أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باسم عبدالله - الجذور الوثنية لقصة خلق آدم وحواء















المزيد.....

الجذور الوثنية لقصة خلق آدم وحواء


باسم عبدالله
كاتب، صحفي ومترجم

(Basim Abdulla)


الحوار المتمدن-العدد: 7233 - 2022 / 4 / 29 - 14:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الجذور الوثنية
لقصة خلق آدم وحواء

باسم عبدالله

قبل ان ادخل في الموضوع، اريد ان يفهم الجميع ان بحثي يدور في اطار معين الا وهو الإطار العلمي الواقعي والتاريخي وليس الخيال المثيولوجي الناتج عن معتقد الإنسان الديني بملكاته الخرافية، رغم اني اواجه خيال مثيولوجي خصب لكنه خيال ارتبط اصلا بالاساطير، لهذا لا يمكن تناوله إلا من خلال حركة التاريخ. يبدأ الخطاب الديني في سفر التكوين، الاصحاح الأول باخبارنا عن اصل الشر عندما وضع آدم وحواء في الجنة، لكنه حمّلهما ذنب عصيان أمره الإلهي، فطردهم من ملكوته في الملأ الأعلى، ثم عاد وقام الله بتدمير العالم وانقذ الرجل الصالح نوح وابنائه مقررا ان لا يعود مرة اخرى لتدمير البشرية، في عهده الجديد الذي انحدرت فيه سلالة ابراهيم شعبه المختار بني اسرائيل، فلم يعد هناك ذكر لأصل البشرية وكأنها بدأت اصلاً في علاقة عهد وميثاق بين الله الخالق وابراهيم الرجل الصالح، فالله قرر عدم ارسال طوفان آخر. اصل القصة بدأت من الحضارة السومرية هي من اقدم الحضارات التي عرفها الإنسان، كذلك نرى اصل قصة آدم وحواء في الحضارة البابلية، فهذه القصة اثرت بشكل فعال في تاريخ البشرية، بحسب الأسطورة البابلية كان انليل هو الإله الذي امر بخلق الإنسان وسمح لأنكي ان يقوم بصنع انسان من الطين، وهناك نص اكدي يرسل انليل فيضاناً كي يقضي على كل اشكال الحياة، وقام بتقليده الإله الوهيم إله اليهود وإله الإسلام الله. فهذا الاسم ” انليل ” أل” ” انكي” لينشأ عنها اسم الإله الوهيم.
” في البدء خلق الله السماوات والارض وكانت الارض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرف على وجه المياه. وقال الله : «ليكن نور»، فكان نور. وراى الله النور انه حسن. وفصل الله بين النور والظلمة. ودعا الله النور نهارا، والظلمة دعاها ليلا. وكان مساء وكان صباح يوما واحدا.” فهذا نص تخيلي في وصف الخلق، اذ كيف خلق السماوات والارض، وهذا الخلق يفترض ان يكون جديداُ جميلاً بينما الأرض خربة وخالية؟ اذا كان الأمر الإلهي ” ليكن” لماذا لم يكن ان جعل الأرض اجمل وازال الظلام، بدأ النص في سفر التكوين ” في البدء ” هذا يعني ان الزمن ابتدأ مع الله في خلق آدم، فبدء الزمن جلب خلق الكون وآدم، ومعه حواء التي تعني في اللغة السومرية المساعد او ضلعه اي جنبه وتعني الضلع انها مكونة من ضلع الرجل. في الإصحاح الثاني من سفر التكوين ” فاكملت السماوات والارض وكل جندها. وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل. فاستراح في اليوم السابع ” ” اخذ الرب الاله ادم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها. واوصى الرب الاله ادم قائلا: « من جميع شجر الجنة تاكل اكلا ، واما شجرة معرفة الخير والشر فلا تاكل منها، لانك يوم تاكل منها موتا تموت. في الإصحاح الثالث يبدأ الهدف الإلهي بالوضوح من وضعه لآدم في الجنة ” وكانت الحية احيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الاله، فقالت للمراة: «احقا قال الله لا تاكلا من كل شجر الجنة؟» فقالت المراة للحية: « من ثمر شجر الجنة ناكل، واما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله: لا تاكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا ”. هذه النصوص التوراتية في قصة خلق آدم كان مصدرها عالم الأساطير الذي اعتمد قصة خلق آدم، فمخطوطات نجع حمادي تم اكتشافها في صعيد مصر جسدت العقيدة الغنوسية، وهي عبارة عن مقالات تناولت اصل الإنسان الأول، وكان من ضمن الاسفار سفر الرؤيا لآدم، لقد طورت الغنوسية المفهوم الديني حول اصل الإنسان عندما رسخت مفاهيمنا الدينية حول الهدف الإلهي من خلق آدم المتضمن مساعدة الإلهة في هزيمة ابليس، وهم بهذا يؤمنون ان هبوط الشيطان من الجنة جاء بعد خلق البشرية، وبما ان الغنوسية سبقت العقيدة الإسلامية في مفهوم الشيطان لكن كما يبدو ان الإسلام استند في معتقده اللاهوتي حول مبدأ الغنوسية في قصة آدم، هي ان الشيطان رفض السجود لآدم، فالشيطان كان ينظر باستعلاء لآدم، ذلك ان الشيطان مخلوق من نار وآدم من تراب، كذلك ورد هذا الفهم لعقيدة الشيطان في سفر اخنوخ. ” وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ ” .
ان التحليل العقلي لهذا النص، يعني ان وضع ابليس في الجنة بهدف طرد آدم، فعبارة “ اني جاعل في الأرض خليفة ” لا ينبغي ان نظن ان حواراً بين الله وملائكته وقع فعلا في مكان ما في تاريخ هذا الكون، لكننا نطرح المفهوم العقلي الذي يرفض الإيمان بهذا النص، فإذا كان العلم الإلهي قد احتوى الغيب في جعل آدم خليفة له في الأرض، فما اهمية هذا الجدل وطرد ابليس وجعله مصدر إغواء لآدم وطرده من الجنة؟ كيف سيكون خليفة الله في ارضه وقد طرد اصلا من ملكوته؟ ثم كيف استدرك الملائكة خطأ التفكير الإلهي باختيار آدم خليفة له في الأرض؟ كيف عرفت الملائكة ان آدم وسلالته من بعده ستسفك الدم ويفسد في الأرض؟ ان سذاجة الحديث النبوي تظهر سطحية التفكير في القرون التي سبقت العلم اذ كيف يمكن الوثوق ان ” الله خلق آدم من قبضة من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأحمر والابيض، والاسود .... ” اذا قرأنا ان الله خلق آدم فالنص القرآني في سورة الحجر ” فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ “ بحسب تفسير الطبري ” فإذا صورته فعدّلت صورته ونفخت فيه من روحي ” فهذا الخلق ونفخ الله فيه من روحه، لم ينسجم ان خلق آدم جاء من جميع الأرض، ذلك ان آدم خلق من طين واحد. فكيف تنوعت فيه الألوان؟ ” اني خالق بشراً من طين ” ومرة ”خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون” ومرحلة ثالثة ” خلق الله آدم على صورته ” ومرة ” نفخت فيه من روحي ” ، فهذه كلها مراحل او ادوار لعمل غيبي لا اصل له. فهذا ليس خلق انما تحول من الى حالة، لان اه ا استعان بالطين في خلق آدم. الأمر يختلف في خلق حواء، فالحديث النبوي في صحيح البخاري المرقم 3331 ” استوصوا بالنساء؛ فإن المرأة خُلقت من ضِلَع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبتَ تُقيمه كسرتَه، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء ” فهذه الأحاديث تستغفل العقل الإنساني وتحاول استغلال فراغه العلمي في اثبات قدرة الغيب على خلق الإنسان.
حاول الله الصاق تهمة طرد آدم من الجنة على الشيطان وحذّر من دسائسه وخبثه ” يا بني آدَمَ لا يَفتِنَنَّكُمُ الشَّيطانُ كَما أَخرَجَ أَبَوَيكُم مِنَ الجَنَّةِ ” فإذا كان الله قد اختاره خليفة لأرضه كيف سمح الله للشيطان في اغواء آدم؟ وما قيمة هذا الإغواء اصلا ان حقق الهدف الإلهي في ان يهبط من الجنة الى الارض ليكون خليفة الله فيها؟ ان التناقض في سرد وتبرير هدف الله وعلاقته بآدم تتقاطع في مشكلة وضع الشيطان في الجنة كسبب في طرده من الجنة رغم ان آدم خليفة الله في ارضه، فهذه النتيجة ان الشيطان اغوى آدم اكل التفاحة كي تكون جريمة الشيطان اغواء آدم فيفقد نعيم الجنة ويكون خليفة الله في ارضه. ” قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ” كيف توعد الله الخارجين عن امره وهذا النص القرآني جاء بعد آلاف السنين من هبوط آدم للأرض، اذ تحدث الله في النص عن آدم وقتئذ عندما كان آدم مع الله. فهذا الفرق الزمني بين كلام الله لآدم والنص القرآني في الإسلام يجعل الله اعد النار عن سبق اصرار في انه يعلم من لم يهده، فما اهمية الشيطان اذا كان الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء، فبعلمه ادخل آدم الجنة وبعلمه اخرجه منها.
نتناول اسطورة الخلق، التي اقتبستها اليهودية والمسيحية وانتقلت الى الإسلام، فسفر التكوين في العهد القديم اقتبسها عن اساطير اقدم، من بلاد ما بين النهرين، اذ عند مراجعة تأريخ سفر التكوين وبقية اسفار موسى، نرى تاريخ الأساطير قريب من معتقد اليهود بإله واحد، فالأسفار التي كتبها النبي موسى تشير من التحول الوثني الى عبادة الإله الواحد، على سبيل المثال في سفر العدد 25 نجد اليهود عبدت الإله بعل فغور في بلاد مديان، وفي سفر القضاة 2 عبدوا مع بعل، الأنثى السماوية عشتروت، وفي سفر الملوك الأول 11 ” فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ وَرَاءَ عَشْتُورَثَ إِلهَةِ الصِّيدُونِيِّينَ، وَمَلْكُومَ رِجْسِ الْعَمُّونِيِّينَ وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَمْ يَتْبَعِ الرَّبَّ تَمَامًا كَدَاوُدَ أَبِيهِ حِينَئِذٍ بَنَى سُلَيْمَانُ مُرْتَفَعَةً لِكَمُوشَ رِجْسِ الْمُوآبِيِّينَ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ، وَلِمُولَكَ رِجْسِ بَنِي عَمُّونَ. وَهكَذَا فَعَلَ لِجَمِيعِ نِسَائِهِ الْغَرِيبَاتِ اللَّوَاتِي كُنَّ يُوقِدْنَ وَيَذْبَحْنَ لآلِهَتِهِنَّ.فَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَى سُلَيْمَانَ لأَنَّ قَلْبَهُ مَالَ عَنِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ ... ” كان إله اسرائيل في التوراة لم يقر لحظة انه رب البشر اجمعين بل كان يعترف بوجود آلهة وقد ابدى غيرته منها اذ ذكر سفر الخروج 20 ” لا يكن لك آلهة اخرى امامي ” قرينة تطور الإرث الروحاني والغيبي في بدء الخليقة ليس بحسب المفهوم الديني في خلق آدم وحواء، فلو كان آدم حقاً تم خلقه من قبل الإرادة الإلهية لنشأت عقيدة التوحيد من اليوم الذي هبط فيه آدم الى الأرض، اذ كان قد انشأ الجيل الموحد للذات الإلهية فكلاهما اقرا ” قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ” فهذا طلب المغفرة، بمعنى الخضوع والإيمان للخالق، هذا النص يخالف الاساطير الوثنية في تطور العبادات لغير الله. فلو اخذنا سفر يشوع 24 كقرينة تدلل ان الأرث الوثني كان موجوداً في التوراة ” هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: آبَاؤُكُمْ سَكَنُوا فِي عَبْرِ النَّهْرِ مُنْذُ الدَّهْرِ. تَارَحُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو نَاحُورَ، وَعَبَدُوا آلِهَةً أُخْرَى ” سجلت لنا الواح اوغاريت المكتشفة على الساحل السوري قبل التوراة بزمن بعيد، حتى اننا نقرأ في ملحمة البعل ” في ذلك الوقت ستقتل لوياثان الحية الهاربة وتضع نهاية للحية الملتوية شالياط ذات الرؤس السبع ” فهذا الإله كما اشار المزمور 74 ” أنت رضضت رؤوس لوياثان. جعلته طعاما للشعب، لأهل البرية، أنت فجرت عينا وسيلا أنت يبست أنهارا دائمة الجريان .. ” نلاحظ كيف تم اقتباس نفس الأسطورة الوثنية وجود الأفعى في الجنة وقال تم غضب الله على آدم واغواء الشيطان لهما، تتشابه مع الإسطورة في الأفعى لوياثان.
اقتبس القرآن قصة الخلق والطوفان في اطار توحيد الإله انليل، التي تعني سيد الرياح، فتحولت اسماء الآلهة المتعددة الى صفات لله عندما تم زوال تعدد الآلهة وصارت إلهاً واحداً. القصة السومرية تذكر ان الآلهة خلقت البشر ليكونوا خدما للعمل في حديقتهم التي تسمى ايدن اي عدن Eden” ” تذكر الاسطورة السومرية ان الإنسان خلق من الطين الممزوج مع دم الإله، فهذا الطين هو المادة التي خلق منها آدم بحسب المعتقد التوراتي والإسلامي، حتى ان الألواح السومرية تحدثت عن الموت بعودة الطين الى التراب. الجانب الإسطوري اقتبسته الأديان الإبراهيمية على انه وحي من السماء اوحى به الله. وكان من الطبيعي ان النص السومري والبابلي عندما دخل المعتقد اللاهوتي للأديان الإبراهيمية قام قادة الفكر الديني بتغيير في بعض الجوانب الأعتقادية كي تتميز بشكلها المختلف ظاهرياً. بهذا ترسخ المعتقد الغيبي ان الله خلق الإنسان من الطين. آدم يعني الابن السماوي او ابن الله بحسب الأسطورة السومرية، فهذه الأسطورة لها امتداد تاريخي من الأصل الذي عرفت عنه في جنة عدن، تحول الأسم فيما بعد الى مفهوم مجازي ليتناسب مع الوعي الفكري والفلسفي للإنسان عبر العصور فصار الأسم مقتصراً على العبودية لله وهذا هو الأصل من خلق الإنسان هي العبودية. فقصة آدم لا اساس لها من الصحة وهي معتقد تطور عبر العصور فالعقل لا يقبل ان امرأة خلقت من ضلع رجل.
ان السرد الأسطوري والنقلي عبر الأسفار المقدسة اشتركا معاً بمصدر بلاد ما بين النهرين للخلق، صدرا من سراج واحد، في ترسيخ العقيدة الروحانية للإنسان، فهذا الإندماج بين اللاهوت والاسطورة نوع من التوحيد الذاتي لجعل الإله وثنياً كان ام روحانياً يحتل مكاناً مهماً في عقولنا، فالعقل آلة النقل في شكلها الواعي الصادق لعبادة الإله. ان تطور المعتقد في عالم الأساطير وسرد سفر التكوين جعل الفيض الهائل في الأسفار المنحولة ومؤسسي عقيدة بني اسرائيل انتج عقيدة توحيد الإله، حتى باتت اسطورة الخلق توحد المعتقد الوثني كي يتخذ شكل الإله الواحد، فسفر التكوين ملئ بالأساطير، حتى ان محاكاة سفر التكوين الى قصة الخلق البابلية ” اينوما اليش” واضحة المعالم، هذه الملحمة ضاهت بشكلها الإسطوري ملحمة جلجامش، هي من اهم المصادر الوثنية لفهم المعتقد البابلي اذ فيه تبدو شخصة الإله مردوخ اكثر وضوحاً في خلقه للبشرية وهذا الخلق لتمجيد إله بابل. إن العقيدة الوثنية في قصة الخلق البابلية قد تركت اثراً واضحاً على سفر التكوين، فالخط الأسطوري متمازج بينهما حتى ان قصة الخلق لم تختلف في محتواها الإسطوري مما اظهر بوضوح اقتفاء اثر قصة الخلق لآدم انها نتاج اسطوري لا غير، ان خلق الإنسان من طين كان اصلاً من اسطورة الخلق البابلية، بحسب كتاب The babylonian Genesis للكاتب Alexander Heidel ، عن قصة الخلق البابلي The story of Creation عالم الآشوريات وباحث في الكتاب المقدس، حيث يقول الإله أنكي لأمه نمو ” إن الكائنات التي ارتأيت خلقها ستوجد، وسوف نصنعها على شبه الآلهة، اغرفي حفنةً من طينٍ فوق مياه الأعماق، وأعطها للحرفيين الإلهيين ليعجنوا الطين ويكثّفوه، وبعد ذلك قومي أنت بتشكيل الأعضاء، بمعونة ننماخ الأم الأرض، عندها ستقف جانبك كلّ ربّات الولادة، وتقدّرين للمولود الجديد يا أماه مصيره، وتعلق ننماخ عليه صورة الآلهة، إنه الإنسان ” فهذا النص يحاكي قصة الخلق في سفر التكوين، اظهر النص ان الماء اصل الحياة وان كل شي مقدّر، فهذه هي عقيدة اللوح المحفوظ، استدرجت النص البابلي كي تكون معتقدا روحانياً. لقد ترسخت القدرية والجبرية من خلال مفهوم الحتمية المطلقة للإله القدير وثنياً كان ام روحانياً.
ان قصة آدم قد انتقلت من الأساطير البابلية بعد السبي البابلي الى الأسفار المنحولة، فصارت الأساطير مزيجاً من المعتقد اللاهوتي لأسفار العهد القديم، اننا حيال حقيقة تاريخية، هي ان تاريخ الأساطير قد سبق المعتقدات الدينية الإبراهيمية آلاف السنين، فيها كانت الحاجة ماسة إلى إله وثني تطور وحمل صفات الإله الحالي الذي كان اصلا نسخة الإله الوثني مردوخ اذ حمل صفات الله، فمن يؤمن بقصة خلق آدم كما وردت في معتقدات الأديان الإبراهيمية عليه ان يلغي التطور البيولوجي والانثربولوجي، حيث لا يستطيع الإجابة عن اسألة التاريخ والعلم.
صرنا نقارن بفضل منجزات علم الآثار والأساطير بين قصة جنة عدن بأسطورة دلمون الجنة الأرضية السومرية، يحتوي إينوما إليش على العديد من أوجه الشبه مع العهد القديم، وأدى ذلك إلى استنتاج شامل اننا نجد في اساطير بلاد الرافدين اوجه التشابه لقصة الخلق، الفصل بين السماء والأرض، عدد ايام الخلق سبعة، نجد الاختلافات في الأسطورة البابلية مقابل قدرة الله على الخلق في النص التوراتي، ومعارك مردوخ حتى صار إله السماء والأرض، في اينوما أليش يتم خلق الإنسان كخادم للآلهة بينما نرى في سفر التكوين يتمتع بصفات الإختيار والتعبد وقيادة الحروب وقتل الأعداء، لكن كلا الجانبين الوثني والتوراتي لهما اصل ” إلهي ” يبقى العمل الإلهي في اسطورة خلق الكون كما هي الحال عند آدم خلق من طين، هي نشأة الكون ” كن فيكون” برهاناً لمعنى القدرة في غياب التفسير العقلي والمنطقي في الأساطير وكذلك في التوراة. ان فكرة المرأة تكونت من ضلع الرجل فكرة ذكية ترسخ السلطة الأبوية وتجعل الدين وسيلة لجعل المرأة اداة تابعة للرجل، وان تكون دينياً متهمة في انها السبب في عصيان آدم للأمر الإلهي، وهذه التبعية للرجل ذلك ان الفكر الديني استند اصلاً على خيال الرجل في هيمنته على الفكر اللاهوتي عبر العصور. كيف يتقبل العقل المعاصر ان الله اظهر آدم للوجود بطول ستين ذراعاً وفي رأسه 7 منافذ وان الله في هذا احسن الخالقين؟ العقل المستنير والفكر الديني يتعارضان في الحقائق الكونية والبيولوجية، فقصة آدم خرافة تاريخية ظهرت للوجود في الاساطير السومرية ولا ينبعي ان تبقى في العقول كحقيقة لاهوتية.



#باسم_عبدالله (هاشتاغ)       Basim_Abdulla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان نوح تاريخ خرافي ام وثيقة ايمانية؟
- عقيدة الوهم في اصحاب الكهف
- قراءة نقدية في عقيدة العصمة
- معجزات المسيح - بين الخرافة والتضليل -
- التطرف الديني في مواجهة الدولة المدنية - العراق نموذجاً -
- عبور موسى البحر الأحمر، خرافة ام حقيقة؟
- الشيطان في التراث الديني
- خطاب العنف في سفر يشوع
- خطاب العنف في النص القرآني
- الاسراء والمعراج، بين المعتقد والخرافة
- الروح بين الفكر الديني والعلماني


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باسم عبدالله - الجذور الوثنية لقصة خلق آدم وحواء