|
هل هو فجر عصر جديد ؟
أحمد فاروق عباس
الحوار المتمدن-العدد: 7241 - 2022 / 5 / 7 - 18:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الأدعى بالمتابعة بدلا من هراء وسائل التواصل الاجتماعي في مصر وافتاء روادها الذى لا يتوقف فى الاقتصاد وفى كل شئ ، الأهم من ذلك كله هو متابعة ومحاولة فهم ما يجرى في الغرب ، وكيف وصلت بهم الأزمة التى حاولوا هم افتعالها في أوكرانيا ..
لقد وصلنا فى هذه اللحظة إلى الاتى .. ١ - تضخم جامح في بعض الدول المفروض أنها دول كبرى اقتصاديا ، ونقص في سلع أساسية ، والضباب هو سيد المشهد ، والكل الان عند مفترق طرق ..
٢ - بدأت روسيا والصين تعدان العدة للانعزال عن الاقتصاد العالمي الذي يؤدي فيه الدولار الأميركي دوراً مهماً ، هذا الانعزال يهدف إلى إعادة التركيز على دور احتياطي الذهب كمقوم للعملات ، لهذا تسارع كل من روسيا والصين، وحتى الدول الأوروبية ، إلى شراء أطنان من الذهب بوتيرة عالية ..
وتقول وكالة بلومبيرغ إن الصين عززت مشترياتها من الذهب بمئات الأطنان منذ مطلع الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، وطبقا لوكالة شينخوا الصينية الرسمية أن بكين حققت زيادة كبيرة في مخزون الذهب ، في خطة بدأتها منذ عام ٢٠١٨ ، وفي العام نفسه، عززت أيضاً البنوك المركزية بقيادة روسيا احتياطاتها من الذهب أكثر من أي وقت مضى منذ العام ١٩٧١، وهو العام الذي تخلت فيه الولايات المتحدة عن معيار الذهب ..
٢ - أقدمت مجموعة دول شانغهاي على استبدال الدولار في التبادل التجاري بينها واستخدام عملاتها الوطنية، وفقاً للتغطية الذهبية لكل عملة ..
٣ - ان هيمنة الدولار بدأت تواجه تساؤلات جدية الآن ، إذ عمدت عدة دول بالفعل إلى تنويع احتياطياتها النقدية باللجوء إلى اليورو والإسترليني والين واليوان ، وانخفضت حصة الدولار في احتياطيات النقد الأجنبي العالمية من نحو ٧١ % في مطلع القرن الحالي إلى نحو ٥٩ % بنهاية العام الماضي !!
٤ - أن الاصوات بدأت ترتفع في الولايات المتحدة نفسها محذرة بأن العالم يبدو أنه على موعد مع عصر جديد ، يجعل هيمنة الغرب - بريطانيا قديما ، وأمريكا اليوم - قصة من قصص الماضى ، ومن بين تلك الأصوات أحد كبار رجال المال فى أمريكا مثل الملياردير ستانلي دراكينميلر، الذي يدير أحد أكبر صناديق التحوط ، الذى قال أن الدولار قد يخسر في غضون ١٥ سنة مكانته كعملة احتياطية مهيمنة على الصعيد العالمي ..
إن كافة عقود التصدير بين روسيا والصين مثلا تتم باليوان الصيني ، حيث قدرت الأرقام الرسمية الصادرة عن البنك المركزي الروسي في عام ٢٠٢٠ - وقبل الحرب الحالية - أن ما يقارب الـ ٨٣% من الصادرات الروسية إلى الصين تمت باليوان الصيني، كما تمت تسوية ٧٤% من المدفوعات الناتجة عن التبادل التجارى بين روسيا ودول الاتحاد الأوراسى بالعملات المحلية ..
٥ - إن ما يحدث في الاقتصاد المالى يحدث أكبر منه فى الاقتصاد الحقيقى ، فقد أصبحت الصين منذ فترة هى مصنع العالم ، وإذا أضيفت إلى جانبها الهند واليابان وكوريا واندونيسيا ، فيصبح القول بأن القرن ٢١ هو قرن آسيا له ما يبرره ..
٦ - وإذا أضيف إلى التطورات الصاخبة فى دنيا الاقتصاد - المالى منه والحقيقى - التطورات على صعيد العسكرية والسلاح وبالتالى الجغرافيا السياسية ، فيمكن القول أن العالم مقبل على لحظة نادرة ، حيث يمضى إلى الغروب عصر كامل طويل ، استمر ٥٠٠ عاما من سيادة الغرب على العالم ، ويبدو الجيل الحالى فعلا على موعد مع القدر ، بتعبير جمال عبد الناصر الشهير ..
إنه عصر الآمال الكبيرة ، وعصر الأحلام الممكنة التحقيق ، حيث الانعتاق من نير الغرب وجبروته فى الاقتصاد والسياسة .. ولعل ابلغ تعبير هو ما ظهر في مجلة الأيكونوميست البريطانية اليوم ، حيث ظهرت صورة معبد قديم وهو ينهار على رؤوس الجميع ، والمعبد هو الاقتصاد العالمى ..
ففى السياسة ستنتهى كلمة الغرب النافذة فى كل الشئون الدولية ، وسينتهى عصر ترتيب وهندسة المجتمعات طبقا لمصالح الغرب وحده ، وستجد قضية مثل قضية فلسطين مثلا وسائل حلها بسهولة ، سواء بالسلاح أو بالسياسة ..
وفى الاقتصاد سينفتح الباب واسعا لاجتهاد دول العالم كل فى ضوء ظروفه ، فى الخروج من الرأسمالية بصورتها الفجة ، التى يفرضها الغرب بقوة السلاح ، وقوة منظماته الاقتصادية الدولية ، ليبزغ عصر جديد أكثر إنسانية ، وأكثر اهتماما بالعدل الإجتماعى ..
هل تتحقق تلك الآمال الكبيرة ، ونصبح فعلا على أعتاب عصر جديد ، وتصبح الإنسانية على موعد مع القدر ؟ نتمنى ونحلم ..
وإن كان التمنى والحلم دونه مخاطر هائلة ، فالمؤكد أن الغرب لن يستسلم بيسر ، وخبرة التاريخ تعلمنا أن التغيرات الكبرى في العالم حدثت غالبا - للأسف - بعد صراعات طاحنة وحروب مدمرة .. سيصل العالم بالتأكيد الى عصر جديد ، وسيبزغ فجر أكثر إنسانية ، ولكن ليس بدون مصاعب عظيمة وألام هائلة ..
#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنظروا في المرآة !
-
يا شباب المسلمين .. فين العزة وفين الدين ؟!!
-
عصر الإيمان
-
الشك والإيمان .. والسياسة
-
قبلة الموت .. الدور الإسرائيلى الجديد والغريب في العالم العر
...
-
لماذا يعشق الغرب الديموقراطية إلى هذه الدرجة ؟!
-
الاقتصاد والمخابرات ..
-
عالم أعيد بناءه
-
مريض نفسى !!
-
صراع من أجل الحياة .. وليس صراع من أجل الاقتصاد .
-
ما معنى ما يحدث في أوكرانيا ؟
-
اضمحلال الإمبراطورية الأمريكية وسقوطها
-
الإمبراطورية التى غابت عنها الشمس
-
قصر نظر لا ينتهى
المزيد.....
-
بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من
...
-
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش
...
-
فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ
...
-
واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
-
هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
-
هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
-
-مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال
...
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|