أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - جلبير الأشقر - في استقبال اللاجئين وبيتنا الزجاجي














المزيد.....

في استقبال اللاجئين وبيتنا الزجاجي


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7273 - 2022 / 6 / 8 - 10:18
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


لكونها أول حرب على مثل هذا النطاق العظيم في وسط القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، تشكّل حرب الغزو الروسي لأوكرانيا تجربة ذات دلالات هامة في ما يتعلّق بقضية نزوح المدنيين الجماعي وتحولّهم إلى لاجئين. وقد اعتدنا على أن نتصوّر أن قضايا النزوح بأعداد غفيرة لا تخصّ سوى بلدان الجنوب العالمي بينما تقتصر طلبات اللجوء في مناطق الشمال على أنفار من الهاربين من القمع السياسي ومعظمهم قادم من روسيا، أكثر بلدان الشمال تضييقاً على الحريات. طبعاً، شهدت أوروبا حرباً في جنوب شرقها عند التهاب منطقة البلقان في العقد الأخير من القرن المنصرم، لكنها اضمحلت من الذاكرة بالرغم من أنها ولّدت أزمة نزوح نتج عنها عدد من اللاجئين يفوق ما نجم عن احتلال العراق في بداية القرن الجديد.
وقد انطبعت الأذهان في السنوات الأخيرة في الدائرة الكبرى التي تشمل أوروبا والشرق الأوسط بأزمة النزوح السوري التي بدأت تتفاقم منذ عشر سنوات، وقد بلغ عدد اللاجئين السوريين ما يناهز سبعة ملايين (6.8)، بينما انطبعت الأذهان في أمريكا الجنوبية بأزمة النزوح من فنزويلا التي بلغت رقماً قريباً من الرقم السوري (ستة ملايين) وذلك بلا حرب، بل بمجرّد ضغط الظروف المعيشية. إنها أرقام متواضعة مقارنة بعدد النازحين في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية الذي بلغ ما بين أربعين وستين مليوناً من البشر، بيد أن تلك كانت أعظم حرب شهدها التاريخ إلى يومنا، وعلى الأرجح إلى الأبد، أو نتمنّى ذلك إذ إن حرباً عالمية بالأسلحة الحديثة من شأنها أن تُفني البشرية جمعاء.

بيتنا الزجاجي لا يسمح لنا بأن نراشق الأوروبيين بالحجارة، بل علينا قبل ذلك أن نكافح العنصرية وكره الأجانب في ديارنا

لذا فإن أزمة النزوح التي نجمت عن الغزو الروسي لأوكرانيا والتي أدّت إلى خروج ما يناهز سبعة ملايين من الأوكرانيين، عاد منهم حوالي المليونين بحيث استقرّ عدد اللاجئين الأوكرانيين الحالي على ما يناهز خمسة ملايين، هذه الأزمة إنما تسمح لنا بإعادة النظر في بعض ما تكوّن لدينا من تصوّرات. فقد تكاثرت التعليقات التي أدانت موقف الأوروبيين حيال النزوح السوري، معزية إياه إلى فرق بين أخلاقنا وأخلاقهم ومُدينة ما رأت فيه عنصرية أوروبية ضد العرب والمسلمين. ولا شك في أن العنصرية ورُهاب الإسلام ظاهرتان منتشرتان في أوروبا، يعكسهما بصورة خاصة صعود أقصى اليمين الذي يتجلّى في حكومات كحكومة المجر أو نتائج انتخابية كالتي عرفتها فرنسا مؤخراً.
بيد أن غالبية الناس العاديين في أوروبا كرماء الأخلاق، أو لا يقلّون كرماً عن الناس العاديين في بلداننا، كما أن الكنائس، ولاسيما الكنيسة الكاثوليكية، تشدّد على واجب احتضان المحتاجين بصرف النظر عن دينهم ولونهم. والحالة تختلف كثيراً بين بلد أوروبي وآخر بحيث إن وضع كافة الدول الأوروبية في سلّة واحدة إنما هو من الإجحاف. فقد استقبلت ألمانيا ما يناهز مليون لاجئ سوري، استقرّ منهم أكثر من 600 ألف، وهو عدد كبير حتى إذا قورن بتعداد سكان ألمانيا الذي يبلغ 83 مليوناً. فعلى سبيل المثال والمقارنة، لم تستقبل مصر، التي يزيد عدد سكانها عن مئة مليون سوى 133 ألف لاجئ سوري، أي ما يقترب من عدد اللاجئين السوريين الذين استقبلتهم السويد (115 ألفاً) التي لا يزيد عدد سكانها عن عشرة ملايين ونصف المليون!
والحقيقة أن «كرم أخلاقنا» وتقاليد «الضيافة» التي نتغنّى بها لا تنطبق سوى على بلدان الجوار التي لا مُحال من أن ينزح إليها النازحون. فقد نزح السوريون إلى تركيا (3.7 من الملايين، وهو عدد عظيم من الطبيعي أن يولّد توتّرات على خلفية الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا) ولبنان (850 ألفاً حسب الرقم الرسمي، وهي النسبة الأعلى قياساً بعدد السكان إذ تناهز 12,5 في المئة من عدد السكان الإجمالي حسب أحدث التقديرات السكانية، بينما يشكّل اللاجئون السوريون في تركيا 4,4 في المئة من سكانها) والأردن (668 ألفاً) والعراق (346 ألفاً). هذا وقد تكرّرت ظاهرة بلدان الجوار الطبيعية مع النازحين الأوكرانيين، إذ إن ما يقارب ربع عددهم استقرّ في بولندا. أما ألمانيا فقد استقبلت منهم 780 ألفاً مؤكدة كونها أكثر ضيافة من كبرى الدول الأوروبية الأخرى كبريطانيا (أسوأها على الإطلاق) أو فرنسا مهما كان صنف النازحين.
أما خارج بلدان الجوار وعودةً إلى اللاجئين السوريين، فإن «الضيافة العربية» قد تبخّرت، إذ يأتي السودان (93,5 ألف) بعد مصر، ولا وجود لأي دولة عربية أخرى بعد الدول التي تمّ ذكرها بين الدول العشرين التي تستقبل أكبر أعداد من اللاجئين السورين. ويكفي أن ننظر إلى ما يتعرّض له الأفارقة السود في بلدان شمال أفريقيا من مضايقات عنصرية، بل حتى القادمين إلى مصر من السودان «الشقيق» والمجاور، أو ما يتعرض له العمال المهاجرون من جنوب آسيا أو القرن الأفريقي في المشرق العربي، أو حتى فقراء «الأشقاء» السوريين في لبنان، لندرك أن بيتنا الزجاجي لا يسمح لنا بأن نراشق الأوروبيين بالحجارة، بل علينا قبل ذلك أن نكافح العنصرية وكره الأجانب في ديارنا.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن تصورات الديمقراطية في منطقتنا
- في سبر غور أردوغان
- «كلّن يعني كلّن» والانتخابات اللبنانية
- ما وراء زيارة بشّار الأسد لطهران؟
- السودان: الطغمة الانقلابية وتجدّد المجزرة
- أسئلة مصيرية حول الانتخابات الرئاسية الفرنسية
- عندما يعتقد مقلّدو النازية أنهم معصومون منها
- شبحٌ ينتاب العالم – شبح الفاشية الجديدة
- في ارتكاب الفظائع والمحاسبة عليها
- رقصة الدبكة فوق قبر بن غوريون
- ستّةُ أسئلة بشأن مناهضة الإمبريالية اليوم والحرب في أوكرانيا
- روسيا واليسار في المنطقة العربية
- مذكرة حول الموقف المناهض للإمبريالية بصورة جذرية إزاء الحرب ...
- تأملات عسكرية في حروب العراق وسوريا وأوكرانيا
- صدّام حسين وفلاديمير بوتين
- أوكرانيا… وقصة الذيل الذي «يهزّ الكلب»
- البنك الدولي ولبنان… وكيف ينبغي على الناقد أن يبدأ بنقد ذاته
- حين يصبح السجن طريقة للحكم
- حكام القوى العظمى يلعبون بالنار
- الثورة السودانية: إلى أين؟


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - جلبير الأشقر - في استقبال اللاجئين وبيتنا الزجاجي