أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الرحلةُ المقدّسةُ في أرضِ مصرَ














المزيد.....

الرحلةُ المقدّسةُ في أرضِ مصرَ


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7273 - 2022 / 6 / 8 - 11:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد غدٍ، ١ يونيو، تتجددُ ذكرى حدثٍ تاريخيٍّ مشهود من تاريخ مصرَ الثريّ. هو اليوم الذي دخلت فيه مصرَ السيدةُ العذراءُ، مريمُ المُطهّرة، حاملةً على ذراعيها طفلَها السيد المسيح عليهما السلام، هربًا من هيرودس الروماني، ملك فلسطين آنذاك، الذي تعهد بقتل كل طفل يولد، خوفًا من أن يصير الطفلُ ملكًا ينازعُه الحكم، كما أخبرته النبوءاتُ. ولم يدرِ هيرودس أن الملك الذي تقصده النبوءة، ملكٌ روحيٌّ رسولُ سلام، زاهدٌ في نِعم الدنيا، لا يعبأ بالذهب والياقوت والقصور، لأن مملكته ليست من هذا العالم. احتضنت مصرُ الطيبةُ بين ذراعيها هذا الطفل المبارك لتحميه من القتل في فلسطين، ولم تتركه يمضي مع والدته إلا بعد موت السفاح هيرودس، فعاد ووالدتُه ورفيقُ الرحلة "القديس يوسف النجار" إلى فلسطين من جديد، بعدما مكثوا في مصر أعوامًا ثلاثة، باركوا كل شبر فيها.
رحلة العائلة المقدسة لأرض مصر، هو امتيازٌ روحي وتاريخي لبلدنا العظيم دونًا عن سائر بلاد العالم. فأيُّ أرضٍ سوى أرض مصر الطيبة استقبلت ذاك الوليد الجليل، وأمَّه أطهر نساء العالمي؟! طوته مصرُ بين جناحيها، وحماه اللهُ ليكبُرَ ويغدو رسولَ السلام للإنسانية كافة، "يجول يصنع خيرًا"، بعدما طوّبه اللُه في القرآن الكريم بالسلام عليه: "يومَ وُلِد ويومَ يموتُ ويم يُبعثُ حيّا". أرضُنا الطيبةُ كانت لتلك العائلة: “ربوةً ذات قرار ومعين". جالت في أرضنا المصرية سيدةُ الفضيلة البتول؛ فتفجّرت تحت قدميها عيونُ الماء، وشقشقت في كل بقعةٍ وطئتها زهورُ البيلسان، فامتلأت أرضُنا بخصب لا يبور، وإن بارت بقاع الأرض، وبركةٍ لا تنفد، ونور ساطع لا يذوي.
فقط أرضُ مصرَ، من بين أراضي الكون الشاسعات، اختارتها العائلةُ المقدسة ملجأً وسكنًا، فأحسنتْ أرضُنا الدافئةُ استقبال ذلك الوفدَ الكريم، وضمّت بين شغاف قلبها طفلاً قدسيًّا، لتحميه من قاتل الأطفال.
طافت العائلةُ المطوّبة من شرق مصر إلى غربها إلى جنوبها ثم عادت من حيث أتت. دخلوا مصرَ من باب "رفح"، ثم "العريش". ومن سيناء" الشريفة، دخلوا "تل بسطا" بالزقازيق. وظمأ الطفلُ ولم ينجدهم أحدٌ بشربة ماء، وبكت الأمُّ الصغيرةُ، فتفجّرت بئرُ ماء تحت قدمي الشجرة، وارتووا. واستأنفوا الرحلةَ إلى "مُسطرد" ثم "بلبيس" ثم شمالا نحو "سمنّود"، ثم غربًا نحو "البُرّلس"، ثم "سخا"، ثم "وادي النطرون". بعدها دخلوا منطقة "المطرية" و"عين شمس". بعد ذلك ارتحلوا إلى "الفسطاط"/بابليون، بمصر القديمة فاختبئوا في مغارة، محلُّها الآن كنيسة "أبو سرجة" الأثرية. بعدها دخلوا "المعادي"، ثم سافروا جنوبًا نحو صعيد مصر ومكثوا برهةً في قرية "البهنسا". ومن بعدها ارتحلت العائلةُ المقدسة جنوبًا نحو “سمالوط” ومنها عبرت النيل شرقًا حيث "جبل الطير" ودير السيدة العذراء. ثم عبروا من جديد من شرق النيل إلى غربِه إلى حيث بلدة "الأشمونيين" التي شهدت بركاتٍ عديدةً للسيد المسيح. ثم ساروا جنوبًا نحو"ديروط" ثم "القوصية" ثم غربًا حيث قرية "مير". إلى أن دخلت العائلةُ الطيبةُ منطقةَ "دير المحرّق"، في قلب مصر، وهي أهم محطّات الرحلة المقدسة، حيث استقرّت بها الأسرةُ قرابة النصف عام؛ وشُيّدت فيما بعد أقدمُ كنيسة في التاريخ في المكان الذي شهد طفولةَ المسيح عليه السلام. بعدها كانت محطتّهم الأخيرة بمغارة صغيرة جميلة في "جبل درنكة" بأسيوط، لتبدأ بعدها رحلة العودة إلى أرض فلسطين.
طوال تلك الرحلة الشاقة، كانت أرضُنا تذوبُ رحمةً تحت قدمي الفتاة التي اصطفاها الُله لتحملَ في خِصرها الرسولَ المُطّوب؛ فكان وأمُّه آيةً. تفجرت عيونُ الماء في الصحراء القواحل، ونبتت زهورٌ بين طيّات الصخور، وتساقط فوق كتفي البتول، من جافّ النخيل، رطبٌ شهيٌّ يسُرُّ الناظرين. لهذا بارك الكتابُ المقدس أرضَنا الكريمة التي استقبلت المُصطفاةَ، وبارك ابنُها شعبَنا الطيبَ قائلا: “مباركٌ شعبي مصر".
وأوقنُ أن ذلك العهد القدسيَّ الذي سطرته مصرُ في قلبها للمسيح وأمه، ودوّنه التاريخُ في كتابه، هو سبب تلك العروة الوثقى والرباط الأزليّ الذي يربط الأقباطَ بأرضهم مصر، التي سمّاها أجدادنا الفراعنة: "ها كا بتاح"، أي "منزل روح بتاح"، وتحوّرت إلى: “ كَبَت”، (قَبَط)، ثم "إيخبت" ثم "إيجبت"؟!
أُكررُ مناشدتي للدولة المصرية العظيمة بأن تجعل (أول يونيو) عيدًا قوميًّا رسميًّا وشعبيًّا، يحتفل فيه المصريون كافة، بذلك الحدث الاستثنائي الفريد. وأناشد الوزير المثقف "د. خالد العناني"، وزير السياحة والآثار بأن تنظم وزارة السياحة رحلات سياحية بثمن رمزي للمصريين يقطعون فيها محطّات الرحلة ليعرفوا تاريخنا الفاخر. فيكون لها مردٌّ هائل على إنعاش السياحة، والأهم، انتعاش المعرفة التاريخية عن مصر العريقة في عقول النشء الجديد. كل عام ومصر مباركة.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هنا السُّليْمانية … الكُردية ... البهيّة1
- صلاح منتصر … هل قلتُ لكَ: أحبُّك؟!
- -ملك سيام- … عهدٌ من -صبحي- ... واجبُ النفاذ!
- أبناء الشيخ زايد … في عيون مصر
- ذكرى شهدائنا الأقباط في ليبيا
- مَن قتل شهداءَنا في شرق القناة؟
- صوتي في مسلسل -الاختيار-
- مسيحيون ...يغنّون لعيد الفطر
- هدايا/رسائلُ الرئيس السيسي في إفطار الأسرة المصرية
- أسبوع الآلام... وأسبوعُ الأعياد
- هؤلاءِ كلُّ مَن أحببتُ!
- السحورُ على شرف النسيج المصري
- نجدلُ من السَّعفِ تاجًا للوطن
- تشويهُ حائطٍ … بكلماتٍ عظيمة!
- الإفطارُ الرمضاني على المائدة الإنجيلية
- الأُسطى إسلام … عظمةُ امرأة مصرية
- رمضان كريم … والهدرُ غيرُ كريم
- رمضان كريم … في بلادي الجميلة
- الرئيس السيسي: المرأةُ المصرية … مفتاحُ حياة
- في حضرة الطيبات والطيبين ... المنسيين!


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الرحلةُ المقدّسةُ في أرضِ مصرَ