السفير
الحوار المتمدن-العدد: 39 - 2002 / 1 / 18 - 12:56
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
زياد ماجد
قد لا تبدو ثنائية ((اليسار واليمين)) بديهية في مساحة السياسة اللبنانية منذ هزيمة اليسار العلماني واغتيال كمال جنبلاط بعيد منتصف السبعينات.
ففصول الحرب اللاحقة ((لحرب السنتين)) ومن ثم اتفاق الطائف أنتجت نخبة حاكمة نجحت، بغطائها السوري وقواعدها الطائفية والمالية، في تمويت الحيويات السياسية في البلاد، محوّلة الحياة العامة الى مجموعة تعيينات وتقاسم صفقات وصراعات ((رئاسية)) تعتمد العصبيات المذهبية وسيلة لتحسين المواقع والحصص في أي مشروع إداري أو مالي أو ((إنمائي)) مطروح.
لكن مشهد التصحر هذا لا يلغي إمكانات البحث في جدليات سياسية لم يلغها الموات، وإن لم تعد أساساً للإصطفاف في لبنان اليوم.
تقود المتابعة للشعارات السياسية المرفوعة وللسياسات الاقتصادية والمالية المعتمدة وحتى للتكوين الثقافي لأعضاء ((نادي السلطة)) منذ العام 2991 الى خلاصة (مرتبكة) مفادها: أن فلسفة ((اليمين المسيحي)) (أو الأصيل) المستبعَد عن المشاركة سياسياً، هي الطاغية اقتصادياً وثقافياً في لبنان اليوم، إن من خلال تركيبة الموازنات والسياسات المالية والإعمارية أو من خلال تصور دور لبنان السياحي وموقعه الاقتصادي وصورته الثقافية.
غير أن حَمَلتها باتوا هذه المرة من اهل ((اليمين المسلم)) (أو الطارئ) المتحالفين، قسراً حيناً وطوعاً أحياناً، مع قوى ((انكشارية)) تحمل خطاباً شعبوياً (فيه مصادرة لبعض مفردات اليسار) تتنازع وإياهم ((مصادر الرزق))، وتتولى جرهم الى تحكيم خارجي .
لكأن اليمين اليوم، هو يمين ((الأغنياء الجدد)) (النوفو ريش) الذي ورث ((اليمين الأصيل)) بالتوجه الاقتصادي ثم أبعده بالممارسة السياسية لضرورات خارجة ربما عن إرادته.
أو لعله ((اليمين الهجين)) الذي يدفع أكثر الناس للتحسر على سلفه، والبحث عن خلاص (أشد يمينية) يريحهم من ثقل حليفه ((الانكشاري)) ومرجعيته الإقليمية...
لكن هذا التحسر، بأسبابه الذاتية والخارجية، يؤكد في الوقت نفسه عمق الاختلاف بين اليسار (غير القابع في السلطة ومستشارياتها) واليمين (الأصيل)، وضرورة هذا الاختلاف.
فباستثناء الالتقاء على الدعوة الاستقلالية (أو السيادية)، لا شيء يجمع بينهما. لا السياسات الاقتصادية والمالية، ولا مسألة العلمنة وفلسفة النظام الطائفي، ولا الموقف من العمالة الأجنبية ومن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ولا النظرة الى ((العولمة)) (وهي ربما المسألة المستجدة الوحيدة في الثنائية)، ولا شكل النظام الانتخابي الذي يسهم في إنتاج النخب السياسية، ولا حتى الموقف من الصراع العربي الاسرائيلي...
كيف يمكن لفرز كهذا أن يعود، وكيف يمكن أن تتشكل الاصطفافات اليمينية واليسارية من جديد؟ هل من سبيل الى بعث الحيويات السياسية التي قتلتها الطوائف وأجهزة المخابرات والمصادرات، ولو على الهامش مؤقتاً؟
وهل يجوز طرح كل ذلك أساساً، إن كان ((الخارج)) وحده يعيد تشكيل خريطة ((الداخل)) كل ما ارتأى الأمر ضرورياً؟
لعل الجواب عند اليمين ((الأصيل)). عساه يطرح مشروعه ((ما بعد السيادوي))، فيوحد في مواجهته يساراً يبدو أنه فقد روح المبادرة...
#السفير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟