|
نقطة. أول السطر
يسري غباشنة
الحوار المتمدن-العدد: 1678 - 2006 / 9 / 19 - 11:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تتضح معالم الصورة البشعة التي يمر بها الشرق الأوسط خاصة، والعالم بشكل عام بعد كلِّ هذه السنوات المريرة من الممارسات الأمريكية والغربية مما يُدعى بالحرب على الإرهاب، حيث يُلاحظ عدةُ أمور يجب أن يأخذها الساسة في الدول صاحبة القرار، والمجتمع الدولي ممثلا بأنظمته ومؤسساته المدنية، وغير المدنية. فبعد هذه الحروب العبثية، وما خلّفت وراءها من دمار، وتشريد، وزلزلة أركان الدول كما يحدث في فلسطين والعراق ولبنان ، لابدّ من الوصول إلى بعض الحقائق التي تم فرزها بعد كل ذلك. وأول هذه الحقائق أنه؛ لا،ولم، ولن تهدأ هذه المنطقة إلا بعد التوصل إلى حلٍّ عادل للقضية الفلسطينية، من خلال إقامة دولة فلسطينية واضحة المعالم والحدود المعترف بها دوليا، وحسب القرارات الدولية التي تدوس عليها إسرائيل منذ عقود من الزمن، وكذلك في حلِّ قضية اللاجئين المشتّتين في أصقاع المعمورةتحت ظروف معيشية لايُحسدون عليها، وأن تكون القدسُ عاصمةَ الدولة الفلسطينية المنتظرة. أما إذا بقي التعامل مع هذه القضية من خلال السياسات الترقيعية، أو افتعال معركة هنا وحرب هناك، والإغراق في سياسة العصا والجزرة، والتعثر وراء خطوات كيسنجر، والتيه في خرائط بلا ممرات ولا طرق، واحتراف التنقل من غزة إلى رفح وغيرهما بالتوغل والاغتيالات من جانب إسرائيل، وبالتواطؤ والمساندة والتبرير من جانب أمريكا، فإن كل هذا وأكثر منه لن يوصل إلى أي حلٍّ مطلقا، بل سيفرِّخ الإحباط واليأس والقهر وغير ذلك من مسببات التطرف الذي غذي في فلسطين وغير فلسطين. وأما الحقيقة الأخرى فتتمثل بوجود كماشة بفكين مفترسين تُضيِّق الخناقَ على كلِّ شيء يتّصف بالاعتدال وتوخِّي المنطق والعقلانية، أكان ذلك على مستوى الفرد أو الفكر، أو الكيانات السياية والدول المعتدلة في مسيرتها كالأردن ومصر والسعودية، فهذه الدول تصارع من أجل الاستقرار والرخاء لأفراد شعوبها في أجواء مشحونة بين فكي الاحتلال الاسرائيلي والأمريكي من جهة والتنظيمات التكفيرية وفكرها من جهة أخرى و الذي كان نتيجة بيولوجية وطبيعية للسِّياسات الأمريكية والغربية التي بذرت سوءا، فلن تحصد بعد ذلك غير ما تدّعيه وتدعوه بالارهاب، وهذا الرأي بمثابة تفسير لاتبرير. وكان الأولى بأمريكا دعم هذه الدول الثلاث اقتصاديا أولا من خلال إقامة المصانع مثلا للمساعدة في تخفيف وطأة الفقر والبطالة في الأردن ومصر، وقد تكون تكلفة هذا المصنع أو أي مشروع تنموي آخر أقل من تكلفة قنبلة عنقودية في قانا، أو صاروخ يبحث دون جدوى عن ابن لادن في تورا بورا،أو قذيفة ميركافا تشارك أطفال غزة في أَسِرّتِهم؛إن مثل هذه المشاريع هي التي تحسن وجه أمريكا، ويؤدي إلى الرخاء الاقتصادي والاجتماعي أما إذا بقيت على سياساتها المعهودة فلن، ولن، ولن تجد مقابل ذلك سوى التطرف والكره، والطرق المسدودة.ولكن إذا توقفت أمريكا في هذه النقطة، وبدأت سطرا جديدا من التعامل معنا على أساس الاعتراف بحقوقنا، وعدم استخدام سياسة الاملاءات والنظرة الفوقية، وتصدير الطروحات والرؤى الدينية لبوش وحكومته،والتخلي تماما عن الفكر الاستعماري غير المهضوم منذ ما قبل قبل سايكس بيكو، وضرورة أن يرافق ذلك كله التخاطب بلغة التنمية، والمشاريع الاقتصادية، والحوار الذي يحترم الآخرين، فهذا ومثله يكون الأنجع والأنجح لخلق شرق أوسط مبني علاقات حياتية واقتصادية بين الدول، وليس مبنيا على المحاور العدائية، وإقصاء الآخرين، أو الدوس على رقابهم، فلن يثمر هذا الزرع الخبيث غير كل مبررات التطرف وأسبابه، فأمريكا والغرب عموما ما زالوا يطحنون ماء ويعجنون هواء، ويتعاملون مع مظاهر التطرف لا أسبابه من ناحية، ومن ناحية أخرى لايريدون استيعاب التمييز بين حق الشعوب في الحياة الكريمة، واتخاذ مسارها كما تريد لا كما يريده الآخرون تحت مسميات لانرى من آثارها غير التدمير والقتل والتشريد .كما عليهم أن يفهموا أن مسار الاعتدال المتعثر لن يغري الآخرين باتباع هذا النهج، ولن يجدوا له بديلا أبدا إلا مزيدا من البؤر التنظيمية المتطرفة التي سُدّت في وجهها سبلُ نيل الحقوق، والرفاه، والاستقرار. ولا أعرف ماذا يتوقع الغرب من العرب والمسلمين في ظل الاحتلال الصهيوني لفلسطين، والاحتلال الغربي للعراق، والاعتداء على لبنان بين فينة وأخرى،والفقر والمجاعات في السودان والصومال، وشبح البطالة مطبق على معظم الدول العربية. كل هذا وغيره من صنع أيدينا أولا هذا صحيح، ولكن الأخطر والأهم هو ما يُمارس من قبل أمريكا والغرب الذين لايُفسحون لنا مجالا للتنفس، ولا لإدارة شؤوننا إلا في ظل الظروف السياسية الآنفة الذكر. آن الأوان لإعادة التفكير في كيفية معالجة الأزمات الإقليمية والعالمية بعد أن ثبت على أرض الواقع عقم الأساليب والوسائل المنظورة والمعاشة، والتي لم تضف إلى العالم سوى كلِّ مفردات السوداوية، والفوضى، والصراع بين الأديان، والحضارات، والقيم.
#يسري_غباشنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بقعة دكناء في المدرج الروماني
-
رفقا عزيزي ومعذرة
-
ثلاثية آلاء المصرية
-
هكذا هم الإخوان المسلمون في الأردن
-
سيدي أبا القاسم... عذرا
-
والله خير الماكرين
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|