|
صور.. لمدى الشرخ الحاصل بين الغرب والشرق..
سيلفان سايدو
حقوقي وكاتب صحافي
(Silvan Saydo)
الحوار المتمدن-العدد: 1678 - 2006 / 9 / 19 - 06:38
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لم يكد العالم الاسلامي يتجاوز إهانة الرسوم الكارتونية المسيئة لشخصية الرسول الكريم (محمد)، التي نشرتها صحيفة دانماركية وتبعتها (صحف عربية وإسلامية وغربية) على التوالي، حتى خرج علينا البابا بنديكتوس الـ.16 باقتباسات صبت مزيداً من الزيت علي نار "الاسلاموفوبيا". فقد تركت اقتباساته بأن: "العقيدة المسيحية تقوم على المنطق، بينما الإرادة الإلهية في العقيدة الإسلامية لا تخضع لحكم العقل. ولذا انتشر الاسلام بالسيف لا بالاقتناع العقلي، والنبي محمد لم يأت إلا بما هو سيئ وغير انساني". حتى وإن غلفتها اللغة الفلسفية المرنة في نفس آن. لذا فمن نافلة القول إنّ العالم بات يعيش منذ أحداث الحادي عشر من ايلول طفرة نوعية من الانسجام ضد التطرف الديني، لابل أدت إلى مزيد من الشرخ بين الشرق والغرب من جرائها، والذي انعكست سلبا على الأوضاع المجتمعية بين أهل كبرى الديانات في العالم. وهو على حد قولهم ...إنّ الغرب هو غرب، والشرق هو شرق، فهما لا يلتقيان. -2- ففي الغرب برزت العديد من التحليلات والمقالات في صحافتها، تهاجم ردود الفعل الغاضبة ضد خطاب البابا بندكتوس الـ.16 الذي عرج في محاضرة له في ألمانيا الى مفهوم الجهاد، مستشهداً بموقف لإمبراطور مسيحي من القرن الرابع عشر "مانويل 2 باليولوغوس" قال إن النبي محمد لم يأت إلى العالم إلا بأمور "شريرة ولاإنسانية": وهي مقتطفات من حوار دار في القرن الرابع عشر بين امبراطور بيزنطي وفارسي مثقف. ويقول الامبراطور للمثقف أرني ما الجديد الذي جاء به محمد. فلن تجد إلا اشياء شريرة وغير انسانية، مثل أمره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيف. ففي صحيفة "الديلي تلغراف" البريطانية مثلاً إذ كتب "داميان تومسون" يقول إنّ: من سخرية الأمور أن يُتهم البابا بندكتوس الـ16 بمعاداة الإسلام في خطابه، لأنه لم يوجد في تاريخ الفاتيكان حبر أعظم، وقد درس الإسلام بعمق كما درسه هو. ولأنه درس القرآن آية بآية وتناقش مع فقهاء مسلمين فيها، لذا فهو يرفض نظرة المسيحيين المتشددين البسيطة للإسلام، على أنه دين شرير. لكنه يرى أن بعض مذاهبه لا يمكن الدفاع عنها من الجانب الاخلاقي. وفي نظر بندكتوس،_كما يقول الكاتب_ في قلب الاسلام غموض كبير بشأن العنف، مصدره أن رسول الاسلام كان يدافع عن نشر الدين بحد السيف. مضيفاً، أنّ محمد كان جنرالاً يقطع جنوده رؤوس مئات الأسرى. وفي صحيفة "التايمز" البريطانية أيضاً، التي نقلت عن البروفيسور "كلاوس كونغ" الذي كان أحد زملاء البابا في جامعة توبينغن: إنّ "البابا بنديكتوس" لم يقصد ايذاء المسلمين، لا بل هو مهتم جداً بالحوار مع كل الديانات، ومن حقه الاستشهاد بمن يشاء. في حين رأى كبير القساوسة في ايطاليا "جوزيف فيزيو" من جامعة نابولي إنّ: " البابا بندكتوس الـ16 يؤمن بأن الاسلام لا يقبل التغيير، وبالتالي، فهو لم ولن يتلاءم مع الديموقراطية. -3- أما في الشرق ومن الأمور التي لفتت النظر أن أولى الخطوات التي قام بها أحمدي نجاد بعد انتخابه رئيسا للجمهورية الإسلامية الايرانية، هي تخفيض ميزانية "حوار الحضارات" التي أنشأها الرئيس السابق محمد خاتمي، الأمر الذي يعد مؤشراً على عدم إيمان أو على الأقل اهتمام الطرف الإسلامي بحوار الحضارت أو عدم جدوى مثل هذا الحوار بنظره!!. وكذلك الحال عندما ألقى الرئيس الايراني السابق "محمد الخاتمي" كلمة في نيويورك حول موضوع حوار الحضارات والتي دامت ساعات عدة، فلم تحظ محتوى تلك المحاضرة سوى ثواني قليلة من اهتمامات وسائل الإعلام المرئية الأمريكية، التي رأت أنّ الأمريكيين بغنٍ عن وعاظ وحِكم الخاتمي. وأخيراً إنّ ما قاله الرئيس الأمريكي "جورج بوش" عن ما أسماه انتشار فوبيا الفاشية الإسلامية... لا يحتاج إلى تعليق. وكذلك دفاع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن البابا مؤكدة أن تصريحاته أسيء فهما... -4- ومن أبرز نتائج كارثة أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي أججت حالة الاستقطاب الديني، وبما نتج عنها من تجذر الهوية الدينية الأصولية – المسيحية_الإسلامية- في مرحلة بدأ فيها بعض التيارات الدينية المعتدلة فيها تراجع علاقتها مع نظيراتها في اتجاه تقاربي، -مع المقارنة مع نماذج أخرى- لكن فسرعان ما انكشف عقم الرهان عليها. وبطبيعة الحال لا يمكننا فصل هذه الحالة الدينية الجديدة عن تحول مهم، هو انبثاق ظاهرة الإرهاب الأصولي التي سحقت الهوة، بين بعض اتجاهات المعتدلة للديانات الكبرى، خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 . ومع انطلاق حرب على الإرهاب العالمي، سيما وأنّ الحقل الديني الذي أصبح من الوسائل الأساسية للتحايل على العمل السياسي. وخصوصاً من قبل التنظيمات الدعوية التي تطالب بأدوار سياسية، وبدينامية وبأبعاد ثقافية وإعلامية واسعة. وحيث اعتبار أقوال "البابا بنديكتوس" الأخيرة أنها تعكس موقفا يجسدها عملياً بتحويل الدين إلى أرضية للصراع الدنيوي والحسابات السياسية الآنية.
#سيلفان_سايدو (هاشتاغ)
Silvan_Saydo#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تمهيدات… لتبرئة صدام..
-
كل هذه المحاكمة العادلة.. وكل هذه الترجمة الفاشلة
-
الكاتب.. الذي جسد صوت شعبه..
-
مبادرة المصالحة الوطنية.. والحقائق الغائبة
-
الشرق الأوسط الجديد...
-
من كردستان إلى كردفان... والعالم العربي في حال كان..!
-
المعارضة السورية بين عملها... وبين حسابات مموليّها
-
العراق.. مسرح للمكايدات المذهبية
-
إسلاميو الكرد بين إرهاب السياسة.. وعض الأصابع
-
السياسة المقنعة.. بفلسفة الإسلام
-
سوريا تغدو في عزلة مطلقة..
المزيد.....
-
إطلاق نار على قوات إسرائيلية في سوريا وجبهة المقاومة الإسلام
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة HD على جميع الأقمار الصناع
...
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|