أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الشديدي - موطني.. حتى إشعارٍ آخر














المزيد.....

موطني.. حتى إشعارٍ آخر


سعد الشديدي

الحوار المتمدن-العدد: 1672 - 2006 / 9 / 13 - 06:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الساعة الثامنة صباحاً. وصباحات كانون الثاني باردة.. حتى في مدن الجنوب العراقي المتناثرة على اطراف الصحراء العربية. لذلك لابدّ لنا ان ندعكَ ايادينا الصغيرة وننفخ فيها لنحصل على بعض الدفأ.
طابور الصباح المدرسي, ونحن كأفراخ صغيرة نرتجف برداً بانتظار رفع العلًَم. طقسٌ يوميّ علينا أن نبدأ به قبل الدخول الى الصفوف الضيقة الباردة.
لم نكن وقتها نعرف بأننا مواطنون صغار في دولة من اكبر الدول المنتجة للنفط في العالم. لم يقل لنا احدٌ, حتى ابائنا ومعلمينا, ان اطفال اوربا وأمريكا يجلسون في صفوف مدفئـّة ولا يرتجفون برداً كما نفعل وينعمون بأمتيازات لا نراها حتى في اكثر احلامنا ورديةً.
دقائق ويرتفع العلم. وتعلو الأصوات مختلطة بضجيجٍ تردد الجدران صداه. موطني.. الجلال والجمال.. والسناء والبهاء.. هل اراك.. في علاك...
كل يوم ونحن ننشد لوطنٍ لم نكن نحصل منه إلا على الفُـتات. بينما يُنهب هذا الموطني, كل يوم وعلى مرأى ومسمعٍ من الجميع.
لم يكن كل ذلك مهماً طالما كان الوطن واقفاً بوجه الايام, واقفاً ولو على قدمٍ واحدة.
الاصوات ترتفعُ والعروق الصغيرة تنفر في رقاب الصغار .. غايةٌ تشّرفُّ ورايةٌ ترفرفُ. العلم يصعدُ متعباً.. مغبّراً احياناً ليصبحَ اعلى من رؤوسنا.. و.. هل اراك سالماً منعماً وغانماً مكرماً؟
لا ادري ان كان الكبار يخدعوننا حين كانوا يزرعون شجرة الوطن في مخيلاتنا التي لم تكن حدودها لتتجاوز نظرات عيوننا القلقة. هل كانوا يفعلون ذلك؟علمونا ان نربطَ جذورنا بأرض العراق ونرويها بماء الفرات.. وعرقنا المتناثرِ خيمةً على سماواته. هل كانوا يكذبون علينا؟ فالوطن ليس هو الوطن. هناك من يدوس ببساطله العسكري على.. الجمال والجلال والسناء والبهاء.. والحياة والنجاة والهناء والرجاء... في وطننا هذا اليوم. ولا نفعل شيئاً.
بعضنا ينتظر المهديّ..
والبعض الآخر لا ينتظر شيئاً سوى الموت القادم من بنادق جيش الأحتلال وسكاكين المليشيات شيعيةً وسنية. أما القادة الأكراد فأنزلوا العلم واغلقوا الحدود وهربوا كالفئران من السفينة الغارقة.
هل اراك في علاك.. تبلغ سموات الله التي رفعك اليها السومريّ؟
موطني اليوم.. الف مغني اعاد توزيع نشيد موطني. بعض الفضائيات تفضّل اذاعته على نغم الصبا الحزين. لماذا؟ هل مات الوطن؟ لا نريد ان نصدق. الأوطان لا تموت. النجوم تموت. الضمائر تموت. والأشجار وعصافيرها تموت أما الأوطان فلا. العراق بالذات لن يفعلها. هذا وطن غرق فيه جميع المحتلين. الأسكندر الأكبر قتله بعوض العراق بالملاريا ومات مجنوناً في بابل. والجنرال ستانلي مود الذي جائنا, محرراً لا فاتحاً, مع جيش الأحتلال البريطاني بعد الحرب العالمية الأولى قتلته الكوليرا.
فليتفضل السيد بوش وطاقم المساعدين والمستشارين وليحالوا تصفية حساباتهم مع العراق واطلاق النار عليه حتى الموت. فلن ينجحوا.
ليتفضل السادة اصحاب العمائم السوداء الذين لا يطيقون سماع هذا النشيد, من القادمين من هضاب بلاد فارس وسراديبها المظلمة, ليتفضلوا ويحاولوا قتل العراق. لن يستطيعوا.
وليحاول السادة اصحاب اللحى الطويلة والدشاديش القصيرة, اولئك الموغلين بالبداوة والهمجية حتى النخاع, وليحاولوا ذبح العراق. وسيشاهدوا بأعينهم ان هذا البقعة الصغيرة المحاطة بالدم من جوانبها الأربعة ستخرج منتصرة في نهاية المطاف.
نشيد موطني اصبح قميص عثمان. يرفعه كل من هبّ ودبّ. الشرفاء وابناء العاهرات باتوا يغنون موطني. فكيف نعرف ذلك الذي لا يغني اللحن النشاز؟
حسناً.. اعرفوا النشيد تعرفوا اصحاب الصوت النشاز والأنتماء النشاز.
وغداً .. غداً سنغني جميعاً نشيدنا. سنقف والبرد يلفح وجوهنا.. امام عتبات البيوت, على النواصي. في حقول الشلب, وغابات النخيل. متعلقين بأغصان العنب وزهر البرتقال الأبيض كقلوب نسائنا الجليلات.
غداً لن نجد عشرين حسيناً مقطوعي الرأس مرميّينَ في شوارع بغداد.
غداً حينما ينهض العراقي من موته المؤقت ويرفع راية الوطن المقاوم للموت والتغييب والمنسلين من دبابات الدول العظمى والمرتبطين بمشاريعها.
غداً سيكون مشروعنا هو المشروع العراقي الذي لا نختلف على تفاصيله. ولا رايته ونشيده.
في الأفق الحاني على الخائفين تتصاعد رياح العراق لتكنس وطننا من الرؤوس المتعفنة التي اسكرتها نوبات الأنتصارات الطائفية والأسناد المطلق الذي يعلن عنه هولاكو وجنوده كل يوم.
وسنراك.. سالماً منعماً وغانماً مكرماً. ولن يحكمكَ الأمريكي والبريطاني والفارسي وووو.
لن يحكمك او يتحكم بك يا موطني.. سوى ابناؤك البررة.
وتولد من جديد مع كل صرخة احتجاج تنطلق من حناجر الفقراء والمطاردين. ومع كل طلقةٍ من طلقات الرجال الواضعين ارواحهم في احضانكَ وعلى صدرك.
وحتى ذلك الغدّ.. لننشدّ وعلى مقام العراق.. نستقي من الردى ولن نكون للعدى كالعبيد. فليسمعوا.



#سعد_الشديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ايها العراقي انت نملة.. فكن سعيداً
- الزرقاوي.. نحروه أم انتحر؟
- اسرائيلي واحد بألف عربي؟ يا بلاش
- وزير الدفاع العراقي يعلن الحرب على الشيوعية
- انقلاب عسكري في بغداد.. قريباً
- عفية .. والله عفية
- كشف الغُمّة في تبيان غباء قادة الأمة
- رسالة عراقية الى الغرباء
- قصائد تشبه الموت
- الحرب الطائفية وحدود جهنم
- قفوا معنا لنكون معكم
- وطنٌ بلونِ ألسماء
- المشهد السياسي العراقي واحداث سامراء
- الشيعة الى السلطة.. والعراق الى الجحيم؟
- العراق ومقدمات الحرب الأهلية
- سامراء.. الرهان.. والتداعيات
- الأنتخابات التشريعية العراقية: فضيحة أم كارثة؟
- هوامش على ملحمة جلجامش
- تعلّم كيف تبني عراقك الجديد.. في 3 ايام.. بدون معلّم
- الرئيس الطالباني: صلاحيات أوسع أم دور سياسي أكبر؟


المزيد.....




- المافيا الإيطالية تثير رعبا برسالة رأس حصان مقطوع وبقرة حامل ...
- مفاوضات -كوب 29- للمناخ في باكو تتواصل وسط احتجاجات لزيادة ت ...
- إيران ـ -عيادة تجميل اجتماعية- لترهيب الرافضات لقواعد اللباس ...
- -فص ملح وذاب-.. ازدياد ضحايا الاختفاء المفاجئ في العلاقات
- موسكو تستنكر تجاهل -اليونيسكو- مقتل الصحفيين الروس والتضييق ...
- وسائل إعلام أوكرانية: انفجارات في كييف ومقاطعة سومي
- مباشر: قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في ...
- كوب 29: اتفاق على تقديم 300 مليار دولار سنويا لتمويل العمل ا ...
- مئات آلاف الإسرائيليين بالملاجئ والاحتلال ينذر بلدات لبنانية ...
- انفجارات في كييف وفرنسا تتخذ قرارا يستفز روسيا


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الشديدي - موطني.. حتى إشعارٍ آخر