|
القضية الفلسطينية وأخطاء السوفييت القاتلة ( 1-2)
رضي السماك
الحوار المتمدن-العدد: 7248 - 2022 / 5 / 14 - 15:05
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
تمر اليوم 14 مايو/ أيار الذكرى الرابعة والسبعون لإعلان تأسيس دولة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية " إسرائيل" والتي سرعان ما نالت الشرعية الدولية إثر هزيمة الفلسطينيين والجيوش العربية أمام العصابات المسلحة الصهيونية والتي أستفادت من أخطاء الفلسطينيين والجيوش العربية أثناء الحرب، كما أستفادت أيما أستفادة من أخطاء الأتحاد السوفييتي القاتلة في أواخر الحقبة الستالينية -لسوء تقديره وحساباته لطبيعة الدولة الصهيونية الجديدة- وتوهمه بأنها ستقف إلى جانب الأتحاد السوفييتي وحركات التحرر المناوئة للاستعمار الكولونيالي في المنطقة. ومع أنه يصعب على أي مؤرخ أو باحث سياسي التكهن إلى أي مدى كانت البلدان الرازحة تحت نبر الاستعمار الكولونيالي سيظل رزحها في ظله لولا وجود الأتحاد السوفييتي الذي كان له الفضل الأول في دعم حركات التحرر الوطني فيها مما مكنها من قيادة شعوبها نحو نيل أستقلالاتها وإقامة دولها الوطنية ، سيما في أعغاب الحرب العالمية الثانية، إلا أنه بقدر ما لعبه الأتحاد السوفييتي من دور محوري في دعم حركات التحرر الوطني العربية وفي تأسيس الأحزاب الشيوعية قِبلا، كان له في المقابل دور محوري بالغ الخطورة في دعم إسرائيل عند نشأتها جراء تلك الهفوات الخطيرة القاتلة التي دفعت فواتيرها الأحزاب الشيوعية العربية والقضية الفلسطينية والاتحاد السوفييتي نفسه. ومع أن العديد من الأحزاب الشيوعية العربية تناولت في مراجعاتها الفكرية الجريئة لماماً تلك الأخطاء القاتلة، والتي كان من أمثلتها مسارعة موسكو بالاعتراف بأسرائيل فور إعلانها تقريبا وقبلذاك الموافقة على قرار تقسيم فلسطين، وما تعرضت له حينئذ هذه الأحزاب من ضغوط للاعتراف بهذا القرار، إلا أنه وقت أجراء تلك المراجعات غداة أنهيار الأتحاد السوفييتي لم يُكشف النقاب بعد عن الأرشيف السري السوفييتي، الذي اُتيح بعد رفع السرية عنه للعديد من كبار المسؤولين والمؤرخين والباحثين والعسكريين السوفييت والذين أستضافهم معد برنامج "رحلة في الذاكرة" الأستاذ خالد الرشد في قناة RT. وقد قام أكثرهم بإصدار دراسات قيّمة عن حصيلة إطلاعهم على وثائق مهمة من ذلك الأرشيف في غاية الخطورة وأصدروها بعدئذ في كتب يحدونا الأمل بقوة أن تُتترجم إلى العربية . ورغم العمل المضني الذي قمنا به بتفريغ عشر من تلك المقابلات فإننا سنكتفي هنا باستعراض أهم أربع شهادات : الأولى: وقد أدلى بها ضابط الاستخبارات العسكرية السوفييتية ليونيد فيديفيكو . الثانية: وقد أدلى بها الكسندر أوروكلوف/ عضو أكاديمية العلوم العسكرية السوفييتية ومؤلف كتاب " حروب الأتحاد السوفييتي السرية " . الثالثة: وقد أدلى بها جوزيف ليندر/ مؤلف كتاب " الفتنة الحمراء .. تاريخ استخبارات الكومنترن" . الرابعة: وقد أدلى بها غريغوري كوستاتش/ بروفيسور مستعرب في جامعة العلوم الإنسانية بموسكو ، ومن أهم ما جاء فيها ما نُشر في صحيفة البرافدا الصادرة في 30 مايو أيار 1948" ينبغي القول بوضوح أن العرب بشنهم حرب ضد دولة إسرائيل الفتية لا يقاتلون من أجل مصالح قومية ولا من أجل أستقلالهم، بل ضد حق اليهود في إقامة دولتهم المستقلة، والشعب السوفييتي بالرغم من كل تعاطفه مع الشعب العربي يدين سياساتهم العدوانية التي يتبعونها بحق إسرائيل". وجاء في مقدمة اللقاء مع ضابط الاستخبارات العسكرية ليونيد فيديفيكو أن أندريه جروميكو رئيس الوفد السوفييتي حينذاك للأمم المتحدة ألقى كلمة في 14 مايو مما جاء فيها : " … إن مئات الآلاف من اليهود يجوبون الآفاق في بلدان أوروبا بحثاً عن مأوى .. لقد آن الأوان لتقديم العون لهؤلاء الناس. إن العرب يدعون بأن تقسيم فلسطين هو ظلم تاريخي، ولكن لا يمكن موافقتهم في هذه الرؤية ، إذ يكفي أن الشعب اليهودي كان مرتبطاً ايرتز إسرائيل على أمتداد فترة طويلة". ويضيف فيديفيكو بأن الزعيم السوفييتي ستالين دعا لاجتماع للمكتب السياسيى غداة إعلان إسرائيل عن قيامها، وأنقسم الأعضاء بين مؤيد للاعتراف بها وبين متحفظ أو ومعارض، وحسم ستالين النقاش بتثبيت رأيه كقرار نهائي للمكتب: " سنعترف بها لغرس شوكةً في مؤخرة العرب بحيث يواصلون حكها مدى الدهر" ! أما الكساندر أولوكوف فقد صرح في حوار RT معه بأنه في الفترة التي سبقت حرب 48 نظمت موسكو أولى عمليات إمداد اليهود فلسطين بالأسلحة، وأنه في مارس من عام 1948 وصلت إلى اليهود أضخم عمليات إمداد سوفييتية، من بينها معدات طيران عسكرية ومدافع … وسُمح لضباط سوفييت متقاعدين ذوي خبرة قتالية عالية وسبق لهم القتال في الحرب الوطنية العظمى ضد النازية بالتوجه لأسرائيل لمقاتلة الفلسطينيين والعرب في حرب 48، وهؤلاء الضباط قد أبلوا بلاءً حسناً في الحرب وقاموا بأدواربطولية ضد الجيوش العربية والمقاومين الفلسطينيين، وكان لهم الأثر الحاسم في أنتصار إسرائيل. كما تمكن اليهود من شراء أضخم أسلحة تشيكية بإيعاز من موسكو" وقد أعترفت إسرائيل بهذا الدور المحوري الذي أسداه السوفييت لها ومكنها من الانتصار على العرب . وأخيراً فإن الباحث الكبير جوزيف ليندر مؤلف كتاب " الفتنة الحمراء .. تاريخ أستخبارات الكومنترن" يتتبع الجذور التاريخية التي تقف خلف الرؤية السوفييتية قصيرة النظر للقضية الفلسطينية والمسألة الصهيونية والتي من جرائها جاء موقف ستالين المتهور بالاسراع بالاعتراف بأسرائيل ومدها بالأسلحة . وأيا كان الأمر فالشاهد أن المواقف السوفييتية التي جاءت أواخر سني الحقبة الستالينية إنما هي حصيلة مراكمات من الملابسات التاريخية الروسية الموضوعية المعقدة التي مرت بها روسيا القيصرية كما مر بها الحزب الشيوعي الروسي في تلك الفترة منذ بدايات القرن العشرين ومروراً بثورة اكتوبر الاشتراكية، وهذا ما سنوضحه في المقال القادم .
#رضي_السماك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العرب واليسار والحرب الروسية الأوكرانية
-
- كلمة ونص - وتفاهة المسلسلات الخليجية
-
شخصية بوتين المخابراتية وأعباء الحرب المنظورة على شعبه
-
ثغرات القوة الروسية في الحرب
-
هل تنجح المفاوضات الروسية الأوكرانية ؟
-
قرن على ميلاد محمود أمين العالم
-
من يقف وراء تصعيد الأزمة الأكرانية ولماذا؟
-
من يقف وراء تخريب تمثال الأمير عبد القادر؟
-
حزب الله ودروس الحرب الأهلية اللبنانية
-
ايران وحزب الله والقضية الفلسطينية .. والمطالب الإصلاحية الد
...
-
الشمولية وعبادة الزعامات العربية
-
ماذا لو عاش عبد الناصر سنة إضافية ؟
-
دور التفكير الشمولي في نبذ الرأي الآخر
-
مأساة العالم السوفييتي كوروليوف
-
نجيب محفوظ .. الولادة المتعسرة وإشكالية التسمية
-
أزمة قرداحي والتعايش السلمي بين الدول العربية
-
الانتخابات وخذلان أنتفاضة تشرين
-
نحو تجديد ألق الراية الحمراء ( 2- 2 )
-
نحو تجديد ألق الراية الحمراء ( 1 )
-
لغز - أولاد حارتنا -
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|