أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - مقابلة صحفية مع الله - الحلقة السادسة














المزيد.....

مقابلة صحفية مع الله - الحلقة السادسة


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7286 - 2022 / 6 / 21 - 14:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


٦

- في العالم القديم، الأمور كانت أكثر وضوحا، الآلهة كانت متعددة ومنظمة مثل البشر في عائلات وقبائل ولكل مهمته المحددة، هناك الآلهة الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، هناك الآلهة التي تنام طوال اليوم وتقيم الحفلات والولائم وهناك الآلهة الشغيلة التي لا تكف عن الكد والعمل لتوفير ما يريده الآلهة العظام، حتى قررت هذه البروليتاريا الإلهية ذات يوم الثورة وإعلان إضراب عام عن العمل، وبعد مناورات عديدة ومفاوضات طويلة توصلت الآلهة إلى حل يرضي الجميع وهو "صناعة" مخلوق جديد يقوم بالعمل محل هذه الآلهة المنهكة، وهكذا خلقت الآلهة هذا المخلوق الفاني ليقوم بالأعمال الشاقة، يزرع الأرض ويرعى القطعان ويصنع الخبز والنبيذ. غير أن الآلهة واجهتها مشكلة جديدة، فهذا الإنسان انتشر في الأرض وتكاثر شعوبا وقبائل وكان ضجيجهم مزعجا لدرجة تمنع كبيرالآلهة من النوم، وفي النهاية قرر بكل بساطة التخلص نهائيا من هذا المخلوق وذلك بإغراقه في طوفان عظيم. واليوم رغم أن البشر تخلصوا من بقية الآلهة وبقيت وحيدا عظيما ولا إله غيري، إلا أنهم أضافوا شخصيات الأنبياء كوسيط بيني وبينهم لتسهيل الأمور كما يبدو وإضفاء صيغة إنسانية مفهومة من الجميع.
- ومع ذلك هناك مشكلة الخير والشر وهي مشكلة حقيقية، هناك من يسئ إلى الآخرين وهناك من يخدم الآخرين ويساعدهم في حياتهم، فمن أين جاء الخير وما هو مصدر الشر؟
- إن الله كما سبق القول كائن متعال ومنزه عن هذه المقولات الأخلاقية، الله متعال عن الخير والشر والضرر والمنفعة، هذه علاقات بشرية ونسبية حسب الزمان والمكان. ولهذا السبب أستعان الإنسان بفكرة الله لمساندته في نشر الخير ومحاربة كل ما يضر البشرية. غير أن هذه الحيلة الطفولية لم تعد كافية اليوم. فالإنسان الذي يقتل إنسانا آخر لا يرتكب جريمة في حق الله وإنما في حق المقتول، وعلى البشر أن يجدوا وسيلة في التعامل مع القاتل ولكن ليس لهم أن يزجوا بي في هذه الأمور التي تخصهم وحدهم، فليقتلوا القاتل إذا أرادوا أن يعيشوا في مجتمع من القتلة أو أن يجدوا حلا آخر إذا أرادوا مجتمعا إنسانيا يخلو من القتل. لقد أختلق الإنسان فكرة الخير والشر ثم ادعى بأن الله هو الخير واضطر في نفس الوقت لخلق قوة أخرى تنافسني سلطتي وقوتي وهو الشيطان الرجيم الذي يوسوس في قلوب الناس ويدفعهم للجريمة، والمنطق البشري ذاته لا يتقبل هذه الفكرة الغريبة. كيف يمكن لله مصدر الخير والرحمة أن يخلق البشر ويدعوهم لفعل الخير ثم يخلق لهم شيطانا يغويهم ويزج بهم في عالم الجريمة؟ ثم يعاقبهم إن سقطوا في حبائل هذا المخلوق الخرافي. يقولون بأنني أفعل ذلك لأمتحن البشر وكأنني غير قادر على معرفة البشر بدون إمتحانهم. الإنسان قادر بعقلة على معرفة مايضر وما يصلح للبشرية ولا داع في هذه الحالة لا لله ولا للشيطان كما أنه لا داع للثواب ولا للعقاب الإلهي، وإنما على البشر أن يتفقوا فيما بينهم عما هو مناسب للحياة في مجتمع ما، بطريقة تجعل هذه الحياة محتملة. فكيف أدعوا الناس لفعل الخير وعبادتي ثم أجازيهم عن هذا الفعل؟ لقد جعلوني مجرد تاجر أشتري تملق البشر وخضوعهم بشقة مفروشة في الجنة وأعاقب غيرهم بزنزانة في الجحيم.
- لنتكلم الآن عن هذه الجنة العجيبة التي تفننوا في وصفها، فهي ذات رائحة زكية يمكن شمها من على مسيرة خمسمائة عام وحيث أهلها يستمتعون أبد الدهر بأنهار من العسل والحليب ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون ولا يتفلون ولا تبلى ثيابهم الحريرية الخضراء ولا يفنى شبابهم كلهم أبناء ثلاث وثلاثين سنة لا يهرمون ولا يموتون ولكل منهم زوجتان يرى مخ سيقانهما من وراء اللحم من الحسن. وللجنة درجات عددها مائة درجة وبين كل درجتين كما بين السماء والأرض. يقولون أيضا بأن هذه الجنة العجيبة لها ثمانية أبواب تفتح يوم الإثنين ويوم الخميس وكذلك في شهر رمضان بالإضافة إلى أن "محمد" هو أول من يأخذ بحلقة باب الجنة ويقعقعها. وهناك وصف مشابه لجهنم، حيث عدد أبوابها بعدد الأعضاء السبعة، بعضها فوق بعض، الأعلى جهنم ثم سقر ثم لظى ثم الحطمة ثم السعير ثم الجحيم ثم الهاوية، فكيف يمكن تفسير هذه الخرافات وما هو مصدرها؟
- في الديانات الأولى لم تكن هناك جنة ولا نار، كان هناك العالم السماوي، موطن الآلهة الخالدة، والأرض موطن البشر الفانين، وكان هناك العالم السفلي الذي يذهب إليه الأموات بعد أن يقضوا مدتهم المحدودة على الأرض بدون تمييز بين الإنسان الخيّر والشرير. وبعد تقلص عدد الآلهة بدأت السماء فارغة وفيها المكان الكافي لإيواء بعض البشر، فجائت فكرة تقسيم الناس إلى فريقين: فريق أهل الجنة في السماوات العليا، وفريق أهل النار في الحضيض. كل مجتمع تخيل هذه الجنة كمكان مثالي للحياة السرمدية، فيها كل ما يحلم به ولا يمكن أن يناله في حياته الأرضية المزرية. الإنسان طوال تاريخه وهو يحلم بما ليس في إمكانياته وهذه الأحلام عادة مرتبطة بالمجتمع الذي تصدر عنه هذه الأحلام. والجنة كما هي مصورة في مخيلة العرب مرتبطة بالصحراء والبداوة وعدم الإستقرار. فتخيلوا مكانا مثاليا تجري فيه الأنهار الرقراقة من عسل وحليب ومياه صافية باردة وحقول ووديان خضراء.. إلخ، إن الوصف ذاته لا أهمية له وإنما المهم هو تقبل الفكرة القائلة بالثواب والعقاب، وهي فكرة بشرية محضة.

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودة للبداية
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الخامسة
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الرابعة
- العدمية كمحرك للإبداع
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الثالثة
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الثانية
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الأولى
- لون السماء
- حدود الأبدية
- لعنة الخلود
- فصل في الجحيم
- عن الغبار المعطر
- سيمون دو بوفوار ورواية الموت
- الفوضوية العدمية
- الحياة، كوميديا رديئة الإخراج
- روح الجدية
- شيزوفرينيا
- التحول
- اغنية الحجر
- تشققات


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - مقابلة صحفية مع الله - الحلقة السادسة