|
صفحات مضيئة في تاريخ الحركة الكردية السورية
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7250 - 2022 / 5 / 16 - 12:52
المحور:
القضية الكردية
في جميع حركات الشعوب ، التحررية ، والوطنية ، انتصارات ، واخفاقات ، واحداث مؤلمة ، ومفرحة ، ومراحل متباينة حسب الظروف المحيطة ، وموازين القوى السائدة ، والعوامل الذاتية المتحكمة ، فلدى حركتنا كسائر حركات شعوب العالم تجارب مريرة ، ومحطات تحولت فيها مسيرة الشعب نحو الوجهة الصحيحة . في سياق تناول مسار الحركة الوطنية الكردية السورية ،من جانب بعض المتابعين يحصل غالبا الخلط بين وقائع الماضي ، والحاضر ، ويدان كل تاريخ الحركة بذريعة الحاضر السيئ في ظل أحزاب طرفي الاستقطاب ، اما عن جهل ، وقصور في معرفة تاريخ الحركة ، أو عن سابق تصميم وهو أيضا يفتقر المعرفة ، وذلك عندما توضع أوزار ، واخطاء وانحرافات، أحزاب المرحلة الراهنة على عاتق الحركة قبل خمسين أو سبعين ، أو مائة عام ، أو القيام بتقييم سلبي لجميع المراحل التي اجتازتها الحركة الكردية بأحزابها ، وقادتها ، وتجلياتها ، وتياراتها الفكرية ، والسياسية ووضع جميع مناضليها ، وروادها الأوائل من المؤسسين ، والرعيل الثاني ، وصولا الى قيادات الصدفة ، والامر الواقع حاليا في سلة واحدة ، والحكم عليهم جميعا حسب مكيال ميزان واحد . ويصل الامر بالبعض من الذين عاشوا وتأثروا ببيئة عائلية ، واجتماعية ، وسياسية كان وجهاؤها ، ومخاتيرها يرفضون وجود أية حركة قومية منذ البدايات ، بل ومنعوا انتشارها في مناطق نفوذهم ، الى محاولة تجريم كل من له صلة بالحركة الكردية خاصة بعد انبثاق الحزب الكردي الأول – ١٩٥٧ – وماتلته من مراحل ، وذلك من دون أي تمييز ، وبمعزل عن تشخيص الأسباب ، والوقائع أي ( كل مناضل متهم ) ، ونفي تحقيق أي انجاز قومي او وطني ، او ثقافي ، هكذا بجرة قلم ، والقفز فوق معاناة الكثيرين ، وتضحيات البعض ، ونتائج كفاحهم بشكل عام على صعيد الحفاظ على الوجود القومي ، والإبقاء على القضية الكردية حية ومستمرة حتى لو ظلت دون حلول . من المؤكد أن تناول هذا البعض امور الحركة ، حتى لو اتخذ أحيانا اشكالا مختلفة ، لاينبع من الحرص ، أو التقييم الموضوعي ، او الإصلاح ، بل من منطلق الدفاع غير المباشر عن مواقف البيئة المناهضة للحركة القومية التي ترعرعوا فيها ، ومحاولة التخفيف من آثار الخطيئة التي اقترفها آباء واجداد هذا البعض عندما حاربوا أعضاء ، وانصار الحزب الكردي الأول ، واكثر الأحيان بالتعاون مع السلطات الحاكمة ، وهناك قرائن ، ووثائق محفوظة في هذا المجال . نعم نعترف ونقر بان تعبيرات الحركة الكردية السياسية من أحزاب ، ومجموعات ، وقيادات ، وحتى مثقفين ، وناشطين ، أصابت أحيانا ، وأخطأت أحيانا أخرى ، وظهر فيها ابطال شجعان ، وكذلك متخاذلون ، ومتعاونون مع الأنظمة المستبدة ، وهناك من صمد ، وثابر ، والتزم بالمبادئ ، وهناك من ضعف ، وانهار ، وتواطأ مع الجلاد ، هناك من أراد ترسيخ الحركة على قاعدة مبدأ حق تقرير المصير ، لشعب من السكان الأصليين ، وهناك من سعى الى اعتبارها مسألة أقلية قومية مهاجرة . صفحات ناصعة في تاريخ حركتنا مصدر الالهام والاعتزاز مثل : أولا – عندما تنادت جماعات من المتنورين القوميين الى المؤتمر التاسيسي الأول لحركة – خويبون – والذي عقد على مرحلتين : الأولى بمنزل – قدور بك – بالقامشلي ، والثانية بلبنان ، وذلك كرد على الهزيمة التي الحقت بانتفاضة الشيخ سعيد ، وتصميم على المضي قدما في احياء الوعي القومي وتنظيم الصفوف . ثانيا – تحرك الفئات المثقفة ، والمتأثرون باالوعي القومي ، نحو تشكيل الجمعيات الثقافية ، والروابط الشبابية ، والنوادي الرياضية ، والكشفية ، من مختلف المناطق من الجزيرة وصولا الى عفرين ، مرورا بكوباني ، والجماعات الكردية بدمشق ، وحلب ، مما فتح ذلك سبل التواصل بين الكرد السوريين جميعا ، ومهد لخطوات أوسع ، واشمل . ثالثا – من اجل تنظيم وتوحيد الطاقات السياسية ، والثقافية ، والحفاظ على وحدة الهدف ، والمصير بادر الرعيل المتقدم الأول الى الاتفاق على تشكيل الحزب الكردي المنظم الأول في سوريا ، من كرد جميع المناطق ، وكانت خطوة بالغة الأهمية في حياة الكرد السوريين ، دشنت حقيقة وجود شعب ، وقضية للمرة الأولى بتاريخ البلاد . رابعا – بعد نحو عقد من التاسيس ونشوب الخلافات ، وموجات الاعتقالات ، وتفكك التنظيمات الحزبية ، وازدياد مخاطر النهج اليميني لزعزعة اركان التنظيم ، وتحويله الى مايشبه الجمعية الثقافية ، والترويج لمقولة – الأقلية – بدلا من الشعب ، وتفشي الضبابية ، وعدم الوضوح في سياسات الحزب الوطنية ، والكردستانية ، الى جانب اعتقال القيادة الفعلية الأساسية للحزب باستثناء رموز اليمين ، تحركت القواعد الحزبية ، والكوادر المتقدمة سعيا وراء انقاذ الحزب . خامسا – توج التحرك بانعقاد الكونفرانس الخامس بالخامس من آب ١٩٦٥ بقرية جمعاية ، الذي أعاد الحزب الى مساره الصحيح، واتخذ جملة من الخطوات المدروسة المتطورة ، العميقة بمحتواها في إعادة تعريف الشعب ، والقضية ، والدور ، والبرنامج السياسي ، والمواقف الوطنية ، والكردسانية ، والتواصل مع العالم باسم الكرد السوريين وحركتهم ، قد تكون للمرة الأولى بذلك الزخم ، وانتهاج النضال الثقافي الى جانب السياسي ، والفكري ، باحياء الفولكلور الكردي عبر الفرق ، والمنصات ، وانشاء ( رابطة كاوا للثقافة الكردية ) وترجمة وطبع ونشر عشرات الاعمال ، وارسال المئات من الطلبة المحتاجين بمنح دراسية الى الخارج ، وارسال الناشطين الى معاهد بناء الكوادر ، كل ذلك بامكانيات ذاتية محدودة ، وفي ظروف امنية بالغة الخطورة . خامسا – بالإضافة الى ماذكرناه أعلاه من جهود جماعية ، وخطوات ، وانجازات فكرية ، وسياسية ، وعمليات تطوير ، وإصلاح ، وصولا الى قيام حركة سياسية مرموقة ، وقضية قومية كردية ذا شان ، فقد رافقت مسيرة النضال السري ، والشبه علني ، والمرافعات امام محكمة امن الدولة العليا ، والمحاكم العسكرية ، والصمود بمعتقلات الامن ، ظاهرة البطولات الفردية من جانب العديد من قادة الحركة وهي تشكل الرصيد الإيجابي لشعبنا بنهاية الامر . سادسا – في كل سنوات الصراع الفكري ، والتنافس السياسي ، والاختلافات العميقة خصوصا بين اليسار ، واليمين ، لم تحصل حالات التصفية ، والمواجهات العنفية في صفوف الحركة الكردية السورية ، وهذه ميزة جديرة بالتقدير والاعتزاز . مراحل البناء ، والنهوض ، والانحطاط وحتى نقطع الطريق على محاولات الخلط بين الصالح ، والطالح ، يمكننا تقسيم نضال الحركة الكردية السورية بشكل عام الى المراحل التالية : ١ – مرحلة بدايات ظهورالحركة القومية الكردية ابتداء من منتصف عشرينات القرن الماضي . ٢ – مرحلة تشكل الحزب السياسي المنظم أواسط الخمسينات . ٣ – مرحلة التصحيح ، والتطوير ، والنهوض القومي الكردي ، أواسط الستينات . ٤ – مرحلة الاختراق الأمني ، والانقسام ، والانحطاط منذ بداية التسعينات . لاشك ان لكل مرحلة من تلك المراحل ، سماتها ، وأسبابها الداخلية والخارجية ، وظروفها المؤثرة ، تحتاج الى البحث ، والتقييم ، والمراجعة النقدية ، كما لاشك فيه أيضا أن المرحلة الأخيرة لم تكن نتيجة طبيعية لمرحلة النهوض ، او من صنعها ، بل كانت انتقاما منها ، وردا عليها ، وتوسعت بفعل قرار نظام الاستبداد ، ووضع كل ثقله في تحقيقها ، إضافة الى عوامل أخرى مساعدة ، وقد دشن النظام أسس هذه المرحلة بهدف القضاء على الحلم الكردي ، وادامتها الى مالانهاية ، ومدها بعوامل الاستمرارية بين فترة وأخرى ، وكان آخرها احضار جماعات – ب ك ك – وعملية التسليم ، والاستلام منذ اندلاع الثورة السورية . يشار أحيانا الى ان سيطرة – ب ك ك – كانت بسبب حصول فراغ سياسي بالساحة الكردية السورية ، وهذا صحيح ولكن يجب توضيح أن الوافد الجديد حل بعد حصول مرحلة الانحطاط والردة ، واختراق الأحزاب ، وشقها ، وتكريد الصراع ، بارسال الضابط الأمني - محمد منصورة - لتنفيذ مخطط القصر الجمهوري معززا بكل الصلاحيات ، والامكانيات اللازمة ، وكانت الضربة الأولى موجهة الى حزب الاتحاد الشعبي لما كان له من رمزية المواجهة ، ومعارضة الاستبداد ، والنقاء الفكري ، ووضوح الرؤيا . نحن في الاتحاد الشعبي ( سابقا ) كنا اعتمادا على نهجنا ، وتاريخنا النضالي السد المنيع امام توسع – ب ك ك – كرديا ، وعربيا ، وامميا ، وخلال لقائي الأول والأخير مع – عبد الله اوجلان – عام ١٩٨٣ ، طرح علي بإلحاح فكرة توحيد حزبينا قائلا ( لو نتوحد سنسيطر على الحركة الكردية ) فاجبته : ( أولا انتم حزب كبير ونحن حزب صغير ، ثم نحن بحاجة الى معرفة اجاباتكم على تساؤلاتنا التالية : ١ – لماذا تخونون وتصفون الاخر المختلف ،٢ – لماذا لاتعملون مع القوى الكردية الأخرى في تركيا بجبهة واحدة ٣ – لماذا تقفون مع الطالباني ضد البارزاني ، ٤ – لماذا انت بسوريا ؟ ،( وهناك شهود على المحادثات احدهم من رفاقه يعيش في بروكسل ) . لذلك كله أأليس من المنصف القول : علينا الحفاظ على الصفحات الناصعة لتاريخ حركتنا ، وتقاليدها النضالية الديموقراطية المدنية ، والاستفادة من دروسها ، وفي الوقت ذاته تشخيص كل السلبيات بصورة شفافة ، وعدم الانزلاق نحو التعميم ، او العدمية .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الذاتي والموضوعي في أزمة الحركة الكردية السورية
-
أحزابنا ليست - منظمات مدنية - وكذلك فراخها
-
عودة الى مشروع حراك - بزاف - لاعادة البناء
-
في تشخيص إخفاقات الأحزاب الكردية السورية
-
قراءة نقدية لتصريحات بعض مسؤولي جماعات – ب ك ك – السورية
-
قضية شعب ، وليست منازعات أحزاب
-
الأحزاب الكردية السورية : تشابه في النهج
-
نحو إعادة النظر بالعلاقات الكردستانية
-
المشهد الكردي السوري بين الثابت ، والمتحول
-
الأولوية لاعادة بناء الحركة الكردية السورية
-
تبدلات في طبيعة الصراع الدولي .. تداعيات ، ونتائج
-
قراءة في نظرية - التوريط -
-
في أوجه الشبه بين - الهتلرية - ، و-البوتينية -
-
بحثا عن نظام عالمي عادل
-
التصعيد الروسي العدواني الى اين ؟
-
مؤتمر ميونخ وإعادة تعريف قضايا الصراع الدولي
-
فلنحدد قواعد الصراع في الساحة الكردية السورية
-
التكامل بين القومي والوطني في تجربة كردستان العراق
-
قراءة أولية في ندوة الدوحة
-
عندما تنتقم روسيا – البوتينية –
المزيد.....
-
-شارك في قمع الاحتجاجات بقوة-.. اعتقال عاطف نجيب ابن خالة بش
...
-
الأمم المتحدة تؤكد مواصلة الأونروا عملها داخل فلسطين المحتلة
...
-
بريطانيا وألمانيا وفرنسا يصدرون بيانا بشأن حظر إسرائيل وكالة
...
-
آخر مستجدات عملية تبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية
-
اعتقال 5 مشتبه بهم في قضية مقتل سلوان موميكا في السويد... تع
...
-
مشروع قانون يفرض قيودا على الهجرة والمهاجرين.. هل سيتم اعتما
...
-
بيان ثلاثي أوروبي يدعو إسرائيل إلى عدم حظر نشاط الأونروا
-
هيئة الأسرى: إسرائيل تُفرج عن 90 فلسطينيا السبت ضمن اتفاق وق
...
-
الأونروا تحذر من تاثير الوقف القسري لعملها في فلسطين المحتلة
...
-
تفاصيل عملية اعتقال قتلة محمد باقر الصدر وشقيقته
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|