقه منذ بديته، يغامر بما لا يطاق عقلا وتاريخا وحتى رواية، متجاهلا الاختلافات التي كانت حول القضايا، التي يضمرها وكأن حولها اتفاقا مقدسا، والمسلمون القدامى، اختلفوا حولها وناقشوا أمورها ولم يحصل إجماع حول قضاياها، فتوقفوا ولم يلزموا بها إلا المعتقدين بصحتها حتى لا يتحملوا وزر من صدقوها أو عملوا بها إن اقتضت عملا، والناس بمثل هذه الصور يتأثرون وهم يودعون عالمنا وينسحبون منه إلى آخر، أكثر سعادة وهدوء إن خلا من مثل هؤلاء أو حشروا في أماكن أخرى نتمنى ألا يكون لهم فيها عذاب أو ما تخافه الأنفس وتشفق منه على نفسها وحتى على غيرها.



#حميد_المصباحي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجنس في الفقه الإسلامي
- المرتدون في الإسلام
- المسلمون والخراب
- الإسلام والمستقبل
- 119 الإسلام والحضارات
- عراق التاريخ والسياسة
- الوحي المحمدي
- lمفارقات الإسلام
- الوحي والتراث
- الوعي والوحي
- الحزبية الإسلامية
- كتابة الرواية
- اتحاد كتاب المغرب.الحلقة٩
- اتحاد كتاب المغرب الحلقة ٨
- اتحاد كتاب المغرب.الحلقة٧
- اتحاد كتاب المغرب.الحلقة ٦
- التعليم في المغرب
- اتحاد كتاب المغرب الحلقة ٥
- اتحاد كتاب المغرب الحلقة ٤
- الشهوة الملعون.قراءة في كتاب بالفرنسية


المزيد.....




- بالصلاة والدعاء.. الفلبينيون الكاثوليك يحيون أربعاء الرماد ...
- 100 ألف مصلٍ يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- مأدبة إفطار بالمسجد الجامع في موسكو
- إدانات لترامب بعد وصفه سيناتورا يهوديا بأنه فلسطيني
- الهدمي: الاحتلال الإسرائيلي يصعّد التهويد بالمسجد الأقصى في ...
- تزامنا مع عيد المساخر.. عشرات المستعمرون يقتحمون المسجد الأق ...
- المسيحيون في سوريا ـ خوف أكبر من الأمل عقب ما حدث للعلويين
- حماس تشيد بعملية سلفيت بالضفة الغربية
- مجموعات الدفاع عن المسلمين واليهود تنتقد ترامب لاستخدامه كلم ...
- إصابة مستوطن في عملية إطلاق نار في سلفيت.. وقوات الاحتلال تغ ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد المصباحي - الموت والفقه الإسلامي