يوسف تيلجي
الحوار المتمدن-العدد: 7230 - 2022 / 4 / 26 - 21:39
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أولا - يعلم المتخصصون ، والكثير من المهتمين ، أن القرآن عقائديا محفوظا بالصدور ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ / سورة الحجر 9 ) ، وهذه الآية دليل دامغ على أن تدوين القرآن كان أستثناءا ! ، وقد أكد رسول الأسلام على أخذ القرآن من عدد محدد من المقرئين ( يروي البخاري ، يقول رسول الأسلام -: خُذُوا القُرْآنَ مِن أرْبَعَةٍ ؛ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ -فَبَدَأَ به- ، وسَالِمٍ مَوْلَى أبِي حُذَيْفَةَ ، ومُعَاذِ بنِ جَبَلٍ ، وأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ ) ، وفي عهد لاحق ، ولأسباب غير معلومة / وخلافا للنص القرآني ، أمر محمد بكتابة السور ، وبالتعبير التالي ( وقد أخرج الحاكم في “المستدرك” بسند على شرط الشيخين عن زيد بن ثابت أنّه قال : “كنا عند رسول الله نؤلف القرآن من الرقاع”، وكلمة “الرقاع” في الحديث “وهي جمع رقعة ، وقد تكون من جلد أو ورق أو كاغد”. وكان يتم كتابة الآيات على الحجارة الدقيقة وصفائح الحجارة” وجريد النخل ، ويكتبون على عظم الجمل أو الشاة يكتبون عليه بعد أن يجف” وعلى الخشب ،” والجلد”/ نقل من موقع عربي ) .
* أني أتساءل هنا : (1) لم أستخدم تعبير " نؤلف القرآن " ، فما المقصود به تحديدا ، هل القرآن نصا مؤلفا ! ، أم هو وحيا ! ، ولم لم يستخدم مفردة " تدوين " القرآن ، والفرق جلي بين عملية التأليف والنقل أو التدوين ، (2) وأيضا عن وسيلة الكتابة من " جلد وحجر وكاغد وجريد النخل .. " ، فهل بهذه الوسائل البدائية يحفظ النص من التلف بمرور الزمن ! ، وهل ممكن قراءة النصوص بصورة صحيحة لاحقا ، وأنقل بهذا الخصوص ما جاء بموقع مركز الأشعاعى الأسلامي : " وأستمر الناس يقرؤون في ما لديهم من مصاحفه بلهجاتهم ، وحسب ما أثبتوه فيها ، حيث لم يكن لها ترتيب واحد ، من حيث تسلسل السور ، مع رداءة خطوطها ، وبدائية تلك الخطوط ، واختلاف في تصوير الكلمات في تلك المصاحف.." .
ثانيا - أن بداية تدوين القرآن على " الرقاع " ، هو بواكير عصر المصاحف ، ولكن الأشكالية ، أن أغلب الصحابة والتابعين كان لهم مصاحفهم الخاصة بهم / فهناك 31 مصحفا مختلفا ، سأذكر بعضها ، فقد ذكرت دائرة المعارف الإسلامية التفصيل عن هذه الاختلافات ، فقد جاء في (ج26 ص 8177) " معظم ما تردده المصادر متعلق بالاختلافات بين : مصحف أبن مسعود الذي كان شائعاً في الكوفة . ومصحف أُبيِّ الذي كان شائعاً في الشام . ومصحف أبي موسى الذي كان شائعا في البصرة .. وهناك مصاحف منسوبة إلى إثنى عشر صحابيا ، منها ً: الخليفة الثاني عمر بن الخطاب والخليفة الرابع علي بن أبي طالب ، وثلاثة منها لزوجات النبي : حفصة بنت عمر، وعائشة بنت أبي بكر وأم سلمة .. وقد أضاف أيضا أبو داود السجستاني في كتابه المصاحف ( ص 5 ) إثنين آخرين من الصحابة : مصحف أبو زيد ومصحف معاذ بن جبل . هذا بالإضافة إلى : السور التي دونت في عهد محمد على الرقوق والجلد والعظم . ومصحف أبو بكر الصديق ( الذي جمعه له يزيد بن ثابت ) ومصحف عثمان بن عفان ( المصحف الإمام ) ومصحف الحجاج بن يوسف الثقفي ( بالعراق ) .
ثالثا - أذن لدينا 31 مصحفا مختلفا ، منطقيا لا يمكن أن يكون هناك أي تطابقا بين هذه المصاحف ، لأستحالة التدقيق بنصوصهم المتباينة ، أضافة لوجود التباعد المناطقي بين كتاب هذه المصاحف ، التي يصعب بها التأكد فيما بينهم بما دون بهذه المصاحف ، ومن المؤكد أن كلا منهم يقول " هذا هو القرآن الحقيقي المدون " ، ولكن الحقيقة بالموروث الأسلامي دوما مفقودة ! . وهناك أشكالية أخرى معقدة في أتباع هذه المصاحف ، وذلك لأن محمدا قال : ( خُذُوا القُرْآنَ مِن أرْبَعَةٍ ؛ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ -فَبَدَأَ به- ، وسَالِمٍ مَوْلَى أبِي حُذَيْفَةَ ، ومُعَاذِ بنِ جَبَلٍ ، وأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ ) ، أي عدا ما ذكره من أسماء لا يؤخذ بمصاحفهم ! ، أذن معظم ما كتب من مصاحف لا يؤخذ بها ! .
رابعا - ولكن الخليفة الثالث عثمان بن عفان حرق كل المصاحف وأبقى على نسخة واحدة ، أرتضاها هو لوحده معتبرا ما سواها غير صحيحة ، ( فقد روى البخاري - حديث رقم/4987 ، عن أنس بن مالك ، أن عثمان بن عفان : أَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ ، وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، فَنَسَخُوهَا فِى الْمَصَاحِفِ ، وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلاَثَةِ : إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ ، فَفَعَلُوا ، حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ ، وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا ، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ " يُحْرَقَ " / نقل من موقع الأسلام سؤال وجواب ) .
* ومن المؤكد وجود مصاحف لم تحرق ! ، منها : ( وقد ثبت أن الصحف التي كانت لدى حفصة بنت عمر / زوج الرسول ، لم يحرقها عثمان ، ولكن أحرقها مروان بعد وفاة حفصة . / نقل من موقع أسلام ويب ) .
خامسا - علما أن الخلاف والأختلاف ليس بين المصاحف بتعدد نصوصها فقط ، بل يضاف الى ذلك " تعدد قراءات هذه المصاحف " فمن موقع المرسال - أنقل بعضها / ويقال أنها عشرة قراءات ( قراءه نافع ، قراءة ابن كثير ، قراءة ابو عمرو ، قراءة عاصم ، قراءة أبن عامر ، قراءة حمزة الزيات ، قراءة الكسائي وقراءة الحضرمي ، ولكل قراءة روايات ).
أضاءة :
1 . لا زال شيوخ الأسلام ، يؤمنون بأن القرآن محفوظ في الصدور ، لأجله قيل ( وقد حفظه المسلمون عن ظهر قلبٍ من عهد الصحابة إلى يومنا هذا ، جيلًا عن جيلٍ ، وجماعة عن جماعةٍ ، وقرنًا عن قرنٍ ، بالملايين من المسلمين .. / نقل من موقع أبن باز ) ، ولكني أرى أن قضية حفظ القرآن في الصدور ، مسألة غير منطقية وغير عقلانية .
2 . من جانب ثان من يقول أن مصحف عثمان هو قرآن محمد ! ، وذلك لعدم وجود أي مصحف أخر يمكن المقارنة به ! .
3 . ومن يقول أيضا ، أن قرآن اليوم هو قرآن عثمان ! ، وذلك لحدوث تغييرات لا تعد ولا تحصى عليه ، حيث أن القرآن كان غير منقطا وأصبح منقطا ، وكان القرآن غير مشكلا وأصبح مشكلا ، وكان القرآن محفوظا في الصدور وصار مدونا . وكل ذلك يؤثر ويغير على رسم الكلمة وعلى طريقة قرائتها ونطقها ، وفق موقع النقاط وطريقة التشكيل ! .
4 . وقد مارس الكثير من الصحابة أدوارا في تغيير النص القرآني ، ومنهم الحجاج بن يوسف الثقفي ، ( حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ صُهَيْبٍ ، عَنْ عَوْفِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ ، أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ غَيَّرَ فِي مُصْحَفِ عُثْمَانَ أَحَدَ عَشَرَ حَرْفًا ، منها { كَانَتْ فِي الْبَقَرَةِ ( لَمْ يَتَسَنَّ وَانْظُرْ) بِغَيْرِ هَاءٍ فَغَيَّرَهَا " لَمْ يَتَسَنَّهْ " / البقرة : 259 - بِالْهَاءِ . وَكَانَتْ فِي الْمَائِدَةِ ( شَرِيعَةً وَمِنْهَاجًا ) فَغَيَّرَهَا " شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا " / المائدة : 48 . وَكَانَتْ فِي يُونُسَ (هُوَ الَّذِي يَنْشُرُكُمْ ) فَغَيَّرَهُ " يُسَيِّرُكُمْ " / يونس : 22 } . * ولأجل كل ذلك وغيره ، ثبت من أن كل المصاحف / بما فيهم مصحف عثمان ، أنهم خضعوا للكثير من الأضافات ، لذا ألف المحقق النوري / حسين بن محمد تقي بن علي محمّد بن تقي النوري الطبرسي 1902 – 1829 م ، كتابه الموسوم : " فصل الخطاب في أثبات تحريف كتاب رب الأرباب : يبين فيه أن القرآن محرف .
#يوسف_تيلجي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟