|
في شرعية التمثيل الشعبي .. الأحزاب الكردية السورية مثالا
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7266 - 2022 / 6 / 1 - 14:01
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
إزاء ظاهرة تكاثر الأحزاب الكردية السورية ، ( تجاوزت المائة ) والشقاق المستمر بصفوفها ، وتبديل الولاءات لطرفي الاستقطاب ( ب ي د و. ب د ك ،س ) ، يتساءل المواطن الكردي العادي : ماذا تمثل هذه الأحزاب ؟ وهل ظهرت بارادتنا ؟ وهل تعبر عن طموحاتنا ؟ . هذا مانسمعه في الوسط الكردي بشكل دائم وفي السنوات العشرة الأخيرة بصوت أعلى ، ويتردد صداه ، انه تساؤل شديد العمق ، غني المعاني ، نابع من خيبات الامل ، وخسارة الرهان ، يحتاج الى إجابة موضوعية ، من موقع المسؤولية الوطنية ، والأخلاقية ، حتى لو كانت جارحة للبعض ، ومفاجئة لبعض آخر ، فالموضوع يتعلق بالشأن العام ، وبتاريخ حركة شعب ، ويجب ان لايخضع البت فيه للاعتبارات الشخصية ، أو المواقف الفكرية ، والسياسية ، وسيكون ومهما كانت الإجابة قابلا للنقاش ، والاخذ والرد . بداية لابد من التأكيد أن أي شعب في عصرنا الراهن وبينهم الكرد ، وفي كل المراحل ، بامس الحاجة الى أدوات تنظم الحياة السياسية ، والاجتماعية ، وتحقق الأهداف الكبرى، والمطالب الحياتية، بالطرق المناسبة المتاحة ، هذا من حيث المبدأ ، ومن جهة أخرى فان قيام ، ونمو ، ونضال الأحزاب ، في سبيل الحرية ، والديموقراطية ، والتقدم لن يستقيم الا في ظل النظام الديموقراطي الذي يكفل حرية الرأي ، وهذا ما كان يعوزه السورييون عموما ، والكرد على وجه الخصوص ، منذ انقلاب البعث بداية ستينات القرن الماضي ، لم تشهد البلاد أي تطور وطني ديموقراطي ، وطبقت الاحكام العرفية ، وتم تكميم الافواه ، وقمع المعارضة ، وزج المناضلين بالسجون ، والمعتقلات . جرت محاولات عديدة في غضون العقود الماضية لتشكيل أحزاب ، وتنظيمات سياسية ، في السر ، وفي العلن ، وباستثناء عهود شبه ديموقراطية مابعد الاستقلال ، لم تكن بالمستوى المطلوب بعد سيطرة البعث ، رغم ظهور قيادات فردية ثورية ، ولم تظهر عبر التخويل الشعبي ، كما لم تكن تمثل مصالح الطبقات الاجتماعية بصورة علمية ، وموضوعية ، كما تحصل في المجتمعات الديموقراطية ببعض البلدان الغربية ، الراسمالية ، كانت في بلادنا غالبا فئوية ، مناطقية ، عصبوية ، بالإضافة الى انكشافها امام السلطات ، واختراقها ، وإمكانية شقها في أي وقت من جانب الأجهزة الأمنية . في الحالة الكردية ظهر الحزب الكردي السوري الأول ( الحزب الديموقراطي الكردستاني – سوريا ) عام ١٩٥٧ ، كحاجة موضوعية استجابة لامرين متكاملين ، الأول : لتنظيم الصف الكردي ، وقيادة نضاله السلمي المدنيي ، من اجل المساهمة في الحياة الوطنية ، وانتزاع الديموقراطية ، وتحقيق الحقوق القومية المشروعة ، وذلك لملئ الفراغ الحاصل حيث امتنعت الأحزاب السورية القومية ، والشيوعية ، والإسلامية عن تبني القضية الكردية في برامجها ، او طرح المظلومية الكردية ، والامر الثاني : انبثق في خضم موجة تشكل وتاثير الأحزاب الديموقراطية على المستوى القومي في المنطقة فقد سبقه اعلان كل من : ( حزبي ديموقراطي كردستان ايران ١٩٤٣ – ١٩٤٤ ، والحزب الديموقراطي الكردستاني – العراق ١٩٤٦ ، ولاحقا الحزب الديموقراطي الكردستاني – تركيا ) ، جميع هذه الأحزاب ، بمافيه السوري ، كانت استجابة لارادة النخب الكردية في أزمنتها المختلفة ، حتى من دون تخويل شعبي ، او تنظيم استفتاء ، وانتخابات ديموقراطية عامة ، لان الظروف المحيطة لم تكن تسمح بذلك ، اما الى اية درجة مثلت هذه الأحزاب أهداف ، وطموحات ، ومصالح الشعب ، وهل كانت سياسات قادتها وأداؤها بالمستوى المطلوب وعلى طريق الصواب فقد يحتاج الجواب الصائب الى المزيد من البحث ، والتمحيص . الانقسام الفكري ، والتنظيمي ، والسياسي ، الذي أطاح بوحدة الحزب الأول منذ العام ١٩٦٥ ، لم يلغي حاجة الكرد السوريين الى حزب منظم يمثل ارادتهم ، ويطرح قضاياهم في المحافل الوطنية ، والإقليمية ، والاممية ، ويرعى احياء وتطوير الثقافة الكردية ، ويواجه النظام الشوفيني المستبد ، ويفضح مخططاته العنصرية امام الراي العام ، ويساهم في احياء الثقافة الكردية ، اما إشكالية التمثيل الشرعي ، وتخويل الأغلبية ، فظلت على ماهي عليها دون حل ، بسبب كما نوهنا أعلاه ، سيادة الاستبداد ، وخنق الحريات ، والإجراءات الشوفينية الصارمة تجاه الكرد خصوصا . ومن دون الدخول بتفاصيل الخلافات بين اليسار ، واليمين حول مضمون القضية الكردية ، والمسألة القومية ، ودرجات التمثيل الشعبي ، حيث ذكرنا جوانب منها في القضايا المطروحة السابقة ، فانني أميل الى اعتبار تدني التمثيل الشعبي أكثر ، وهبوط درجات التعبير عن إرادة ، وطموحات الكرد الى اسفل الهرم ، من جانب الأحزاب التي تكاثرت ، وتوالدت ، منذ أواسط ثمانينات وبداية تسعينات القرن الماضي ( ليس بهدف ملئ فراغ مثلا ، او تمثيل طبقة اجتماعية ، او اجتراح نهج قومي متطور أكثر رسوخا ) أي بعد حلول مرحلة " الانحطاط " التي تقلصت فيها مسافة التمثيل من نخب ، وجماهير ، الى شلل ، ومجموعات ، وعائلات ، وازدهر المال السياسي ، وترسخت خطة " تكريد الصراع " ثم مهدت هذه التراجعات لترسيخ التبعية للمحاور ، والعمل لمصلحة اجندات خارجية على حساب مصالح ، وطموحات الكرد السوريين ، وهو بحد ذاته شكل عاملا مساعدا في تنفيذ مخططات افراغ المناطق ، وتغيير تركيبتها الديموغرافية ، التي واجهها الحزب عندما كان يحظى بنوع من القبول من جانب قطاع واسع من الجمهور الشعبي الكردي . كيف السبيل لاستعادة التمثيل الشعبي ، والتعبير عن إرادة الغالبية الكردية ؟ التطورات الموضوعية في الملف الكوردي بالمنطقة عموما والكردي السوري خصوصا ، وازدياد درجات الوعي السياسي ، والنضج الثقافي ، وتقديمات العلوم ، والتكنولوجيا في مجال التواصل الاجتماعي ، وسهولة عقد اللقاءات ، والمؤتمرات بمعزل عن المخاطر الأمنية ، ومن دون تكاليف مادية باهظة ، يسهل الطريق امامنا ، ويحفزنا لتحقيق الكثير من الخطوات ، وتوفير الشروط اللازمة ، لاعادة بناء الحركة الكردية السورية ، وتوحيدها ، من خلال المؤتمر الكردي السوري الجامع ، علىى أسس سليمة ، وبما تتلاءم مع ركب التقدم ، والظروف المحيطة ، بالاستفادة من أخطاء الماضي ، والتفاعل مع متطلبات الحاضر والمستقبل ، وقبل هذا وذاك التعبير الصحيح عن مصالح ومطامح الغالبية الشعبية على الصعيدين القومي ، والاجتماعي . وكما أرى فان تجارب العمل الحزبي في المنطقة كلها ، وفي حالتنا الكردية السورية أيضا ، بمرارتها ، واخفاقاتها ، لن تتكرر ، بل ان السبيل الأمثل هو انتهاج بناء حركات واسعة ببرنامج شفاف توافقي ، تضم أوسع الطبقات الاجتماعية ، والقطاعات الشعبية ، تتعدد ضمنها الآراء ، وتتنافس الأفكار بحثا عن الأفضل ، وتحمل المشروع القومي ، والوطني الكردي من اجل التغيير الديموقراطي ، وتثبيت الحقوق المشروعة ، وهذا ما سينبثق عن المؤتمر المنشود . والطريق الوحيد للوصول الى المبتغى هو الانتقال من مرحلة سيولة الأحزاب ، والاستقطاب الحزبوي ، والصراعات بالوكالة ، وضخ المال السياسي ، والتبعية ، والاتكال ، واستعارة التاريخ ، والامجاد ، الى مرحلة متجددة في الفكر ، والسياسة ، والأخلاق النضالية السامية ، واختيار اطر العمل السياسي المنظم ، والموسع بطريقة ديموقراطية ، شفافة ، بحيث يشمل كل طبقات ، وفئات المجتمع ، بالتفاعل الإيجابي مع شروط المرحلة النضالية الآنية ، هذا هو الطريق الوحيد لاستعادة التمثيل الشعبي ، وتعزيز العوامل الذاتية ، والبدء بتغيير العوامل الموضوعية لمصلحة قضايانا القومية ، والوطنية ، والديموقراطية .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
واقع الكرد السوريين بالدياسبورا
-
الأزمة تتفاقم فلنبحث عن الحل
-
صفحات مضيئة في تاريخ الحركة الكردية السورية
-
الذاتي والموضوعي في أزمة الحركة الكردية السورية
-
أحزابنا ليست - منظمات مدنية - وكذلك فراخها
-
عودة الى مشروع حراك - بزاف - لاعادة البناء
-
في تشخيص إخفاقات الأحزاب الكردية السورية
-
قراءة نقدية لتصريحات بعض مسؤولي جماعات – ب ك ك – السورية
-
قضية شعب ، وليست منازعات أحزاب
-
الأحزاب الكردية السورية : تشابه في النهج
-
نحو إعادة النظر بالعلاقات الكردستانية
-
المشهد الكردي السوري بين الثابت ، والمتحول
-
الأولوية لاعادة بناء الحركة الكردية السورية
-
تبدلات في طبيعة الصراع الدولي .. تداعيات ، ونتائج
-
قراءة في نظرية - التوريط -
-
في أوجه الشبه بين - الهتلرية - ، و-البوتينية -
-
بحثا عن نظام عالمي عادل
-
التصعيد الروسي العدواني الى اين ؟
-
مؤتمر ميونخ وإعادة تعريف قضايا الصراع الدولي
-
فلنحدد قواعد الصراع في الساحة الكردية السورية
المزيد.....
-
صور بعض قتلى فاجعة اصطدام طائرة الركاب بمروحية عسكرية في واش
...
-
شاهد كيف ردّ ترامب على سؤال صحفي بشأن رفض مصر والأردن اسقبال
...
-
سموتريتش: إذا تضمنت المرحلة الثانية من الصفقة إنهاء الحرب دو
...
-
من هو محمد الضيف الذي أعلنت حركة حماس مقتله؟
-
تحليل: عندما توجه الجزائر بوصلتها نحو أمريكا كيف يستجيب ترام
...
-
الكشف عن 3 حوادث تقارب جوي سبقت كارثة اصطدام الطائرتين في وا
...
-
إنقاذ 60 شخصا في حريق شمال غربي موسكو (فيديو)
-
للمرة الخامسة على التوالي.. موسكو تسجل رقما قياسيا لدرجة الح
...
-
رئيس الأركان الروسي يتفقد قوات -الشرق- في دونباس (فيديو)
-
مصر.. حريق ضخم يلتهم السفن في السويس
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|