|
يفتقر مشروع البرنامج والنظام الداخلي الى الهوية الوطنية والاممية للحزب الشيوعي العراقي
سعاد خيري
الحوار المتمدن-العدد: 1672 - 2006 / 9 / 13 - 09:25
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
دأبت جميع الاحزاب البرجوازية بهدف خداع الجماهير وتضليلها على تبني الاهداف الانية للجماهير دون الالتزام بتحقيقها وكسبها الى جانبهم في معاركهم الانتخابية او على الاقل تحييدهم . فلا تجد حزبا برجوازيا في العالم لايدعي انه "حزب وطني ديموقراطي" ويسطر في برامجه كل ما تطمح اليه الشعوب من اصلاحات اقتصادية واجتماعية وصحية و..الخ . وهذا فعلا ما تفوق به مشروع البرنامج فقد استفاد من جميع برامج الحزب الشيوعي السابقة واضاف اليها ما تحلم به الجماهير لاصلاح ما اضافه الاحتلال من مشاكل وازمات. صاغت الحركة الشيوعية في تطورها مع تطور الصراع الطبقي المحك الرئيس لوطنية الافراد والاحزاب وامميتهم وهو الموقف من علاقات الانتاج الراسمالية ومن يمثلها في كل مرحلة من مراحل تطورها وتشخيص الهدف الرئيس لكل مرحلة ووحدة القوى التي بمقدورها خوض الصراع بنجاح من اجل تحرير كل شعب وبالتالي البشرية. ولم تفرض على أي شعب او حركة اسلوبا معينا من اساليب الكفاح . لان اساليب الكفاح تفرضه طبيعة المعركة مع العدو الداخلي والخارجي، بما يملكه من وسائل واساليب وحشية الى جانب وسائل واساليب الاغراء وشراء الضمائر والخداع وقد يغلب احدها على الاخر في فترة معينة وعلى الحزب الشيوعي والحركة الوطنية استعمال مختلف وسائل الكفاح السلمية والمسلحة وفقا لمتطلبات كل معركة وان تملك المرونة للجمع بينها وتفضيل أي منها على الاخر في الوقت المناسب . مع التأكيد دائما على الطابع الثوري للكفاح ، من منطلق العمل على تغيير الواقع وليس الخضوع له ، اولا والاعتماد على الجماهير ثانيا والربط بين الاهداف الانية والمستقبلية ثالثا. وعبرت الحركة الشيوعية عن كل ذلك باستراتيجيتها التي تبنتها كل الاحزاب الشيوعية في العالم وخاضت تحت لوائها النضال الوطني والاممي خلال قرن من الزمن وحققت من خلال تطبيقه بابداع وحيوية انتصارات باهرة وفي مقدمتها ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى وتعاظم حركة التحرر الوطني العالمية والقضاء على الكولونيالية. واليوم تتبنى ليس فقط الحركة الشيوعية العالمية هذه الاستراتيجية بل والحركة العالمية المناهضة للعولمة الراسمالية ايضا. وهنا وكما تؤكد الخبرة التاريخية ان حماية الانتصار اصعب من احرازه لانه يتطلب تطوير كل وسائل واساليب الكفاح . فعلى الرغم من احتفاظ الاستراتيجية الوطنية والاممية بصحتها طالما بقيت علاقات الانتاج سائدة في المجتمع مع الاخذ بالاعتبار تصعيد اقطابها لكل وسائل واساليب كفاحهم ضد الشعوب والبشرية وتطويرها، ومحاولة نخرها من الداخل مستغلة حكم العادة والغرائز التي تعمل على اثارتها من خلال وسائل التربية والاعلام خلال قرون من تحكمها في رقاب البشرية . وهكذا استطاعت ان تنخر البلدان الاشتراكية من خلال تشجيع اقتصاد الظل ونخر الاحزاب الشيوعية من خلال التغلغل و شراء قادتها. فلم يعد النهج الماركسي في قيادة الصراع الوطني والاممي ملائما لطموحات هذه القيادات، لانها اصبحت جزءا تابعا لاقطاب العالم الرأسمالي العالمي ومنفذا لمخططاته لقاء الحفاظ على مصالحهم الشخصية والطبقية الجديدة، وفي المقدمة منها سلب الدور الطليعي لها من خلال تحريف الماركسية والوقوف دون تطويرها ونسف ثقة الشعوب و البشرية بها . ولكن هيهات!! فعلاقات الانتاج الراسمالية انهت مهمتها التاريخية في تطوير وسائل الانتاج وتعمقت كل تناقضاتها وازماتها واصبح كل اجراء تقوم به للخروج من ازماتها يضعها بازمات جديدة اشد فحتى انهيار تجربة الاشتراكية العظمى خلق لها ازمات جديدة فقد طرح امام البشرية عموما والحركة الشيوعية خصوصا مهمة تطوير الماركسية وتطوير وسائل واساليب الكفاح ضد الاخطار المحدقة بها. وفي مقدمتها تطوير الماركسية وتجديد اشكال التنظيم وتوصلت وهي في اعقاب الانهيار الاحزاب السرية و العلنية التي امكن التغلغل الى قياداتها وحرفها الى تنظيم حركات جماهيرية عالمية جبارة وبدل تثقيف محدود بقدرات التنظيم الحزبي معين جبار للتثقيف عبر الانترنيت وبدل اتصالات تنظيمية سرية محدودة اتصالات محلية ووطنية وعالمية لتنظيم اعظم النضالات الجماهيرية على الصعيد الوطني والعالمي. ومع ذلك اكدت تجربة عقدين من السنين الضرورة التاريخية للتنظيم الشيوعي كعمود فقري للحركات الجماهيرية الوطنية والعالمية الامر الذي طرح امام الحركة الشيوعية تطوير احزابها وخلق احزاب جديدة بالشكل الذي يلائم العصر فالماركسية ترفض الفوضى والعفوية. فهل تضمن مشروع البرنامج والنظام الداخلي أي من متطلبات الحركة الشيوعية الوطنية والعالمية في العراق ؟ فهو اسوة ببرامج جميع الاحزاب البرجوازية على الساحة التي انخرطت بالعملية السياسية لقوات الاحتلال يرويج لهذه العملية باعتبارها السبيل الوحيد لبناء العراق الديموقراطي كمقدمة لانسحاب قوات الاحتلال. وتخلى عن ستراتيجية الحزب الشيوعي العراقي منذ تاسيسه باعتبار الامبريالية العدو الرئيس والهدف الرئيس هو تحرير الوطن من هيمنتها سواء عن طريق التحرر من قوات الاحتلالها المباشر او المعاهدات والقواعد والاحلاف التي تعقدها وتقيمها .. فلم يضع مشروع البرنامج في مقدمة اهدافه تحرير الوطن من الاحتلال واسوة ببرامج كل الاحزاب البرجوازية جاء حافلا بكل ما يتمناه شعبنا من حل لمشاكله الانية ولتقديم دليل الولاء : -- استخدم نفس عبارة بوش " توقيت انسحاب القوات الاجنبية باعداد قوات الامن العراقية" التي تعمل قوات الاحتلال مباشرة وبواسطة مختلف ادواتها على عرقلة ذلك واطالة امده بكل الوسائل وفي مقدمتها قتل اكبر عدد من الجنود والشرطة وحتى المتطوعين. -- رفض اساليب الكفاح الثوري بتأكيده على رفض كل وسائل العنف والاقتصار على الكفاح السلمي الديموقراطي الذي يكفله الدستور والقوانين!! أي دستور ؟ واي قوانين؟ يمكن ان تكفل حقوق الجماهير وتحل مشاكلهم صيغت في ظل الاحتلال ولخدمة مصالحه وتحقيق اهدافه؟ -- القبول بالفدارالية " على اساس قومي وبالنسبة للمناطق الاخرى وفقا للدستور" أي القبول بالفدرالية الطائفية التي اقرها الدستور الذي سن وفقا لمصالح قوات الاحتلال وتمهيدا لخططهم في تقسيم العراق وانهائه كدولة ذات كيان وحضارة وتاريخ ودور في تاريخ البشرية وآفاقها الرحبة. ان المؤتمر الثامن الذي جاء متأخرا ثلاث سنوات ونيف هل سيستطيع استرجاع وطنية هذا الحزب وامميته وشرعية اسمه رغم استغلال قيادة الحزب للوقت في اعداد كل ما يلزم لحرفه عن استراتيجيته الوطنية والاممية بكل الوسائل والاساليب بما فيها صياغة هذا البرنامج والنظام الداخلي بكل ما حوتهما من تضليل كما عملت على احباط وقتل كل مبادرة ثورية للشيوعيين بمختلف الوسائل . اتمنى ذلك.. وكلي ثقة بقدرة الشيوعيين العراقيين على اعادة بناء حزبهم على الاسس الماركسية واستراتيجيتها الوطنية والاممية ليستأنفوا دورهم التاريخي الذي تنتظره الجماهير بفارغ الصبر..
#سعاد_خيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شبح الشيوعية يقض مضاجع بوش
-
لايمكن حماية شارع المتنبي وتطوير رسالته التاريخية في ظل الاح
...
-
قيادة النضال الجماهيري ضد الاحتلال وجميع ادواته ، المحك الرئ
...
-
مخاضات الحركة الشيوعية العراقية جزء من مخاضات الحركة الشيوعي
...
-
الاستاذ توفيق التميمي
-
شهداء الانفال والاجيال المقبلة تطالب باستخلاص دروسها
-
الشعب العراقي يسير في طليعة المعركة الاستراتيجية الكبرى للبش
...
-
لايمكن حماية النصر الا في تطويره
-
الف تحية للفنان العراقي المبدع والموسيقار المناضل نصير شما
-
الحروب الامبريالية تعمق تناقضات العولمة الراسمالية وتطور اصط
...
-
هل يمكن ان يكون النصر اللبناني حاسما
-
مسرحية الحرب الاهلية اداة لابادة العراقيين وترسيخ الاحتلال و
...
-
التجربة العراقية اغناء لتجارب الشعوب والبشرية في نضالها المع
...
-
الشعب اللبناني يقدم نقلة نوعية في العملية التاريخية لتحرير ا
...
-
معركة واحدة من فلسطين الى العراق مرورا بلبنان
-
الوطن الام يناديكم
-
التجربة الاولى في مجابهة العنجهية الامريكية والاسرائيلية في
...
-
قضية الجندي الاسرائيلي الاسير والاستقطاب الطبقي على الصعيد ا
...
-
نشوء الدينية والعلمانية والصراع بينهما
-
مصطلح اليسار السلمي اكثر قبولا من مصطلح الاشتراكية الديموقرا
...
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
-
نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|