أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - سعيد هادف - بين الذكاء والغباء














المزيد.....

بين الذكاء والغباء


سعيد هادف
(Said Hadef)


الحوار المتمدن-العدد: 7271 - 2022 / 6 / 6 - 17:23
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


كما تعودت بين الحين والحين، أقف عند الأيام العالمية لكل شهر، وشهر حزيران (يونيو) حافل بثلاثين يوما أو يزيد من الأيام الأممية. ولعل من أهم أيامه أيام ذات بعد أيكولوجي وبيولوجي: فمن اليوم العالمي للدرّاجة الهوائية إلى يوم البيئة، ثم أيام خاصة بالمحيطات، البحارة، مكافحة الصيد العشوائي، سلامة الغذاء، ومكافحة التصحر والجفاف....
ورغم جهود حماة البيئة، مازال هناك مرضى وجهلة يفسدون في الأرض بسبب أنشطتهم الملوثة والمدمرة للطبيعة، وبسبب أقلية جشعة ومتعطشة إلى السلطة والثروة والحرب، وبسبب أغلبية سائبة لا هم لها سوى الاستهلاك الاستعراضي لكل شيء وإفساد كل ما يمكن إفساده. ولولا جهود هؤلاء اللواتي/اللذين جعلوا من النضال البيئي نمط حياتهم لكان هذا الكوكب أكثر تعفنا وتسمما.
ليس محيطنا الفيزيقي وحده عرضة للتلوث، فحتى محيطنا المعنوي، النفسي والثقافي، يعاني من إعلام ملوث بكل أنواع السموم. صحفيون وكتاب ومنظرون لا يحسنون سوى بث الكذب والبهتان ومشاعر الكراهية وثقافة اليأس والخوف والجهل.
الصراع بين الرغبة المدمرة والرغبة المبدعة يزداد حدة، بين من يصنع الجهل وبين من يعمل على تفكيكه وفضحه، وكأن مسافة الصراع تقلصت بين الغباء والذكاء حتى أصبحا وجها لوجه، كل منهما يحدق في وجه الآخر، وكلما أنجز الذكاء شيئا وجده سلاحا في يد الغباء، وباتت البشرية أكثر احتياجا إلى الرؤية الواضحة بعد أن غمر النور زوايا ظلت معتمة وكشف الحجاب عن أشياء لم يكن العقل يجرؤ على مساءلتها، وازداد الزيف ضراوة بعد أن انزاح القناع عن وجهه، وازداد افتراسا بعد أن افتضح أمره.
بين الغباء والذكاء حرب ضروس، منذ القدم كان الغباء ومازال يغلف منتوجاته بغلاف العلم، ويتقنع بقناع العلم، وظل الذكاء يضطر إلى تغيير استراتيجياته، ومنذ أن أدرك الذكاء أن الغباء البشري لا نهائي مثل الكون مازال يبحث عن الطريقة المثلى التي تسمح له باستثمار الغباء لأهداف نبيلة. ربما أدرك أن مصارعة الغباء ليست حلا، وأن الحل يكمن في مهادنته واحتوائه، وإخضاعه إلى الاستشفاء وإبطال مسبباته.
فى کتابه الحادي عشر من اعترافاته، يتأمل القديس أوغستين طبيعة الزمن متسائلاً: "ما الزمن إذن؟ ثم يضيف قائلا: إذا لم يسألني أي شخص عنه، فأنا أعرفه، لكن لو سألني أحد عن معناه، وجدت نفسي لا أعرف عنه شيئا".
ومع أن هذه الحيرة الفلسفية تترجم انشغال الذكاء البشري، إلا أنني لن أقف عندها، بل ما يهمنا هو أن الذكاء البشري تعامل مع الزمن بشكل براغماتي، وقام بتقسيم الفضاء الزمني إلى وحدات بطريقة عبقرية لأهداف عديدة تخدم حاجاته في الحياة، فكانت "الثانية" هي أقصر وحدة زمنية، وكان "القرن" أطولها، وانطلق هذا الذكاء من "اليوم" بوصفه وحدة زمنية جاهزة ليبتكر الأسبوع والشهر والموسم والعام والعقد والقرن، كما قام بتقسيم اليوم إلى وحدات صغرى.
يا لها من عبقرية...
ولأن الزمن يستحيل تخزينه، اعتبرته كل الثقافات أعلى قيمة من الذهب، وحرصت على حسن استغلاله. ويحدث في كثير من الأحيان أن ننفق المال لنربح الوقت إيمانا منا أن خسارة الوقت لا تقدر بثمن. وأبدع العقل البشري أياما جعل منها مناسبات عالمية تفعيلا لقيم الخير والحق والجمال، غير أن الغباء البشري ذو بأس شديد ولا يتردد في إفساد منجزات الذكاء وتحويلها إلى أعباء تثقل كاهل الحياة، بل هذا الغباء له قدرة خارقة في تحويل النعمة إلى نقمة.
في فضائنا المغاربي، يتمتع الغباء بمقام رفيع في المؤسسات المنتجة للمعرفة، ويجد الذكاء صعوبة في بناء هويته التي تسمح له بالتحرر من هذا الغباء المهيمن، وهو غباء محظوظ كونه يتصدّر المشهد بوصفه ذكاء، ومن ثمة ينجح في إنتاج "معرفة غبية" يعرضها في أسواق الاستهلاك على أنها معرفة ذكية عالية الجودة.



#سعيد_هادف (هاشتاغ)       Said_Hadef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملفات مغاربية: بعد ستة أشهر من عام 2022
- مايو: أحداث وأسماء جزائرية
- الجزائر: سؤال الهوية بين حقيقة العقل وحقيقة الواقع
- اليوم العالمي -العيش معا في سلام-
- الفرنسيون ذوو الأصل المغاربي والشأن السياسي
- الصحافة المغاربية: بين الحصار وسوء التعبير
- بعد أسبوع على فوزه بالرئاسة: هل سينجح ماكرون في الوفاء بوعود ...
- على هامش رحيل إيدير: كيف نبني خطابا خلاقا خاليا من الجهل وال ...
- تأشيرة شنغن: كيف ينظر الاتحاد الأوروبي إلى البلدان المغاربية ...
- البلدان المغاربية في ضوء المنطق
- العلاقة الجزائرية الليبية في ضوء تحركات الدبيبة
- فرنسا: هل ستلفظ الجمهورية الخامسة أنفاسها؟
- على هامش الرئاسيات الفرنسية: أي مستقبل فرنسي مغاربي؟
- فضاء جيوسياسي مغاربي جديد قيد التشكل
- ملف خاص: النخبة المغاربية (الجزء السابع): تونس القرن التاسع ...
- الشعر في يومه العالمي: ما قصته مع الجمهورية؟
- المغاربيون في مرآة السعادة
- ملف خاص: النخبة المغاربية (الجزء السادس)
- خارج التغطية
- ملف خاص: النخبة المغاربية (الجزء الخامس)


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - سعيد هادف - بين الذكاء والغباء