|
الاستعداد لجولات التصعيد المقبلة
نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)
الحوار المتمدن-العدد: 7235 - 2022 / 5 / 1 - 14:08
المحور:
القضية الفلسطينية
نهاد أبو غوش انتهت جولة من جولات المعركة الطويلة والمفتوحة بين الشعب الفلسطيني ودولة الاحتلال الإسرائيلي من دون نتائج حاسمة على الأرض، على الرغم من البيانات التي تصدر عن النجاحات والإخفاقات. عنوان الجولة الأخيرة كان معروفا ومتوقعا سواء من طرف الفلسطينيين والأطراف الدولية، أو من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية مع اقتراب شهر رمضان عند المسلمين وعيد الفصح عند اليهود، وهو قضية السيادة على مدينة القدس بما يشمل مكانة الحرم القدسي الشريف وترتيبات إدارته وزيارته وحق العبادة فيه. من غير الواقعي الحديث عن تسجيل نصر مبين، أو هزيمة محققة لأي طرف، فإسرائيل حاولت احتواء التصعيد، لمنع اتساع المواجهات إلى درجة تعيد توحيد تجمعات الشعب الفلسطيني في معركة واحدة، كما جرى خلال شهري نيسان وأيار 2021، حين اتحدت كل تجمعات الشعب الفلسطيني بدءا من القدس وساحات المواجهة في الضفة، لتشمل جماهير الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 1948 وخاصة في المدن المختلطة اللد والرملة ويافا وعكا، ودخول غزة بمقاومتها وصواريخها على خط المواجهة، إلى تجمعات الفلسطينيين في الشتات، وعشرات العواصم والمدن العالمية حيث شارك ملايين الفلسطينيين وأنصارهم في تظاهرات حاشدة أعادت فرض القضية الفلسطينية على رأس اهتمامات العالم، ووحدت الشعب الفلسطيني ميدانيا وسياسيا كما لم يسبق له أن توحد منذ نكبة العام 1948. حاولت إسرائيل استثمار العوامل المحلية والإقليمية والدولية التي بدت أنها في صالحها، وبالتحديد الضعف والانقسام الفلسطينيَّيْن. وحالة التفكك العربي والانفضاض عن القضية الفلسطينية ونشوء محور عربي / إقليمي بمشاركة إسرائيل، بل بقيادتها كما ظهر في قمة النقب. ثم انشغال العالم بحرب أوكرانيا، كل ذلك شجّع إسرائيل على التمادي في محاولاتها حسم الصراع على القدس وفرض سيادتها على الحرم القدسي الشريف. من المسائل التي يتوجب رصدُها والتوقف عندها، ضرورة معرفة الأهداف الإسرائيلية الحقيقية من جولة التصعيد هذه، وتحديد نقاط التقاطع والتمايز بين الخط الرسمي لدولة الاحتلال وحكومتها، وبين ما يقوم به غلاة المتطرفين بقيادة النائب الكاهاني ايتامار بن غفير، مع الإقرار بأن هذا الأخير والميليشيات التي يتزعمها يلعب دور الرديف ورأس الحربة المتقدم في مشاريع التهويد والاستيطان، ويتكامل دوره مع ما تقوم به الحكومة وأجهزتها. عدم التمييز هو الذي أوقع بعض الأطراف الفلسطينية في خطأ تحديد خطوط حمر وهمية رسمها أناس على شاكلة بن غفير نفسه، كموضوعي ذبح القرابين ومسيرة الأعلام الاستفزازية، فوضع مثل هذه الخطوط الحمر أوحى بأن ما دونها أمر عاديّ ومقبول يمكن التساهل تجاهه. والواقع أن أهداف حكومة إسرائيل الحقيقية هي أخطر من مجرد طقوس استفزازية، وتتمثل في تهويد القدس وفرض السيادة المطلقة عليها، بما يقود إلى نقض ترتيبات الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف بمساحته البالغة 144 دونما، والمعمول بها منذ العام 1852 والتي تحصر إدارة الحرم وزيارته في الأوقاف الإسلامية، ثم فرض مخطط التقسيم الزماني والمكاني، وتمكين اليهود من الصلاة في المسجد الأقصى تحت الشعار الخادع المضلِّل عن "حرية العبادة". لا يمكن الحديث عن إنجازات ثابتة ومستقرة لأي طرف، ولا عن انتصار أو هزيمة، فكل طرف يسجل نقاطا لصالحه في هذه المواجهة المفتوحة، كما قد تتكشف نقاط ضعفه. فلسطينيا من المستحيل الحديث عن انتصار جدّي في ظل حالة الضعف والانقسام والتباطؤ المؤسسي والقيادي الملحوظ، ولكن من المؤكد أن المقاومة الشعبية والتصدي البطولي لجماهير القدس والمرابطين في الأقصى ساهمت في إعادة القضية الفلسطينية – التي غابت تماما عن قمة النقب – إلى صدارة الاهتمام الإقليمي والعالمي على الرغم من الاهتمام والتركيز العالميين على الحرب في أوكرانيا. فتطورات الأحداث أدت إلى تبهيت الإنجاز الذي حققته إسرائيل في قمة النقب ( ولا شك ان الموقف الأردني ساهم بشكل كبير في هذه النتيجة)، كما أن استنفار المقاومة في غزة، مع فلسطينيي الداخل، أبقى موضوع ترابط التجمعات الفلسطينية حاضرا بقوة، وهو تتحسب له إسرائيل فتضع التكتيكات والخطط السياسية والأمنية لتفاديه. ما حققته إسرائيل جزئيا من تقسيم زماني للمسجد الأقصى تمّ بقوة الحديد والنار، وهذا ليس صعبا على قوة احتلال تطوّق القدس بالحواجز والجدران العازلة، وتحشد الآلاف من جنودها بأسلحتهم وقنابلهم لإخراج المرابطين من داخل المسجد، ولكن يبقى الحذر واليقظة مطلوبين خشية تحلل إسرائيل من ترتيبات الوضع القائم (الستاتوس كو) في المسجد الأقصى بانتزاع صلاحيات الأوقاف وتسليمها للشرطة، وترويج أكذوبة حرية العبادة التي لا تعني عمليا سوى تمكين المتطرفين اليهود من الصلاة في أقدس المقدسات الإسلامية، بينما ثلاثة ارباع الشعب الفلسطيني محرومون حتى من وصول القدس، وفي هذين المحورين بالتحديد ينبغي العمل بأقصى درجات التنسيق والتفاهم مع الحكومة الأردنية بحكم مسؤولياتها ووصايتها المُسَلّم بها دوليا على الأماكن المقدسة في القدس. وما دامت المعركة طويلة ومفتوحة، والحرب سجال، علينا ألا نطمئن لنتائجها دائما، ما دامت كثير من إمكانياتنا معطلة وأوضاعنا القيادية وعلاقاتنا الوطنية في أسوأ أحوالها، وعلى من يريد الانتصار وتحقيق إنجازات في الجولات القادمة أن يعمل الآن وفورا على طيّ ملف الانقسام واستعادة الوحدة وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني بما يكفل أداء أكثر نجاعة وتأثيرا مما تحققه ردات الفعل العفوية والهبّات الموسمية.
#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)
Nihad_Abughosh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الموقف الأردني الشجاع
-
عصمت منصور: واجب النقد وحق الاختلاف
-
خلفيات الدعم الإسرائيلي المطلق لإسرائيل
-
الاقتحامات الإسرائيلية للأقصى بين السياسي والديني/الأسطوري
-
القائد مروان
-
السياسي والاسطوري في اقتحام المسجد الاقصى
-
التطورات والتصعيد في فلسطين (3)
-
التصعيد في فلسطين (2)
-
عن التطورات والتصعيد في فلسطين (1)
-
جِنين عاصمة المقاومة
-
داعش وإسرائيل: مخاطر محدودة (3)
-
داعش وإسرائيل: فوائد جمة (2)
-
داعش وإسرائيل :علاقات ملتبسة (1)
-
الانتخابات المحلية الفلسطينية وسطوة العائلي على الوطني والبر
...
-
التطرف وبيئاته الحاضنة
-
عالَم منافق يكافِىء المجرم ويُعاقِب الضحية
-
القانون العنصري الصارخ -منع لم شمل العائلات-
-
هشاشة أوضاعنا والأزمات العالمية
-
تركيا واسرائيل: المصالح أولا
-
عن يامن جفال وأترابه
المزيد.....
-
سوريا.. فيديو حراسة موكب أمير قطر بدمشق ولقطة مع أحمد الشرع
...
-
-سيفعلان ذلك-.. تصريح جديد لترامب عن مصر والأردن وخطة استقبا
...
-
الحوثيون على قائمة الإرهاب: ماذا يعني ذلك لليمن؟
-
بعد الدمار.. نازحون فلسطينيون يعودون إلى شمال غزة وينصبون خ
...
-
تحذير لمكاتب الكونغرس الأمريكي بعدم استخدام تطبيق -ديب سيك-
...
-
اليونان.. قرار بإزالة طوابق فندقية مخالفة قرب معبد الأكروبول
...
-
الصليب الأحمر يدعو إلى عمليات نقل -آمنة وكريمة- للرهائن
-
قنبلة نووية في متناول اليد!
-
السعودية.. فيديو يشعل تفاعلا لشخص وما فعله بمكان عام والأمن
...
-
-بلومبيرغ-: شركات العملات المشفرة تبرعت بملايين الدولارات لح
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|