|
مصر تدعونى للمشاركة فى كتاب الوطن .. كيف لا ألبى ؟!.
محمد فُتوح
الحوار المتمدن-العدد: 7262 - 2022 / 5 / 28 - 22:38
المحور:
المجتمع المدني
مصر تدعونى للمشاركة فى كتاب الوطن .. كيف لا أُلبى ؟! --------------------------------------------------- لقد أرسلت مصر ، لى دعوة رسمية ، شعبية ، ووطنية ، لأتجاوز دور الشاهد السلبى ، والمتفرج الذى يصفق ، والمتلقى الذى يومىء برأسه بالموافقة ، والتأييد . أرسلت مصر دعوتها ، لأن أشارك فى تعديل ، وتحديث دستور الوطن . دعوة لأن يكون لى ، حق الرأى فى كتاب الحكم ، الذى يحكمنى . والدعوة مفتوحة لى ، ولغيرى من ملايين هذا البلد ، الذين يعانون من مرض متوطن ، مزمن ، اسمه " أنفلونزا الفُرجة ". الدعوة بشارة خير ، لأن يتم شفاؤنا نهائيا ، من فيروسات " الفُرجة " ، ومضاعفاتها المدمرة . دعوة "صنعت فى مصر" وليست فى الصين ، أو النمسا ، أو أمريكا أو كوريا ، أو أفغانستان ، أو أثيوبيا . الدعوة من " مصر" ، وطنى ، للمشاركة فى كتاب مصر .. كيف يمكن ألا أُلبى الدعوة ؟ . كيف يمكن لأى أحد فى مصر ، ألا يعتصر قريحته ، يتأمل معاناة مصر اليوم فى كل مجال ، ويفكر فى كتابة صفحة واحدة ، أو فقرة واحدة ، أو بند واحد ، أو كلمة واحدة ، تحمى " مصر" المستقبل ؟. أرسلت " مصر" دعوة لنا ، فى توقيت بداية سنة جديدة . فلعلها بداية تشحذ الحماس ، وتوقظ " الخمول الوطنى " ، الذى أصبحنا ندمنه . أعتقد أننا جميعاً ، علينا واجب عدم التخلف عن الدعوة ، تحت أى اسم أو أى تبرير. كل مشاركة مطلوبة . كل طرح للبدائل مطلوب . كل تفكير لصالح دستور " مصر" مطلوب. إن أول شىء أتمناه فى دستور مصر ، وأعتقد أنه أكثر الصمامات حماية للأمن والأمان ، وضمان لعدم حدوث تقسيم وتفتيت مصر ، هو " المواطنة " . إن التركيز على مفهوم المواطنة قلباً وقالباً ، شكلاً وموضوعاً ، بنداً وروحاً ، من الألف وحتى الياء ، فى كتاب الوطن ، ( بصرف النظر عن الدين والجنس والعرق ) ، لهو الصخرة القوية التى ستتحطم عليها التيارات الأصولية السياسية ، التى تلتحف بعباءات الدين الفضفاضة . وهدفها تفكيك مصر ، مذهبياً وعقائدياً ، وطائفياً ، حتى " تخربها وتقعد على تلّها " كما يقول المثل . ولبناء تلك الصخرة العتيدة ، التى يخافها كل أصحاب المرجعيات الدينية ، يجب على " المواطنة " أن تتجسد يومياً فى حياتنا ، وليس مجرد حبر على ورق الدستور. لابد أن تكون هناك نصوص فى " كتاب الوطن " ، صريحة ، ومباشرة دون التواء ، ولا يصلح أن تكون فضفاضة ، ولا ينفع أن يتم اختراقها أو انتهاكها ، بثغرات التحايلات الدينية ، " تحظر" و " تمنع" و " تجرم " ما يلى ( بشرط وجود جهات متخصصة لمتابعة الالتزام بهذه النصوص ). 1- إنشاء أحزاب أو جمعيات أو هيئات دينية ، أو حاملة لأسماء دينية ، أو ذات مرجعيات دينية. 2- لصق إعلانات وملصقات ، وفتاوى ، وأدعية دينية ، وفتاوى ، ولغة دينية خاصة فى المواصلات والأماكن العامة. 3- احتواء لغة الإعلام على لغة دينية . 4- تأدية واستعراض الطقوس الدينية فى الأماكن العامة . الأمر الثانى ، ويدخل فى الطرق الرئيسية للتطبيق العملى لمبدأ " المواطنة " ، وهو اشتمال الدستور على أجهزة شعبية ، محررة من البيروقراطية ، والإجراءات التقليدية المحنطة ، لها حركة مرنة ، مبدعة ، سلسة ، متكاملة النظرة . هدفها هو ضمان " رقابة شعبية ومحاسبة " ، و " مساءلة مؤسسات الدولة " بلا استثناء . بدون هذا ، ستظل فكرة " المواطنة " ، مبدأً وطنياً نحترمه ، لكنه مشلول الحركة لا يعطى ثماراً . الأمر الثالث ، يخص التعليم . تصورى الخاص لمأساة التعليم فى بلادنا ، ليس ازدحام الفصول ، وليس انعدام الأنشطة الرياضية ، وليس كثرة الدروس الخصوصية ، وليس قلة رواتب المدرسين ، وليس ثقل وزن الحقيبة المدرسية الرهيبة التى تكسر ظهر التلاميذ ، والتلميذات ، وليس سيادة مناخ القهر والكبت ، وليس ظاهرة التسرب من المدارس ، وليس كثرة المقررات التى تلعب على التفرقة الدينية ، وترسيخ مفاهيم التخلف الحضارى . كل هذا له دور فى مأساة التعليم . لكن الذى يعيب التعليم فى جميع مراحلة ، أنه يلغى العقلية ، ويميت التفكير الحر والإبداع . فيجعل من الطالبة أو الطالب ، مردداً لما يقرأ أو يسمعه . إن التعليم فى مؤسساتنا التعليمية ، يصنع ببغاوات تجيد التردديد ، ولا تعى ما تردده . إن أغلب المتعلمين ، ليسوا إلا قوالب ، تصب فيها المعلومات غير المترابطة .فتكون النتيجة كائنات مشوهة ، لا يرجى منها أى نفع أو فائدة . بل تصبح عبئاً على نفسها وخسارة لمجتمعنا .إن الذى يعيب التعليم فى جميع مراحله ، هو غياب ما أحب تسميته بمادة "مناقشة الثوابت" . أو " الجدل حول المسلمات " ، أو " إعادة صياغة البدهيات " ، إن غياب مقرر ، مثل " مناقشة المسلمات والثوابت والبدهيات " ، فى جميع أشكال الحياة ، والفكر ، والعلاقات ، والإبداع والدين ونظام الأسرة ، لهو من الأسباب الرئيسية لتدهور العقلية العربية والمصرية . الأمر الذى أدى إلى جفاف منابع الإبداع والابتكار. وأيضاً هو من الأسباب الرئيسية لنجاح التيار الدينى السياسى المتعصب ، المتطرف ، فى إفساد العقول ، وحجب الحقائق ، وتدمير طاقات العمل ، والإبداع ، والتفكير العقلانى المستنير العصرى ، من أجل التربع على عرش الحكم ، والسيطرة السياسية . وأحب أن أنهى كلمتى ، فى التعديلات أو التحديثات الدستورية ، بما يثار حول زيادة تمثيل المرأة فى البرلمان . بما أننى مهتم بقضية المرأة ، نتيجة سيادة الثقافة الذكورية ، فإن العدالة بين النساء والرجال ، ضرورة للتحديث ، والأنسنة ، وتكسير الموروثات الدينية ، والثقافية ، التى تحرر الرجل ، وتحبس المرأة . والعدالة أعنى بها كل شىء ، وليس تمثيل المرأة فى البرلمان ، أو الأحزاب ، أو مؤسسات الدولة . العدالة تبدأ من نظام الأسرة ، غير الديمقراطى السائد فى بلادنا . لذلك اقترح كما طُرح ذلك فى بعض المؤسسات النسائية ، وأغلب منظمات حقوق الإنسان ، أن يبدأ نظام الأسرة بشكل " مدنى " . يُطبق على الجميع ، استناداً إلى مبدأ " المواطنة " . إذا كانت الأسرة ، هى أساس المجتمع ، فلابد أن تبدأ البداية الصحيحة ، الديمقراطية المدنية . لا يجب أن نتصور ، أن مجتمعاتنا سوف تتخلص من التشنجات الدينية ، وسوف تعلى من قيمة المواطنة فى دولة مدنية عصرية ، ونظام الأسرة " دينى ". هذا غير منطقى . فى الدستور ، نص على أن كل المواطنين سواء فى الحقوق والواجبات . ولكن مشكلة المرأة ، إنها حين تتزوج " الزواج الدينى " ، فانها لا تصبح " مواطنة " ، ولكن " زوجة " . وهنا يُصنع الفرق الهائل . فالزوجة لها حقوق أقل ( من المواطنة غير المتزوجة ). حسب نظام الأسرة الدينى ، على الزوجة أن تطيع الزوج ، وحياتها كلها متوقفة ، على هل أطاعت الزوج أم لا ؟ . وهذا يضرب مبدأ المواطنة فى جوهره ، ويصيب العدالة بين المواطنين فى مقتل . يجب أن يضمن قانون الزواج – حتى لو كان مدنياً – حقوق المواطنة للنساء . هذه هى اقتراحاتى ، أو بمعنى أفضل ، هى أمنياتى ، " لمصر" وهى تكتب كتاب الوطن. من كتاب " استلاب الحرية باسم الدين والأخلاق " 2009 ------------------------------------------------------------------------
#محمد_فُتوح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التذوق الجمالى والتربية الجمالية
-
الطفولة وعلاقتها بالتذوق الجمالى
-
أخلاقيات التقدم
-
أقلام تأكل على كل الموائد
-
الشخصية المصرية بين السلبية والتدين
-
مدام أم أم فلان ؟؟!
-
مأزق الدولة المدنية ذات المرجعية الدينية
-
رئيسة جمهورية فى الهند وميس حجاب فى مصر
-
الذكور المتحرشون بالنساء من صناعة تفكيرنا وثقافتنا
-
- التبرك - بالعقل و - ارضاع - العدل
-
المناصرون لحزب الله والبحث عن بطل
-
هل جماعة الاخوان - محظورة - حقا ؟؟
-
الانتحار .. صرخة احتجاج ضد الحضارة العالمية
-
جريمة - ختان العقل - فى الصحف الدينية ... نعيش فى عصر - الكف
...
-
- شو - عمرو خالد وغضبة القرضاوى
-
لا مستقبل للاخوان المسلمين على أرض مصر
-
سيدة ليبيريا الحديدية والنموذج الاسلامى للمرأة
-
النساء الكويتيات يحترقن ليضيئن للرجال
-
تجربتى مع أحد التاكسيات الاسلامية
-
الليبرالية الحنبلية لحزب الغد
المزيد.....
-
مقتل واعتقال 76 ارهابيا في عملية فيلق القدس بجنوب شرق ايران
...
-
-الدوما-: مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتنياهو ستكشف مدى ا
...
-
الداخلية الفنلندية توقف إصدار تصاريح الإقامة الدائمة للاجئين
...
-
الإعلام الإسرائيلي يواصل مناقشة تداعيات أوامر اعتقال نتنياهو
...
-
هذه أبرز العقبات التي تواجه اعتقال نتنياهو وغالانت
-
الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق
...
-
مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه
...
-
كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم
...
-
سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي
...
-
سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|