إدريس غازي
كاتب و باحث
(Driss Rhazi)
الحوار المتمدن-العدد: 7246 - 2022 / 5 / 12 - 14:27
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
..." ومن رام التعبير عن تلك الحال فقد رام مستحيلا ،وهو بمنزلة من يريد أن يذوق الألوان المصبوغة من حيث هي الالوان ،ويكون السواد مثلا حلوا أوحامضا،ولكننا مع ذلك لا نخليك عن إشارات نومئ بها إلى ما شاهده من عجائب ذلك المقام ،على سبيل ضرب المثال ،لا على سبيل قرع باب الحديقة ،إذ لا سبيل إلى التحقيق بما في ذلك المقام إلا بالوصول إليه "
وقد عزز.الفقرات التالية بصور بصرية باهرة ،فالأعمى في منطق النص قد أصبح مبصرا ،وسقطت عن عينيه الغشاوة التي كانت تصور له الاكاذيب حقائق .
ويصبح عالم حي بن يقظان عالما من المرايا العاكسة لضوء الشمس.وهكذا يرى حي ..الفلك الاعلى " كأنها صورة الشمس التي تظهر في مرآة من المرائي الصقيلة ،فإنها ليست هي .الشمس ولا المرآة ولا هي غيرها ...والفلك الذي يليه كأنها صورة الشمس التي تظهر في مرٱة قد انعكست إليها من مرآة أخرى مقابلة للشمس " ..
فهذا العالم من المرايا العاكسة الذي يراه ويشاهده حي .. لا يظهر له إلا في لحظة الرؤية الصوفية ،لحظة تلبية الشوق من اجل الاتصال مع إبطال فعالية ووجود العقل " في حالة الكشف والتجلي ،التي هي حالة شبيهة بالغشي "
وتكمن المفارقة ها هنا في أن صحو حي بن يقظان هو غياب وغشاوة ،فلحظات الغياب التي ينفي فيها جسده ويبدو فاقدا للوعي هي لحظات إبصار وصحو حقيقي ورؤيا ....
إن رحلة حي بن يقظان والتي تبدأ بكونها سيرة للعقل الإنساني ،وتصويرا لقدراته على إدراك وجوده الإنساني ،عبر الحواس والربط والمقارنة والاستخلاص ،تنتهي بنفي العقل والحواس والعالم المادي ،إن الرحلة تبدا في رحاب العلم التجريبي ،وتتطور في اتجاه التوفيق بين العلم والفلسفة الصوفية ،وذلك وفق عبور نظرية الفيض ،النظرية التي خيمت طويلا على تاريخ الفلسفة عامة والفلسفة الإسلامية خاصة إلى أن جاءت الرشدية التي قطعت سبل التفكير بهكذا طريقة ...
خلاصة القول أن حي .. انتهت به التجربة إلى الانحياز الواضح إلى الصوفية ونفيه القاطع للعلم التجريبي ...تبدأ رحلة حي ..بالادراك العقلي وتنتهي بالتنكر إليه
يتبع.
#إدريس_غازي (هاشتاغ)
Driss_Rhazi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟