|
ستة أشهر في قبضة الجبهة
عبد اللطيف المنيّر
الحوار المتمدن-العدد: 1679 - 2006 / 9 / 20 - 08:35
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
حادثني شخص مقرّب من جبهة الخلاص بزعامة النائب السابق للرئيس السوري عبد الحليم خدام والمراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين صدر الدين البيانوني ـ شخص أستطيع تصنيفه أنه من فئة من هم "مع" الجبهة وليس"منها"، وذلك خلال اجتماعي به في العاصمة واشنطن في الأسبوع الفائت، قال حرفيا: " إن نسبة الإخوان المسلمين في سوريا تعادل عشرين بالمائة من مجمل عدد السكان! ونسبة البعثيين الذين هم من مناهضي النظام في سوريا هي أربعون بالمائة، وتابع جازما:"هؤلاء وحدهم القادرون على خلخلة تركيبة النظام السوري وإحداث التغيير المرتقب"! وتابع بنزق مبالغ فيه: " إن السيد خدام قد أقسم لي مواعدا، بأنه حين يستلم الحكم لن يبقى على سدّة السلطة أكثر من ستة أشهر، ولا يوم واحد يزيد عن ذلك"! سألته:" وماذا عن بقية أطراف المعارضة، ما مصيرها؟ قال: "سوف يلتقي بهم خدام في سوريا..."! قلت له مستهزئا:" ولماذا لم يجتمع بهم قبل الذهاب إلى سوريا، أو حاول الاتصال بهم وتكرّم ونزل من برجه العاجي ليحاورهم"؟ قال: " ليس لخدام الوقت الكافي للحوارات مع كل جماعة تعتقد أنها فاعلة في تيار المعارضة"!!. كنت قد التقيت السيد خدام في اليوم التالي لعودته من العاصمة البلجيكية بروكسل حيث أعلن والسيد البيانوني عن تشكيل جبهتهم للخلاص في شهر آذار/ مارس الفائت. وكتبت إثر لقائي به مقالا بعنوان" بروكسل..إلى أين" أشرت فيها إلى أن ما حصل في بروكسل هو احتكار للمعارضة، واختزال لأطيافها وتياراتها بتعدديتها. كما أشرت بالنقد إلى الطريقة التي تم بها الإعداد للمؤتمر،فكل شي تم بالخفاء وبسرية تامة. و شدّدت أن هكذا تكتم لا يخدم حراك المعارضة، ولا يطمئن الشارع السوري التواق إلى المزيد من المصارحة والوضوح في الرؤية، فقد سئم السوريون سياسة الأمر الواقع ذي الفكر الواحد والطيف الواحد والقائد الواحد!.
ونجد الجبهة في اجتماعها التأسيسي الثاني الذي عقد في منتصف الشهر الجاري وفي العاصمة البلجيكية بروكسل دائما، نجدها تتابع نهجها الضبابي في استخدام الألغاز السياسية والطلاسم الإخبارية إذ أعلنت أمانتها العامة عن قبولها "لانتساب خمسة أعضاء جدد يمثلون اتجاهات متعددة من أكراد سورية دون ذكر أسمائهم أو الأحزاب التي ينتمون إليها" وذلك كما نقلت الخبر شبكة الأخبار الكردية!!! بعد لقائي بخدام وبصاحبنا في واشنطن، لقاءين يفصل بينهما بضعة أشهر فقط، وبعد إعلان الجبهة على لسان شيخها البيانوني عن جاهزيتها لاستلام الحكم في سوريا، تشكلت لديّ قناعة قرأتها من وراء سطور السيرة الذاتية لمؤسسي وشخوص جبهة الخلاص وتوابعها، بأنهم سوف يستثنون من مهام إدارة دفة البلاد كل لم يكن نصيرا لهم، وسوف يقومون بتحويل صناديق الاقتراع ـ التي يرَوجون لإيمانهم بأنها الفيصل في الحكم، إلى صناديق اعتقال! وما الستة أشهر التي يزعمون بأنها كافية لتحويل سوريا إلى بلد ديمقراطي إلا مرحلة لمزيد من القمع الفكري، وتشويه وضرب آمال شعبنا السوري.. ستة أشهر كافية للجبهة لنهب ما تبقى للبلاد من أمل.. ستة أشهر كافية لزج المزيد من ناشطي التيارات الليبرالية المعارضة في غياهب السجون .. ستة أشهر كافية للسيد خدام النائب السابق لتغيير الدستور، وبتوقيع منه كما فعلها في السابق، لكي يتلاءم مع جبهته ومقاس أعضائها.. ستة أشهر كافية لتقديم وجبات فكرية سريعة مسممة من الفكر العقائدي والأيديولوجي العفن.
فاقد الشيء لا يعطيه.. ومن فقد مصداقيته بانتهاجه سياسات التصفية والتنكيل، ومن فقد مصداقيته بالارتزاق النهبويّ، لا يحق له أن يتكلم عن إرساء الديمقراطية و تحكيم صندوق الاقتراع.
ولاستكمال الهيبة السياسية، ترافق أرتال جبهة الخلاص ثلة من "حرس شرف" من أنصاف مثقفين ،وأنصاف كتبة، من رتبة "عرضحلجي سياسي"، مهمتها ترويج الفكر البعثي الخشبي من خلال ترويجها لأفكارمعلّبة، وادعاءات مغرضة ـ لن تنطلي على الشعب السوري الفطِن، مفادها أن الجبهة هي المخلّص الوحيد من النظام السوري الحالي، وبأن جماعة الإخوان المسلمين يأيدون قيام الدولة مدنية، لكن ذاكرتها إسلامية!.
قبل أن تقبل جماعة الإخوان بصندوق الاقتراع، يجب عليها أن تقبل الآخر المختلف، وتتخلى عن سياسات التطهير والفرز والتكفير الفكري. فإذا كانت الحرب مستعرة سرا وعلانية من "عرضحلجييِّ الجبهة" على كل تيار فكري ليبرالي خارج سربها، وإذا كانت الجبهة تعتبر نفسها الممثل الوحيد للمعارضة السورية بصلافة سياسية لا شبيه لها إلا في ممارسات النظام السوري القائم عينها، فما هو مصير الدولة السورية في الستة الأشهر المشهودة لاستلام جبهة الخلاص مقادير الحكم والشروع بعملية الدمقرطة على الطريقة الخدامية/ الإخوانية؟!.
#عبد_اللطيف_المنيّر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لعبة الوقت.. رقصة الحرب
-
أبطال خارج التاريخ
-
الاقتصاد السوري بين الانكماش والعافية
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|