رياض العطار
الحوار المتمدن-العدد: 1676 - 2006 / 9 / 17 - 08:54
المحور:
حقوق الانسان
دراسة مقدمه الى المؤتمر العالمي للمقابر الجماعية
بعنوان : ( جريمة الانفال من الجرائم الموجهة ضد الانسانية )
اليوم 16 ديسمبر ينعقدالمؤتمر العالمي للمقابر الجماعية و ادناه نص دراستنا المقدمة الى المؤتمر:
من المؤكد ان ضحايا هذه الجريمة البشعة قد دفنوا في مقابر جماعية و خصوصا الذين أسروا و نقلوا الى مناطق اخرى من العراق و السؤال المطروح في هذا السياق :
من هم ضحايا المقابر الجماعية ؟
في البداية اسمحوا لنا ان نحدد من هم ضحايا المقابرالجماعية .
في اعتقادي ان الضحايا يتوزعون على عدة جرائم ارتكبت من قبل النظام السابق و هي :
1- جريمة انفال ثمانية الاف برزاني اختطفوا من مناطق سكناهم عام 1983 و اختفوا منذ ذلك الوقت و تبين انهم قتلوا ودفنوا في مقابر جماعية
و قد عثرعلى رفاتهم في في مقابر جماعية في اربيل و السليمانية و نقرة السلمان ..
2- جريمة قصف مدينة حلبجة بالاسلحة الكيمياوية و التي أدت الى استشهاد اكثر من خمسة الاف انسان دفن معظمهم في مقابر جماعية .
3- جريمة الانفال من عام 1987 الى 1988 حيث شنت حملات عسكرية استخدمت فيها الاسلحة الكيمياوية و التي أدت الى استشهاد 182 الف انسان و تم
نقل اعداد كبيرة من السكان كالاسرى الى منطقة الحضر في محافظة الموصل و الى نقرة السلمان في محافظة السماوة حيث دفنوا احياء مع عوائلهم في مقابر جماعية .
4- ضحايا قمع انتفاضة اذار المجيدة عام 1991 حيث قتل عشرات الاف من الناس في المحافظات الوسطى و الجنوبية و كردستان و استخدمت ضد المنتفضين كل انواع
الاسلحة و هدمت البيوت على رؤوس ساكنيها و دفن معظم الشهداء في مقابر جماعية . 5- الضحايا الذين اعدموا في سجن ابوغريب عام 1996 -1997 و يقدر عددهم بين 1500-2000 و قد دفنوا في مقابر جماعية .
6- ابناء المهجرين الشباب الذين اعتقلوا خلال تهجير عوائلهم الى ايران بحجة انهم من التابعية الايرانية عام 1980 , و قد اختفوا و تبين انهم اعدموا و دفنوا في مقابر جماعية و يقدر عددهم بحوالي سة الاف شخص .
7- الكويتيون الذين خطفتهم القوات العراقية خلال انسحابها من الكويت فتبين بعد سقوط النظام انهم قتلوا و دفنوا في مقابر جماعية.
لقد عثر في صحراء السماوة و كربلاء و الديوانية ... على مقابر جماعية لضحايا الانتفاضة كما عثر في كردستان على 17 – 18 قبر جماعي في المناطق المحيطة بكركوك و نينوى و صلاح الدين تضم رفات اكراد تعود وفاتهم الى عام 1988 , و هي فترة حدوث جريمة حلبجة و الانفال , و قد اكد خبراء القبور , ان النار قد اطلقت على الضحايا , كما عثر على مقابر جماعية في محافظة دهوك و اربيل و السليمانية تعود الى ضحايا الانفال وحلبجة .
و هنا , لا بد ان نتطرق بالتفصيل الى واحدة من هذه الجرائم و قد اخترت جريمة الانفال لتكون محور دراستي هذه :
جريمة الانفال من الجرائم الموجهة ضد الانسانية
لقد تم تنفيذ حملات الانفال العسكرية تحت اشراف و قيادة علي حسن المجيد , مسؤول منطقة كردستان انذاك و بصلاحيات أستثنائية واسعة , عندما
تبين أن محمد حمزة الزبيدي ( توفى في السجن أوائل عام 2006 ) لم يكن بمستوى المهمةالمناطة به و قد بدأ علي حسن المجيد بأصدار مجموعة من
التعليمات الصارمة و القاسية و التي تحدد بوضوح سيطرتة الشخصية على الامور هناك , و قد ورد في هذه التعليمات الامر المرقم 38 - 2950 و المؤرخ في 3 حزيران عام 1987 الموجه الى القيادات العسكرية و قيادات فروع الحزب و مديريات الامن و مديرية المخابرات العامة و منظومة الاستخبارات ما يلي : الموضوع : - قرار-
1 - يمنع منعا باتا وصول أي مادة غذائية أو بشرية أو ألية الى القرى المحظورة أمنيا المشمولة بالمرحلة الثانية من تجميع القرى و يسمح للعودة الى الصف الوطني من يرغب منهم و لا يسمح الاتصال بهم من أأقربائهم نهائيا الا بعلم الاجهزة الامنية .
2 - يمنع التواجد منعا باتا في مناطق المرحلة من القرى المحظورة أمنيا و المشمولة بالمرحلة اولى لغاية 31 - 6 - 1987 للمنطقة المشمولة
بالمرحلة الثانية .
3 - بعد اكمال الموسم الشتوي و الذي يجب ان ينتهي في 15 تموز بالنسبة الى الحصاد و لا يجوز استمرار الزراعة فيه للموسمين الشتوي
و الصيفي لهذا الموسم أيضا .
4 - يحرم كذلك رعي المواشي ضمن هذه المناطق .
5 - على القوى العسكرية ضمن كل قطاعه قتل أي انسان او حيوان يتواجد ضمن هذه المناطق و تعتبر محرمة تحريما كاملا .
6 - يبلغ المشمولون بترحيلهم الى المجمعات بهذا القرار و يتحملون مسؤولية مخالفتهم له . للاطلاع و العمل بموجبه كل ضمن أختصاصه .
التوقيع - علي حسن المجيد - أمين سر قيادة مكتب تنظيم الشمال .
متى بدأت العمليات العسكرية :
قام مرصد الشرق الاوسط بدراسة 40% من الوثائق التي أستولت عليها المعارضة الكردية من المكاتب الحكومية في كردستان العراق عقب
أنتفاضة أذار عام 1991 و وفقا لهذه الدراسة فقد بدأت عمليات الابادة ضد الاكراد بحملة الانفال الاولى بتأريخ 23 شباط 1988, بشن عدة هجمات في وادي (جفاتي ) في محافظة السليمانية , و قد حققت هذه الحملة أهدافها المحددة لها يوم 19 أذار بسقوط أخر قاعدة للمقاومة الكردية في قرية (بير غالو) ) ودمرت في هذه الحملة معظم قوات المقاومة الكردية مما اجبر بقية القوات على الهروب بأتجاه ايران ,
, و لم يأسر في هذه العملية الا القليل .
في يوم 16 أذار شنتالقوات الحكومية التي يشرف عليها علي حسن المجيد , عدة هجمات بالاسلحة الكيمياوية على مدينة ( حلبجة ) التي راح ضحيتها خمسة الاف شهيد و مثلهم جرحى ! .
يوم 22 أذار بدأت الحملة الثانية للانفال , عندما شنت القوات الحكومية عدة هجمات بالاسلحة الكيمياوية على عدة قرى , و تم خلال هذه الحملة
أختفاء اعداد كبيرة من الشباب و تم نقل بعض العوائل الى مخيمات الاعتقال في الصحراء جنوب العراق و سجن ( نقرة السلمان ) , و قد أنتهت هذه الحملة في الاول من نيسان عام 1988 .
في 7 نيسان بدأت حملة الانفال الثالثة في سهل ( جرمي ) حيث شنت القوات الحكومية هجوما كبيرا أستخدمت فيه جميع انواع الاسلحة بما فيها
الطيران , و لم تواجه قوات الحكومة مقاومة شديدة بسبب شدة الهجوم , و قد أنتهت هذه الحملة يوم 30 نيسان بعد ان دمرت جميع القرى في المنطقة
و قد تم أختفاء عدد كبير من العوائل ( تبين بعد سقوط النظام ان هؤلاء قد دفنوا احياء في مقابر جماعية في السماوة و الناصرية ...) .
يوم 2 أيار بدأت عملية حملة الانفال الرابعة بشن هجوم عنيف بالاسلحة الكيمياوية بواسطة سلاح الطيران و قد قتل في هذا الهجوم عدد كبير من المدنيين و نفذت عمليات أعدام جماعية بحق المقاتلين و المدنيين من اطفال و نساء ...
في 8 أيار دمرت جميع المستوطنات السكانية في منطقة العمليات الحربية .
و من 15 أيار الى 28 أب بدأت حملات الانفال الخامسة و السادسة و السابعة , عندما شنت هجمات واسعة لقوات الحكومة على وادي (شقلاوة)
و ( راوندوز ) و قد أستخدمت في هذه الهجمات الاسلحة الكيمياوية و قد قتل و أسر و أختفى الاف من الاكراد و نقل بعضهم الى معسكرات الاعتقال.
يوم 25 أب نفذت حملة الانفال الثامنة و الاخيرة في منطقة ( باديان ) بشن هجمات بالاسلحة الكيمياوية على عدة قرى و بعد هذه الهجمات
العنيفة فر السكان الى الجبال المحيطة بالمنطقة , و قتل و جرح في هذه الهجمات ألاف من الاكراد .
يوم 6 يلول أنتهت حملات الانفال سيئة الصيت و التي شكلت وصمة عار في جبين حكم صدام حسين البائد وقد أستمرت أكثر من ستة أشهر ( من23 شباط الى 6 أيلول ) و أدت الى قتل و أسر و اختفاء الاف من العوائل الكردية .
لقد لاحظ المقرر الخاص لحقوق الانسان السابق ( فان دير شتويل ) ان حملات الانفال كانت محكمة التخطيط و التنفيذ و قد أدت الى و فاة و أختفاء
الاف الاسر , و تم تدمير الاف القرى , بما في ذلك الموارد الاقتصادية و الممتلكات الثقافية العامة .. .الخ .
ان حملات الانفال التي نفذتها حكومة صدام حسين ضد الشعب الكردي هي أحدى جرائم الابادة للجنس البشري و يتحمل مسؤوليتها بالتضامن جميع
أعضاء مجلس قيادة الثورة ( المنحل ) و وزير الدفاع و القادة انذاك الذين ساهموا او خططوا او أمروا بتنفيذها .
موقف المجتمع الدولي من جريمة الانفال
لقد ادان المجتمع الدولي قمع الشعب العراقي و خصوصا الاكراد و اصدر مجلس الامن عام 1991 القرار رقم 688 الذي ندد فيه بقمع السكان المدنيين العراقيين , بما في ذلك في المناطق التي يسكنها الاكراد , و طالب المجلس وضع حد لذلك , و ذكر ان نتائج القمع تهدد السلام و الامن
الدوليين , و في بيانيين أخرين أدلى بهما رئيس مجلس الامن الدولي في 11 أذار و 23 تشرين الثاني عام 1992 , ذكر ان المجلس , لا يزال
يساوره بالغ القلق , أ زاء الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان التي أرتكبتها حكومة العراق ضد شعبها و لا سيما في المنطقة الشمالية ( كردستان )
من العراق و مراكز الشيعة في الجنوب و الاهوارفي الجنوب .
, و في هذا السياق فقد ذكر المقرر الخاص لحقوق الانسان :
أنه درس حالة عرب الاهوار , و افاد ان طريقة عيشهم التقليدية معرضة للخطر نتيجة لافعال الحكومة العراقية , و
أضطر الاف من عرب الاهوار الى الفرار داخل البلد و خارج حدوده بسبب الحملة العسكرية التي شنتها الحكومة على من تظن أنهم
معارضون و هي حملة تضمنت قصف القرى عشوائيا بالقذائف السامة و تم تسميم القنوات المائية بالمواد الكيمياوية و الاعتقال و الاحتجاز التعسفين لاعداد كبيرة من الاشخاص , كما نشرت الالغام مما اضطر السكان للهجرة من مناطقهم و حدثت ايضا
عمليات تشريد قسرية من جراء ( مشروع النهر الثالث ) الذي نفذته الحكومة , و هو مشروع يرمي الى أنشاء طريق مائي مركزي للري .
لقد أدى تجفيف الاهوار الى تغيير تام في أقدم نظام لتنقية المياه و تعديل نسبة الملوحة في نهري دجلة و الفرات , فنسبة الملوحة أرتفعت الى الضعف
بعد سنتين , و معدل درجة الحرارة أرتفع في مناطق وسط العراق و جنوبه باكثر من درجة و نصف , كما أصبحت المنطقة خالية من سكانها
و ماتت فيها أصناف من النباتات و رحلت عنها طيور كانت تتخذ من هذه المنطقة موطنا دائما او مؤقتا لها .
و السؤال المطروح في هذا السياق :
من هم الذين ارتكبوا جريمة الانفال ؟ و ما هي مواقعهم عند ارتكاب الجريمة ؟ و ما نوعها ؟ و ماذا كان موقف القانون الدولي من هذه الجريمة ؟
لقد شارك صدام حسين شخصيا في الجوانب العملياتية لجريمة الانفال من خلال مكتب رئاسة الجمهورية ¸و بأعتباره القائد العام للقوات المسلحة الا ان السلطات العليا لتسيير الشؤون الكردية بين اعوام 1986 – 1989 قد انيطت ب علي حسن المجيد ( علي كيمياوي ) بأمر من صدام حسين .
كانت جريمة الانفال عملية خاصة قادها مكتب تنظيم الشمال الذي يرأسه علي كيمياوي الذي اعطيت له سلطات أستثنائية بموجب القرار الصادر عن مكتب تنظيم الشمال و لجنة الشمال المرقم 160 بتاريخ 29 اذار 1987 , حيث وضعت تحت تصرفه جميع اجهزة الدولة الحزبية و العسكرية و الامنية , و قد شارل في التوقيع على الاوامر الصادرة عن
قيادة مكتب شؤون الشمال , طاهر توفيق العاني , سكرتير المكتب ( احتفظ عندي ببعض هذه الاوامر في الارشيف الخاص بالانفال ) , و شارل ايضا راضي حسن سلمان مساعد امين عام قيادة مكتب الشمال ( كان محافظ القادسية سابقا ).
لقد وضعت تحت قيادة على كيمياوي في عمليات الانفال الاجهزة الرئيسية التالية :
* الجيش العراقي الذي يضم ( قوات الكوماندوس و القوات الخاصة و وحدات الاسلحة الكيمياوية و سلاح الهندسة ... ) .
كان وزير الدفاع انذاك اللواء عدنان خير الله ( توفى ) و رئيس اركان الجيش نزار عبد الكريم الخزرجي , وكانت معظم عمليات الانفال تدار من قبل الفيلق الاول المتمركزفي كركوك بقيادة سلطان هاشم و الفيلق الخامس المتمركز في اربيل بقيادة العميد يونس محمد الضارب , و كان سلطان هاشم ايضا قائدا ميدانيا لعملية الانفال الاولى, و قاد كل من العميد اياد خليل زكي و العميد بارق عبد الله الحاج حنطة على التوالي عمليتي الانفال الثانية و الثالثة ( الاخير قتله صدام ) .
قوات الحرس الجمهوري وحدة العمليات الخاصة التي شاركت في عمليات الانفال الاولى و الثانية.
* مديرية الاستخبارات العسكرية العامة , التي اشرفت على مراكز الحجز التمهيدية في قلعتي ( قورانتو و نزاركه و غيرها ) و التحقيق في بعض المسائل الخاصة بالمتخلفين و الهاربين من الخدمة العسكرية … و كان قائد القاطع الشرقي للاستخبارات ( خالد محمد عباس ) و قائد القاطع الشمالي للاستخبارات( فرمان مطلك صالح ).
* مديرية الامن العامة , و من ضمنها الوحدات الخاصة بالعملاء الكرد (المفارز الخاصة ) والتي من مهامها جمع المعلومات و مراقبة السكان و التحقيق مع
المعتقلين في ( توب زاوا ) و معسكرات الاعتقال الاخرى , و الاشراف على المخبرين و تعقب الفارين و الذين يؤونهم و مراقبة المجمعات ... و كان انذاك عبد الرحمن عزيز حسين مديرا لامن منطقة الحكم الذاتي لكردستان .
* قوات الطوارئ , وهي الوحدات الموجودة تحت قيادة حزب البعث من ضمنها , الجحوش , عملاء الشرطة المسؤولين عن المعلومات حول المدن ,مقاومة الارهاب , و الاشراف على مراكز الحجز الاولية في مدينة السليمانية و مواقع اخرى .
* جحافل الدفاع الوطني , لها دور مساعد في العمليات القتالية , جمع السجناء , مهمات الحراسة في مراكز التجميع ...
* الجيش الشعبي , مهمات الحراسة في مراكز النقل الرئيسية ( توب زاوا , دوبز ... )
* لجنة استقبال العائدين , التي كانت مسؤولة عن الذين يعودون الى الصف الوطني بموجب قرارات العفو العام ...
* اللجان الامنية و لجان مكافحة النشاط المعادي و قد نظمت هذه اللجان لمقتلة البيشمركه على مستوى المحافظة , و كان عدد من هذه اللجان تراقب الحصار
الاقتصادي للمناطق المحرمة و تتحكم في حصص التموين و تحاول منع عمليات التهريب ...
* لجان المتابعة التي كانت مسؤولة عن اذعان العائدين بحسب القوانين و تعقب الفارين ...
لقد لعبت بعض الوزارات ادوارا مساعدة في عمليات الانفال حيث قامت وزارة الزراعة بحصد المحاصيل المتروكة , و وزارة المالية بمصادرة الممتلكات و اشرفت على تهديم المنازل ....
ان جريمة الانفال تعتبر بنظر القانون الدولي لحقوق الانسان و القانون الدولي الانساني ( قانون الحرب ) من الجرائم الموجهة ضد الانسانية التي لا تسقط بالتقادم حيث
صوت البرلمان الفرنسي في 26 ديسمبر عام 1985 عل جعل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم استنادا الى اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب و الجرائم المرتكبة ضد الانسانية
و في هذا السياق لا بد لنا ان نعرف بشكل قانوني مصطلح جرائم ضد الانسانية و ماذا يشمل و متى ولد هذا المصطلح ؟
لقد ولد مصطلح جريمة ضد الانسانية على اثر المجازر الجماعية التي تعرض لها الشعب الارمني على ايدي الاتراك عام 1915 , و قد عرف بشكل قانوني حين قرر
الحلفاء عام 1945 محاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية في نورنبرغ حيث عرفته المحكمة العسكرية الدوليةالتي أنشأت لهذه الغاية الجرائم ضد الانسانية : ( جرائم تستهدف القتل و الابادة و الاستعباد و التغريب و كل عمل بشري تم ارتكابه ضد السكان المدنيين قبل او اثناء الحرب , او الاضطهادات التي تم ارتكابها لغايات سياسية , عرقية , دينية . و خلال محاكمة مجرم الحرب ( كلاوس باربي ) تم تعريف جرائم ضد الانسانية بشكل اوسع حيث عرفته محكمة الاستئناف في مدينة ليون الفرنسية التي حاكمته : ( اعمال غير انسانية و اضطهادات تمت بأسم دولة تمارس سياسةهيمنة ايديولوجية و تم ارتكابها بشكل منهجي ليس فقط ضد اشخاص بسبب
انتمائهم العرقي او الديني , و انما ايضا ضد خصوم سياسيين , مهما كان شكل معارضتهم ) . و من هنا يتبين ان عمليات الانفال نفذت بأسم دولة و بشكل منهجي ضد مجموعات من السكان بسبب انتمائهم القومي اولا و اعتبارهم خصوم سياسيين ثانيا .
لقد تطور تعريف مصطلح جرائم ضد الانسانية , حيث اغفلت التعاريف السابقة بعض الجرائم التي هي ليست اقل شأنا , حيث عرفته المحكمة الجنائية الدوليةعام 1998
حيث ورد في المادة السابعة من ميثاق المحكمة , تشمل جرائم ضد الانسانية الاعتداءات التي يتم ارتكاب أي منها بصورة منهجية و على نطاق واسع و هي :
( القتل المتعمد , الابادة , الاستعباد ,الابعاد القسري للسكان , السجن او الاشكال الاخرى للحرمان من الحرية بما يخالف الشرعة الدولية لحقوق الانسان , التعذيب , الاغتصاب , الاستعباد الجنسي , الاجبار على البغاء , الاجبار على الحمل او التعقيم او أي شكل من الاشكال الاخرى للاعتداء الجنسي , قمع مجموعة او جماعة سياسية
او عرقية او قومية او أقنية او ثقافية او دينية , أختطاف الاشخاص , جريمة الابارتايد , و كل جريمةتسبب في أيذاء النفس او الجسد او الصحة العقلية .
و من هنا لا بد من توجيه اتهام جرائم ضد الانسانية وجرائم الابادة الجماعية الى كل من شارك او ساهم ( بأي شكل ) او خطط او امر في عمليات الانفال سيئة الصيت .
و اخيرا , اسمحوا ان اقترح على مؤتمركم ان يوصي بأقامة نصب تذكاري لضحايا المقابرالجماعية الذين استشهدوا في حملات الانفال و الاهوار و خلال انتفاضة
اذار المجيدة و انفال ثمانية الاف برزاني و ضحايا الاعدامات و الاغتيالات السياسية و ابناء المهجرين ... هؤلاء هم ضحايا المقابر الجماعية .
لا افلات من العقاب مهما طال الزمن
ان جميع المتهمين الذين ارتكبوا جرائم ضد السلم او جرائم الحرب و الجرائم الموجهة ضد الانسانية لا يمكن ان يفلتوا من العقاب بموجب الاتفاقية المنشورة ادناة و على الاجهزة العراقية المكلفة بمتابعة المطلوبين ان يعتمدوها لجلب المتهمين الى العراق و محاكمتهم امام القضاء لنيل جزائهم العادل .
و بموجب هذه الاتفاقية لا يمكن ان يمنح هؤلاء المتهمين في اي بلد الاقامة او اللجوء او الحماية ... الخ . ان جرائم الانفال و حلبجة و الاهوار و قمع انتفاضة اذار 1991 و التسفير القسري و الاعدامات خارج نطاق القضاء و اختفاء ثمانية الاف برزاني و تدميراربعة الاف قرية في كردستان و المقابر الجماعية و نهب اموال العراق و الاغتيالات السياسية و عمليات تسميم المعارضين السياسيين للنظام البائد , لا يمكن ان تذهب بدون محاسبة فلا افلات من العقاب مهما طال الزمن و ذلك لان الاتفاقية تخول السلطات المختصة في اي دولة بتعقب و أعتقال و تسليم و معاقبة كل المتهمين بأرتكاب الجرائم المنصوص عليها بالاتفاقية :
نص الاتفاقية
مبادئ التعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية
اعتمدت ونشرت علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة
3074 (د-28) المؤرخ في 3 كانون الأول/ديسمبر 1973
إن الجمعية العامة
إذ تشير إلي قرارها 2583 (د-24) المتخذ في 15 كانون الأول/ديسمبر 1969، وقرارها 2712 (د-25) المتخذ في 15 كانون الأول/ديسمبر 1970، وقرارها 2840 (د-26) المتخذ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1971، وقرارها 3020 (د-27) المتخذ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1972،
وإذ تأخذ بعين الاعتبار وجود ضرورة خاصة لاتخاذ إجراءات علي الصعيد الدولي بغية تأمين ملاحقة ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية،
وقد نظرت في مشروع مبادئ التعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية،
تعلن أن الأمم المتحدة، عملا بالمبادئ والمقاصد المبينة في الميثاق والمتعلقة بتعزيز التعاون بين الشعوب وصيانة السلم والأمن الدوليين، تعلن المبادئ التالية للتعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية:
1. تكون جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، أيا كان المكان الذي ارتكبت فيه، موضع تحقيق، ويكون الأشخاص الذين تقوم دلائل علي أنهم قد ارتكبوا الجرائم المذكورة محل تعقب وتوقيف ومحاكمة، ويعاقبون إذا وجدوا مذنبين.
2. لكل دولة الحق في محاكمة مواطنيها بسبب جرائم الحرب أو الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.
3. تتعاون الدول بعضها مع بعض، علي أساس ثنائي ومتعدد الأطراف، بغية وقف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والحيلولة دون وقوعها، وتتخذ علي كلا الصعيدين الداخلي والدولي التدابير اللازمة لهذا الغرض.
4. تؤازر الدول بعضها بعضا في تعقب واعتقال ومحاكمة الذين يشتبه بأنهم ارتكبوا مثل هذه الجرائم، وفي معاقبتهم إذا وجدوا مذنبين.
5. يقدم للمحاكمة الأشخاص الذين تقوم ضدهم دلائل علي أنهم ارتكبوا جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، ويعاقبون إذا وجدوا مذنبين، وذلك، كقاعدة عامة، في البلدان التي ارتكبوا فيها هذه الجرائم. وفي هذا الصدد، تتعاون الدول في كل ما يتصل بتسليم هؤلاء الأشخاص.
6. تتعاون الدول بعضها مع بعض في جمع المعلومات والدلائل التي من شأنها أن تساعد علي تقديم الأشخاص المشار إليهم في الفقرة 5 أعلاه إلي المحاكمة، وتتبادل هذه المعلومات.
7. عملا بأحكام المادة 1 من إعلان اللجوء الإقليمي الصادر في 14 كانون الأول/ديسمبر 1967، لا يجوز للدول منح ملجأ لأي شخص توجد دواع جدية للظن بارتكابه جريمة ضد السلم أو جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية.
8. لا تتخذ الدول أية تدابير، تشريعية أو غير تشريعية، قد يكون فيها مساس بما أخذته علي عاتقها من التزامات دولية فيما يتعلق بتعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المذنبين في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
9. تتصرف الدول، حين تتعاون بغية تعقب واعتقال وتسلم الأشخاص الذين تقوم دلائل علي أنهم ارتكبوا جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، ومعاقبتهم إذا وجدوا مذنبين، وفقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة وإعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقا لميثاق الأمم المتحدة.
_______________________
* رياض العطار – كاتب صحفي رئيس لجنة الدفاع عن حقوق الانسان في العراق - السويد
#رياض_العطار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟