أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حيان نيوف - الفن و-مذهب التكذيبية- ..














المزيد.....

الفن و-مذهب التكذيبية- ..


حيان نيوف

الحوار المتمدن-العدد: 496 - 2003 / 5 / 23 - 02:53
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


الفن و"مذهب التكذيبية" ..

     عندما تنفجر قبة السماء لتلد لنا عائلة من النجوم ، وعندما يستيقظ الديك وقد أطاحت به ثلاث دجاجات ، وعندما يتحوّل الحلم إلى حقيبة سفر محشوّة بالتبغ البلدي ، عندها تصبح الحكاية أو الهرطقة أكثر نضجا وتصبح الابتسامة أكثر عفوية في زمن اغتيال الابتسامة والفكرة وتسوير العقل ليس بأشرطة شائكة وإنما بألبسة داخلية .النبات يضحك بكل طبقاته الاجتماعية : من السنديان إلى البلوط حتى النعناع . الحيوانات كذلك تضحك فرحة  بولادة الأميرة دوللي ، وزفاف الحمل الذي رفض أن يكون ضحية لابن آوى  ، وهذا الأخير ترك سلاحه أخيرا وقرر أن يصالح وأن لا يكشر عن أن أنيابه بعد اليوم . وحتى الحمار أصبح يتباهى بوجود اسمه مع ترجمات متنوعة في القواميس .
   إلا تلك الخشبة فقد سقطت عن كتف الحلم وغرقت في زمن النسيان . لقد رحلت الخشبة مع النص والمشاهد . فقد ملت الخشبة أرجل الممثلين بعدما عرفت أنهم يكذبون ولا يعرفون عن الحياة أي شئ : لا يسمعون عن قصة تدعى الحزن والرحيل إلى عالم آخر على متن خازوق  ، وأعينهم تحولت إلى عدسات لاصقة .وأما النص فقد احترق وتحول إلى كذبة . ما أسهل أن نبكي الناس وما أصعب أن نجعلهم يضحكون !، وهذا نص يحاول إضحاك الناس بالقوة . وأما المشاهد فقد توفي ودفن بجانب سعد الله ونوس . ولنتخيل كيف استبدلت خشبة المسرح الأصيلة بأرض من القش ،واستبدل النص بكلمة ترحيب ، واستبدل المشاهد بكرسي فارغ ! . في هذه اللحظة ، وفي جو عاصف ومثلج ، ترحل عنا كل الأشياء الجميلة لتستبدل بالقبح والقرف . لنبحث بعدها عن بطل يحمل الخشبة على ظهره ويعيد للجمال شكله وللفن رونقه ونسيجه .لا تسمع صيحة ، ولا تقوم نهضة عندما تنكسر ألوان الفن في الماء وتتحول إلى لون واحد ، ولا تنهض بعد انكسار خشبة المسرح وانعدام اللون الحقيقي لكل كلمة نخاطب فيها الآخر كائنا من كان : إن كان إنسانا أو منحوتة أو قطعة خزفية .
  وفيما ينقسم المسرحيون الآن في بريطانيا والولايات المتحدة حول تحديد مفهوم جديد للأدب بعيدا عن كل الأشكال القديمة والمذاهب المترهلة من كثرة النقد والكتابة عنها ، يدفن النص المسرحي في عالمنا العربي في حفنة من الرمال الباردة وحفنة من النقود – والدعوة عامة إلى مسرح الكذب الذي لا يمت للمسرح الحقيقي بأي صلة لا من حيث الشكل الديكوري ولا من حيث المضمون الأدبي الفذ . طبعا هذا ما اكتشفناه عندما علمنا أن الفنان المصري أحمد بدير قد عاد إلى نصوص ونّوس أكثر من مرة . فلم يعد " المسرح " يدر تكلفة ديكوره ، وهذا يعود إلى افتقداه شروط المسرح مما جعل الناس يفضلون مسرحية قديمة لعادل إمام أو سمير غانم عبر التلفاز ولا يذهبون إلى صالة المسرح خوفا من الإصابة بالقرف والمساهمة بتشجيع الكذبة .
        ويمكن لأي شخص أن يقارن بين نص لمحمد الماغوط أو سعد الله ونوس وبين نصوص هذه الأيام ، فيبدو للوهلة الأولى أنها(نصوص هذه الأيام ) كلمات للتجارة فقط والتزييف والصعود على درج منكسر .ويتساءل أحدهم عن الفرق ما بين هذا النص أو ذاك وكلّه مسرح . ولكن الإجابة تأتي من حيث لا يدري هذا الشخص ولا يعلم : إنها تأتي من حيث يمكن له أن يقرأ نصا هنا وبشغف ، ومن جهة أخرى لا يقدر على متابعة سطرين في نص آخر .والنص المسرحي ، إذا لم نقل المسرح ، تطور عبر الزمن . وأما كلمة مسرح بالإنكليزية Drama  فقد جاءت من الكلمة اليونانية Dran  ومعناه تأدية عمل أو إقامة عرض. وفي القرن الرابع قبل الميلاد تحدث أرسطو عن المسرح ووصفه بأنه محاكاة الواقع . قبل الميلاد يعرّف أرسطو المسرح على أنه محاكاة للواقع ، وفي أيامنا " الحديثة والعصرية " يتحول المسرح إلى محاكاة للكذبة وتزوير القهر الروحي والطغيان الأدبي وشمولية التفكير .وهذا العصر الذي شهد انطلاقة الحداثة المبنية على تفرعات عديدة في إيطاليا ، روسيا ، فرنسا مثل التعبيرية والتصويرية والرمزية : ينشا لدينا مذهب يضاهي الحداثة وكل ما ذكرت من تفرعات ، إنه مذهب " التكذيبية " القائم على ركيزتين : الركيزة الأولي وتتمثل بفن هندسي جديد هو " فن الخداع " والذي يبعد المتابع ( مشاهد ، قارئ ) عن الحقيقة مهما كانت بسيطة كأن نقول :" يجب أن نتعلق بالأمل القادم من خلف الشمس على بساط سحري .. " ، فهذا الكلام الأدبي يبعد المتابع عن تصوير الواقع وبل يزوّره ، وكان حريا بهذا الكاتب أن يعترف بالحقيقة من البداية كما المسرحي ونوس ويقول " إننا محكومون بالأمل " . وأما الركيزة الثانية فهي العدائية لكل ما هو جديد : ممنوع أن نبتكر ، وبحيث يصبح الابتكار معيبا ، ويتساءل أصحاب هذه الركيزة : لما نبتكر الجديد ما دامت لدينا النصوص الكثيرة من شكسبير و بليك و الماغوط ومحفوظ التي تتحدث عن واقعنا في القرن الماضي ! .ربما يدرك أصحاب المدرسة "التكذيبية " ولكن بعد حين أن الأشياء المتشابهة لا يمكن لها أن تتشابه إلا عندما تختلف وبهذا نعطي فرصة للآخر إن كان مقرفا أو لطيفا ليظهر ، وأن الأشياء المختلفة لا يمكن أن لها أن تختلف إلا عندما تتشابه وبهذا مهما اختلفنا في تصوير لوحة فنية سنتفق في النهاية أنها لوحة ويمكن تصنيفها ، وهذا على سبيل المثال .فجأة  يوضع الفن والمسرح ( العتيق !) والحديث في عربة قادمة من خلف التلال يقودها قروي تدلت من على ظهره ربطة بقدونس ونامت بين أصابعه لفافة تبغ تنير الطريق الطويل إلى وادي الضباب .
حيان نيوف / كاتب سوري



#حيان_نيوف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سعد الله ونوس يعود للذاكرة الدمشقية ..
- صحفي عن صحفي يختلف ...
- قذائف الديمقراطية تسقط على الصحفيين


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حيان نيوف - الفن و-مذهب التكذيبية- ..