أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - دلور ميقري - إعتذار بابا الفاتيكان ، عربياً














المزيد.....

إعتذار بابا الفاتيكان ، عربياً


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 1676 - 2006 / 9 / 17 - 08:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مبكراً ، أفقت من نومي على هسيس متأتٍ عبْرَ أثير إحدى فضائياتنا " الجهادية " ، المعروفة . كنتُ كغيري من خلق الله ، على موعدٍ مع برنامج إخباريّ مخصص عما قيل أنه " تصريح مسيء للإسلام ، تفوه به بابا الفاتيكان " . هيَ ذي فرصة سانحة ، لتلك الفضائية الكالحة الوجه كبراقع الإرهابيين ، السارحين في طول وعرض بثها اليوميّ ؛ فرصة اخرى ، لتضرب سهامها في الصميم من وعي وضمير المشاهدين ، إيقاظاً لنعرات الفتنة التي بالكاد تسنى لها الإغفاء إثر ما أسميَ في حينه " أزمة الرسوم الدانمركية المسيئة للرسول " . مقدمة البرنامج ، بدَتْ أشبه بقارئة فنجان منها إلى صفتها الوظيفية تلك ، ناهيك عن حشمتها ، المفقودة ، شكلاً ومحتوىً ؛ وهيَ المفترض بها أن تكون صوتاً وصورة للقناة الفضائية المنافحة عن ديننا القويم ، بمناسبة وبدونها . كالعادة ، لا شيء جديد في تلك التغطية التلفزيونية : قسّ مصريّ ، كاثوليكيّ ، يحاول توضيح إشكالية فهم تصريحات حبره الأعظم ؛ وشيخ مصريّ ، أزهريّ ، يعتبرُ أنّ ذلك الكلام ، سالف الذكر ، غيرَ كافٍ لإرضاء الكرامة الإسلامية ، المهدورة ، ويطالب بابا الفاتيكان ، شخصياً ، بالإعتذار ؛ وبين هذا وذاك ، يتم عرض مقتطفات من الصحف العربية والأجنبية ، مقتطعة بحرص من يوقد أوارَ الفتنة لا من يحاول إخمادها .

المطلوب ، إذاً ، من قداسة البابا ـ وهوَ رأس الكنيسة المسيحية ، الأعظم ـ ما لا يطلبه أحدٌ ، في واقع الحال ، من " الأزهر الشريف " نفسه ؛ هذا المعتبرُ فضيلة شيخه ، سيّد طنطاوي ، بمثابة رأس المرجعية الإسلامية ، الأكبر : الإعتذار عن الصمت ، المخزي ، إزاء الإرهاب المتلبّس زوراً وبهتاناً إسمَ العقيدة المحمدية ، والمستهدف بالدرجة الاولى الرعايا الغربيين ، النصارى ؛ الإعتذار عن عدم إدانته لذلك الإرهاب ، الموسوم ، الموجّه في مصر بالذات ، ضد مواطنيها الأقباط والنصارى عموماً ؛ ناهيكَ عن العراق والسودان وغيرها من الدول العربية والإسلامية . أما قناتنا الفضائية ، إياها ، التي تتناسى من يجدر به الإعتذار من المسلمين ، وهيَ المكفرة لشريحة ، كبرى ، منهم ؛ بإعتبارها للشيعة من آل البيت " كفاراً " : كما جاء ، حرفياً ، على لسان الشيخ القرضاوي ؛ صاحب البرنامج الديني المعروف ، في تلك الفضائية نفسها . هذا غير ما تبثه على مدار الساعة من بيانات تحمل صفة التكفير ذاتها ، موجهة من لدن الجماعات الإرهابية ، العراقية ، التي تعرّف أفرادهم بـ " المجاهدين " ؛ علاوة على عرض مآثرهم في التنكيل بالمواطنين على الهوية الطائفية أو العرقية ، وترويع حياتهم ونسف دورهم المقدسة ، وتهجيرهم من مناطقهم وفق تطهير مذهبيّ خبيث ، مخطط .

في اليوم السابق ، وفي الصباح أيضاً ، كنتُ بنفسي على موعدٍ آخر مع فضائية عربية ، شقيقة ، للصمود والممانعة والمقاومة ؛ وهذه المرة في نشرتها الإخبارية ، المهمومة بما أصاب الأمة من خطبٍ جلل إثرَ تصريح ذلك البابا . مقدّمة تلك النشرة ـ المتأبدة في وظيفتها كأيّ مسؤول من مواطنيها ـ طالعت المشاهدين بسحنة بطلات أفلام الرعب ، مبشرة إياهم بأنّ الفاتيكان قد قدّم توضيحه لتصريحات حبره الأعظم ، مباشرة ً بعيْدَ إحتجاج مفتي سورية عليها (!) : مأثرة اخرى ، إذاً ، للإعلام البعثيّ ، في إستغبائه للناس ؛ مأثرة ، تضاف إلى ما سبقها من تشدق ذات الإعلام بخصوص أزمة الرسوم الكاريكاتورية ، بأنّ الحكومة الدانمركية ، وعبْرَ سفيرها بدمشق ، كانت قد قدمت إعتذاراً للحكومة الأسدية ، المؤمنة : فيما أنّ المسألة آنذاك ، ما كانت في حقيقتها سوى إجتماع سفير الدانمرك بدمشق مع ممثلي جميع البعثات الإسلامية المتواجدين في العاصمة السورية ، توضيحاً لوجهة نظر حكومته ؛ وهوَ التوضيح المعروف ، المعلن على الملأ آنئذٍ ، بأن تلك الحكومة غير ملزمة بالإعتذار ، وأنّ ذلك واجب الصحيفة ، المعنية ، أولاً وأخيراً .

كلّ من الفضائيتيْن ، المذكورتيْن ، يفتح بتغطيته للحدث المستجد فجوة ً في العلاقات بين العقيدتيْن السماويتيْن ؛ الإسلامية والمسيحية ، وبالتالي بين معتنقيهما . لا هذه الفضائية ولا تلك ، للحقّ ، ليهمه ما في ذلك الجهد ، غيْرَ المحمود ، من آثار وخيمة علينا ؛ نحن المسلمين بالذات ، وقبل غيرنا : لقد أضحينا ، يا ربّ الكعبة ، بنظر العالم كما لو أننا أمة دراكولا .. ، لا أمة نبيكَ الأمين ، محمدا ؛ أمة ، لا شاغل لها في عصر الإختراعات والإكتشافات العلمية هذا ، سوى " إختراع " مسببات الفتنة و " إكتشاف " الخصوم من كل لون وطيف : فلا الدعابة الساخرة ترضي مزاجنا العجيب ، ولا المناظرة الجدية ! .. عجباً ، لتلك الغضبة العارمة على رسوم كاريكاتورية ، مسوّقة بإساءتها لخير الأنام ، فيما أنّ تراثنا الإسلاميّ أدباً وتأريخاً وسيرة ً، فيه ما فيه من تجديفٍ دينيّ ، يضاهي كل ما يحتمل جمعه من آثار عالمية بهذا الشأن ؛ كما في مثال أشعار أبي نواس ، الماجنة . وعجباً ، أيضاً ، لهذه الغضبة المستنفرة للتوّ ، بصدد تصريح بابا الفاتيكان عن مفهوم " الجهاد " إسلامياً ، بينما أهل عقيدتنا أنفسهم ، من علماء وفقهاء وآيات وحجج ، غير متوافقين على رأي واحد يخص ذلك المفهوم ، الموسوم ؛ كما في مثال عمليات الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة ، في فلسطين والعراق وغيرهما ، والتي يسِمُها بعضهم بـ " الإستشهادية " ، فيما يصِمُها البعض الآخر منهم بـ " الإنتحارية " .. ؟؟



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وليم إيغلتن ؛ مؤرخ الجمهورية الكردية الأولى
- الثالوث غيرَ المقدّس
- الحادي عشر من سبتمبر : خمسة أعوام من المعاناة
- الجريمة والعقاب : طريق نجيب محفوظ في بحث مقارن 3 / 3
- الأعلام العراقية والإعلام العربي
- علم الكرديّ وحلمه
- الجريمة والعقاب : طريق نجيب محفوظ في بحث مقارن 2 / 3
- محفوظ ؛ مؤرخ مصر وضميرها
- الجريمة والعقاب : طريق نجيب محفوظ في بحث مقارن 1 / 3
- كردستان ، موطن الأنفال
- ثقافة المقاومة أم ثقافة الطائفة ؟
- المقاومة والمعارضة 2 / 2
- المقاومة والمعارضة
- الكوميديا السورية
- إنتصار الظلامية والإستبداد ؟
- ثقافة المقاومة ، ثقافة الموت
- لبنان في فم الأسد ، مجدداً ؟
- صلاح الدين عصرنا
- قصف إعلامي ، عشوائي
- محمد أوزون ؛ كاتبٌ كرديّ على أبواب العالم


المزيد.....




- اليوم الـ84 من العدوان المستمر واقتحام المسجد الأقصى ودهس مج ...
- الشرطة الألمانية تعتقل شبانا حاولوا التسلق إلى كاتدرائية كول ...
- مستعمرون يقتلعون أشجاراً ويجرفون أراضٍ بالخليل وسلفيت
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يؤدون طقوسا تلمودية بالمسجد الأقصى ...
- مظاهرات حاشدة في مدن عربية وإسلامية دعما لغزة
- الخارجية الأمريكية تطالب الموظفين بالإبلاغ عن حالات التحيز ض ...
- أحد الشعانين: مسيحيو غزة يحتفلون في -ثالث أقدم كنيسة في العا ...
- أنور قرقاش يهاجم -الإخوان المسلمين- ويثير جدلا على منصة -إكس ...
- عاجل | أبو عبيدة: فلسطين وشعبها لن ينسوا الوقفة المشرفة من ا ...
- قائد الثورة الإسلامية: ضرورة الحفاظ على جاهزية القوات المسلح ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - دلور ميقري - إعتذار بابا الفاتيكان ، عربياً