أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - تاج السر عثمان - جذور نشأة الطبقة العاملة السودانية















المزيد.....

جذور نشأة الطبقة العاملة السودانية


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 7239 - 2022 / 5 / 5 - 03:50
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


١
نتابع في هذه الدراسة جذور نشأة الطبقة العاملة والعمل المأجور بمناسبة ذكرى اول مايو اليوم العالمي للعمال..
ترجع جذور الطبقة العاملة السودانية إلى فترة الحكم التركي _ المصري ( ١٨٢١ - ١٨٨٥) عندما قامت ترسانة الخرطوم للنقل النهري ومصانع الذخيرة والنيلة والصابون وتطور العمل المأجور ، وظهرت فئات عاملة بأجر مثل : الكتبة والموظفين والقضاء والمعلمين ، وكذلك نتيجة لترك أعداد كبيرة من المزارعين لسواقيهم واراضيهم الزراعية بسبب الضرائب الباهظة ، أي تحرر أعداد كبيرة منهم من الارتباط بالأرض ، ولكن نظام الرق ونظام السخرة الذي كان موجودا في بعض المؤسسات لم يساعد في إيجاد عمال أحرار في التنقل ، إذ أن من الشروط الأساسية لظهور ونشؤ الطبقة العاملة أن يكون لها حرية التنقل وحرية التعاقد ، أي حرية بيع قوة عملها . ذلك انه في نمط الإنتاج الرأسمالي كما يقول ماركس في مؤلفه " الراسمال "أصبحت قوة العمل بضاعة ، وقيمة قوة العمل هذه شأن قيمة كل بضاعة أخرى تتحدد بكمية العمل الضروري اجتماعيا لانتاجها ، إذن قيمة قوة العمل هي تكاليف إعادة تكوين قوة العمل هذه في إطار اجتماعي محدد ( المأكل ، الملبس ، المسكن ، .. الخ ) .
(للمزيد من التفاصيل : راجع تاج السر عثمان الحاج.. خصوصية نشأة وتطور الطبقة العاملة السودانية.. ١٩٠٠١٩٥٦..الشركة العالمية ٢٠٠٧).
وبالتالي يمكن القول وبهذا المفهوم أن الشكل الحديث لنشؤ وتطور الطبقة العاملة لم يظهر إلا مع بداية القرن العشرين عندما تم إلغاء نظام الرق والسخرة في السودان .
٢
كان من ضمن أهداف الاحتلال الإنجليزي للسودان هو إلغاء تجارة الرقيق ، وجاء في صلب اتفاقية 1898 م إلغاء تجارة الرقيق ومنعها منعا باتا في السودان وإلغاء كل أشكال التعامل بالرقيق . جاء في المادة ( 11 ) من الاتفاقية ( ممنوع منعا مطلقا إدخال الرقيق إلى السودان أو تصديره منه ).
وفى بداية الحكم الاستعماري واجهت الإدارة البريطانية مشكلة الرقيق التي وصفها أحد السياسيين الإنجليز كما يلي : كان على الحكومة الخيار بين أمرين أحلاهما مر : فإما الاعتراف المؤقت بالرق السائد أو التحرير الفوري للرقيق ، الأمر الذي كان يؤدى إلى تقويض الاقتصاد في البلاد ، ذلك لان التحرير الفوري كان يؤدى إلى هجر اكثر المزارع الكائنة على ضفاف النيل ، والى فقدان قطعان كثيرة من الماشية التي يملكها البدو والى موت آلاف من الأبرياء الذين اجبروا على العيش دون خطأ من جانبهم على العيش في ظلال نظام اجتماعي معاد للأفكار الغربية ، والتي قبلوها باعتبارها أمرا ضروريا لاغنى عنه لممارسة الحياة اليومية ، والتحرير الفوري للرقيق كان يعنى إطلاق سراح آلاف الرجال والنساء دون تحمل للمسئولية في مواجهتهم والذين كانوا يصبحون مصدرا للشغب والإخلال بالآداب . ( محمد عمر بشير : مشكلة جنوب السودان ، 1983 م ، ص 59 . )
ولحل مشكلة الرقيق كانت السياسة الحكومية تقوم على المبادئ والإجـراءات التالية :
_ العمل على تخديم الأفراد وتطوير نظام العمل بالأجر ( كبديل عن العمل عن طريق السخرة ) وذلك عن طريق تطوير الاقتصاد .
_ اتخاذ إجراءات مضادة ومعادية لتجارة الرقيق ، مماثلة لتلك السياسة التي اتبعت فى بلدان أخري خضعت للسيادة الأوربية .
_ السماح لكل رقيق بترك سيده إذا قرر ذلك طائعا مختارا .
_ حرمان السيد من ممارسة حقوقه القانونية لاسترداد الرقيق الذي اثر الحرية . ( بشير المرجع السابق ص 59 _ 60 ، وللمزيد من التفاصيل راجع محمد إبراهيم نقد : علاقات الرق في المجتمع السوداني ، 1995 . ) وللقارئ الذي يرغب في المزيد من آليات التحول من نظام الرق إلى العمل المأجور يمكن أن يرجع إلي بحث د . أحمد العوض سكنجة
(Slaves Into Workers ,1898 -1956 , )
بهذا الشكل حاربت والغت الإدارة الاستعمارية نظام الرق المتخلف ، وكان ذلك خطوة للأمام وعممت نظام العمل بالأجر ، أي خلقت شكلا جديدا أرقى من الاستغلال وهو العمل بالأجر بدلا عن نظام السخرة ( الرق ) الذي كان يعمل فيه الرقيق طول الوقت لصالح سيده مقابل معيشته ومعيشة اولاده .
هذا فضلا عن أن الإدارة البريطانية كانت محتاجة لهذا الشكل ( نظام العمل بالأجر ) ، حيث كانت تحتاج لعمال متحررين من قيود العبودية لكي يعملوا في المشاريع الاقتصادية والعمرانية التي كانت تخطط لها في بداية دخولها للسودان مثل : مشروع الجزيرة ، السكك الحديدية ، الميناء .. الخ . وان نظام العبودية كان نظاما متخلفا ولا يتناسب مع الشكل الجديد للاستغلال الرأسمالي الذي كانت الإدارة البريطانية تريد غرسه في السودان .
٣
على انه يجب القول أن تحرير الرقيق كان خطوة إنسانية تقدمية في سلم تطور الإنسان السوداني ، فالسودان عرف نظام الرق منذ اقدم مملكة سودانية ( مملكة كرمة عام 2000 ق . م ) ، واستمر هذا النظام في كل الممالك السودانية القديمة حتى نهاية القرن التاسع عشر . هذا إضافة إلى أن المشاريع الجديدة كانت محتاجة إلى عقلية جديدة تتعامل مع أدوات الإنتاج الحديثة التي ادخلها المستعمر ، والواقع أنها بدأت تدخل السودان منذ بداية الحكم التركي مثل : البواخر النهرية التي بدأت تحل محل المراكب ، والتلغراف الذي بدأ يحل محل الهجانة ، والأسلحة النارية التي حلت محل الأسلحة البيضاء وما احتاجته من مصانع للذخيرة والبارود ، كما دخل نظام التعليم الحديث الذي بدأ يحل محل الخلاوى الذي انتشر في فترة السلطنة الزرقاء .
ومنذ نهاية القرن الثامن عشر اندفعت الثورة الصناعية في إنجلترا ومنها إلى بلدان العالم الرأسمالي الأخرى والمستعمرات . وبإعادة احتلال السودان عام 1898 م ارتبط السودان مرة أخرى عن طريق إنجلترا بالنظام الرأسمالي العالمي ، وبدأ السودانيون يعرفون القاطرات ، والعربات والشاحنات ، كما بدأت تحل طلمبات الري محل السواقي ، وحلت الطواحين محل المرحاكة ( والفندك والهون ) ، كما حلت عصارات الزيوت الميكانيكية محل عصارات الجمال ، وبدأت التراكتورات تدخل في الأساليب الحديثة للإنتاج الزراعي .
كل هذه التطورات والآلات الحديثة التي بدأت تدخل السودان واتسعت منذ بداية القرن العشرين ، كانت محتاجة إلى قوى عاملة جديدة ، وكانت محتاجة إلى نوع جديد من التعليم للتعامل معها ، وبالتالي طور الاستعمار نظام التعليم ليتواءم مع احتياجاته الجديدة لتسيير مشاريعه الصناعية والخدمية ، ولسد النقص في الإداريين والكتبة لتسيير دولاب الدولة .
هكذا بدأت تظهر طبقة عاملة وفئات متعلمة تعليما حديثا ، وظهرت شركات ومشاريع زراعية وصناعية ، وبالتالي تطورت طبقة التجار الأجانب والمحليين واصحاب الملكيات الزراعية ، وهكذا ظهرت علائق انتاج جديدة ، وتوسع العمل المأ جور الذي حل محل نظام الرق .



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استمرار الدعوات الكاذبة للحوار
- في ذكراها الثالثة مليونية مجزرة الاعتصام
- في ذكرى اول مايو عيد العمال
- مجزرة الاعتصام حلقة في مجازر دارفور
- الذكرى الثالثة لمجزرة فض الاعتصام
- مجزرة كرينك امتداد لمجزرة فض الاعتصام
- الذكرى 152 لميلاد لينين (2) والأخيرة
- الذكرى ١٥٢ لميلاد لينبن
- كيف استحكمت عزلة الانقلاب؟
- ما هي معالم التسوية لاستكمال تصفية الثورة؟
- خطر الخطاب العنصري علي النسيج الاجتماعي
- ياعنصري ومغرور كل البلد دارفور
- ملاحظات علي الميثاق الثوري لسلطة الشعب (2) والأخيرة
- ملاحظات علي الميثاق الثوري لسلطة الشعب
- هل يستأذن النهر الصخر المرور؟
- ٦ابريل والمهام العاجلة لانتصار الثورة
- 6 أبريل وتصاعد مقاومة الانقلاب
- 6 أبريل ثورة حتى النصر
- حنى لانكرر تجربة النظام الرئاسي
- ذكرى الانتفاضة واعتصام القيادة العامة


المزيد.....




- مركز الفينيق: رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن: استثمار في ا ...
- تعرف على موعد صرف رواتب الموظفين شهر ديسمبر 2024 العراق
- تغطية إعلامية: اليوم الأول من النسخة الأولى لأيام السينما ال ...
- النقابة الحرة للفوسفاط: الامتداد الأصيل للحركة النقابية والع ...
- مركز الفينيق: رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن: استثمار في ا ...
- وزارة المالية بالجزائر توضح حقيقة زيادة 15% على رواتب المتقا ...
- اصابة مدير مستشفى كمال عدوان وعدد من العاملين بقصف مسيّرات ا ...
- مراسلنا: إصابة مدير مستشفى كمال عدوان حسام أبو صفية وعدد من ...
- السلطة الشعبوية تعلن الحرب على العمال وحقوقهم النقابية
- سياسات التقشف تشعل غضب العاملين في القطاع الصحي بالأرجنتين


المزيد.....

- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - تاج السر عثمان - جذور نشأة الطبقة العاملة السودانية