|
حوار مع سعيد العليمي عن فلسطين و اليهود
مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 7240 - 2022 / 5 / 6 - 07:55
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
أعترف أني سررت بمقالك عن كوريل لأنه أكثر من مناسب لحوار ضروري ليس بالضرورة مع المقال و لا عن كوريل نفسه أو من ذكرتهم في المقال ، بل كعصف ذهني ينطلق مما كتبته فقط كحفاز و نقطة استفزاز ضرورية و مطلوبة … لا يهمني بالتالي إثبات أو نفي أية صفة عن الرجل ، هنري كوريل ، أو إصدار أية أحكام معه أو ضده ، ما أطمح إلى محاكمته فعلًا هو واقعنا ، وعينا ، و العالم ، تلك المرآة التي نقف أمامها لنرى ما نتمنى لا ما هو أمامنا بالفعل … سأبدأ من استنكارك بيان حدتو و مواقفها الداعية لدولة ديمقراطية واحدة في فلسطين و إلى الدعوة إلى الأخوة أو الألفة و الثقة بين الجماهير الكادحة العربية و اليهودية … و استنكارك مرارًا أي حديث ، من كوريل أو غيره ، عن حق الشعب اليهودي ( هذا إن وجد أساسًا مثل هذا الشعب ) في تقرير مصيره … أنت و في كثير من الأحيان على لسان ابراهيم فتحي و غيره تضعنا أمام تعريف ضمني لكنه قاطع و حاسم للشعب الفلسطيني لا يتضمن كل من يسكن تلك الأرض اليوم بالضرورة و لا من سكنها قبل قرون رغم أن الأسطورة العروبية تحاول أن تقنع الجميع بأن هذا الشعب هو حالة عرقية و لغوية و تقريبًا عقائدية متجانسة منذ بداية التاريخ … أتعرف أين المشكلة هنا ، إذا كان تعريفك الضمني هذا للشعب الفلسطيني صحيح بالفعل فهذا يعني أن السوريين و العراقيين و الأكراد و الأفغان و المصريين و الأفارقة و الفلسطينيين الذين حصلوا على إقامات و جنسيات في بلدان أوروبية أو أميركية بعد عدة سنوات فقط و أحيانًا عدة أشهر من وصولهم إليها هم ليسوا و لن يكونوا ألمانًا و لا سويديين و لا أميركان أو كنديين الخ الخ … إذا كانت فلسطين دولة بهوية عرقية و لغوية و دينية واحدة تستند إلى العرق و الدين الغالب فيها قبل قدوم الاحتلال ، لأنك تعرف جيدًا كم تغيرت القوميات و اللغات و الأديان السائدة في فلسطين كما في غيرها لدرجة من الصعب أو المستحيل حتى أن نحدد أو نخص عرقًا أو دينا منها بصفة الفلسطيني ، إذا كان ما نقوله حقًا فمن حق الألمان و الفرنسيين و البريطانيين و السويديين أن يقولوه أيضًا … للأسف يا سعيد ، لقد كان كوريل على حق ، كل الدول هي نتاج غزوات أو فتوحات أو استعمار باللفظ المعاصر و غالبًا ما كان الاستعمار يتوطن و يبدو مع الوقت كأنه الشعب الأصلي الذي يقاوم الغزاة الجدد ، فقط ، فقط في حالات قليلة جدًا كان هذا الاحتلال يهزم بأثر رجعي كالاحتلال العربي لإسبانيا مثلًا … لا جدال أنك تعرف جيدًا أن مصر أو فلسطين لم "تخلقا" عربية و لا إسلامية ، لقد احتلهما العرب المسلمون ( حرروهما حسب القوميين العرب ، حرروهما ليس فقط من الغزاة و الأسياد السابقين ، بل من سكانها الأصليين أيضًا) و بعد فترة تعريب طويلة تحولتا إلى ما صارتا عليه اليوم و إذا تحدثنا عن السكان الأصليين بمنطق الهنود الحمر في امريكا فالأقباط و الأمازيغ و السريان و الآشوريين هم أحق بأن يوصفوا بالهنود الحمر من العرب و المسلمين … إذا كان تعريفك الضمني ، العرقي الديني اللغوي الواحد ، للشعب الفلسطيني صحيحًا فكل الدعوات إلى مجتمعات متعددة الثقافات في أوروبا و أميركا هي دعوات استيطانية و استعمارية ضد حضارة البلد و هويته و سكانه الأصليين بل إن النازيين الألمان هم وحدهم من يقول الحقيقة عن الشعب و الأرض الألمانية … يجب ألا ننسى هنا أن وجود اليهود في فلسطين كان هو أيضًا كالهجرة السورية المليونية إلى أوروبا اليوم ، قضية لاجئين فارين من إبادة جماعية أو من فقر مدقع و حياة بائسة كالأفارقة اليوم في أوروبا … لأسباب لا شك عندي أنها مفهومة بعد كل هذه المقدمة ، أني أعتقد شخصيًا أن كامو كان جزائريًا بقدر ما كان قادة جبهة التحرر الوطني جزائريون ، أن الأرض في النهاية هي ملك لنا جميعًا كبشر ، و أن "الجزائر" قد خسرت بطرد كامو و الملايين من أمثاله تمامًا كما خسرت مصر برحيل الايطاليين و اليونانيين و ربما اليهود إن شئت ، عدا عن أني أعتقد أن المنطق نفسه يقول بأن طرد الفرنسيين من الجزائر يعني طرد الجزائريين من فرنسا في نفس الوقت … لا يمكننا بناء الحواجز و تفكيك و تركيب المكان و الزمان على مقاسنا ، ما نفعله بالآخرين من المنطقي جدًا أن يقوم الآخرون بفعله معنا أيضًا … قضايا أصغر بكثير استوقفتني أيضًا في مقالك ، بنطلون كوريل القصير و تردده على المواخير ذكرني بكلام بعض الشيوخ و السلفيين … أتساءل أخيرا يا سعيد عن المثال الذي كان و ما زال يلهم القوميين العرب بمن تمركس منهم و من طول ذقنه أو قصرها و شذبها ، أهو حقًا دولة رأسمالية متطورة ، إستعمارية و إمبريالية كغيرها ، و إذا كان هذا حقيقيًا ، لماذا نسمي مثل هذا المثال تحرر وطني بينما هو استعمار للآخرين … و لا أدري لماذا أذكر الآن مجزرة الدامور التي قام بها مقاتلون فلسطينيون علمانيون في غالبيتهم و هم يرددون بشكل غريزي هتافات الله أكبر و هم يمثلون بجثث المسيحيين اللبنانيين … و لماذا أذكر العفيف الأخضر الذي سخر من حرب أكتوبر و تساءل لماذا كان على السادات و غولدا مائير أن يقتلوا آلاف الشبان المصريين و اليهود إذا كانوا ينوون في النهاية أن يتصالحوا ، ألم يكن الأوفر أن يتصالحوا من دون إراقة كل تلك الدماء البريئة … و لماذا أذكر مقال للرفيق رمضان متولي من الاشتراكيين الثوريين يتهم فيه كل من يدين المقاومة الفلسطينية في حرب غزة الأخيرة بأنه جاهل أو متواطئ ، الرفيق رمضان لا يعتقد أن من حق الفلسطيينين أن يناقشوا مصيرهم ، حياتهم ، موتهم : هم و فلسطين ملك "للمقاومة" فقط ، ليس هدف تحرير فلسطين أن يصبح الفلسطينيون سادة مصيرهم بل أن يصبح مصيرهم و مصيرها بيد من يعتبرهم الرفيق مقاومة ، بيد ذلك الطاغية المنتظر الذي يتقمص شخصية خالد بن الوليد و غيره من الفاتحين الذي سحقوا شعوبًا و أخضعوها و أذلوها بالسيف ، أليس غريبًا أن نجمع جميعًا ، ديكتاتوريات و معارضات إسلامية و يسارية متطرفة أحيانًا ، على هذا "المخلص"
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قالوا في الرقص
-
لماذا نكتب
-
الأبوكاليبوس
-
الخونة
-
الاقتصاد السياسي للصراع الطبقي في بلاد الربيع العربي
-
قالوا
-
الأمل الذي لا يموت ، الحلم بسجون نكون نحن جلادوها
-
الإخوة على الحدود البيلاروسية البولندية
-
ذكريات من سوريا -الحرة-
-
ادوار سعيد ، المعارضة السورية ، تقديس التخلف و السلطة و شيطن
...
-
نبوءات باكونين لنعوم تشومسكي
-
حلوا عن رب العلمانية
-
انتقام التاريخ و الايديولوجيا : تلامذة ادوار سعيد يتقمصون رو
...
-
هراء الهوية
-
بلا دماء ، ليصنع كل منكم دولة و فرجونا
-
أنا و الله فكري هنيك و هني أهلك فيك
-
كلمة للشباب ، مرة أخرى
-
كامو و ميشيل عفلق و المودودي ، ميرسو و خالد بن الوليد
-
الوطنية : خطر يتهدد الحرية ، لإيما غولدمان
-
عن علمانية المعارضة السورية
المزيد.....
-
ظهر وهو يكبر ويتشهد قبل لحظات من الكارثة.. شاهد ما قاله ناج
...
-
سوريا.. تعزيزات بريف حمص وانتشار أمني في بانياس بآخر التطورا
...
-
ترامب يحث المحكمة العليا الأمريكية على تأجيل حظر تيك توك
-
سفير روسيا في مالي يؤكد أن أوكرانيا فتحت جبهة ثانية في إفريق
...
-
مأساة جسر البرازيل: تأكيد مقتل 10 أشخاص وتهديد كيميائي يعيق
...
-
-هذا ليس من صلاحياتي-.. محافظ دمشق يفسر تصريحاته المدوية حول
...
-
ابتكار مصري.. رصد مبالغ مالية ضخمة لشراء براءة الاختراع
-
ضابط مخابرات أمريكي سابق يدعو الولايات المتحدة إلى التخلي عن
...
-
علامة تدل على أحد أخطر الأمراض النفسية!
-
رغيد الططري.. طيار سوري رفض قصف حماة فاعتقله نظام الأسد 43 س
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|