أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - محمد رضا عباس - طيور السنونو لم تعد تزور بغداد















المزيد.....


طيور السنونو لم تعد تزور بغداد


محمد رضا عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7226 - 2022 / 4 / 22 - 04:04
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


منذ بداية اذار وحتى نهاية شهر نيسان ملايين من طيور السنونو (طير السند والهند) كانت تزور بغداد كل عام. وانا شاب كنت الاحظها وهي تطير فوق مياه دجلة قرب الجسور , في مدينة الاعظمية والكاظمية. في الكاظمية وبسبب كثرة بساتينها كانت هذه الطيور تتمدد في سمائها لتدخل المدينة وتعيش مع سكانها , في المقاهي والأسواق وحتى دور السكن.
يعد وصوله هذا الطير الجميل الى العراق علامة من علامات قدوم الصيف وفي هجرته علامة من علامات وصول الشتاء له. الطير مشهور بطيرانه المنخفض وسرعته المذهلة الى درجة ان لا أحد يستطع متابعة طيرانه. بالحقيقة من المتعذر ان تشاهد هذا الطير واقفا على غصن شجرة او على أحد أعمدة الكهرباء على عادة الطيور الأخرى , وانما يقضي يومه محلقا في الفضاء ولن يتوقف او يستريح الا عندما يضع بيضه في عشه الصغير , وبالعادة يتكون من الأعشاب الدقيقة يلصقه على الجدران على شكل نصف دائرة او نصف كوب شاي. في اندونيسيا يبني طير السنونو عشه من مادة يفرزها من لعابه يتقاتل الفلاحون هناك على حصادها وبيعها بأسعار اعلى من أسعار الذهب , حيث يستخدمها الأغنياء في طبق الحساء.
السنونو يختلف عن اغلب الطيور البرية بانه لا يستطع السير على رجليه , حيث ان مخالب قدمه الطويلة مخصصة للالتصاق على الجدران والوجوه العمودية , وهذا هو سبب اختيار الطير بناء عشه على الجدران المستقيمة مع ضمان متانتها من السقوط وذلك بفضل افرازات لعابه اللاصق.
الطير لا يحب المناطق الباردة حيث يغادرها بسرعة , وهذا هو سبب هجرته المناطق الباردة الى المناطق الدافئة. وعلى الرغم من صغر الطائر فانه يتحمل طاقة هائلة وهو يقطع بالمعدل 320 كيلو متر في هجرته كل يوم بدون توقف. وبقدومه يحتفل أبناء المدن بنهاية فصل الشتاء وحلول فصل الربيع. اما الطيور فيباشرون بالتزاوج من العادة زواجا كاثوليكيا (زوجة واحدة طول العمر) ,حيث تضع الانثى ثلاث الى ثمان بيضات كل عام.
طيور السنونو تنفع ولا تضر , بالحقيقة فضلها على البشر أكثر ما يتوقع من طير صغير بحجمه ربما الالاف المرات. مائدة طعام الطير تتشكل من أنواع الحشرات الضارة للبشر (ذباب , بعوض, نحل) , حيث يقدر المختصون ان عائلة السنون مع خمسة من فراخها يأكلون ما لا يقل عن 5000 حشرة في اليوم الواحد. بكلام اخر , فان الخفاش والسنونو لهم الفضل في تخليص البشرية من احتلال الحشرات للكرة الأرضية. ولهذا السبب فان الدول الغنية تجتهد بحماية هذا الطائر العجيب من الصيد، بل وحتى ازعاجه من خلال التشريعات القانونية.
طير السنونو يعد رمز الامل والخير الاعم والوداعة. البحارة القدامى اعتقدوا ان السنونو علامة حظ سعيد ,لأنه ليس من الطيور البحرية ورؤيتها تعني انهم يتجهون لليابسة. معظم الإسكندنافيين ينظرون لهذا الطائر على انه طائر ثمين ونادر ومهاب , وانه حيثما يعشعش فانه يجلب الحظ ويبعث الامل. وفي روسيا تكتب الأغاني احتفالا بعودة الطائر بعد شتاء طويل وقاس. ويعتبر السنونو في منطقة اللورين الفرنسية , وبالضبط في مدينة ميتس فأل خير , ويؤذي من يقتله. ويعتقد الكونفوشية بان الطائر يختفي في أعماق المياه ليقض هناك فصل الشتاء ويتحول الى صدفة مائية ويصبح من جديد سوسونا في فصل الربيع. وفي الاهوار , فان سكانها الكبار يوصون الصغار بالحفاظ على هذا الطائر وعدم التعرض له او اصطياده او إزالة عشه من فوق السقوف , لدرجة انهم يتركونه يعشعش في بيوتهم ويعتبروه طائرا مباركا.
لا يذكر أحدا هذا الطير الا مجده. محمد , صلى الله عليه واله , عن أبو داود نهى عن قتل الخطاطيف (السنونو) , كما خصص له مفسرو الاحلام المسلمين خيرا وافرا من اهتمامهم , فابن سيرين والنابلسي وابن شاهين , اجمعوا من بين ما اجمعوا عليه بانه يدل في الحلم , على رجل مؤمن اديب ورع مؤنس ومن ورائه في بيته , فهذا يدل على ان ماله حلالا طيبا , فيما اعتبره المشعوذين الطير , حيا او ميتا , بانه صالح لبعض الامراض النفسية وجلب الحبيب ويسهل الولادة.
شعراء العرب القدامى منهم والمعاصرين اعتبروا هذا الطائر الجميل رمز الحب، والسلام، والحرية، والإخلاص. يقول محمود درويش في "سنونو التتار": انا حلمي , كلما ضاقت الأرض وسعتها , بجناح سنونوة واتسعت. ويقول في أخرى "احن ارض بعيدة تأتي السنونو , يا غريب يا حبيب الى صديقتك الوحيدة؟ خذني الى ارض بعيدة خذني الى الأرض البعيدة. وفي قصيد نزار القباني "دارنا الدمشقية" : " اسراب السنونو لا تصطاف الا عندنا", وفي قصيدته مصطافه " جموع السنونو على الأفق لاحت , فلوحي ولو مرة واحدة". الشاعرة المغربية ليلى بارع اعتبرت في قصيدتها "سائحة مفلسة " طائر السنونو رمز للشعب المتطلع نحو الحرية والانعتاق والامل , فيما وصفت صائده وقاتله "بالساسة الفاسدين" , وبقتله "يموت الجمال والعزة والاناقة والموسيقى ".
هذا الطير ذو الطاقة الإيجابية بدأت اعداده في تناقص في بغداد ,حيث لم اعثر عليه في مدينة الكاظمية والاعظمية في زياراتي الأخيرة الى العراق , ربما لأنه خائف لان يكون طبق ثريد كما جرى لأخيه طير الفلامنكو ,ربما خوفا من ان يكون اسيرا في احد اقفاص سوق الغزل كما يجري للنسر العراق والذي يعد رمز العراق , في الوقت الذي تقترب روحه من الموت جوعا وهو ينظر الى من يخلصه من محنة الاقفاص , وربما التوسع العمراني الغير منتظم والمخالف لحماية البيئة , او ربما تلوث المياه والذي أصبحت سبب امراض الصغار ولا تعفي الكبار .
في مثل هذه الظروف يصبح من غير المعقول مناشدة وزارة الزراعة او البيئة او المؤسسات ذات الاهتمام بالحيوان , الوقوف على سبب انخفاض اعداد طير السنونو في سماء العراق , بعد ان أصبح الانسان لا اعتبار له عند سياسينا. لأنهم لو يحترموا الانسان لقضوا لياليهم من اجل الوصول الى حل يؤدي الى تأسيس حكومة محترمة تقف على حال الانسان والحيوان والشجر. الساسة منهمكون بحصصهم من الكعكة العراقية , ومياه الأنهر العراقية تنضب من مياهها , والتصحر يزحف نحو المدن , وان 25% من الشعب العراق ينام وبطونهم خاوية. انصح قادة البلاد يحموا طير السنونو , كما وصى به خاتم الرسل, عسى ان ينقذ البلاد والعباد من شر الانسداد السياسي الحالي فيه.



#محمد_رضا_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين عقوبات العراق وروسيا
- حرب اليمن المنسية
- انظار الغرب تتوجه نحو نفط وغاز الشرق الاوسط
- الجيش العراقي لا يستحق كل هذا التشويه
- ماذا توفر 50 مليار دولار اضافية للعراق؟
- العراق لا يريد مغادرة المرض الهولندي!
- هل سيتاثر سعر المعدن الاصفر بعد رفع البنك الاحتياطي الامريكي ...
- الشرق الاوسط في مرمى الحرب الروسية -الاوكرانية
- ما دور الكتلة النقدية في ارتفاع الاسعار؟
- من فضلكم ابعدوا المحكمة الاتحادية العراقية عن السياسة
- معالجة ارتفاع الاسعار في الاسواق المحلية ليست من وظيفة القوى ...
- دروس من اوكرانيا الى الشرق الاوسط
- اوكرانيا ليست افغانستان وروسيا ليست الاتحاد السوفيتي
- البيت الابيض لا ينفع في اليوم الاسود
- حاربوا التضخم المالي بالكتلة النقدية
- القانون ليس فوق الجميع في العراق
- من ذاكرة التاريخ ..الدعوة لتشكيل دولة سومر
- ليس فقط انفلات سلاح في العراق, وانما تصريحات ايضا
- ضربة حظ ..درس مفيد في ادارة الاعمال
- فرصة ذهبية اخرى تطرق باب العراق


المزيد.....




- السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات ...
- علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
- ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
- مصادر مثالية للبروتين النباتي
- هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل ...
- الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
- سوريا وغاز قطر
- الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع ...
- مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو ...
- مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - محمد رضا عباس - طيور السنونو لم تعد تزور بغداد