أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - تعميم الفقر ومأسسة الجهل ...














المزيد.....

تعميم الفقر ومأسسة الجهل ...


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 7221 - 2022 / 4 / 17 - 11:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الوقت الذي ينغمس فيه أغلب التونسيين/ات في استهلاك ما توفّره وسائل الإعلام المرئية من وجبات «تنويمية»، والتفاعل النشط مع قضايا تتصل ب الزواج العرفي، تعدّد الزوجات ... تنشر الهيئات والمنظمات التقارير الخاصّة بتدهور المقدرة الشرائية وارتفاع نسب الفقر في تونس واتساع «جغرافيته» ، وتعداد الفقراء والفئات التي ستكون أكثر عرضة للفقر والهشاشة ، وما سيترتب عن هذا الوضع من نتائج على مستوى الحرمان من الحقوق الطبيعية كالغذاء والسكن والمياه النقية والتعليم والصحة وغيرها.
غير أنّ مختلف وسائل الإعلام السمعية تتجنّب أو لا ترى أهميّة لفتح نقاش معمّق حول ظاهرة الفقر يشارك فيه أهل الاقتصاد، وأهل التاريخ وأهل القانون والمختصون/ت في العلوم الإنسانية كعلم الاجتماع ، والأنتروبولوجيا والجندر وغيرهم/ن فنحن في شهر رمضان الذي اقترن في المخيال الجماعي، بالكسل والخمول والاتكالية والاستهلاك والعراك... وفي المقابل تكتفي بعض البرامج التلفزيونية بوصف نمط عيش من يقبعون في المنازل المتداعية للسقوط استدرارا لعطف المشاهدين فربّما تلين قلوبهم فيدفعون أو يتصدقون بما يملأ القفّة .ولا حرج في هذه المواقف من انتهاك «حرمات البيوت» إذ لا كرامة لمن لا سقف له... ولا مانع من استباحة خصوصية القوم ومن تجاهل أخلاقيات الصورة La déontologie de l’imageفالفقير في نظر عند الإعلامي ،هو مجرد أداة لتحقيق ارتفاع نسب المشاهدة ومن ثمّة «نجاح» البرنامج.
ولا يختلف الأمر بالنسبة إلى مختلف مكونات المجتمع إذ صمتت «القيادات السياسية» التي نفد رصيدها لأنّها لم تكن يوما في خدمة الفقراء أو المفقّرين بل شكّل هؤلاء «ماعون صنعة» في الحملات الانتخابية، وعجز أصحاب العمائم بدورهم، عن التأثير في الجمهور حتى تبرز آيات التضامن والأخوّة والمؤازرة في زمن الشدائد. واكتفت أغلب الجمعيات ببعض الأنشطة ولم يشكّل الفقر أولوية عندها لاسيما بعد ان قلّت الموارد وعمّ الاحباط أو فُقد الحماس... ولا نحسب أنّ أغلب الجامعيين في العلوم الاجتماعية والإنسانيات قد اعتبروا دراسة ظاهرة الفقر وثقافة الفقر... مواضيع ذات أولويّة وحريّة بأن تكون في صدارة مشاريع البحث المعمّق.
ولكن إلى متّى سيستمر الهروب من مواجهة الواقع المرير؟
لاشكّ أنّ ظاهرة الفقر هيكلية ومتعددة الأبعاد ومعقّدة وهي تتقاطع مع عدّة ظواهر أخرى كالأميّة والإقصاء والبطالة والهجرة اللانظامية والانحراف والعنف وغيرها.ولكن ما يسترعي الانتباه هو أنّنا أضحينا نعاني من العوز والفقر العاطفي والخواء الفكري في آن واحد ذلك. فالفقر فقران : فقر ناجم عن وضع اقتصادي متأزم جعل الجموع عاجزة عن سدّ الرمق وخلق فجوة بين الجنسين وبين الطبقات ... وفقر إنساني مترتب عن مأسسة الجهل وانهيار منظومة القيم.
وبما أنّ المختصين في دراسات الفقر اتفقوا على توسيع دلالات المصطلح ليشمل علاوة على الحرمان من الحاجات الأساسية الحرمان من تقدير الذات واحترام الآخرين، والحرمان أيضا من الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية والحرمان من الثقافة والإبداع فإنّنا نقدّر أنّ جميع التونسيين/ت يفتقرون إلى ما يحقّق لهم الإشباع العاطفي والنفسي والمادي والمعنوي... ويضمن لهم درجة من الأنسنة.
وإذا كان «الرئيس» قد حدّد «أولاوياته» المتمثلة في إعادة بناء نظام الحكم والمشهد السياسي والتاريخي الديني والاجتماعي والثقافي على هواه، ووفق قناعاته الخاصّة، وكان بذلك غير مكترث بـ«الضجيج» الذي يثار من حوله فإنّنا نقدّر أنّ أصوات المعوزين والمفقّرين والمنسيين والمقموعين ستسمع «من به صمم» وستكشف المستور: انعدام الخطط التنموية، فشل المناويل الاقتصادية، محدودية التصورات وعدم نجاعة السياسات، غياب العدالة الاجتماعية ، وتحيّز سوق العمل ضد النساء واستغلال أرباب العمل لهشاشتهن، وارتفاع منسوب العنف، وتدحرج الطبقة الوسطى، واستشراء الفساد والتهرّب الضربي، وغيرها من العلل ...
وكلمّا انشغل الناس بسدّ حاجياتهم والركض وراء المادة وضاقت أمامهم السبل صار التفكير في الشأن العامّ والمشاركة السياسية والانتخابات والاستشارات والاستفتاء ... ضربا من الترف الفكري الذي لا يقدر عليه إلاّ أصحاب الامتيازات الذين يسعون إلى تحقيق طموحاتهم أو هواماتهم أو مدينتهم الفاضلة.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «أهل الهشاشة» بين التناول الدرامي والتعاطي الإعلامي
- مجلس الشعب: الغائب الحاضر في حياة التونسيين
- موت السياسية
- المهمّشات: بين أنظمة الاضطهاد والهيمنة وواجب المقاومة
- تحية إكبار «لشباب/ات تونس» في أوكرانيا
- في علاقة الدولة بالمجتمع المدني
- الهامش يتحرّك
- لا ثقة بعد اليوم في القانون
- نساء الحكومة المحجوبات والصامتات
- لقاء احتفالي أم تصفية للحسابات ؟
- الاستشارة الإلكترونية؟
- 14 جانفي وأشكال توظيف التواريخ
- أن تكون نصف مواطن/ة
- واقع الحقوق والحريات بعد 25 جويلية
- هل تحوّل موقع المؤسسة العسكرية؟
- «صمت الدولة يقتل النساء»
- الأحزاب المعارضة وأزمة إثبات الوجود
- رئيسة الحكومة من «صمت القصور» إلى «كسر حاجز الصمت»
- «شهادة للتاريخ» عن الخروج من التاريخ
- في أشكال الردّ على العنف الممارس في الفضاء المدرسي


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - تعميم الفقر ومأسسة الجهل ...