|
كوارث الصحافة ربما ليس من بينها انتحار عماد الفقي!
محمد القصبي
الحوار المتمدن-العدد: 7239 - 2022 / 5 / 5 - 14:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
داهمني مثل ملايين المصريين خبر انتحار الزميل عماد الفقي .. داهمتني بعد ساعات من الحدث المأساوي - ربما قبل ذلك - تداعياته المفجعة .. زملاء يوجهون اتهاماتهم عبر السوشيال ميديا ..وبعد وقت قصير جدا من كارثة الانتحار..إلى رئيس تحرير الأهرام ..أن اضهطاده للفقي.. وحرمانه من حقوقه في الترقيات وغيرها وراء إقدامه على الانتحار !!!
روعني ماكتبوا ..بعد ساعات ..ربما دقائق عرفوا السر ..عماد الفقي انتحر لأن علاء ثابت اضطهده !!!!!!!!!!! صحفيون..يفترض أن يكون لديهم من الوعي ..ومالايقل أهمية انهم أصحاب رسالة ..من البديهي ألا تصدر أحكامهم إلا من خطوط إنتاج التفكير العلمي ..ومن بديهيات التفكير العلمي توافر معلومات موثقة تتكيء عليها أحكامنا.. وفاجعة مثل انتحار الفقي قد تكون في حاجة إلى أسابيع..شهور من جمع المعلومات والتحقيقات قبل أن تبوح بأسرارها.. مااشد حاجتي إلى الارتداد .. إلى صباي..طفولتي..إلى كل ماالتهمته من روايات آرثر كونان دويل البوليسية ..أسأل بطله المفتش شرلوك هولمز..أبمقدوره أن يعرف سر انتحار أحدهم بعد ساعات من انطفاء وهج الحياة في شرايينه..؟! ان حدث هذا فقد يرمقني متعجبا للحظات قبل أن ينطلق ضاحكا ثم يصيح ساخرا: في دهاليزكم تلك التي تسمونها ببلاط صاحبة الجلالة ألغاز وطلاسم ربما أمضي عشرات السنين مفتشا عن تفسير لها...دون جدوى!!!! ........... ابنتي تقرأ ما كتب على السوشيال ميديا من اتهامات لرئيس تحرير الأهرام بأنه من سحب من بين يدي عماد الفقي كل السبل..كل الخيارات سوى خيار واحد ..أن يأتي بحبل ويوثقه في نافذة مكتبه ثم يلف نهايته حول رقبته..! ابنتي المعدة في التليفزيون لاتصدق..ليس لمعرفتها برئيس تحرير الأهرام ..فهي في الحقيقة لم تحظ أبدا بلقائه.. ابنتي لاتصدق..لأن تلك الاتهامات نقشت على السوشيال ميديا حتى قبل أن تستقر رأس الفقي المنشطرة عن جسمه في الممر الجانبي الفاصل مابين مبنى الأهرام والكنيسة.. ابنتي تفسر : ربما هي خلافات ما بين من يكتبون هذا ورئيس تحرير الأهرام.. أهي كارثة أخرى من كوارث بلاط صاحبة الجلالة.. صحفيون يرتدون بزة النضال فيكتبون عن فساد هذا المسئول أو ذاك..والحقيقة أنهم يخوضون حروبهم تلك في ظل شعار غير معلن " لافيها ..لاأخفيها "..!!!!
ولتجنب شظايا حروب " لافيها لااخفيها" هذه ..يلوذ بعض المسئولين ببر الأمان ..كل يقوم بتنصيب صحفي مستشارا إعلاميا له!! وما أكثر المستشارين الإعلاميين لكبار المسئولين في الدولة!!! والنتيجة المفجعة أن يتحول الصحفي من مندوب لصحيفته في الوزارة إلى مندوب للوزارة في الصحيفة!! ....... ..حدث هذا منذ أربع سنوات..رئيس التحرير أرسل لي تقريرا أعده صحفي شاب لمراجعته ..لايخلو سطر من التقرير من مدح لأحد المسئولين.. لكن هذا ليس فقط ماروعني..بل أيضا الكم الهائل من الخطايا اللغوية والنحوية والمعرفية وأيضا سطحية الرؤى ..ومع كل سطر كان يستفحل بداخلي سؤال..ليس كيف تم تعيين هذا الشاب في الجريدة..ولا كيف أصبح عضوا في نقابة الصحفيين..بل كيف حصل على الشهادة الثانوية..وربما دون ذلك.. الاعدادية..؟! هذا الشاب منذ عامين فوجئت به مستشارا إعلاميا لمسئول كبير..!! هذا الشاب منذ عام فوجئت بانتقاله من صحيفتنا إلى الصحيفة رقم واحد في مصر.. هذا "الصحفي" يوما ما سيكون رئيس مجلس إدارة إحدى مؤسساتنا الصحفية.. هذا الصحفي سيودعون بين أنامله مفاتيح إحدى قنواتنا التليفزيونية..بالإضافة الى رئاسته للمؤسسة الصحفية.. هذا الصحفي يوما ما سيكون نقيبا للصحفيين المصريين.. واجهة لإعلام مصر العظيمة في القارات الست..!!!! هذا الصحفي..في الحقيقة ليس من محترفي النضال تحت شعار : لافيها لاأخفيها: بل يبند في خانة صنف آخر من الصحفيين.. طفح مناخ هيمن على الجغرافية المصرية منذ سبعينيات القرن الماضي..مناخ بدأ بانفتاح السداح مداح على رأي كاتبنا العظيم أحمد بهاء الدين.. انفتاح السداح مداح هذا مهد لظهور الحزب اللاوطني الذي نشر قيم الانتهازية والفساد..حيث لم يعد تحقيق الطموحات في حاجة إلى مرجعية معرفية وعلوم وقدرات إدارية ووظيفية.. بل ملء استمارة انضمام للحزب اللاوطني.. وأنامل تجيد طرق ابواب غرف صناعة القرار ..وعزف أجمل الأناشيد لقاطنيها..!!
بهذا يمكنك اقتناص كرسي رئيس تحرير.. أي كرسي حتى لو كان مستواك التعليمي يادوبك... اعدادية ..!!!! ولن تواجه بشيخ يصرخ أن ماتفعله حرام..إثم.. ذلك أن هذا المناخ أصبح مهيأ أكثر لتفشي الانتهازية و الفساد مع أعاصير سلفية البترودولار التي هبت علينا من شرق البحر الأحمر ..تلك السلفية التي سطحت الدين وزنزنته في لحية ونقاب وجلباب قصير وهل صليت على النبي ١٠الاف مرة ..أما أن تسطو على مئات الأفدنة من أراضي الدولة.. أن تقتنص منصبا لاتملك مؤهلات إدارته بكفاءة... فهذه أمور غير مبندة في خانة المحرمات لدى هؤلاء المشايخ..!! وويل لمن يناقش أو يجادل..فهذا تحد لشعارهم "سمعا وطاعة" ..التفكير محرم ..النقاش ممنوع..بل ممنوع أن تقرأ غير القرآن الكريم" هذا ما طالبني به أحد المشايخ منذ عامين "!
سلفية سمعا وطاعة تلك وجدت مباركة قوية من وزارة التعليم التي تحولت إلى وزارة تلقين..وزارة اختزلت أبناءنا في مجرد ذاكرة تحشر بالمعلومات..ليس حتى من خلال فصول المدرسة ..بل من أوكار وغرز الدروس الخصوصية..التي تبدأ في استقبال روادها من الساعة السابعة صباحا وحتى الثانية عشر ليلا.. !!! حتى موضوعات الإنشاء يجري تلقينها للطالب ليتقيأها في ورقة الإجابة في امتحانات نهاية السنة فيحصل على ١٠٥ % ..لتفتح له أبواب كليات " القمة".. ليتخرج طبيبا.. يتاجر في أوجاع الغلابة.. بعض الصحفيين من طفح خطوط إنتاج هذا المناخ..رأيناهم خلال ثورتي ٢٥ يناير و٣٠ يونيو..ليس في الميادين يهتفون ارحل ..ارحل..!! هؤلاء الصحفيون كانوا يتابعون مايجري في الميادين من نوافذ مكاتبهم..وكل يحتضن طبلته.. متأهبا للعزف لمن تؤول إليه مفاتيح الاتحادية..!! لذا لم أشعر بأدنى قدر من المبالغة حين عنونت مقالي المنشور بالحوار المتمدن في ٣٠يونيو ٢٠١٨ بهذا السؤال " ماموقف المطبلاتية لو حكم نيتانياهو مصر .. لاقدر الله!!
ايبدو هذا من ألغاز بلاط صاحبة الجلالة .. بعض من مطبلاتية إخوان الشاذلي / عز مازالوا في صدارة المشهد الصحفي والإعلامي.. لم يفقدوا كراسيهم..بل واقتنصوا مناصب أعلى رغم أن الزمن غير الزمن ..والتوجهات غير التوجهات..؟!.. وهل هؤلاء قادرون وعيا وإرادة بل وانتماء على مواجهة الأخطار التي تحيق ببلاط صاحبة الجلالة وانتشالها من بدروم التخلف التكنولوجي لتواكب العصر..؟ ........... في أواخر القرن التاسع عشرة طرق رجل الأعمال الأمريكي الشهير هنري فورد باب أحد أصدقائه الأثرياء..قال له : لديَّ مشروع.. وأود أن تكون شريكي. سأله الثري: أي مشروع ؟ قال فورد: مصنع للسيارات. صاح الثري وهو يقهقه:أي سيارات تتحدث عنها عزيزي فورد ..كنت أظنك ترى مثلي أن المستقبل للحصان! وإني أراهم -كثر في بلاط صاحبة الجلالة - مثل الثري الأمريكي..يراهنون على الحصان! وهذا ما أرهقني منذ أكثر من عقد ..وأنا أصرخ في يأس عبر كتاباتي وفوق المنصات وخلال محاضرة في كلية البيان للصحافة في العاصمة العمانية مسقط في أبريل ٢٠١٤..أن الصحافة الورقية على وشك الانقراض ..وأن المستقبل للصحافة الأليكترونية .. لهذا أوقفت صحيفة/كريستيانس اينس مونيتور الأمريكية نسختها الورقية عام 2008. ،؟ وهذا أيضا مافعلته عشرات المطبوعات عبر جغرافية الكوكب.. منها مجلات فرانس سوار ..نيوزويك.. إنديبيندنت الأسبوعية.. و هذا ما تنبأ به حتى أباطرة خبراء شركة مايكروسوفت منذ مايقرب من عقدين .. حين قالوا إن نهاية الصحافة الورقية سيكون عام 2018 بينما توقع امبراطور الصحافة روبرت مردوخ أن تكون النهاية 2020. "صحيح أن عام 2020 تجاوزنا دون أن تغيب شمس الورقي ..لكن كل المؤشرات تؤكد أنها في أفول ..بل في الدقائق الخمس الأخيرة ! وربما دون ذلك..".. لكن الأمر في مصر مغاير تماما..النظرة للبوابات الاليكترونية تتسم بالدونية .. وكما نرى.. أصحاب الحظوة من الكتاب تنشر مقالاتهم في " الورقي" ..أما "الهلافيت"..اللي مش متوصي عليهم أو مفيش وراهم مصلحة تلقى مقالاتهم في البوابات !! والغريب أن نقابة الصحفيين ترفض منح عضويتها لأي صحفي في بوابة اليكترونية.. لابد وحتما أن يكون صحفيا في جريدة أو مجلة ورقية .. ولا أدري كيف سيكون حال نقابة الصحفيين حين تلفظ الصحافة الورقية أنفاسها نهائيا خلال بضع سنوات..؟!!!!!! أخشى أن تتحول النقابة في هذه الحالة إلى مجرد ذكرى.. تماما..مثل الشاعر أبو ربابة..!!!
#محمد_القصبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين هرمنة النص وشيطنته..في ندوة نادي القصة
-
هل خانت -ايمان- زوجها؟!..أهو مثل سارتر ..ديوث؟!
-
لنبدأ بكتاب النيابة العامة لعلاج أنيميا الثقافة القانونية
-
أين الأدب من انسحاق مصر أكتوبر بين الانفتاح وسلفية البترودول
...
-
نجحنا في تحصين الشوارع..فماذا عن تحصين العقول؟!
-
هل سقط المثقف من حسابات الدولة؟!
-
شعب من الزبالين!
-
حتى لايقع السيسي في خطأ عبد الناصر
-
ماذا لوكانت مؤامرة اخوانية ياوزير التعليم؟!
-
أنا والسيدة الأولى والمناضل الناصري!
-
لو اختاروني وزير ثقافة!
-
أعداؤك ياسيسي في الداخل
-
وماذاعن عمارة الشوارع.. ياوزير الأوقاف ؟!
-
وماذاعن عمارة الشوارع.. سيدي خطيب مسجد الحاجة حورية؟!
-
مفارقاتك يامصر ..مدينة عالمية للثقافة ونادي القصة في الشارع!
...
-
إغلاق الصحف المسائية..ألف مبروك..عقبال الصباحية!
-
حسن راتب ليس حالة خاصة !!
-
أيها الأدباء ..أولادكم أهم ..ولاتنسوا ثمن الكفن!!
-
هل يعود مثقفونا إلى خندق المواجهة..عبر هذا البيان؟
-
ما أشد حاجتنا لغباء صديقي ..العروبي جدا!!!!!
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|