لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)
الحوار المتمدن-العدد: 7282 - 2022 / 6 / 17 - 07:33
المحور:
الادب والفن
***
كيْلاَ لا أظلمه فَ للكيِّ أنثاه
تدعى كيّة..
أحكي لكم القصة :
قلب أبي به مشاعر صخرية
تحتمي بداخله إسفنجة مبتلة بدموعه
حزنا على جدتي " مريم البربرية "..
لو ليّن أبي من صخره القفصي
ماذا يتبقى له من أمومة عاشت
في صدره مروية .. إذا جفّ ملح
الاسفنجة.. ينجرح أكثر قلب أبي
هو لا يذكر شيئا عن والده
و بعض الشيء عن والدته
.. أألوم أبي ؛
على قسوته على نفسه .. أو ألومه على
قسوته عليّ ؛
أهيَ الكيّة التي أنجبت الكيّ
أم أنّ الكيّ الذي ولد الكيّة!؟
***
أبي آثر الإبقاء على "مريم" بداخل
مغارته الصدرية ..
أذكرُ كلما اقتربُ من أبي
و أنظر إلى سحنته العبوسة يتراءى:
وجهان يبكيان و وجهي ثالثهما
رابعنا الحزن ينقش في قلبينا تضاريس الملاحم الأوراسية و أوجاعنا الطفولية ..
مشاعر أبي صخرية:
فكلّ من نحبّهم رحلوا عنا دون استئذان..
الفقد رابطتنا الوطيدة
أنا افتقد أبي و أبي يفتقدني
أنا أضعتُه و هو أضاعني
لما وجدته و وجدني !
الراحلون عنا لا نبني لهم معابدا من قصب السُّكّر
أو نشيّد جدرانها من قطن
أو نثبّت لها أبوابٌ ورقية
محراب أبي لا يقربه إلا
المجرّدون .. المُعدَمون.
أبي هو أستاذي الأول قبل أن يستخلفه "الحزن" ؛
هو الذي علمني فن التجريد المُطلق.
أن تفهم أبي عليكَ أن تكون والدتك
" مريم البربرية "..أو عليكَ أن تكون أبِي
أنا و والدي متساويان ..
متشابهان ..
متناقضان ..
خمسون عاما مرت عليّ
كي أفهم من منفاي أخيرا
لماذا طرد أبي أُمّي من حياته.
و أنا مازلت طفلا صبيا ..
كان وجود أُمّي بحياتي يزعجه..
يضايقه ، يستفزه ..
يشعره باليتمْ أكثر ..
لهذا فضّل أن نكون :
متكافئين..
متشابهين..
متضادين..
متناغمين ..
مجردين ..
معدومين ..
بين أبي و بيني
تربطنا مشاعر احترام متبادل
بتفاصيل صخرية ؛
إذا تحطّم الصخر
تتهاوى فينا عروش ذكرى الراحلين عنّا للأبد
و نحن نحب تحصين الذكرى
حتى و لو كانت موجعة ..
أبي يخشى بكاؤه ؛
و يخشى أن تتفجّر
من مشاعره الصخرية أزيد من ثمانين عينا
تغرقُ بحزنه ما تبقى من الإنسانية .
10 جوان2022 باريس الكُبرى جنوبا
#لخضر_خلفاوي (هاشتاغ)
Lakhdar_Khelfaoui#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟