صفوت جلال الجباري
الحوار المتمدن-العدد: 1673 - 2006 / 9 / 14 - 00:53
المحور:
القضية الكردية
معضلة الانظمة الشمولية واحزابها الحاكمة هي التمادي في الاخطاء واعطاء التبريرات لتصرفاتها الشنيعة حتى ولو كانت ممارسات لا انسانية تتعارض مع كل الشرائع الارضية او السماوية وحتى لو كانت تصب في خانة الابادة الجماعية واستأصال شعب من جذوره ,ونموذج البعث والنازية الهتليرية ابرز مثال على ذلك, وان الانبهار بالشعارات البراقة والتلاعب بالالفاظ وتسويق اشباه الحقائق وانصافها والتي تحاول خلق تبريرات ميكافيلة واهية لاضفاء نوع من المنطق والعقلانية على ممارساتها اللاعقلانية واللاانسانية من اجل خداع الرأي العام المحلي والعالمي كحجج ديماغوغية من اجل البقاء في الحكم لاطول مدة ممكنة.
مناورات الديكتاتور صدام حسين في جلسات المحكمة والتي يحاول من خلال مداخلاته بنفس اسلوب (القائد الضرورة) السابق والذي من خلاله يحاول يائسا ان يسوق نفس المفاهيم السابقة متناسيا وبغباء مفرط ان نظامه قد كنسه التاريخ وارادة المجتمع الدولي والشعب العراقي والى غير رجعة , وانه الان ما هو الا متهم ذليل ماثل امام القضاء العراقي , وان الملايين من اصحاب المقابر الجماعية والثكالى والايتام والمشردون من ضحاياه ينتظرون بفارغ الصبر لحظة تفوه القاضي بقراره والنطق بالحكم العادل بحقه وبحق الشلة المجرمة الماثلة معه في قفص الاتهام,لينالوا جزاءهم بما اقترفوه من جرائم يندى له جبين الانسانية سواء بحق ابناء الشعب العراقي وفي مقدمتهم الكورد والشيعة او من الشعوب المجاورة التي ابتلت بمصائب ومغامرات ابناء العوجة من مراهقي السياسة الشمولية لفكر ومنهج البعث المدمر......في جلسة يوم 12 ايلول حاول ان ينال من جملة امور فيما يخص الشعب الكوردي خصوصا والعراقي عموما منها:
البيشمركة:
(البيشمركة) ذلك الاسم المقدس لمناضلي ومقاتلي شعبنا الكوردي الذين حملوا ارواحهم على اكفهم , هؤلاء المناضلين من مقاتلي الشعب الذين انبروا وبكل شجاعة وايثار للدفاع عن قضية شعبهم ضد كل الانظمة التي تعاقبت على دست الحكم والتي رفضت اقرار مطاليب شعب كوردستان العادلة, وقد كان للدفاع البطولي لافراد البيشمركة الدور الاكبر في كسر شوكة نظام البعث على وجه الخصوص وتمريغ انفه في التراب واجباره الاعتراف بحقوق شعبناالكوردي , وهي القوة العراقية الوحيدة التي ادامت النضال البطولي لاكثر من اربعين عاما وتحت اصعب الظروف المحلية والاقليمية والدولية , وكل انجازات شعب كوردستان اليوم وجزء كبير من محنة صدام ومصيره الاسود انما تحققت على ايدي هؤلاء الابطال ومن هنا جاء حقد صدام الاسود على هذه التسمية لانه يعرف اكثر من غيره ماذا يعني كلمة بيشمركة ...... ومن جانب الشعب الكوردي فان هذه التسمية هو احب كنية يتفاخر بها كل كوردي من السيد مسعود البرزاني والسيد جلال الطالباني الى أي كوردي في المدينة او الريف ..... واذا كان هناك اليوم نفر من النفوس الضعيفة في صفوف شعبنا الكوردي ممن يحاول ان يستغل سمعة البيشمركة وقدسيته في نفوس ابناء شعبنا باستغلال منصبه او تأريخه في صفوفها لاغراضه الخاصة فان الحساب العسير آت لا محالة من قبل الشعب الكوردي المناضل الصامد مع هؤلاء الضّالين...... فصدام طلب من الحاكم ان يستبدل لفظة البيشمركة ب ( المتمردين) , ولكن لم يفصح هذيانه, بالاسباب التي دفعتهم الى التمرد.....وعلى ماذا تمردوا وضد من؟ والحقيقة انهم كانوا كانوا قد تمردوا على الظلم ولم يرضوا بالهوان , نعم كانوا متمردين على سلطة دكتاتورية فاشية اثبت التأريخ والوقائع مدى توغلها في الجريمة .... والمتمرد على الظلم هو بالضرورة مناضل من اجل الحق والكرامة فنعم (بكسر النون )التمرد ونعم العصيان..... ونسي بانه ونظامه وقبله كل الحكومات العراقية المتعاقبة قد اضطروا مرغمين وتحت وطأة ضربات هؤلاء(المتمردين) والبقية الباقية من ابناء شعبنا الكوردستاني ,المتعاطفين معهم والذين كان عددهم يقدر باكثر من 90% من ابناء شعب كوردستان!!!!! , اضطروا الى التوسط محليا ودوليا من اجل السماح لهم بالتوجه الى معاقلهم في كلالة و مقابلة قائدهم التأريخي (مصطفى البارزاني) , وعرض مشاريع التفاوض و التظاهر بحل المسألة الكوردية سلميا بعد كل ضربة عسكرية موجعة, ولم يشهد تأريخ الثورة الكوردية ان نزل قائده الاسطوري يوما الى بغداد لاستجداء التفاوض من حكام العراق......
اتفاقية الجزائر المشينة:
حاول الدكتاتور ايضا ان ينال من الثورة الكوردية وخاصة بعد اتفاقيته الخيانية المشينة مع شاه ايران المقبور.....ناسيا او متناسيا الثمن الباهض الذي دفعه هو ونظامه والشعب العراقي عموما من جراء البنود الذليلة في تلك الاتفاقية .... والتي كانت اهم بنودها اضافة الى تصفية الحركة الكوردية ومحاصرتها دوليا , التفريط بمساحات واسعة من ارض العراق على طول الحدود العراقية وصولا الى شط العرب والتنازل عنها لشاه ايران المقبور,ومن ضمنها حقول غنية بالنفط في منطقة العمارة ....وكذلك التنسيق مع نظام الشاه المقبور والسلطان قابوس في القضاء على ثورة ظفار ومضايقة الاتجاهات اليسارية في المقاومة الفلسطينية آنذاك,ذلك الثمن وتلك الصفقة المشينة التي فضحت كل ادعاءات البعث ونظامه المقبور الزائفة بالحرص على العراق ارضا اوعلى العروبة شعبا وقضايا مصيرية.... وكان نفس ذلك الثمن الباهض و الذي من اجل التخلص من اعباءه الثقيلة باشر بحربه المجنونة على الجارة ايران بعد انتصار الثورة الايرانية والتي تنائجها المادية واعباء ديونها دفعته بدورها الى غزو الكويت , واخيرا دفعته مهانا ذليلا الى الاختباء في حفرته المشينه وها هو الأن قابع في قفصه( الذي باركه له احد الشهود من الكورد البسطاء اليوم) وهو فعلا يستحقها وبجدارة.....
اراد بمكره المعهود النيل من ثورة ايلول وشجاعة بيشمركته وقائده البارزاني الخالد , مدعيا بان الثورة انهارت بمجرد التوقيع على الاتفاقية المشينة في الجزائر ..... وان كل مقاتليها القوا السلاح .... ناسيا حجم المؤامرة الدولية والاقليمية آنذاك على الكورد كشعب معزول من كل دعم اقليمي او دولي ومحاط باعداء شرسين كانوا يستغلون تلك الفرصة التأريخية لابادة الكورد والقضاء على وجوده .... وان قرار القيادة الكوردية آنذاك كان تكتيكا سليما وموفقا رغم قساوته والتي دفعت بالعديد من البيشمركة الى الانتحار وهذا وان كان اجراء فردياا تشاؤميا ولكنه يدل ايضا على مدى حبهم لشعبهم واخلاصهم لقضيتهم , تماما كما فعل المقاتلون اليابانيون بعد استسلام اليابان, و حتى قرار وقف القتال,و القاء السلاح من قبل القائد البارزاني كان يشبه الى حد بعيد قرار امبراطور اليابان الذي حقن دماء شعبه وانقذه من دمار محقق, وامر بايقاف القتال مع الحلفاء بعد القاء قنبلتي هيروشيما وناكازاكي على الشعب الياباني..... واذا كان الشعب الياباني قد اثبت جدارته وتفوقه ايضا على اعداءه في ميدان الاقتصاد والتكنولوجيا لاحقا, فان شعب كوردستان اثبت ايضا جدارته وحيويته في تحمل الصدمة الكبيرة وتنظيم صفوفه من جديد وبعد اشهر معدودات من المؤامرة ليفجر ثورة اعظم واكثر تنظيما ودقة , ونزل القيادات الكوردية الى الساحة السياسية والعسكرية بتكتيكات مبتكرة ادهشت اعداءها قبل اصدقاءها واوصلت شعبها بعد نضالات متواصلة الى ما هو عليه اليوم , واثبتت للعالم ان شعبا مستعدا للنضال والتضحية دوما لهو اكبر بكثير من مناورات ومؤامرات الاعداء مهما كبرت وتنوعت.....والتأريخ اثبت ايضا الجهة التي كانت شجاعة وباسلة
في منازلة اعداءها .... الثوار الكورد والمحاصرين من كل الجهات وباسلحتهم البسيطة مقارنة باسلحة النظام البعثي الفتاك.... ام النظام البعثي الصدامي المتهرئ الذي لم يصمد ايام معدودات في مقارعة الامريكان رغم امتلاكه امكانيات دولة مفتوحة الحدود والاجواء.....
انقلاب تموز (البيضاء):
كان كلامه يشبه الهذيان ويدعو الى الضحك والشفقة في آن واحد , حينما وصف انقلابه الدموي بالثورة البيضاء .... اذا كان نظام البعث وانقلابه المشؤوم عام 1968 ثورة بيضاء , فمن قتل من الشعب العراقي بمختلف قومياته واديانه وطوائفه بل حتى من صفوف حزبه الملايين اذن؟ ....اما انه لم يتم عمليات نهب وسلب ابان انقلابهم المشؤوم فذلك بالطبع لا يرجع الى (ملائكية) البعث وفكره بل لان الشعب العراقي لم يكن قد( تعلم) بعد من حكامه لا الملكيين ولا الجمهوريين وعلى رأسهم الشهيد عبد الكريم قاسم , ثقافة النهب والسحت الحرام بل ان كل تلك الانحرافات قد جاءت من ممارسات البعث في تخريب النفوس والضمائر, وتصرف اركان نظامه بالمال العام بدءا بالطاغية وابناءه وابناء عمومته ونسباءه والمحسوبين عليهم .... الذين جعلوا من ممتلكات واموال بل واعراض العراقيين والعراقيات ضيعة مستباحة لهم .....اضافة الى ظروف الحصار والتجويع الذي كانوا هم مسببيها وهم المستفيدين منها على حساب آلام ومآسي الشعب العراقي المظلوم ......
لقد فات الديكتاتور المعزول ان الزمان قد تغير وان الشعب قد اطلع على كل اعمالهم وجرائمهم وباتت فضائحه وفضائح عائلته وازلامه تباع باقراص مدمجة وباسعار بسيطة على ارصفة وشورع بغداد والمحافظات, وان سجونه ومعتقلاته الرهيبة قد تحولت الى متاحف وان مقابره الجماعية تكتشف يوميا في طول البلاد وعرضها .....وصدق المثل القائل ( الذين اختشوا ماتوا) ...
#صفوت_جلال_الجباري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟