حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 7278 - 2022 / 6 / 13 - 10:55
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
مفهومان يبدوان، في الظاهر، هما الشيء نفسه، لكنهما ليسا كذلك.. الأول هو مؤسسات المجتمع المدني، والثاني هو ما بات يعرف بالمنظمات غير الحكومية (N.G.O).
مصطلح أو مفهوم المجتمع المدني قديم، وهو يطلق على تلك المؤسسات الأهلية في المجتمعات المختلفة، التي تمثل قطاعات أو شرائح اجتماعية معينة، كالنساء والشباب والطلبة، أو جماعات مهنية كالأطباء والصيادلة والمهندسين والمحامين، أو النقابات العمالية وغيرها.
مصطلح المنظمات الحكومية جديد. ربما يعود لعقد أو عقدين فيما يبدو لنا، وبات يطلق على ظاهرة آخذة في الانتشار، حيث يتناسل هذا النوع من المنظمات في بلدان مختلفة، لكنها مصطنعة اصطناعاً، فلا جذور حقيقية لها في مجتمعاتها، ولا امتدادات شعبية، لكنها سرعان ما تكوّن شبكة علاقات خارجية مع منظمات مشابهة لها في البلدان الأخرى وتملك عضويات في اتحادات ذات صفة «عالمية»، تقدّم لها تقارير عن الأوضاع في بلدانها.
مؤسسات المجتمع المدني الحقيقية نابعة من الظروف الملموسة في بلدانها، ومرتبطة بالمصالح الحقيقية لشعوبها، وهي رافد مهم من روافد الحراك الاجتماعي -السياسي- الثقافي في مجتمعاتها، وبالتالي فإن لها جذوراً راسخة في هذه المجتمعات، وتتوارث على قيادتها والنشاط فيها أجيال متتالية، فيما تتسم «المنظمات غير الحكومية» بأنها سريعة الاختفاء كما هي سريعة الظهور، لتحلّ محلها منظمات أخرى بديلة. إنها أشبه بالفقاعات سريعة التكوّن وسريعة التلاشي.
لذلك أسباب عدة، فسرعة الظهور تتصل بتوفر الدعم المالي الخارجي المقدم لها من حكومات ومن هيئات دولية، وسرعة التلاشي متصلة بتوقف هذا الدعم لأي سبب من الأسباب ،حين تتغير الأجندات أو يعاد ترتيب الأولويات وفق حسابات المانحين، والأدلة على ذلك كثيرة في بلداننا العربية، وفي بلدان أخرى غير عربية أيضاً.
في كلمات أخرى تقوم مؤسسات المجتمع المدني على العمل التطوعي وتفاني أعضائها وإخلاصهم، فيما تقوم «المنظمات غير الحكومية» على الدعم الخارجي الذي يؤمن رواتب ثابتة للقائمين عليها، وهذا الدعم مرتبط بالعمل على أجندات تضعها الجهات المانحة لخدمة مصالح غير خافية على الأعين، تجعل من صفة «غير الحكومية» المسبغة عليها محلّ نقاش.
#حسن_مدن (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟