أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - الخطأ والاعتذار!














المزيد.....

الخطأ والاعتذار!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1678 - 2006 / 9 / 19 - 06:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الكلمة ما أن تخرج من الفم حتى تستحيل إعادتها؛ والكلمة المكتوبة، أي الكتابة، أعظم شأنا وأهمية من الكلمة المنطوقة، فالتفكير، في شكله "الرسمي"، أو في شكله الأكثر رقيِّا، إنما هو الكتابة. أما "الخطأ" المُرتكَب فليس من جنس واحد، فهو أولا يختلف في ثقله، أو وزنه، بحسب اختلاف ثقل، أو وزن، مرتكبه. و"الخطأ" يختلف في منسوب المنطق الذي يشتمل عليه، فأنتَ تخطئ عندما تقول 1 + 1 = 3؛ ولكن خطأكَ هذا يعدل قطر في بحر الخطأ في قولك 1 + 1 = قرد!

والمخطئ لا يعتذر عن خطأ ارتكبه في حقك إذا لم يقتنع بأنه أخطأ، أو إذا لم تَخْلِق له أنتَ مصلحة حقيقية في أن يعترف بأنه أخطأ، وفي أن يعتذر إليك من ثم عنه.
كل هذا الذي قلت لا بد من قوله قبل، ومن أجل، فهم حقيقة كل ما قاله، أو اقتبسه، البابا بينيديكتوس السادس عشر في محاضرته "الأكاديمية"، والوقوف منه، ومنها، أي من المحاضرة، موقفا سليما.

الاقتباس البابوي من كتاب للإمبراطور البيزنطي مانويل الثاني لم يورده البابا في محاضرته إلا في سبيل تعزيز وجهة نظره الشخصية والرسمية، وكأنه أراد أن يقول: جئتكم بهذا الاقتباس مصداقا لقولي ووجهة نظري في أن الإسلام عقيدة نُشِرت، وتُنشَر، بحد السيف، ولا تقيم وزنا للعقل في مساعي نشرها. لو كان للبابا رأيا آخر، أو مخالفا، لقال في محاضرته، أو بعدها، إنه يعارض، أو لا يؤيد، قول ذلك الإمبراطور: "أرني ما الجديد الذي جاء به محمد. لن تجد إلا أشياء شريرة، وغير إنسانية، مثل أمره بنشر الدين، الذي كان يبشر به، بحد السيف".

لقد أراد البابا أن يعرب عن رأيه الشخصي والرسمي في الإسلام فأعرب عنه عبر قول ذلك الإمبراطور الذي ثَبُت، من خلال محاضرة البابا، أنه لم يمت إلا جسدا، فروحه ما زالت حيَّة في تلك المحاضرة، التي لا يمكن وفهمها وتفسيرها إلا على أنها مصالح وأهداف دنيوية صرف لبست اللبوس الديني لعلها تبتني لها، ولذويها، قاعدة شعبية واسعة من المؤمنين الكاثوليك.

لسنا ضد حق البابا في أن يفهم الإسلام كما يشاء، وفي أن يقف منه الموقف الذي يشاء. لسنا ضد حقه في أن ينطق بما يعتقده حقيقة، أو في تشويه وتزوير الحقيقة؛ ولكننا ضد الهدف السياسي الكامن في محاضرته "الأكاديمية". ضد انضمامه إلى المساعي والجهود الإيديولوجية المبذولة من أجل نشر التعصُّب الديني هنا وهناك، وإشعال فتيل حروب دينية، لا هدف لمشعليها سوى تحويل العامَّة من المؤمنين الكاثوليك، ومن المؤمنين المسيحيين على وجه العموم، إلى وقود لحروب ذوي المصالح الإمبريالية والفئوية الضيقة، الذين لا يستطيعون الصيد إلا في المياه الدينية العكرة.

البابا عيَّن أولا مسلَّمته الفكرية الأولى وهي أن الإسلام والسيف صنوان أو توأمان. ثم شرع يقيم الدليل "المنطقي" على تضاد العلاقة بين الإسلام والله، وكأنه أراد أن يخاطب المشاعر الدينية لنحو مليار ونصف المليار مسلم قائلا: دينكم ليس من عند الله.

وشرح منطقه على النحو الآتي: الله لا يحب الدم، ولا يريد لمشيئته أن تعلو بحد السيف. يريد لها أن تعلو بـ "عقل الإنسان" فحسب، فالله، في طبيعته، محب للعقل والمنطق، ويريد لمشيئته أن تعلو وتسود عبر اقتناع عقل الإنسان بها.

ثم خلص إلى الاستنتاج، أو الحكم، الآتي: "العقيدة المسيحية تقوم على المنطق؛ أما العقيدة الإسلامية فتقوم على أساس أن إرادة الله لا تخضع لمحاكمة العقل أو المنطق"، أي أنها مخالفة لطبيعة الله، ولا يمكن، بالتالي، أن تكون من عنده.

وبعد كل ذلك، أعرب عن "حزنه الشديد" لردة الفعل التي أثارتها "فقرة صغيرة" وردت في محاضرته، و"اعتُبِرَت مهينة لمشاعر المؤمنين المسلمين"، مع أن تلك الفقرة الصغيرة المقتبَسة "لا تعبِّر، في أي شكل من الأشكال، عن "تفكيره الشخصي"، فهلا أوضح لنا كيف أن تلك الفقرة لا تعبِّر، في أي شكل من الأشكال، عن تفكيره الشخصي، والفرق، إذا ما وُجِد، بين تفكيره الشخصي وتفكيره الرسمي.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الفَرْد- و-السياسة-!
- -العصر الوسيط- يُبعث حيا!
- الفرصة التي يتيحها ضعف أولمرت!
- في -النسبية-
- بعضٌ من النقاط فوق وتحت حروف -الإرهاب-!
- بين الكوزمولوجيا والميثولوجيا
- الحل الذي يتحدى الفلسطينيين على الأخذ به!
- بعض من تجربتي في الفساد!
- -العَلَم العراقي-.. قصة ظلٍّ فقد جسمه!
- لِمَ تعادي الولايات المتحدة -إيران النووية-؟
- حلالٌ أن يتزوَّج الرجل ابنته.. حرام أن يتزوَّج مجتمعنا الديم ...
- صناعة تسمَّى -الاحتواء الإيديولوجي-!
- الحوار المستوفي لشروطه
- لهذا السبب ينبغي لإسرائيل استئناف الحرب!
- تناقض يطلب تفسيرا!
- -الأخلاق النووية- للولايات المتحدة!
- رياح الحرب ذاتها تتجه نحو إيران!
- غيض من فيض الدروس!
- -الدولة الأمْنِيَّة-.. قانون -الرعب المتبادَل-!
- لغز الموت!


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - الخطأ والاعتذار!