|
كيف لا تتغير التقاليد ومنْ صنعها يتغير ؟؟؟
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7284 - 2022 / 6 / 19 - 09:19
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
كيف لا تتغير التقاليد ومنْ صنعها يتغير ؟؟ -----------------------------------------------
ان العادات والتقاليد الموروثة ، ليست سجنًا للإنسان الذى صنعها، وهى ليست كلمة نهائية فى قاموس الحياة دائمة التغير، لا بد أن يظل الباب مفتوحًا دائمًا لخلق عادات وتقاليد جديدة ، أصلح على مخاطبة تجدد الحياة . إن أصحاب الجمود والتزمت يروجون دائمًا بأن العادات والتقاليد هى بمثابة القوانين الطبيعية التى لا تقبل التغيير. والحياة دائمًا تكذّب هذا المنطق، فهى تأتى على مدى عصورها بتقاليد جديدة . وأعتقد أن من أسباب تخلف مجتمعاتنا الرئيسية ، هي أنها أسيرة مجموعة من العادات والتقاليد " الشاقة " ، و " المؤبدة " ، يُطلق عليها اسم " الارث المقدس " . الخطوة الثانية ، الأكثر خطورة ، وهى القول بأن هذا الارث المقدس ، من العادات ، والتقاليد ، هو " هوية الوطن " ، و" خصوصية المجتمع ". يطالب بتغيير هذه العادات والتقاليد ، حتى تلائم تغيرات الحياة ، والبشر ، وتساعد على النهضة ، وعلى التقدم ، والمزيد من الحريات ، والعدالة ، يُتهم فورا ، بأنه يريد " مسح " هويتنا ، و " تدمير" خصوصيتنا . وأنه " عميل " ، للغرب الحاقد الكاره ، الاستعمارى الكافر ، المنحل ، وأنه " ترس " صغير فى مؤامرة عالمية كبرى ، وأجندة مشبوهة الغرض والتمويل ، للنيل من اسلامنا . كل هذه الاتهامات الأخلاقية المعلبة الجاهزة ، لا يوجد أى دليل حى ، أو ميت ، يثبت صحتها . غاية الأمر، أن هناك مواطنة ، أو مواطن ، " تجرأ " ، على ما لا يجوز " التجرؤ " عليه ، فى وضح النهار ، وعلى الملأ ، دون أدنى حياء . بل على العكس ، فالأدلة المادية الملموسة ، والمقروءة ، والمسموعة ، والمرئية ، هى التى تثبت وعلى الملأ ، أننا مازلنا نستهلك عادات ، وتقاليد ، الموتى ، على مر الأزمنة . وما نشهده من ردة ثقافية ، ونكسة حضارية ، وتأخر فكرى ، وتعصبات دينية ، وعداوات طوائفية ، وتضخمات ذكورية ضد النساء ، هى نتيجة مباشرة للجمود ، وعدم التفاعل مع تغيرات الحياة ، والتوقف عند أزمنة تخاصم التجديد ، وانتهت تاريخ صلاحيتها . وأنا لا أفهم مقولة : " نتغير دون المساس بالعادات والتقاليد ، والموروثات التى تربينا عليها ". هذه المقولة ، هى صلب ، وقلب ، الارهاب الفكرى ، والارهاب الدينى ، والارهاب الثقافى ، الذى يستخدم لتكفير الناس ، والتحريض المستمر على كراهيتهم ، وتشويه سمعتهم ، والتشويش على آرائهم الجديدة ، المجددة ، التى تهدد فى الصميم " لقمة عيش " البعض . نعم .. فان التخلف ، والأفكار السلفية الرجعية الصحراوية الرملية ، وما يلازمها من أزياء صحراوية ، ومفاهيم قاسية التزمت ، منفرة التطرف ، فجة الذكورية ، أصبحت " شغل " الكثيرين . وهى " بيزنس " رائج ، يدعمه مشايخ ، ودعاة ، ومفكرون ، ودول ، وتنظيمات ، وجمعيات ، ومراكز ، تلتقى كلها فى ترسيخ النظام العالمى الحالى ، وهو تحالف الرأسمالية المتوحشة ، مع الصهيونية ، مع الوهابية ، مع التسلح ، مع الذكورية . والآن ، يعتذر واحد من هؤلاء الدعاة الصحراويين ، عن أفكاره ، المتطرفة المتزمتة ، التى أفسدت عقول ونفوس وقلوب ، ملايين الشباب ، والنساء ، وأدت الى سفك الدم ، فى كل مكان ، يعتقد أن الأمر بهذه السهولة . ان خلخلة هذا التحالف ، ربما تبدأ من أى اتجاه . لكنها بالتأكيد لابد أن تمر من " فضح " الارث المقدس للعادات والتقاليد ، التى تتخفى تحت مبررات ثقافية ، أو دينية ، أو أخلاقية . أنا لا أفهم ، كيف نتغير ، دون المساس بالعادات والتقاليد ، كما يردد أغلب أعضاء ، وعضوات ، الدفاع عن التحالف الذى يخنقنا ، ويأكل مواردنا ، ويزدهر على حساب موتنا ، وتغطيتنا ، وحريتنا ؟؟. العادات والتقاليد ، هى التى " تشكل " الحياة ، بكل تفاصيلها ، وفى جميع مجالاتها . العادات ، والتقاليد ، هى التى تعكس أفكارنا ، ومعتقداتنا ، وقناعتنا ، ومشاعرنا ، وأخلاقنا ، وتحيزاتنا الوجدانية . وهى التى تنتج بالتالى ، الأحكام ، والادانات ، والعنصريات ، والتعصبات ، والتحالفات السامة التى تقتل الأفراد ، والشعوب . أنا أؤمن ، بأن ما يسمى بالتقدم ، أو الرقي الحضاري ، أو النهضة الفكرية ، والثقافية ، التى تحررنا من هذا التحالف ، أو الاخطبوط ، هو بالتحديد الخروج من سجن العادات والتقاليد ، التي ورثناها من الموتى ، و التى نمنحها بدون مبرر ، " القدسية " ، و " الثبات " . العادات والتقاليد الموروثة ، ليست مقدسة ، وليست ثابتة . والدليل على ذلك ، أن البشر على مر العصور ، قد قاموا فعلا ، بتغيير عاداتهم ، وتقاليدهم ، أكثر من مرة ، وفى كل المجتمعات . نحن نرفض أن يتحكم الأحياء في مصير الأحياء ، كيف إذن نقبل أن يتحكم الموتى في مصير الأحياء؟! لقد علمتنا الفلسفة ، أنه لا شئ " ثابت " ، الا " التغير " . وعلى عكس ما يُشيعه أنصار الجمود ، فان أكثر الناس حباً لأوطانهم ، هم الذين يصرون على التغيير ، والتجديد . إن البشر الذين صنعوا العادات والتقاليد ، هم أنفسهم ، يتغيرون .كيف إذن يتغير الأصل ولا تتغير الصورة؟ . كيف يتغير الصانع ، ولا يتغير المصنوع؟. كيف لمنْ يرقد تحت التراب ، أن يكسر أجنحة منْ يريد التحليق للسماء؟. ان خلق عادات وتقاليد جديدة ، مرتبط بثورة ثقافية فكرية ، تشهدها البلاد ، كمشروع قومى يوحد الناس . و مشروع يمكن أن تتبناه جميع أجهزة الدولة المدنية المستنيرة ، التى لم يكتمل تطهيرها وبنائها منذ الثورة السياسية فى 30 يونيو 2013 . أغلبنا يدرك أن الكثير من أجهزة ومؤسسات الدولة ، مازالت اخوانية وهابية سلفية ، وترسخ ذلك ، بغسل العقول عن طريق الاعلام الدينى ، و " بيزنس " الشيوخ والدعاة الاسلاميين ، جيوش الدولة الدينية الذكورية .
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ولم تمشى فى جنازتى ..... قصيدتان
-
ماذا يبقى ؟؟ ..... ثلاث قصائد
-
- الايكوفيمينزم - : الطبيعة أنثى مستباحة للتحرش والاغتصاب وا
...
-
- جريجورى بك - قمة الرقى الفنى والانسانى
-
السهر مع رجل غيرك
-
أحباب الله ليسوا أحبائى ...... قصيدتان
-
حُريتِك هى حُريتى
-
ما اسم هذه الحياة ؟ .... قصيدة
-
- فاتن - لم تخرج من الفن لتدخل الجنة
-
الغرف السِرية .......... قصيدتان
-
حصرية الجدل الأخلاقى مع النساء وقانون - ازدراء الحرية -
-
دمى يسبق دربى ..... قصيدة
-
عند مماتى قصيدة
-
المعوجة الضعيفة المحاصرة بالشرف والفضيلة
-
داخل كل بيت مغلق هناك - صّياد - و - فريسة -
-
أنا ...... قصيدة
-
الاحتفال الحقيقى المثمر بالعمل .. سبب الوجود وأصل الحياة
-
لن يأتى ..... قصيدة
-
الكحك والفسيخ ... قصيدة
-
شاعر يكتب قصائده بدمه وحزنه وعشقه للبحر
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|