|
الفقر والحرمان والمآسي للناس ،والثروة والمال للقطاع الخاص
عبدالله صالح
(Abdullah Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 7257 - 2022 / 5 / 23 - 10:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قراءة لكلمة رئيس حكومة إقليم كوردستان في منتدى دبي الاقتصادي يمكن تفسير العنوان أعلاه على أنه مضمون الرسالة التي تضمنتها كلمة مسرور بارزاني رئيس وزراء حكومة إقليم كوردستان خلال مشاركته في منتدى الطاقة العالمي بدولة الإمارات العربية المتحدة بتاريخ (28-3-2022). تلك هي بالضبط الرسالة الصحيحة التي أراد إيصالها إلى الجماهير في كوردستان من جهة، والقوى التكتلات الاقتصادية الضخمة في المنطقة والعالم من جهة أخرى. جزء من هذه الرسالة كان موجها لجماهير كوردستان من خلال عبارة (إصلاح - القطاع العام)، أما الجزء الرئيسي من الخطاب وكذلك محتواه كان موجها للمشاركين في المؤتمر والذي تحدث فيه عن أهمية القطاع الخاص حين قال: ((حدثت في السنوات الثلاث المنصرمة تغييرات كبيرة، وقد طبقنا أفضل السياسات في العالم ازاء القطاع العام واتخذنا الإجراءات اللازمة لتنفيذ عملية الإصلاح وتم إزالة جميع العقبات أمام تطور وازدهار القطاع الخاص)). لا يخفى على أحد أن سياسة هذه الحكومة فيما يتعلق بالقطاع العام هي استمرار القيام بالخصخصة ، أي تسليم القطاع العام للقطاع الخاص، وقد أظهرت نفس الخطوة في قطاعي الكهرباء والطاقة نتائج واضحة، فقد قامت الشركات العملاقة التابعة للحزبين الحاكمين ( الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني ) باحتواء كل ما يسمى بالقطاع العام، وان هذه العملية تسير بخطى ثابتة، فبالاضافة الى قطاعي الكهرباء والطاقة، هناك قطاع التعليم، الصحة، البيئة، السياحة ......والبقية تأتي . ولكن رئيس حكومة الإقليم يريد أن يضع سياسة الخصخصة هذه تحت عباءة "الإصلاح" عندما يقول: ((سنحمي ونخدم مواطنينا، لقد حملت معي آمال وتطلعات شعبي، مسؤوليتي الأولى هي تنفيذ مطالب المواطنين)). هذه الرسالة تحمل في طياتها ما مضمونه هو اننا طبقنا نفس سياساتكم إزاء القطاع العام وان أفضل سياسة للتعامل مع هذه القطاع هي خصخصته.! إن رسالة "أفضل سياسة" هذه هي تنفيذ السياسات الاقتصادية النيوليبرالية، والتي طبقوها طوال فترة حكمهم، والآن تجد نتائجها في مزيد من الفقر لجماهير العمال والكادحين وأقشار واسعة أخرى في المجتمع والتملص من توفير أبسط الخدمات الأساسية وحرمانهم منها. ليس هذا فحسب، بل وحرمانهم حتى من مستحقاتهم المالية ، ففي نفس الوقت الذي يعتلي فيه رئيس حكومة الأقليم هذا المنبر ليخاطب شركاؤه الرأسمالين " بزهو "، هناك العديد من المتقاعدين يموتون خلال انتظارهم لساعات طويلة في طوابير لاستلام رواتبهم ومستحقاتهم المتأخرة أصلاً، كما حدث في السليمانية واربيل. نعم، رئيس الوزراء لا ينطق بهذه الكلمات من تلقاء نفسه وفي مؤتمر كهذا، لكنه يعرف جيداً ما يقوله وما هي الرسالة التي يريد إيصالها! لم يأتي هذا الكلام من شخص هبط من القمر، بل من أول شخص في نظام يحكم منطقة تضم قرابة خمسة ملايين شخص ومنذ ما يقارب الثلاثين عامًا. عكس ما تدعيه " المعارضة " القومية والإسلامية كون هؤلاء الحكام غير مؤهلين أو أنهم يفتقرون إلى الخبرة، لذا، ووفقا لهذه النظرة تراهم يبعثون لهم برسائل مفادها : "إذا كنت لا تستطيع قيادة هذا المجتمع، توقف واترك الطريق للآخرين !!" ان هذه الرسالة لا تعني سوى الاحتفاظ بالنظام نفسه وبمؤسساته، ولكن مع تغيير الوجوه وتغييرات شكلية في الحكم الهدف منها المشاركة في نهب ثروات كوردستان. لطالما اتفقت حكومة كوردستان الحالية مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على جعل كوردستان جنة للمستثمرين. ملخص هذه السياسة يتضح بصورة لا لبس فيها في المقطع التالي : {ان الاجندة والمنهاج الاقتصادي لحكومة الإقليم وأحزاب السلطة وكذلك جميع قوى المعارضة البرجوازية القومية والليبرالية والإسلامية، تلخصت في الخصخصة والنيو ليبرالية، وقد تجلى ذلك في المؤتمر المشترك الذي انعقد في أربيل بتأريخ ( 30 / 5 / 2016 ) تحت شعار ( الإصلاح في اقتصاد اقليم كوردستان ) بين ( البنك الدولي ) و(حكومة إقليم كوردستان ) بمؤازرة ومساندة ( الأمم المتحدة ) حيث أعلنوا عن استراتيجية لمدة ثلاث سنوات وخطة للإصلاح الاقتصادي في إقليم كوردستان، وقد هنأ ( مسعود البرزاني ) رئيس الإقليم آنذاك وبعث برسالة تأييد ودعم لهذه الخطة يوم ( 9 / 6 / 2016 ) . محتوى هذه الخطة وهذا الإصلاح كان تملص وتهرب حكومة الإقليم بأسرع ما يمكن من الصرف على الخدمات العامة، إيقاف التعيينات وتوفير فرص العمل في القطاع العام، خفض اعداد العمال والموظفين، إحالة وتقديم الخدمات للمواطنين عن طريق الشركات والتي ترتبط كل منها، بطريقة أو بأخرى، بأحزاب السلطة. الكابينة الوزارية التاسعة التي بدأت أعمالها في تموز عام ( 2019) سارعت بتنفيذ هذا المشروع بخطى أسرع تحت مسمى الإصلاح.}( 1) اليوم أوصل النظام الرأسمالي العالم إلى مستوى خطير ورهيب من التوحش وذلك من خلال تطبيق النظام النيوليبرالي في الاقتصاد. وظيفة الدولة في هذا النظام، هي الحفاظ على التوازن بين جانبين: القطاع الخاص الذي يتحكم في جميع القطاعات ومجالات الحياة ولم يبق شيء أسمه القطاع العام من جهة ، وبين الجماهير الواسعة من العمال والكادحين وأغلبية الفقراء الذين عليهم انجاز اعمال شاقة ولساعات طويلة وبأجور زهيدة لا تكفي سد رمق العيش من جهة أخرى، كل ذلك من أجل التراكم الأكثر والأوسع للرأسمال. على الدولة هنا أن تتحول الى وسيلة تتبع ما يُرسم لها من قبل الطبقة البرجوازية للحفاظ على هذا التوازن وعملية تراكم رأس المال هذه، والحيلولة دون اندلاع أية مواجهات و " فوضى " يقوم بها معسكر العمل الواسع. هذه العملية تجري الآن على قدم وساق في كوردستان ولكن تحت شعار " الأصلاح "!ينعكس هذا بشكل واضح في جزء من حديث رئيس حكومة الأقليم عندما يقول: "أنا متأكد من أن كردستان ستصبح في المستقبل القريب مصدرًا مهمًا للطاقة لتلبية الطلب العالمي، والذي يزدايد باستمرار. نحن الآن نقف في مرحلة من تأريخنا ومستعدون للبناء بعد كل هذه التضحيات ولدينا فرصة كبيرة لتزويد الطاقة المحلية والأسواق العالمية ونحن مصممون على جعل كوردستان مركزا للطاقة في المنطقة." اليوم تقف جماهير العمال والكادحين وغالبية الأقشار المهمشة أمام خيارين لا ثالث لهما، فأما بقاء هذا النظام وهذه السلطة وازدياد الفقر والحرمان والقبول بالوضع المأساوي الحالي، أو تنظيم صفوفهم والإتيان بإرادتهم المستقلة لإجراء تغييرات ثورية جذرية في نظام السلطة هذه وإقامة نظام يوفر الحياة الحرة الكريمة والرفاهية ويضمن المساواة الكاملة للجميع، أي التغييرمن خلال الثورة العمالية سيرا نحو الاشتراكية. - * - * - * 1- الوضع السياسي في كردستان والحل - بيان منظمة البديل الشيوعي في العراق – 17 / مارس، آذار / 2022
#عبدالله_صالح (هاشتاغ)
Abdullah_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ويسألونك عن داعش !
-
يوم لك وأربع سنوات عليك !
-
حضيضٌ لا قاع له !
-
فلسطين، قضية إنسانية بامتياز ولا تقبل المزايدة
-
ماذا لو كان العالم بلا رجال دين ؟ قراءة لزيارة البابا الى ال
...
-
دلالات ظهور ابنة صدام
-
اقليم كوردستان العراق، شرعنة الظلم من خلال المحاكم !
-
2020 عام استثنائي، سيذكره التأريخ !
-
خندق الانتفاضة هو الضمانة الأساسية لصون الحريات
-
أي مجلس، يدافع عن أية حقوق، لأي انسان؟ حول مجلس حقوق الانسان
...
-
فاجعة المنصور ، وافلاس خطاب الكراهية !
-
عندما تعلو قامة الفن!
-
قراءة لـ قمة الأردن الثلاثية !
-
أما نحن أو أنتم ، وقفة مع الاحداث الأخيرة في بيروت !
-
التطبيع بين إسرائيل والامارات خطوة على طريق تنفيذ - صفقة الق
...
-
أين نحن من أزمة الكهرباء ؟
-
تونس ، نظرةٌ من الداخل !
-
هل سيتكرر السيناريو السوري في ليبيا !؟
-
بين هدم التماثيل وصنع التماثيل !
-
أمريكا ليست بيضاء كما يريدها ترامب !
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|