أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعد سوسه - السحر Magic















المزيد.....

السحر Magic


سعد سوسه

الحوار المتمدن-العدد: 7266 - 2022 / 6 / 1 - 17:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


السحر : في المعنى اللغوي هو أول الليل . والسحر : معناها الأخذة وكل ما لطف مأخوذ . ( 1 )
وأيضاً يأتي بمعنى خدعه وعلله .
السحر يكاد يكون من العناصر العامة الموجودة في أغلب حضارات العالم وعند جميع الشعوب . والفكر السحري أو العقلية السحرية أقدم طور في تطور عقل الإنسان ولا يزال موجوداً في اعمق طبقات العقل البشري أو النفس البشرية والغريب في أمر السحر أن أكثر عملياته تكاد تكون متشابهة عند معظم الشعوب . فمن الأشياء العامة الموجودة عند اكثر البشر طريقة إيذاء العدو بعمل دمية أو صورة من مواد معينة وكسرها أو حرقها بموجب (قانون التشابه) يسبب كسر يد الصورة أو إتلاف عينها أو إحداث ضرراً في الشخص الذي تمثله تلك الصورة ( 2 ) .
وكان السحر عند البابليين والآشورين من اعقد وانظم ما عرف من أنواع السحر . فالسحر الضار الذي يخلف ضرراً بالناس وقد حرمته القوانين في بابل وهذا مدون في شريعة حمورابي ومسلته الشهيرة .
والسحر الذي يتخذ لمقصد آخر وهو شفاء الأمراض وطرد الشياطين من جسم المصاب كان يملأ العالم البابلي . ويعد السحر من المعتقدات والممارسات المعقدة التي تهتم بها المجتمعات القبلية التي تتميز بالبساطة والحياة البدائية . ( 3 ) .
وأبرز من كتب عن السحر وتفسيره العالم الأنثروبولوجي الإنكليزي (ايفانز بريجارد عام 1973) كتابه الشهير (السحر والشعوذة بين أقوام الازاندي في جنوب السودان ويقول فيه: (لو أردنا فهم طبيعة هذا المعتقد (السحر) وجب علينا دراسة ظواهر معينة مؤسفة يتعرض لها الفرد أو الجماعة والحوادث المؤسفة كثيرة : أهما المرض ، الموت ، الفشل الزراعي ، الزلزال ، الحروب ، البراكين ، الجفاف ، الفيضانات) . يقول بريجارد أيضاً أن الشعب الازاندي يعتقد أن وقوع تلك الحوادث الشريرة لأفراد معنيين وفي مكان معين يرجع إلى انتشار السحرة والمشعوذين والأعمال الشريرة التي ارتكبها ذلك الشخص قبل وقوعه بالفاجعة. وهذا التفسير مكون عن طريق الاتصال بالكهنة الذين يفسرون مباشرة هذا التفسير من خلال طقوس ومراسيم دينية معقدة . ( 4 ) .
ويشير البرفسور بريجارد أن الشعوذة هي عملية متعددة الجوانب تستعمل السحر الشرير لإلحاق الأذى بالآخرين . والسحر عبارة عن طقوس وأساليب حركية يستعمل الساحر فيها أحياناً بعض المواد بغية إنجاز أهداف تقع في نطاق قوة السيطرة الحسية للإنسان الاعتيادي. والمشعوذ : هو الشخص الذي يؤذي الآخرين بطريقة غير مباشرة وسبب إلحاقه الأذى بالآخرين هو تغلب صفة الشر والطمع والكراهية والغيرة عنده على الأفراد من حوله . ويطرح فريز في كتابه (الغصن الذهبي) The golden Bough أمثلة وشواهد توضح نوعين من السحر هما :
1. سحر المحاكاة : فعندما يريد الساحر تدمير شخص آخر يصنع دمية على غرار عدوه ثم يقوم بتدميرها بغرز الإبر فيها والسكاكين.
2. سحر العدوى : ويجري ذلك بأجراء السحر على جزء من ذلك الشخص مثل خصلة من شعرة أو قلامة من أظافره . ومتى ما حصل الساحر على خصلة من شعر ذلك الشخص سيطر عليه ليمتد السحر من خصلة الشعر إلى جسمه واسم الشخص جزء منه هذا كما هو مدون (بالمنظور البدائي) .
في هذا المجال أشار فرويد أن حدوث هذا الأمر (السحر) يعني توحد النية والقول والفعل ، إذ أن المرء الاعتيادي يدرك أنه قادر على السيطرة الجزئية على بعض الأشياء في الكون الذي يعيش فيه ، فهو يستطيع تحريك الأشياء وقتل بعض الأحياء مثل الحشرات وتحوير شكل أشياء أخرى بالفعل المادي عليها ، وعندما يكتسب الطفل اللغة ، تبدو اللغة سحرية في فعلها إذ يستعيض بها عن الفعل على الأشياء ، فبدلاً من القيام بالعمل بنفسه يستطيع تكليف الآخرين لغوياً بالقيام بذلك العمل .
إذ عن طريق اللغة لا يسيطر المرء على الآخرين فقط بل يسيطر على سلوكه هو نفسه. ففي الصباح الباكر تجد نفسك غير قادر على مغادرة الفراش في البرد القارس فتأمر نفسك بالنهوض ومغادرة الفراش (كما كانت أمك تأمرك بذلك) لاحظ انك تأمر نفسك بلغة غير منطوقة ظاهرياً أي بالنية . وهكذا تتساوى سحرياً اللغة والنية ، واللغة والفعل ثم يترابط النية والفعل . ( 5 )
من الجدير بالذكر أن مثل هذا السحر منتشر انتشارا واسعا فيمارس في المكسيك كما يمارس في العراق . ويلقى (الحرمل) في النار أثناء تلاوة التعاويذ وغرز الإبر . ويستعمل في العراق على الأغلب للوقاية من (العين) بمعنى الحسد .
وكان فرويد ويونج شخصين مختلفين بشكل عام وكانت معالجتهما لمسألة السلوكيات الخرافية والسحر مختلفتين أيضاً .لقد افترض فرويد عموماً ومنذ بدء دراساته وبحوثه خطأ الخرافة وحاول لذلك تحليل العمليات النفسية المسؤولة عن نشوئها. أما يونج فقد كان ذهنه أكثر انفتاحاً واتجاهاً نحو الخرافة فقد رفض أن يضع حداً قاطعاً بين المعتقدات الصحيحة والمعتقدات الخاطئة . ويرى أن الخرافة تقوم بوظائف معينة في حياتنا اليومية فيقول (أن أيديولوجياتنا السياسية والدينية هي أساليبنا في بلوغ الخلاص ، ويمكن مقارنتها بأفكار السحر البدائية ، وعندما لا تجد هذه الرموز الجمعية لنفسها مكاناً ينشأ مكانها فوراً : الشذوذ الشخصي والجنون والهوس والرهاب . وهذه الأمور لا يتفوق عليها شيء في بدايتها .
ويقول يونج هنا أننا اليوم نتكل على أنظمة مختلفة من المعتقدات لأكفاء الحاجات الأساسية نفسها التي كنا نكفيها بالسحر والخرافة .نستنتج مما سبق أن فرويد ويونج على اختلاف لغتيهما إلاّ أنهما يعدان السحر استجابة مشروطة . ويقصدان هنا العمليات النفسية وعقل الفرد ونيته وصحته النفسية . كلها شروط لتلك الاستجابة .
ولا يقدم سكنر أية أمثلة أو أراء بعد ممن سبقوه في مجال السحر فهو يشير إلى السلوك اللاعقلاني الذي ينشأ عن هذه المزاوجات (وهي مزاوجات تنشأ بين تنبيهات تؤدي إلى سلوك خرافي أو السحر) ويشبهها مثلاً (يرتعب طفل من كلب فيخاف طوال عمرهُ من الكلاب حتى الأليفة التي لا تؤذي). ( 6 ) ويميّز علماء الأنثروبولوجي بين نوعين من السحر هما :
1. السحر التلقائي Sorcery
وهو قوة أو قدرة لدى شخص ما تؤذي الآخرين أو توقع الشر بهم وهو خاصية روحية يتسم بها ذلك الشخص . وقد تكون القوة تحت سيطرة الشخص وقد تكون خارج سيطرته .
فالعرب البدو يعتقدون أن ذوي العيون الخضر أو الزرق يصيبون بالعين والشخص الذي يصيب لا يدرك أنه أصاب شخصاً ما .... ؟
2. السحر الإرادي Witchcraft
هنا فيه نية وعزم أو قصد إيذاء الآخرين لبلوغ قصد ما . وهنا يلجأ الساحر إلى أفعال معينة وطقوس ورموز وأقوال معينة وقد يضع عظم ما ، أو يجري عليه عمليات معينة أو يحرق بخوراً وباختصار عادة الساحر قد لا يسمح لك برؤية ما يفعله حقاً ويصعب على المثقفين تقدير مدى تفشي السحر في نسيج الحياة اليومية .
كما يشير إليها الباحث ونتر ( Winter ) والشخصية الناضجة تواجه المشكلات المتنوعة بصراحة وواقعية ويمكنها تحمل المسؤولية ويمكنها تحمل اكبر درجة من القلق والتوتر وتتمكن من مراجعة ذاتها للتصحيح وإيجاد الخطأ والاعتراف به وإصلاحه ، أما الشخصية الأقل نضجاً وتوازناً والأكثر عقداً فهي ضعيفة لا تتحمل اللوم والذنب والخطأ وللتخلص من المسؤولية تتجه إلى اختلاق الأعذار والتهرب الإرادي من المسؤولية والتبرير الضعيف والاتجاه إلى (التفكير السببي) وهي من جماعة (اعقلها وتوكل) ثم الاتجاه إلى أساليب دفاعية نفسية للتخلص من القلق الشديد أو الخوف من الحسد والعين والسحر والحظ والفنجان والخيرة . (BAfre) .
أما مظاهر السحر فهي مثل مظاهر الحسد ، فيقول هنا ابن قيم الجوزية في الطب النبوي في هدي الرسول () إن المظاهر (الحسد والسحر) مثلما كان يعتريه () من الأسقام والأوجاع ، وهو مرض مثل باقي الأمراض وإصابته به مثل إصابة السم لا فرق بينهما . ( 7 )
هذا ويؤكد هذه المظاهر أيضاً القاضي عياض حيث يقول أنه تظهر على الفرد المصاب بالحسد أو السحر مظاهر العلل والسقم ، وإنه لا يجوز إهمالها . ( 8 ) للموضوع تكملة .



#سعد_سوسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنبؤ الخرافي
- الإيمان بالقدر والتفكير ب (لو)
- كيف تتكون الخرافات
- الخرافة في علم النفس
- الخرافة Superstition
- تشتت الانتباه 2
- تشتت الانتباه
- نظريات الانتباه ج 2
- نظريات الانتباه
- العوامل المؤثرة في الانتباه
- أنواع الانتباه
- طبيعة الإنتباه
- الانتباه
- مفهوم الذات : Self-concept 1
- مفهوم الذات : Self-concept
- اشياء متاخرة . ق ق .
- مقاربة بين النظام الاسلامي والنظام الوضعي في الضبط الاجتماعي
- المنظور الوضعي للضبط الاجتماعي
- الاثار الاجتماعية Social Effects
- نشاطها السياسي وأثره في توليها الوزارة ج 2


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعد سوسه - السحر Magic