أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمدعبدالرحمن - لا فرق بين الفرق














المزيد.....

لا فرق بين الفرق


محمدعبدالرحمن

الحوار المتمدن-العدد: 1676 - 2006 / 9 / 17 - 07:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في العام القادم ربما لن يجد أطفال مجزرة قانا (الثانية) من يبكيهم في ذكراهم السنوية سـوى من سيتبقــّى من أهلهم ، وفي العـام القــادم أيضا مــن المنتظر وكما فعلت هذا العام أنْ تتوقف الكرة الأرضية عن الدوران دقيقة صمت على أطلال الذكرى السادسة للحادي عشر من سبتمبر.

وكمنافس لثلاثمائة وخمسة وستين يوماً ، يبدو أنّ يوم (البرجين) قد اقترب من الوصول بالإنسانية الى مبايعتـه ملـكاً سـرمدياً على عـرش الذاكرة الجمعية.

ق. س ( قبل سبتمبر) بأكثر من شهر راحت الإستعدادات العالمية لهذه الناسبة تتسلق جبـل الأسطرة الأعلى من إيفريست ، حتى إذا ما بلغت قمته في الساعة صفر أشعلت أصابع الكوكب شموعاً بمناسبة الذكرى الخامسة لسقوط البرجين فوق رؤوسنا ، وبعد دقيقة صمت توقف فيها قلب الكـون عن الخفقان عادت أكـفّ الضجيج السبتمبري تصفع وجوهنا خبط عشواء دون هوادة حتى هذه اللحظة .

وبين تزاحم التأويلات وتدافع التحليلات وتلاطم التفصيلات مُسـِـخت (الحقيقة) السبتمبرية تماماً لتتحول مع دخولها العام السادس من عمرها الى مخلوق أسطوري طوطمي ، هلامي ، متحـول ، يتجـول مختالا ً بين أربع جهات الذاكرة الإنسانية ويتكلم بكل اللغات الأرضية والسماوية ، وليس كمثـله شيء في أي شيء .

عربياً ، فصيحـاً وعاميـّاً ، قومياً وقطرياً ، رسمياً وشعبياً ،بالإضافة الى تسـيّده صدور وعـقـول وبطون الجرائد والصالونات والمجلات لم يتـرك المخلوق الأسطوري السبتمبري هذا العام بيتاً الا ّ واقتحمه من بوابات الفضائيات ، وكان طوال أيام مكوثه بيننا يبهرنا مع كل إطلالة له بجديد شكله ، فتارة كان يطل علينا على شكل ميـدوزا إنما برؤوس تشبه رأس الرئيس بوش ، وتارة يفزع أطفالنا وهو يقتحم براءتهم على هيئـة تـنيـن ينفث صواريخ عابرة للقارات ، ومرة أتانا على شكل قرش أبيض عظيم يتوعّـدنا بأسنانه اليورانيومية ، وفي أخرى رأيناه على منبر الأمم المتحدة متخذاً صورة تمساح أسـود اللون هائل الحجم يذرف الدموع خوفاً وشفـقـة ًعلى البشرية من أخطار ما قال إنها بعــران دمـارشامل عربية ، وفي واحدة من الطرائف النادرة باغتنا بـزيّ بابا نويل وهو يوزع الحلوى على المارينزالمحتفلين في خيمة مصفحـة قبل أن يلتهم قطعة من ديك رومي بلاستيكي ، ولن ننسى ما حيينا ذلك اليوم الذي ظهر فيه شامخاً على جزيرة يقال لها أبو غريب بلباس محارب صليبي مغـوار يقـف على تـلـة أجساد مشـوهة عارية وقد غـرز رمحه فى جبين إنسان ذي ملامح شرقية فيما السماء الحمراء كانت تمطر نجوماً سداسية .
أمّا ما أفقدنا عقولنا فكانت سجالات الإحتفاء بكل حلقة من مسلسل ظهوره الخرافي المهيب ، حيث كان المتساجلون الضّاديون من شتى الميادين والمدارس الحربية والسياسية والفكرية والفلسفية والفقهية والنفسية يتوقفون عند أدق الدقيق من تفاصيل المشـهـد السبتمبري المعاد للمرة المليون بالبطيء ، وكان علينا ونحن نقيس حدود صبرنا قبل ذهابنا الى تحيطم الشاشات أن نستمع الى العجب العجاب من تفسيرات وتحليلات وتفكيكات وتأويلات أسطورة الأساطير الجامعة المانعة .

نعم ، كان علينا نحن العائدين تـواً من نزهة الحرب الإسرائيلية السادسة على مرابعنا في لبنان ، العالقين للعام الرابع في دوامة الـدم العراقي ، الهائمين للعام الثامن والخمسين في الشتات الفلسطيني ، الممدّدين للعام التسعين على تقاطع سـايكس ـ بيكــو ، المذبوحين للقرن الثالث بسكين الفـرعنة الإستشراقية الغربية من الوريد للوريد ،الموعودين بكوارث الشرق الأوسط الجديد، ، .. كان علينا وبعد أن نشعل أصابعنا العشرة في الذكرى الخامسة ليوم الأيام ، لا فحسب أن نعترف بالذنب ، ولا أن نتعدى ذلك فقط الى تقديم الأضاحي على مذبح الضّراعة الى العليّ الأمريكيّ القديـر ، بل أنْ نقيـل ذاكرتنا العربية ، نمسحها دفعة واحدة ودفعة واحدة نشغلها ببرجي نيويورك ثم نسجد لهما خاشعين ، زاهدين عن تاريخنا البعيد والقريب والأقرب بكل مافيه من ضغائن الدنيا الزائلة كدير ياسين وبحر البقر وكفر قاسم والفلوجة وقانا وصبرا وشاتيلا وحديثة وجنين ... ، متطهـريـن من دنس ومفســدات الروح والعقل والدين الشيطانية كـفلسطين والعراق ولبنان والسودان ، ناحـرين تحت أقدام آلهــة الحرية والديمقراطية جَمَـل حياتنا الفانية بما حمل من مغريات النفط والغاز والسخام عساها تغفـر لنا سـوء ديكتاتوريتنا فتقبلنا عندها جنوداً في حربها الحضارية المقدسة على الإرهاب الإسلامي الكافر.

ولن تقتصرأسابيع بكائيات يوم الأيام على ما تقدم ، وإنما كان لابـدّ معها من استحضار الأشـدّ ظلمة وقسـوة من أمثولات التاريخ البشري وإسقاطها علينا وتأبيدنا فيها فتقديمنا للعالمين نمـاذج معاصرة لها تارة في صورة فاشــية إسلامية وأخـرى نازيـة هـولوكـوستية وثالثة همجية بربرية ، حتى إذا ما انتهينا في حضرة بابا الفاتيكان راح قداســته يجرِّد نبينا محمد (ص) من رسالته ويحولـه من رسول كريم الى قاطع طريق شـرّير لا يفهم الدّيـن سـوى على انه وســيلة بلطجية للسـطو على حضارات الآخرين ومصادرة دياناتهم بعكس سماحة وعقلانية وموضوعية وأخلاقية ونبـل فرسان فاتيكان القرون الوسطى كما تفصح عن ذلك الســيرة البابويـة الحميدة وحروبها الصليبية المجيدة .

وبعد ... ، فثمة على طريق الحملة السبتمبرية المقدسة الكثير مما ينتظرنا ما دمنا لا نعدو أن نكون أكثرمن فئران تجارب في مختبرات صراع الحضارات ، يـُقـلـِّبنا على طاولته كل من هبّ ودبّ ليطبـِّق بنــا نظرياته الى العالم الذي لن يتحضّر ولن يخلو من الإرهاب ولن يسوده السلام والعدل والتسامح سـوى عندما يتحول المليار ونصف مليار فـأر مسلم الى الدين الجديد ، تتقدمهم طبعا الفئران العربية العاربة والمستعربة ، العدنانية والقحطانية ،المدنية والبدوية ، دونما تمييز بين الطوائف والمذاهـب والفرق والملل والنحـل وبلا أي اعتبارللألقـاب ، فالكل سواسية مثل أسنان مشط الحادي عشر من سبتمبر ولا فرق عند بابا البيت الأبيض أو بابا الفاتيكان بين عرب (الجزيرة) وعـرب (العربية) مهما تـنـوّعـت الفتـاوى .



#محمدعبدالرحمن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقائف وقمصان عثمانية وطفوف ومصاحف
- ممكن أضيف؟؟
- بين نارين
- مابعد العبره
- دفوف الغجر أو دفوف النصر الموقوف
- النسبية الثالثة
- فوازير الشرق الأوسط الكبير
- ما تيسر من سيرة القهر
- عاجل
- رياح مغايره
- 53.3
- أدرينالين
- أسراهم لا أحرارنا
- العراق والبلوى الفلسطينية
- هذيان


المزيد.....




- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...
- محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
- لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...
- عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمدعبدالرحمن - لا فرق بين الفرق