أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالله المدني - آسيا .. ما بين عقلانية وسطها و راديكالية أطرافها















المزيد.....

آسيا .. ما بين عقلانية وسطها و راديكالية أطرافها


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 1677 - 2006 / 9 / 18 - 09:49
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


في ذكرى مرور 15 عاما على إغلاق ميدان " سيميبالاتينسك" في كازاخستان و الذي استخدمه الاتحاد السوفياتي لإجراء نحو 500 تفجير نووي على مدى خمسة عقود، أقدمت كل من كازاخستان و أوزبكستان و طاجيكستان و تركمانستان و قيرقيزيا في الثامن من سبتمبر الجاري على خطوة تاريخية هامة بتوقيعها على معاهدة إعلان آسيا الوسطى منطقة خالية من الأسلحة النووية. و بهذا تكون الدول الخمس قد التزمت طواعية بمنع إنتاج أو استخدام أو اقتناء أو نشر السلاح النووي ومكوناته و تكنولوجياته و توابعه، بما في ذلك الامتناع عن القيام بالتفجيرات النووية. و بهذا أيضا تنضم آسيا الوسطى إلى أكثر من مائة دولة في أربع مناطق أخرى في العالم (أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، أفريقيا، جنوب شرق آسيا، و منطقة جنوب الباسيفيكي) سبق لها أن أعلنت كمناطق خالية من الأسلحة النووية منذ ظهور الفكرة في عام 1965 .

و هذا بطبيعة الحال سوف يساعد جمهوريات آسيا الوسطى، التي تضررت بيئيا على مدى نصف قرن من جراء التفجيرات النووية يوم كانت تابعة للاتحاد السوفياتي، على التفرغ للتنمية و السلام والاستقرار بدلا من توجيه مواردها و إمكانياتها إلى سباق التسلح و عرض العضلات و عمليات ابتزاز الآخر أو مشاغبته بالإمكانيات النووية. و بعبارة أخرى فان هذه الدول تقدم اليوم نموذجا في الحكمة و التعقل والمسئولية و الرغبة في التعايش السلمي مع دول الجوار، و هو ما يتناقض مع النموذج الآخر الذي تجسده دولتان على الطرفين الجنوبي و الشمالي من القارة الآسيوية هما إيران وكوريا الشمالية. هذا على الرغم من أن جمهوريات آسيا الوسطى محاطة بأربع قوى نووية هي روسيا والصين و باكستان و الهند، ناهيك عن امتلاكها لقاعدة من المعارف و الخبرات النووية الموروثة من زمن الاتحاد السوفياتي السابق و التي يمكن البناء عليها لدخول النادي النووي بسهولة، خاصة و أن كازاخستان مثلا هي ثالث اكبر منتج لليورانيوم في العالم و ثاني اكبر دولة لجهة الاحتياطيات من هذه المادة المستخدمة في الطاقة النووية.

و قبل الدخول في تفاصيل المراحل التي قطعتها هذه المعاهدة، منذ أن لاحت كفكرة طرحها الرئيس الاوزبكي إسلام كريموف في عام 1993 أمام الدورة 48 للجمعية العامة للأمم المتحدة، لا بد من الإشارة ابتداء إلى أن سنوات طويلة ضاعت في إعداد مسودة المعاهدة، و أخرى ضاعت في تعديل وتنقيح بنودها. و لم يكن السبب في هذا التأخير عائدا إلى اختلاف الدول المعنية الخمس فيما بينها بقدر ما كان عائدا إلى غموض مواقف الدول النووية الكبرى من المعاهدة المقترحة، و لاسيما في ظل التجاذبات الإقليمية و الدولية في سنوات ما بعد سقوط الاتحاد السوفياتي و أنماط العلاقات الجديدة ما بين الأخير و جمهورياته السابقة في آسيا.

فالروس الذين لم ينظروا إلى المبادرة بجدية وقت طرحها، سرعان ما استشعروا أهميتها، ولاسيما في أعقاب التدخل العسكري لقوات الناتو في كوسوفو،الذي جعلهم يعيدون الاعتبار لدور السلاح النووي في حماية أمنهم الوطني. فحاولوا التدخل كيلا تأتي بنود المشروع المقترح بقيود تحد من مرونة نقل هذا السلاح عبر أراضي جمهوريات آسيا الوسطى في أوقات الأزمات، الأمر الذي تسبب في تباين وجهات نظر الأخيرة.

وبمجيء عام 2002 كانت هذه التباينات قد ذابت تدريجيا كنتيجة لبروز مستجدات كثيرة على الساحتين الإقليمية و الدولية من تلك التي لعبت فيها أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 دورا. حيث أدت تلك الأحداث و ما أعقبها من الحرب الدولية على الإرهاب إلى تزايد الدور الأمريكي في آسيا الوسطى، سواء عبر نشر القوات أو الحصول على قواعد عسكرية في أوزبكستان و قرقيزيا، وبما جعل دول المنطقة اقل اعتمادا على الروس أو خضوعا لهم. كما و أن تزايد أنشطة الحركات الإرهابية الأصولية في المنطقة و انضمام الروس أنفسهم إلى الحرب ضد الإرهاب الذي نالهم نصيب منه في الشيشان و غيرها، ساهم في الاتفاق على ضرورة الخروج بمعاهدة تتضمن قيودا وآليات محكمة لمنع الانتشار النووي في آسيا الوسطى و الحد من احتمالات وقوع السلاح النووي في أيدي الجماعات الإرهابية.

على أن تفاصيل المعاهدة المقترحة ظلت محورا لمحادثات شاقة بين الدول الخمس المعنية في الفترة ما بين عامي 2002 و 2005 ، و ذلك بأمل الخروج بصيغة ترضى عنها جميع الدول النووية الكبرى كيلا يتكرر ما حدث من قبل حينما رفضت الدول النووية الغربية التصديق على البروتوكول الخاص بإعلان جنوب شرق آسيا منطقة خالية من الأسلحة النووية بحجة أن بعض بنود المعاهدة متناقضة مع مبدأ حرية استخدام أعالي البحار. و الجدير بالذكر أن موافقة الدول النووية الرئيسية على مثل هذه البروتوكولات ضروري لأنه من خلالها تلتزم هذه القوى بعدم مهاجمة الدول أصحاب المشروع أو تهديدها نوويا.

و كنتيجة لمحاولة إرضاء كل الأطراف النووية الكبرى حفلت المعاهدة في صيغتها النهائية ببعض الغموض الذي دفع كلا من واشنطون و لندن و باريس إلى إبداء تحفظاتها، و بالتالي عدم حضور مراسم التوقيع، في الوقت الذي دعم فيه الروس و الصينيون المعاهدة ووقعوا على بروتوكولها، إضافة إلى الأمم المتحدة و الوكالة الدولية للطاقة النووية.

و مما تحفظت عليه العواصم الغربية الثلاث بقوة بحجة وجود تناقض فيه، المادة 12 التي تتحدث عن الاتفاقيات الدولية السابقة للمعاهدة. و هي مادة تتضمن فقرتين: الأولى تقول بأن المعاهدة لن تتعارض مع حقوق وواجبات و تعهدات الأطراف الموقعة المقررة في معاهدات دولية سابقة، لكن دون تسمية تلك المعاهدات، و هو ما فسر بأنه إشارة ضمنية إلى معاهدة طشقند للأمن الجماعي الذي يلعب فيه الروس دورا هاما و بالتالي يستطيعون من خلاله استخدام أراضي جمهوريات آسيا الوسطى لنشر سلاحهم النووي. أما الفقرة الثانية فتتحدث عن التزام الدول الموقعة بعدم القيام بأي عمل من شأنه الإخلال بأهداف المعاهدة بما في ذلك إعادة نشر الأسلحة النووية في المنطقة.

و إذا كانت الدول الخمس الموقعة قد استجابت في العام الماضي لتحفظات واشنطون حيال مادة وردت في مسودة المعاهدة تقول بإمكانية توسعة منطقة آسيا الوسطى الخالية من الأسلحة النووية لتشمل دولا أخرى، و استبدلتها بمادة جديدة ترسم حدود المنطقة بدقة، فان ما ظل على حاله دون تغيير هو مادة أخرى رأى فيها الأمريكيون و حلفائهم تناقضا أيضا و طالبوا بتعديلها كي تبدو أكثر وضوحا. و لم تكن هذه سوى مادة تقول من جهة بحق كل طرف من أطراف المعاهدة قبول أو رفض مرور الأسلحة النووية عبر أراضيها، و من جهة أخرى تقول بمنع الدول الموقعة من المساعدة أو التشجيع على امتلاك مثل هذه الأسلحة.

و الحقيقة أن المعاهدة المذكورة، كغيرها من المعاهدات الدولية، بها بعض النواقص، إلا أن هذا ليس سببا وجيها للتقليل من قيمتها أو انتقادها، بل يجب دعمها و التفاهم حول وضع مذكرات تفسيرية لبعض موادها الغامضة، و من ثم استخدامها لحث مجموعات إقليمية أخرى على الإقتداء بأصحابها، لا سيما في هذا المنعطف الذي تتزايد فيه شهية بعض الأنظمة الراديكالية المتوترة على دخول النادي النووي بأي ثمن، و إن كان الثمن استنزاف ثروات البلاد و فرض العزلة عليها وإدخالها في مواجهات غير محمودة العواقب.

د. عبدالله المدني
*باحث و محاضر أكاديمي في الشئون الآسيوية
تاريخ المادة: 17 سبتمبر 2006
البريد الالكتروني: [email protected]



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في وداع - كويزومي-.. و استقبال - شينزو أبي-
- نحو دولة طالبانية في -أتشيه- الاندونيسية!
- هذا الهندي الموهوب هو الأجدر بقيادة الأمم المتحدة
- صواريخ حزب الله الإيرانية: فتش عن الدور الصيني
- -جزار كمبوديا الأعرج- يرحل دون قصاص
- طالبان قد تستفيد مما يجري في الشرق الأوسط
- نهاية الإرث السياسي لآل باندرنيكا
- باعاشير طليقا!
- لماذا ننادي بعلمانية الدولة
- هل -مرعي بن عمودي الكثيري- هو السبب؟
- درس انتخابي من -كيرالا
- بعض العرب إذ يحللون نووية إيران
- سنغافورة كنموذج للمجتمع غير المسيس
- كل الطرق تؤدي إلى آسيا
- صناعة المعلوماتية ما بين الهند و الصين
- الشباب الكوري يقود ثورة تكنولوجيا المعرفة
- وزيرستان
- عبدالرحمن في قبضة العدالة
- رجل آسيا المريض يزداد عجزا
- المساواة الجندرية كحل لمعضلة اليابان الديموغرافية


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالله المدني - آسيا .. ما بين عقلانية وسطها و راديكالية أطرافها