|
في تشخيص إخفاقات الأحزاب الكردية السورية
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7238 - 2022 / 5 / 4 - 12:01
المحور:
القضية الكردية
تاريخيا لم تشهد سوريا منذ انقلاب البعث بداية ستينات القرن الماضي أية حياة سياسية طبيعية ، بل طبقت الاحكام العرفية ، فيي ظل قيادة البعث للدولة والمجتمع ، وغياب الرقابة ، وحرية الفكر ، والنشر ، وكان شرط وجود أي حزب ان يكون تابعا للحزب الحاكم ، ويسبح بحمده في اطار جبهته ( الوطنية التقدمية ! ) ، وحتى ان وجدت أحزاب خارج اطار الجبهة ، وتمارس نشاطها علنا كانت بتفاهمات معينة مع أجهزة السلطة ، يستثنى من ذلك عددا قليلا من الأحزاب السرية المعارضة للنظام ، والتي لاقت ابشع أنواع القمع ، والملاحقة . مجموعة من الأحزاب الكردية المعروفة بتواصلها مع النظام ، وتاليا وفي مرحلتي تواجد – اوجلان – بسوريا ، ومرحلة مابعد اندلاع الثورة السورية حزب – ب ي د – الفرع السوري ل – ب ك ك - لاقت رعاية خاصة من جانب السلطات الحاكمة ولكنها لم تحقق شيئا للكرد . لقد أخفقت الأحزاب الكردية بغض النظر عن التفاوت في درجات المسؤولية ، ودوي الإخفاق ، والدوافع ، وذلك للأسباب التالية : أولا – لن نعود كثيرا الى الوراء ، ولن ندخل بتفاصيل تعاون ( مجموع الأحزاب الكردية ) مع خلية الازمة لجنرالات مخابرات النظام بالقامشلي للحيلولة دون ان تتحول هبة ٢٠٠٤ الى انتفاضة شاملة ، بل نبدأ بعام ٢٠١١ ، واندلاع الانتفاضة الوطنية السلمية السورية ، ثم تحولت كما نعلم الى ثورة دفاعية بعد التحاق مجاميع من المنشقين عن جيش النظام بصفوف الشعب ، والتلاحم بينهم وبين الحراك الوطني الثوري العام والتي لم تدم طويلا ، امام ذلك الحدث ، وفي تلك الفترة الزمنية الأكثر أهمية بحياة السوريين وبينهم الكرد ، لم تفهم الأحزاب قيمة اللحظة التاريخية ، ولم تستطع استثمارها لصالح الكرد ، واتخذت الموقف ليس بناء على قرارها المستقل بل نفذت ما املي عليها من خارج الحدود ، با الانخراط في مشروع نظام الاستبداد ، او التردد ، والوقوف في المنطقة الرمادية المحايدة ، ثم تصديها بالجملة ، والتفصيل لحراك تنسيقيات الشباب الكرد في مختلف المناطق ، والمدن ، والبلدات الكردية ، وبذلك التقت عمليا مع مخططات النظام في وأد ، الحراك الشبابي العفوي ، المفجر الحقيقي للانتفاضة . ثانيا – عجزت عن بناء الحزب الحقيقي المدني المنظم بحسب المواصفات الحضارية ، في تمثيل مصالح عامة الشعب ، وطبقاته ، وفئاته الاجتماعية ، كما فشلت في تقديم المشروع القومي والوطني الكردي للسلام ، بل نشرت ثقافة الخنوع ، والخوف ، والترهيب ، والتخوين ، وعززت منهجية تلقي المال السياسي ، والتبعية المطلقة للجهات الداعمة ، كما دشنت الخطاب الآيديولوجي ، والتقليد الاعمى ، وعبادة الفرد ( ليس الفرد الكردي السوري بل الفرد خارج الحدود ) ، ودشنت مبدأ – الحرب بالوكالة – لقاء الثمن المادي ، والجاه ، والنفوذ ، كما دفعت باتجاه الانشقاقات الحزبية ، واستقبال المواليد الجديدة لزيادة العضوية في طرفي الاستقطاب ، وتفعيل الصراع الثنائي ، وخاصة من جانب التنظيمين المحظيين ( ب ي د و ب د ك ، س ) . ثالثا – مارست الازدواجية بشأن الفكر القومي ، فالمعلوم ان الحركة الكردية السورية نشأت في الفضاء القومي التحرري مثل كل الحركات القومية ، وناضلت على هدى مبدأ حق تقرير مصير الشعوب ، وفي الخصوصية الكردية السورية في اطار سوريا التعددية الديموقراطية الموحدة ، فيي حين انحرفت الأحزاب ، وتخلت عن المبدئي ، وابتعدت عن الأصلي ، والمرجعي ، في مسار حركتنا منذ حركة خويبون وحتى الان ، مرورا بتجربة الرواد الأوائل ، والتنظيم السياسي الأول ، ومرحلة تصحيح المسار عام ١٩٦٥ ، ومرحلة – محمد منصورة - باختراق الأحزاب ، وشراء الذمم ، وتكريد الصراع ، وماتحمل من عبر ، ودروس . رابعا – ساهمت ، او سكتت ، او شجعت ، على تفريغ المناطق ، والهجرة ، والنزوح ، والتلاعب بالملكيات الفردية ، والعائلية ، وتغيير التركيب الديموغرافي ، وعمق الشرخ بين أهلنا في المناطق الكردية الثلاث ، ودفعت باتجاه احياء العصبيات المناطقية على حساب الفكر القومي الديموقراطي ، ولم تعمل هذه الاحزاب يوما على إعادة المهجرين ، والنازحين الى ديارهم ، لا مهجرو عفرين ، ولامهجرو كوباني ، والجزيرة . خامسا – ساهمت هذه الأحزاب بدرجات متفاوتة في عسكرة المجتمع الكردي السوري ، وتجنيد النساء ، والقصر ، ليس من اجل مقاومة النظام المستبد ، او مواجهة سائر المحتلين ، او حل القضية الكردية السورية ، او نصرة الحركة الديموقراطية السورية ، بل فيي سبيل مصالح حزبية ، ونفوذها ، والتباهي ، وخدمة اجندات خارج الحدود . سادسا – قد تختلف هذه الأحزاب فيما بينها حول مسائل النفوذ ، والمصالح الخاصة ، ولكنها تتفق في رفض الآخر المختلف ، ومنع النقد الخلاق ، وعدم الاعتراف باي حراك شعبي ، او فكري او ثقافي ، او مشروع للتجديد ، وإعادة البناء ، او حتىى قبول أصوات تدعو الى الاتفاق ، وتجاهل دعوات المصالحة ، والحوار ، وإعادة بناء الحركة الكردية ، وتوحيدها ، واستعادة شرعيتها عبر الطرق الديموقراطية المدنية مثل المؤتمر الكردي السوري الجامع . سابعا – أرست قيادات هذه الأحزاب أسوأ نموذج للعلاقات الوطنية لاتستند الى مبادئ ثابتة في الموقف من القضية الكردية ، ولاعقود متوافقة عليها حول الدستور ، والنظام السياسي المنشود ، وهكذا الحال بخصوص العلاقة الإقليمية ، والدولية التي لم تسند بتاتا على التكافئ ، والتوافق ، والتوثيق ، والشفافية ، وكانت على الدوام احادي الجانب ، ومن طرف واحد ، ولمصلحة الطرف الاخر . ثامنا – اغلب الظن لم يعد هناك جدوى من مخاطبة قيادات هذه الأحزاب التي لم تعد ترى ، ولاتسمع ، ولاتجيب ، بل الطريق الاسلم هو التواصل مع مرجعياتها ، ومانحيها ، خارج الحدود . ماذكرناه أعلاه غيض من فيض ولكنه اكثر من كاف لتعيد هذه الأحزاب النظر ، وتعترف بالفشل ، وتعيد الأمانة لاصحابها ، وتسلم امرها للشعب ، وتقبل الالتزام بما يتمخض عن المؤتمر المنشود ، لانها في كل الأحوال وصلت الى الطريق المسدود ، والمؤتمر يعتبر خشبة الخلاص من المأزق . ولكن ؟ وفي معرض تناول جوانب العامل الذاتي ، اقولها بكل صدق وصراحة ( وأرجو ان أكون مخطئا ) بان الازدواجية لا تقتصر على قيادات الأحزاب ومسؤوليها في الفكر ، والسياسة ، والموقف ، بل منتشرة حتى في صفوف قطاعات من ( اللاحزبيين ) وبينهم رهط من المتعلمين ( ولااقول المثقفين ) لانهم لايستحقون ، ويلاحظ المتابع على مدار الساعة ، مدى سرعة انتقال بعضهم من ( معسكر ) الى آخر ، او قيام بعضهمم بنقد ، ورفض الحزبية الضيقة في المساء ، ونشر مقالات موالية في منابرها بالصباح ، ومكابرة البعض الاخر في قبول او تقبل وحتى مناقشة مشاريع الإنقاذ المطروحة مادامت ليست من عندهم وهذه صفة الحزبويين وليس المستقلين الديموقراطيين ، ولكن لن نفقد الامل بشعبنا ، وطاقاتنا الشبابية من النساء والرجال ، ومفكرينا ، ومثقفينا الاصلاء الملتزمين بقضايا الشعب والوطن .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة نقدية لتصريحات بعض مسؤولي جماعات – ب ك ك – السورية
-
قضية شعب ، وليست منازعات أحزاب
-
الأحزاب الكردية السورية : تشابه في النهج
-
نحو إعادة النظر بالعلاقات الكردستانية
-
المشهد الكردي السوري بين الثابت ، والمتحول
-
الأولوية لاعادة بناء الحركة الكردية السورية
-
تبدلات في طبيعة الصراع الدولي .. تداعيات ، ونتائج
-
قراءة في نظرية - التوريط -
-
في أوجه الشبه بين - الهتلرية - ، و-البوتينية -
-
بحثا عن نظام عالمي عادل
-
التصعيد الروسي العدواني الى اين ؟
-
مؤتمر ميونخ وإعادة تعريف قضايا الصراع الدولي
-
فلنحدد قواعد الصراع في الساحة الكردية السورية
-
التكامل بين القومي والوطني في تجربة كردستان العراق
-
قراءة أولية في ندوة الدوحة
-
عندما تنتقم روسيا – البوتينية –
-
مواجهة الإرهاب لاتتجزأ
-
المصير السوري في ميزان الخارج
-
جدلية - تساقط - المعارضة ، و - اسقاط - النظام
-
هكذا يسيطر – الاخوان – على ( الائتلاف السوري المعارض ؟! )
المزيد.....
-
الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة
...
-
الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد
...
-
الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي
...
-
الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
-
صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|