|
قراءة .. في سورة الأنفال / آية 17
يوسف تيلجي
الحوار المتمدن-العدد: 7281 - 2022 / 6 / 16 - 19:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ ۚ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ / سورة الأنفال 17 ) . الموضوع : لا بد لنا بداية أن نفسر الآية أعلاه - من المراجع الأسلامية الرصينة ، وبشكل مقتضب ، فقد جاء في شرحها - وفق تفسير بن كثير ، التالي (( يبين الله تعالى أنه خالق أفعال العباد ، وأنه المحمود على جميع ما صدر عنهم من خير ؛ لأنه هو الذي وفقهم لذلك وأعانهم ؛ ولهذا قال " فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم " أي : ليس بحولكم وقوتكم قتلتم أعداءكم مع كثرة عددهم وقلة عددكم ، أي : بل هو الذي أظفركم بهم ونصركم عليهم ، كما قال تعالى ( ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون / سورة آل عمران : 123 .) . وقال تعالى ( لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين / سورة التوبة : 25 ) يعلم - تبارك وتعالى - أن النصر ليس عن كثرة العدد ، ولا بلبس اللأمة والعدد ، وإنما النصر من عند الله تعالى كما قال : ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين / سورة البقرة 249 ) . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : في قوله تعالى ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) قال : هذا يوم بدر ، أخذ رسول الله : ثلاث حصيات فرمى بحصاة في ميمنة القوم ، وحصاة في ميسرة القوم ، وحصاة بين أظهرهم ، وقال : شاهت الوجوه ، فانهزموا . قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله ، ممن شهد بدرًا مع رسول الله ، فقاتل أعداء دينه معه من كفار قريش : فلم تقتلوا المشركين ، أيها المؤمنون ، أنتم ، ولكن الله قتلهم . / نقل بأختصار من الموقع التالي http://quran.ksu.edu.sa . )) . القراءة : أولا - تشير البنية النصية للآية ، أن فعل القتال ضد كفار قريش / يوم بدر ، وقتلهم تم بقوة ألهية تامة ، حيث توضح الآية و بجلاء تام " فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ " - والمحدثين أكدا ذلك كأبن أسلم وأبو جعفر ، والظفر تم أيضا بذات القوة الألهية ، وكانت كل رمية ، أنما تتم بقوة الله ! . وهنا يتجلى الله بصورة أخرى ، وبدور أخر ، وهو قاتل كفار قريش ، حيث يحارب الله مع المسلمين ضد الكفار . ثانيا - ووفق الآية وشرحها ، أري أن الله قد أكتسب صفة أخرى ، وهي صفة " المحارب " ، ومن المنطق / أسلاميا ، أن نصحح أسماء الله الحسنى من 99 أسما الى 100 أسم ، وذلك بأضافة " المحارب " لها ! .. " أسماء الله الحُسنى لا يعلمها إلا الله - تعالى - وفي السُّنة الصحيحة عن أبي هريرة : ( لله تسعة وتسعون اسمًا ، مَن حَفِظها ، دخَلَ الجنة ، وإنَّ الله وِتْرٌ يحبُّ الوِتْرَ ) / نقل من موقع الألوكة " . ثالثا - ولكن كيف لله أن يحارب ويقتل ويرمي ، وهو " السلام " ، وكيف للذات الألهية أن تغيير من فعلها السلموي في الحياة الى فعل دموي ! ، وقد جاء في موقع / الكلم الطيب ، تأكيدا بأن الله هو " السلام " ( ورد هذا الاسم في القرآن الكريم في موضع واحد ، يقول الله عز وجل : هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ . / سورة الحشر 23 ) . وفي صحيح البخاري ، يبين أن النبي يقول : " فإن الله هو السلام " )) . أذن هناك تضارب وتضادد بين أسماء الله الحسنى ومعانيها ، فليس من المنطق أن يكون الله سلاما ويحارب ! .
رابعا - ومن الأحاديث ، نلاحظ أن رسول الأسلام يسرد عنه رواية رمي الحصيات ، التي رماها " ميمنة وميسرة وبين أظهرهم .. فأنهزموا الكفار " . وهنا يقدم محمد نموذجا خارقا في هذا الحديث ، أسوة بربه الذي حارب مع المسلمين ضد الكفار ، ولكن النص القرآني يسارع فيعزز هذا الحديث بآية ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى .. / 17 سورة الأنفال ) ، موضحا أن الذي رمى ليس محمدا بل الله .. فالله يحارب عوضا عن المسلمين من جهة ، وعوضا عن محمد في " رمي الحصيات " من جهة اخرى ! .
خامسا - وفي هذا الصدد نلاحظ أن الله في المسيحية له شأن أخر ، حيث يعبر عنه في أنجيل يوحنا ب" الله محبة " . فكيف لله أن يكون في قرآن محمد محاربا ، وكيف له أن يكون في الأنجيل " محبة " فهل رب محمد ربا أخر ! هذا مجرد تساؤل .
أضاءة : بماذا ممكن أن يفسر أمراء الأرهاب هذه الآية للمخدوعين من المنظمين للمنظمات الارهابية الأسلامية - القاعدة وداعش .. وغيرها ، من المؤكد سيعبأون أدمغتهم بأن الله يحارب معهم في ذبحهم وسحلهم للكفار ! ، مثلما حارب الله من قبل مع محمد في غزواته قبل 14 قرنا ّ ضد كفار قريش . السؤال الأهم : في كيفية ألغاء هكذا نصوص ، أو على الأقل ، العمل على تحجيمها ، وأرى أن هذا لا يتم ألا بثورة على هذا الموروث الهزيل ، الذي ساهم في تجهيل عقلية المسلم لعدة قرون .
#يوسف_تيلجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دور رجال الدين والمذهب في خراب و دمار العراق
-
أضاءة .. حول توظيف الرواية الجنسية في التراث الأسلامي
-
الفتوحات الأسلامية بين مفهومي الغزو و نشر الأسلام
-
الأسلام المبكر حقبة بلا تاريخ
-
شيرين أبو عاقلة بين الترحم وبين التكفير
-
لمحات عن توظيف العهد القديم في القرآن
-
الأمام علي دور مشهود وحق مفقود
-
أزمة المصاحف في العقيدة الأسلامية
-
الموروث الأسلامي بين الواقع و الوهم / واقعة الطف كأنموذج
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|